الزراعة.. عشق الشباب في رواندا لدعم اقتصاد بلدهم

0 min read

تنكبّ الفتاة ساندرين (17 عاما) من رواندا ورفاقها، على تحضير شكولاته مستحضرة من الفول السوداني، وقوارير عصائر الغلال، داخل “أكاديمية الفتيات بغاشورا للعلوم والتكنولوجيا”، الواقعة على مرتفعات العاصمة الرواندية كيغالي.

الفريق الشاب، يتمكن أسبوعيا من بيع 100 قارورة عصير و200 علبة من الشكولاته لفنادق كيغالي الكبرى، وفق ساندرين، التي تدير رغم صغر سنها مشروع “غاشورا غيرلز فارم” أو “ضيعة غاشورا للفتيات” الذي أطلقته منذ عامين بتمويل من المدرسة.

“نحن شغوفون بالزراعة”، تقول الفتاة “وكلّ ما نريده هو أن نصبح من كبار العلماء والمزارعين للمساهمة في تنمية بلادنا”.

عشاق الزراعة من أمثال ساندرين وأصدقائها المنجذبين للقطاع الزراعي، لا يشكلون استثناءً في رواندا، بل أمثالهم كثيرون من الشباب الذي يتملّكه ذات الشغف في بلد تعول فيه سلطاته على التنمية الزراعية من أجل دفع الاقتصاد.

وفي حديث للأناضول، قال توني نسانغارينا، الوزير الرواندي المكلف بالفلاحة والموارد الحيوانية، إن أكثر من نصف السكان يستثمرون في قطاع الزراعة، موضحاً أن حكومة بلاده “استثمرت بكثرة خلال الأعوام الـ 15 الماضية، بهدف الانتقال من الزراعة المعيشية أو الاستهلاكية (مخصصة للاستهلاك الفردي والعائلي) إلى أخرى ذات قيمة مضافة قادرة على خلق الثروات ومن ثمة فرص العمل”.

وأضاف نسانغارينا، “نسعى أساساً إلى تكثيف الإنتاج، وذلك عبر تدخل أكبر للقطاع الخاص في المجال الزراعي، وهذا ما نحرص على تحقيقه عن طريق توعية الشباب في المدارس والمعاهد حول فوائد ومزايا التوجه نحو الأنشطة الزراعية”.

وبالنسبة للوزير الرواندي، فإن سلطات بلاده اتجهت نحو إنشاء منتدى يحمل اسم “شباب رواندا في منتدى التجارة الزراعية”، الذي يكتسب منه الشباب معارف تساعدهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع، والتواصل مع مستثمرين آخرين والاستفادة من نصائح من يفوقونهم سناً وخبرة، مشيداً في الوقت نفسه بالنتائج التي حققها قطاع يساهم اليوم بأكثر من الثلث في الناتج الإجمالي المحلي لبلاده.

وقبل 11 عاماً، أطلقت رواندا في العاصمة كيغالي، تظاهرة سنوية بعنوان “ناشيونال أغريكالتشير شو” (معرض الزراعية الوطنية)، في بادرة تهدف إلى تعزيز الأنشطة الزراعية والغذائية.

المعرض الذي يمتد على مدار أسبوع، تعد دوراته فرصة لتقديم آخر المنتجات الزراعية في رواندا لزواره المتوافدين من أنحاء العالم كافة، من مهنيين ومستثمرين وزبائن محتملين، إضافة إلى أعضاء الحكومة المتطلعين لاكتشاف منتجات المبدعين الزراعيين الروانديين الذين يحولون المواد الأولية المتأتية من الحقول إلى منتجات زراعية.

باسيونس، رواندية شابة تقوم باستخراج النبيذ من الموز، تقول للأناضول: “أنا أعرض هنا منذ عامين وهذه فرصة بالنسبة لي ليس فقط من أجل بيع منتجاتي بل للقاء الشركاء المحتملين أيضاً”.

بينما الشابة العشرينية كلاريس موريكاتيت، فقد انطلقت مسيرتها المهنية في مجال الزراعة من خلال المشاركة في تأسيس مجموعة “ستارت أب كارل” (شركة ناشئة)، مع 3 من أصدقائها؛ وتصنع شركتهم الصغيرة منتجات “خبز فيتامين أ”، من كعك وخبز وفطائر مصنوعة من البطاطا الحلوة والدقيق والبرتقال.

نشاط جعل من كلاريس سيدة أعمال في الاقتصاد الزراعي بامتياز، فكل أسبوع تنتج شركتها التي أنشئت في 2014، نحو 3 آلاف فطيرة والمئات من قطع المرطبات وخبز “الباغيت”، التي يتم إيصالها للزبائن في العاصمة.

المستثمرة، قالت بكلمات تنبض فرحاً في ظل “النجاح” الذي تحققه: “نحن نشتري المحاصيل الزراعية التي تدخل في الإنتاج من المزارعين مباشرة، ثم نقوم بتحويلها في مقرنا لتحظى منتجاتنا بعد ذلك بإشادة الناس”، مشيرة إلى أن المشروع نجح في انتشال نحو 10 أشخاص من جحيم البطالة.

غير أن الحصول على التمويلات الضرورية لإقامة مثل هذه المشاريع يظل من العقبات الرئيسة التي تواجه المستثمرين الشباب في رواندا، ما دفع سلطاتها إلى إيجاد “السبل والحيل المناسبة” لتشجيع الاستثمار في الزراعة، بينها تنظيم زيارات لمسؤولين حكوميين بانتظام إلى المجموعات الشبابية الناشطة في المجال.

ويرى نسانغارينا: “نعطيهم من وقتنا وندعمهم حتى يتسنى لهم استكمال مشاريعهم”، مضيفاً في ختام حديثه، أن السلطات تتدخل مع المؤسسات المصرفية لتيسير حصول المستثمرين الزراعيين من الشباب على قروض بنكية تساعدهم على تفعيل أفكارهم والرفع من قيمة معاملاتهم.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours