كازاخستان.. الكنز الاقتصادي ورمانة ميزان الاستقرار في آسيا الوسطى

1 min read

 

كتب- أبوبكر أبوالمجد 

كازاخستان تاريخيا تمتاز بإرث قبلي وثقافي واقتصادي عظيم، وهي باختصار مرآة آسيا الوسطى، وعنوان هويتها وخارطة مستقبلها، ورمانة الميزان فيها.

يتبلور هذا الإدراك بصورة أكثر وضوحًا من أي عهد مضى خلال حقبة الرئيس الحالي، قاسم جومارت ووقايف. 

فهو قائد امتلك القدرة على الحسم، وسرعة اتخاذ القرار، وفق رؤية عميقة حكيمة، تنبع من رحم الخبرات والتجارب العريضة للدبلوماسي والسياسي الفذ، توقايف، والذي كان شاهد عيان ومساهما كبيرا في صناعة القرار، ورسم السياسات، في حدود ما كان متاحا له. 

قيادي أدرك العهود المختلفة التي تناوبت على كازخستان، فصحح ما أتيح له التصحيح، وتحفظ على أخطاء وسقطات أخرى حتى تهبه الحياة فرصة بصلاحيات تمكنه من محو هذه الأخطاء، من أجل مسار أكثر رقيا وسلاما ورخاء لجمهورية كازاخستان الرائدة.

 موقع إستراتيجي

تمثل كازاخستان 50% من وزن دول آسيا الوسطي، وتعد من البلدان الاستراتيجية في الصراعات العالمية منذ القرن 19 كونها تسمح بالفصل بين شمال وجنوب آسيا، ما يمنع تكامل القارة الآسيوية التي قد تشكل خطراً على قوى عالمية خلال تلك الفترة.

فهي أكبر دولة في آسيا الوسطى، ويمتد جزء صغير منها في شرق أوروبا، بلاد شاسعة ، حيث تبلغ مساحتها نحو 2.7 مليون كيلومتر مربع، أي تساوي مساحتها أوروبا الغربية وهي تاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، ويحدها من الشمال الغربي والشمال روسيا، ومن الشرق الصين، ومن الجنوب قيرغيزستان وأوزبكستان وبحر آرال وتركمانستان، كما يحد بحر قزوين المغلق كازاخستان من الجنوب الغربي، وهي لا تطل على سواحل مفتوحة، وتُعد أكبر دولة حبيسة في العالم.

وبينما لم تكن السلطات في الاتحاد السوفيتي السابق تعد كازاخستان جزءا من آسيا الوسطى، إلا أنها تتمتع بخصائص جغرافية مادية وثقافية مماثلة لتلك الموجودة في بلدان آسيا الوسطى الأخرى.

 

كما تعد كازاخستان بلداً مهماً للغاية من ناحيتي الجغرافيا والاقتصاد السياسي، كونها تفصل بين قوتين عظميين هما روسيا والصين.

 

ثروات 

تمتلك كازاخستان ثاني أكبر احتياطات من اليورانيوم والكروم والرصاص والزنك، وثالث أكبر احتياطي من المنجنيز، وخامس أكبر احتياطي من النحاس، وهي من بين العشرة الأوائل من حيث احتياطات الفحم والحديد والذهب، كما تعد من البلدان المصدرة للماس.

ووفقا للبنك الدولي، فإن كازاخستان تحتل المرتبة العاشرة في العالم من حيث حصة رأس المال الطبيعي غير المتجدد (النفط والغاز والمعادن) في إجمالي ثروة البلاد (نحو 27%).

 

وفي عام 2020، تحول نصف إجمالي صادرات كازاخستان من البضائع إلى النفط الخام بمعدل 23.7 مليار دولار من أصل 47 مليار دولار، وفي مجموعة “أوبك بلس” تبلغ حصة إنتاج النفط في البلاد نحو 1.6 مليون برميل يوميا، أي أكثر من 4% من إجمالي إنتاج بلدان المجموعة، كما بلغت إمدادات الغاز الطبيعي إلى الخارج العام الماضي 2.5 مليار دولار أخرى (حسب بيانات قاعدة التجارة الخارجية للأمم المتحدة).

وبالأرقام، تقدر صادرات كازاخستان من خام النحاس ومنتجاته بـ4.25 مليارات دولار في عام 2020، والحديد والصلب 3.18 مليارات دولار، واليورانيوم 1.71 مليار دولار، مع 12% من احتياطي اليورانيوم في العالم، والمرتبة الأولى في العالم في تصديره (حسب بيانات العام نفسه).

علاوة على ذلك، يمتلك الصندوق السيادي لكازاخستان -الذي يدير أكبر الشركات المملوكة للدولة في البلاد- أصولا تعادل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

كما اجتذب اقتصاد كازاخستان عشرات مليارات الدولارات الأمريكية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتميز البلد الغني بسمعة جيدة من قبل المستثمرين كشريك موثوق فيه يضمن الاستقرار والتعاون متبادل المنفعة.

ويعتمد قطاع الصناعة على استخراج الموارد الطبيعية ومعالجتها، وكذلك على قطاع تصنيع الآلات الضخمة نسبياً والمتخصصة في معدات الإنشاءات، الجرارات، الميكنة الزراعية، وبعض العناصر العسكرية.

كما تمتلك كازاخستان إمكانات زراعية ضخمة بسهولها الشاسعة التي تستوعب الإنتاج الحيواني والزراعي، بالإضافة لمرفق فضائي متطور، والذي تخرج منه جميع المركبات الفضائية من مكوك الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية. 

وتحمل الجبال الواقعة جنوبي البلاد أهمية بالغة لأشجار التفاح والجوز؛ التي تنمو برياً.

 

التنمية الفائقة

تعد خطة التنمية الوطنية الجديدة 2020-2025 وقانون البيئة الجديد لعام 2021 مبادرات مهمة تمكّن كازاخستان من تعزيز تنمية أكثر شمولاً وأكثر اخضرارًا.

وانضمت كازاخستان إلى الجهد العالمي للتصدي لتغير المناخ: للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، مما يتطلب تفعيل هذه المبادرات تنسيقًا أقوى للسياسات، وتنسيق الإدارة العامة، وفعالية محسّنة ونتائج في إعداد الموازنة العامة، وتقليل تشوه السوق، وتكافؤ الفرص أمام القطاع الخاص – وكلها قضايا إصلاح طويلة الأمد لكازاخستان، تدركها وتقوم على إنجازها القيادة الرشيدة تحت رئاسة قاسم جومارت توقايف.

ويتضمن التحديث الاقتصادي لكازاخستان نتائج حول العوامل التي تؤثر على نمو الإنتاجية البطيء بين الشركات الكازاخستانية، وهو أحد تحديات التنمية الحاسمة في البلاد. إن الإنتاجية مهمة للحفاظ على النمو طويل الأجل وتحسين مستويات المعيشة.

وتشير النتائج المستخلصة من تحليل البيانات على مستوى الشركة إلى مساهمة صامتة في قدرة الشركات على الارتقاء (الابتكار، والإدارة)، وضعف كفاءة التخصيص، والمساهمة المحدودة من ديناميكيات الدخول/ الخروج. 

ولا بد لحكومة كازاخستان أن تعيد النظر حول تنسيق السياسات لتحسين نمو الإنتاجية من خلال ضمان المنافسة في سوق المنتجات، وتقليل الحواجز أمام دخول الشركات المملوكة للدولة، وتحسين فعالية سياسة الاستثمار والترويج، وتعزيز قدرة الشركات على الابتكار.

 

وإلى جانب النمو الاقتصادي، ظلت العملة الوطنية للبلاد متقلبة، مما يجعلها عرضة لموجات الصدمة الناجمة عن الوباء ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وستحتاج مجالات السياسة ذات الأولوية لتحقيق انتعاش اقتصادي قوي إلى دفع أجندة إصلاحية طموحة تهدف إلى تعزيز أسس الانتعاش الذي يحركه القطاع الخاص، وهذا ما وعاه الرئيس قاسم جومارت توقايف، وشرع في تحسينة عبر حزمة تشريعات مقترحة على البرلمان، وتوازنات في العلاقات مع جميع الأطراف الدولية، وآليات ضبط السوق عبر محاربة دون هوادة للفساد، والقضاء على نفوذ المئات الذين كانوا يتحكمون في ثروات البلاد. 

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours