آسيا اليوم ووكالات
لا يزال الشارع اليهودي مشغول بما كان يجري في سجن جلبوع التابع لدولة الاحتلال، من هروب وقوادة، ولم تكن لجنة التحقيق تتخيل أن تقصي ملابسات فرار 6 سجناء فلسطينيين من السجن العام الماضي ستقودهم إلى هذه الجريمة الشنعاءّ.
خلال شهادة قائد السجن الكولونيل فريدي بن شطريت، قال أمام اللجنة، إن “المتحدث باسم السجناء الأمنيين كان يطلب أن يتم وضع مجندة أو مجندات إلزاميات في نقاط معينة، ليس لأغراض السلامة أو الأمن، وانما لإشباع رغبات من نوع أو آخر”.
بن شطريت استطرد في حديثه عن القضية، وأوضح أن الشرطة حققت فيها، وتم تقديم لائحة اتهام ضد السجين الأمني الذي لم يكن اسمه معروفا بعد (لاحقا سنتطرق إلى اسمه)، وتمت إدانته.
لكن لم يتم تقديم أي من ضباط السجن للعدالة رغم مسؤوليتهم عما يدور هناك. وهنا يظهر السؤال: لماذا يكشف قائد السجن عن تفاصيل كهذه أثناء شهادته بمحض إرادته؟
بن شطريت قال إن همه الرئيسي كان منع تكرار مثل هذه الاعتداءات الجنسية التي وقعت قبل توليه منصبه، وربما من أجل توضيح أن أمورا أخرى، مثل تحضير السجناء الفلسطينيين الذين فروا من السجن، فتحة تحت الأرض، غفلت عنه.
مصلحة السجون اعتبرت في حينها (نوفمبر 2021) أن شهادة بن شطريت ليست في محلها، وأنه “من الغريب أن نسمع مثل هذا الادعاء الخطير من جانب شخص كان في مركز صنع القرار التنظيمي، وعمل كمساعد مفوض مصلحة السجون أثناء التحقيق في الحادث، لم يُسمع إلا الآن وربما لم يكن من الممكن سماعه، إذا لم يطلب منه الحضور والإدلاء بشهادته في أمر شخصي يتعلق بأدائه، فهذه محاولة لتغيير النقاش العام من انشغال بفحص أدائه، إلى انشغال بالموضوع الذي نظر فيه مفوض سابق”.
وقد سمحت المحكمة المركزية، مطلع الأسبوع الجاري، بنشر أن وحدة تحقيقات خاصة تحقق للمرة الثانية في قضية “القوادة في السجون”، بشبهة قيام سجين أمني فلسطيني، خلال عام 2015، باغتصاب سجانة 4 مرات، والتحرش بسجانتين أخريين.
وبحسب الشبهة، فقد تم إرسال السجانة الى زنزانته بناءً على طلبه، وبدراية قادة السجن وضابط المخابرات، وموافقته. ولا يُسمح في هذه المرحلة بنشر اسم السجين الأمني الذي ينفي الشبهات الموجهة إليه.
وحسب الشبهات التي تحقق فيه الشرطة فقد قام السجين الفلسطيني بجر الحارسة إلى منطقة غير مصورة تسمى “بين البوابات”، حيث كان يعلم أن المنطقة لا يتم تصويرها بواسطة كاميرات المراقبة وهددها بأن النزلاء، ومنهم المدعو أمجد عوض، أرادوا إيذائها، وأوضح لها أنه كان يحميها.
وبحسب الشبهات فقد تمكن من فرض نفسه عليها واغتصبها 4 مرات على الأقل، بالإضافة إلى أنه مشتبه بارتكاب جرائم جنسية ضد سجانتين أخريين.
وقالت المحامية كارين باراك ، ممثلة حارسة السجن التي ادعت تعرضها للاغتصاب من قبل السجين الفلسطيني “إنني مسرورة لأن المحكمة فهمت أهمية الكشف عن تفاصيل هذه القضية الخطيرة.
في الوقت نفسه، يصعب علي وحراس السجن أن نفهم لماذا لا يزال من غير الممكن نشر اسم الإرهابي الذي تم ذكره في كل مكان فيما يتعلق باغتصاب المجندة. هذا إرهابي تلطخت يداه بالدماء ولن يتضرر اسمه من أي دعاية، وبالتالي لا يستحق أي حماية. هذا قرار مؤسف وأتمنى أن ينشر اسمه”.
الإجراءات المتخذة
وعقدت لجنة الخارجية والأمن، ولجنة الأمن الداخلي، جلسة خاصة، الأسبوع الماضي، بشأن موضوع “قوادة حارسات السجن” في السنوات 2014-2018 .. ويدور الحديث عن تقارير وشهادات صادمة تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تعرض حارسات (سجانات) للاعتداء الجنسي من قبل نزلاء سجن جلبوع، الأمر الذي سمته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية “قضية القوادة”.
وفي نهاية الجلسة قال رئيس لجنة الخارجية والأمن، النائب رام بن براك، إن الحديث عنها أمر مركب، وأن قضية السجناء في السجون والظروف القائمة في السجون موضوع يستحق إجراء جلسة على حدة، وأشار إلى أنه خلال السنوات الـ10-الـ15 الأخيرة اتبعت تقاليد وعادات تخص السجناء الأمنيين، ويجب فحص ذلك وإصلاح المطلوب.
وأضاف بن براك أن اللجنة ستعقد جلسة أخرى لفحص استخلاص العبر، وأن الإجراء الجنائي يجب أن يستمر ومعاقبة المتورط في هذه القضية من أجل منع تكرار مثل هذه الحالات”، فيما اعتبرت رئيسة لجنة الأمن الداخلي، عضو الكنيست، ميراف بن آري، أن الحديث عن الجلسة مسألة هامة بالنسبة للجمهور الإسرائيلي برمته، وقالت إنها مررت قانونا يلزم سلطة السجون بتسليم معطيات، ومتابعة حالات التحرش الجنسي.
وأكدت: “يجب التأكد من عدم تكرار هذه الحالات. نحن ندعو مكتب المدعي العام من هنا إلى القيام بكل مستطاع من أجل تقديم المساعدة المستحقة للمتضررات اللواتي أرسلناهن لهناك ودفعن ثمنا لا يمكن تفسيره” وشددت: “سلطة السجون جهة تقوم بتنفيذ سياسة وليس باتخاذ القرارات، والأمر بحاجة لاتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة”.
وكان مراقب الدولة، ماتانيهو إنجلمان، أعلن أن مكتبه بدأ في جمع أدلة على جرائم جنسية ارتكبت بحق جنود وجنديات خدموا في مصلحة السجون، وفي الشرطة، بعد الاشتباه في ارتكاب جرائم جنسية ضد حارسات في الخدمة الإلزامية.
وبحسب إنجلمان، فقد بدا مكتبه في الاتصال بالجنديات والقادة والقائدات لتلقي معلومات بشأن إحساسهن بالأمن والتحرش الجنسي أثناء خدمتهن. ووفقا له، فإن رجاله يعتزمون الاتصال قريبا أيضا بالجنود والمجندات الذين تم إطلاق سراحهم بالفعل من الجيش الإسرائيلي.
انجلمان أضاف “الغرض من جمع المعلومات هو الكشف عن حالات الاعتداء الجنسي، أو غيره من الأذى، للجنود والمجندات الذين خدموا كجزء من مصلحة السجون والشرطة. وأدعو أي شخص تعرض للأذى أو لديه معلومات في هذا الشأن، لنقلها إلى رقابة الدولة “.
موقف الحكومة
وقرر رئيس حكومة تصريف الأعمال، يئير لبيد، مؤخرا تبكير موعد فتح “خط الساخن” للسجانات من أجل الاستماع إلى شكاويهن، وذلك خلال زيارة لسجن “عوفِر” الأمني، حيث سيكون بإمكانهن الاتصال من أجل الإبلاغ عن أي تحرش أو تصرفات غير لائقة.
وقد رافق رئيس الحكومة كل من وزير الأمن الداخلي عومِر بارليف، ونائب وزير الأمن الداخلي يوآف سيغالوفيتش، ورئيسة لجنة الأمن الداخلي عضو الكنيست ميراف بن آري، ومفوضة مصلحة السجون كاتي بيري.
وقال لبيد ” إن دولة إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء شبهة تعرض سجانة في دولة إسرائيل للاغتصاب أو التحرش من قبل إرهابيين خلال خدمتها الإلزامية”.
ومن ناحية ثانية حاول الدفاع عن مصلحة السجون، ولا سيما بعد الانتقادات اللاذعة التي تم توجيهها لها، على خلفية فرار سجناء وقضية التحرش الجنسي، مشيرا إلى “أن طريقة اختبار جودة جهاز أمني هي أن تسأل نفسك ماذا كان سيحدث لو لم يكن هذا الجهاز موجودا…ولولا وجود مصلحة السجون، لأصبح من المستحيل العيش في دولة إسرائيل لأن الجريمة والعمليات الإرهابية والإرهابيين كانوا سيغمرونها. ولم يكن أحد ليتمتع بأمان في منزله أو خارج منزله”.
وخاطب السجانين والضباط قائلا “إنكم تشكلون خط الدفاع الأخير أمام الفوضى وهنا تكمن أهمية هذه المنظمة، ولهذا السبب قررت المجيء”.
وبعد ذلك، التقى رئيس الوزراء بحوالي 25 سجانة وسجانًا في الخدمة الإلزامية ممن يخدمون في السجون الأمنية في أنحاء البلاد. واستمع لبيد بصورة شخصية إلى تجاربهم في الخدمة ومشاعرهم خلال الفترة المليئة بالتحديات التي تمر بها مصلحة السجون.
+ There are no comments
Add yours