الحرب الروسية الأوكرانية بين قوتي السلاح والدبلوماسية

0 min read

آسيا اليوم ووكالات

التحركات الدبلوماسية لم تتوقف قبل وأثناء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والعالم يبدو في معظمه يترقب أي القوتين ستكون لها الغلبة، قوة السلاح أم قوة الدبلوماسية؟!

فمن جانبهما، طالب كلا من المستشار الألماني شولتس والرئيس الفرنسي ماكرون، الرئيس الروسي بوتين بالوقف الفوري لإطلاق النار في أوكرانيا والانخراط في حل دبلوماسي للصراع.

وكان شولتس وماكرون قد تحدثا قبل ذلك مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

أعلنت برلين وباريس وموسكو عن تفاصيل الاتصال الهاتفي الثلاثي بين زعماء العواصم الثلاث، اليوم السبت.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبيشترايت أن المستشار الألماني، أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طالبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالوقف الفوري لإطلاق النار في أوكرانيا. وحثاه على التفاوض من أجل حل دبلوماسي للصراع. واستغرق الاتصال 75 دقيقة.

من جانبه، قال الكرملين إن بوتين أطلع شولتس وماكرون على “الحالة الفعلية” للوضع في أوكرانيا، وأضاف أن الرئيس الروسي ركز في حديثه على ما وصفها بـ “العديد من الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان من جانب القوات المسلحة الأوكرانية”، مشيرا إلى “قيام وحدات أوكرانية بشنق مخالفين لرأي كييف وأخذ رهائن وأخذ مدنيين كدروع بشرية ونصب أسلحة ثقيلة في مناطق سكنية”.

اتهامات بوتين لأوكرانيا “أكاذيب”

وقبل هذه المكالمة، تحدث كل من ماكرون وشولتس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي طلب منهما التدخل لدى الرئيس بوتين لوقف القتال فورًا، فيما يشدد الجيش الروسي الخناق على كييف ويواصل قصف مدن أخرى. كما طلب منهما زيلينسكي مساعدته في إطلاق سراح رئيس بلدية مدينة ميليتوبول الأوكرانية الذي خطفه الروس الجمعة وفق كييف.

وأشار قصر الإليزيه إلى أن “الوضع صعب للغاية وغير مستدام من الناحية الإنسانية” في مدينة ماريوبول الساحلية الإستراتيجية المحاصرة منذ نحو أسبوعين و”القرار الوحيد الذي على الرئيس بوتين اتخاذه هو رفع الحصار”.

واضاف الإليزيه، بالنسبة لباريس، ردد بوتين “أكاذيب” عندما تحدث في المكالمة عن “انتهاكات صارخة” لحقوق الإنسان ارتكبها الجيش الأوكراني الذي يستخدم المدنيين “دروعا بشرية”. ورد عليه إيمانويل ماكرون بأن “تجاوزات الجيش الروسي يجب أن تتوقف” وأن “انتهاكاته” يمكن أن “تعتبر جرائم حرب… بموجب القانون الدولي”.

وفي نهاية هذه المحادثة التي وصفت بأنها “صريحة للغاية وصعبة” وتأتي في “لحظة مأسوية”، قال ماكرون إنه “مصمم على استخدام كل إمكانات الدبلوماسية، وتحديدا الحوار الصعب للغاية” مع بوتين، ولكن أيضا العقوبات “التي لها طبيعة تاريخية”، بحسب الرئاسة الفرنسية.

وقالت الرئاسة الفرنسية “إننا نمارس أقصى قدر من الضغط ولن نتراجع”. وفي ما يتعلق باحتمال استعمال موسكو أسلحة كيميائية في أوكرانيا، شددت على أن طلب ماكرون كان “قويا للغاية لإنهاء النزاع في أقرب وقت من أجل تجنب الأسوأ، بما في ذلك اللجوء إلى الأسلحة غير المشروعة أو تدمير المدن”.

وأكدت باريس أن العقوبات الجديدة تدرس “من دون محرمات”، مكررة ما أورده ماكرون الجمعة في ختام القمة الأوروبية في فرساي حيث اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على مضاعفة تمويلها لشراء الأسلحة لأوكرانيا. منذ لقائهما في 7 شباط/فبراير في الكرملين، أجرى إيمانويل ماكرون تسع محادثات هاتفية مع فلاديمير بوتين، بما في ذلك محادثتهما الخميس الماضي.

المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا مستمرة عبر الفيديو.

محللون: صوت السلاح أقوى

وبينما تسير القوى الغربية في طريق الدبلوماسية بمنتهى القوة؛ غير أن محللين يرون أن صوت السلاح هو الأقوى وسيكون له الكلمة الفصل.

فعلى الرغم من أن المحادثات الأولية رفيعة المستوى بين روسيا وأوكرانيا في تركيا أحيت أملاً عابراً في التوصل إلى حل تفاوضي بين البلدين؛ لكن الصراع ستتم تسويته بشكل أساسي عسكرياً على الأرض.

وخرج وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا، اللذان اجتمعا برعاية نظيرهما التركي مولود تشاوش أوغلو، الخميس بعد أقل من ساعتين من المفاوضات من دون الإعلان عن إحراز تقدم، لكنهما تعهدا بمواصلة الحوار.

وقال تشاوش أوغلو في أنطاليا (جنوب غرب تركيا) إنه لم يكن أحد يتوقع حدوث “معجزة”؛ لكن كل شيء “بحاجة إلى بداية”، مشيراً لى احتمال عقد قمة بين الرئيسين الروسيين فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ويرى المحلل المتخصص في شؤون روسيا في مجموعة الأزمات الدولية أوليغ إغتانوف أنه بعد أكثر من أسبوعين من بدء الغزو وبعد أن فشلت موسكو في تحقيق تقدم حاسم على الرغم من تفوقها العسكري “لا روسيا ولا أوكرانيا مستعدة لتقديم تنازلات”.

وأضاف أن “الجانبين يعتبران أن السيناريو العسكري هو السيناريو الرئيسي: أوكرانيا لا تخسر الحرب وروسيا لا تكسبها”. وتابع “في هذا الوضع سيستمر القتال” معتبراً أن “كل شيء سيتوقف على ما سيحدث على الأرض”.

من جهتها تؤكد ناتيا سيسكوريا الباحثة الجورجية في معهد “رويال يونايتد سيرفس” في لندن أنه بينما يتواصل الجدل حول موضوع فتح ممرات إنسانية لإجلاء سكان المدن المحاصرة، “من الصعب مناقشة أي حل للنزاع على الإطلاق، أو حتى وقف لإطلاق النار”. وأضافت “في هذه المرحلة، تحاول روسيا تحقيق أهدافها القصوى في أوكرانيا، وإذا نجحت في إجبار الأوكرانيين على قبول شروطها على طاولة المفاوضات، فستحصل على ما تريد. ولكن إذا لم يتحقق ذلك فستستمر الحرب”.

من جانبها، أعربت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، التي تزور رومانيا الجمعة، عن أسفها لأن الرئيس الروسي “لا يظهر أي مؤشرات إلى التزام بالانخراط في دبلوماسية جدية”.

ويذكّر السفير الفرنسي السابق في سوريا ميشال دوكلو بأن “هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة حول الدبلوماسية، لكن الدبلوماسية لا تشكل إطلاقاً بديلاً لميزان القوى”.

ويوضح الدبلوماسي الفرنسي أن موسكو تفاوض على “مفهوم للدبلوماسية يقضي بإخضاع الآخر وبالتالي فهي دبلوماسية الإنذار”. وأضاف “نحن في مرحلة يواجه فيها الروس صعوبات لكنهم يتمسكون بفكرة الإنذار”. ويتابع أنه من وجهة نظر روسيا، تهدف محادثات مثل تلك التي جرت في أنطاليا إلى “التأثير على معنويات الأوكرانيين، وإحداث بعض الارتباك لكل من العالم الخارجي والأوكرانيين”.

أستانا “أوكرانية”؟

وترى الباحثة ناتيا سيسكوريا أن الكرملين الذي ذهب وزير خارجيته إلى حد التأكيد في هذا الاجتماع أن موسكو “لم تهاجم أوكرانيا”، يعمل أيضًا على إقناع الرأي العام بغياب بديل للقوة.

وتضيف أن “روسيا تبحث أيضاً عن ذريعة لتكون قادرة على القول إنها جرّبت الدبلوماسية لكن تلك الدبلوماسية فشلت لأن أوكرانيا رفضت مطالبها (…) مبررة بذلك أعمالها العسكرية المقبلة”.

مع ذلك، يرى المحلل أوليغ إغتانوف أن محادثات من هذا النوع تسمح لكل من الطرفين بتقييم مواقف الطرف الآخر، مشيراً إلى أن “أوكرانيا تأمل في أن تتمكن من وقف العملية العسكرية الروسية بوسائل دبلوماسية”، بينما روسيا “تريد فهم الموقف الأوكراني”.

ويتفق ميشيل دوكلو على أن لمثل هذه المحادثات “وظيفة جس نبض”. وقال إن “الأوكرانيين بحاجة إلى معرفة موقف الروس بالضبط”. ويشير الدبلوماسي الفرنسي السابق إلى أنه من الممكن أن تؤسس موسكو شكلاً من المفاوضات يمكن تشبيهه بعملية أستانا الخاصة بسوريا والتي تجمع بين روسيا وإيران وتركيا. ويؤكد أن صيغة من هذا النزع سيكون لها في نظر موسكو “ميزة إعطاء الانطباع بأن هناك عملية سلام، بالإضافة إلى إقصاء الغربيين عنها”.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours