رحيموف يتحدث عن كتابه “أذربيجان ومئوية التأسيس” وأبرز محطاته(3)

1 min read

حوار- أبوبكر أبوالمجد

 

يوم 28 مايوم من كل عام ليس يومًا عاديًا في أذربيجان، فهو يوم وطني ذو خصوصية، ففي مثل هذا اليوم عام 1918، أعلن تأسيس جمهورية أذربيجان الديمقراطية، والتي كانت بمثابة أول جمهورية من نوعها في الشرق الإسلامي.

قنصل أذربيجان بالقاهرة، ومستشارها الإعلامي د. إميل رحيموف، قرر توثيق هذا الحدث الفريد، فكان كتابه “أذربيجان ومئوية التأسييس”، والحديث عن هذا الكتاب سيفتح بابًا إضافيًا للمعرفة والاطلاع على أذربيجان أكثر وأكثر عن كثب.

 

ما الذي دفعكم لتأليف كتابكم “أذربيجان ومئوية التأسيس؟

 

أنا أؤدي خدمة في سفارة بلادي بالقاهرة، وكلنا نحب أوطاننا ونسعى أن نقدم لها أقصى ما في وسعنا حتى نرد جميلها علينا، ودائما ما يطاردني شعور بالتقصير حيال بلادي، ولذا أفكر دائما في كيفية تقديم الجديد وما يمكن أن يسهم في توطيد علاقة بدولة صديقة أو طرح قضية حق لبلادي أو توضيح وجهة نظرها في قضية أخرى؛ لكن كان ضمن أهم أولوياتي أن يسهم قلمي في توثيق أهم الأحداث فيها، ولذا كان كتابي الأول عن مذبحة خوجالي، ثم الحدث البارز أيضا في تاريخ وطني وهو تأسيس أول جمهورية ديمقراطية في الشرق الإسلامي.

إذا هل لك أن تبرز أهم الشخصيات القيادية في تاريخ هذه الحقبة وما تلاها من تأسيس أذربيجان؟

 

ثمة شخصيات بارزة لعبت دورًا مؤثرًا عبر قرن مضى من تأسيس أذربيجان الديمقراطية، ستظل أسماؤهم نورًا يهتدي به شعب أذربيجان للأبد، ويأتي على رأسهم محمد أمين رسول زاده مؤسس أذربيجان الديمقراطية وفتح علي خان خويسكي أول رئيس لحكومة أذربيجان الشعبية وعلي مردان بك توبجوباشوف رئيس البرلمان آنذاك، ثم بعد الاستقلال عام 1991، خرج من رحم هذه الأمة الزعيم حيدر علييف القائد السياسى المحنك الذي أخرج أذربيجان من مرحلة الصعاب والتحديات في مطلع التسعينيات، لتخطو نحو مستقبل مزدهر، وأخيرًا فخامة الرئيس إلهام علييف الذي كان خير خلف لخير سلف من قادة تاريخيين قادوا أوطانهم في لحظات مصيرية إلى التقدم والتطور.

 

وإجمالًا ماذا يضم الكتاب بين دفتيه؟

 

أذربيجان ومئوية التأسيس يسرد بشكل بسيط ومكثف تاريخ أذربيجان في مائة عام، وتحديدًا من (1918-2018)، وقد صدر الكتاب عن وزارة الشئون الخارجية لجمهورية أذربيجان، واسمح لي هنا التقدم بالشكر لكل المسئولين في وزارة الخارجية على ما أولوه من رعاية لكتابي هذا، والذي خرج للنور احتفاء واحتفالًا بمرور مائة عام على قيام الجمهورية الأذربيجانية الاولى فى الشرق الإسلامى، والتي أعلن عن استقلالها إعلان المجلس الوطنى الاذربيجانى برئاسة القائد محمد أمين رسول زاده فى عام 1918، حيث يضم هذا الكتاب بين دفتيه أبرز المحطاتِ التاريخية والسياسية والاقتصادية التي مرت بها أذربيجان منذ استقلالها، كما يُلقىِ الضوء على أبرز التحديات التي واجهتها، وأهم الإنجازات التي حققتها، كمحاولة لتقديم تجربتها في التحول الديمقراطى والتنمية الاقتصادية للعالم أجمع، وذلك كله تحت شعار “أذربيجان.. ماضٍ خالد.. حاضر فاعل.. مستقبل واعد”.

 

وما هي أبرز النقاط التي يستعرضها كتابكم؟

 

في المبحث الأول من الكتاب، تناولتُ الموقع الجغرافى لأذربيجان فى منطقة جنوب القوقاز، لما لهذه المنطقة من أهمية فى مسار العلاقات الدولية، فتحدثت عن الثروات الطبيعية والاقتصادية التى وهبها الله لأذربيجان، وإلى التركيبة السكانية للشعب الأذرى، وختمت هذا المبحث بالتأكيد على الاهمية الاستراتيجية التى تشغلها أذربيجان كمحصلة نهائية لموقعها الجغرافى ولثرواتها الطبيعية والاقتصادية، وطبيعة النظام السياسى بها.

 

هل لك أن تعلم القارئ بطبيعة النظام السياسي في بلدكم؟

 

وفقًا للدستور وهذا أيضًا دونته في كتابي، تُعد أذربيجان جمهورية ديمقراطية، دستورية، علمانية موحدة، وأن الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات.

ويتم تقسيم السلطة في أذربيجان إلى ثلاث سلطات، تشريعية وتنفيذية وقضائية.

 

والهيئة التي تتولي السلطة التشريعية هي البرلمان، والرئيس هو رأس السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية تنفذها محاكم أذربيجان بمختلف درجاتها.

 

ويتميز النظام السياسي بالتعددية السياسية، من خلال تشكيل الأحزاب السياسية ومشاركتها في الحياة السياسية.

 

ماذا تضمنه الكتاب أيضًا؟

 

هناك المبحث الثانى والذى عنونته بـ”أذربيجان: الجمهورية الأولى فى الشرق الإسلامى (1918- 1920)، تناولت فيه الصعوبات والتحديات التى واجهة الجمهورية الوليدة فى طريق حصولها على استقلالها الاولى عام 1918، إذ وقعت في هذه الفترة مذبحة 31 مارس (1918) على يد “استيفان شاوميان” وهو من البلاشفة من حزب الطاشناك الأرمنى، حيث أصدر تعليمات لعناصر حزبه التي تضم الأرمن والروس بالهجوم على المسلمين في أذربيجان، واستمرت المذبحة لمدة ثلاثة أيام راح ضحيتها حوالي 50 ألف قتيل.

 

واعتبر يوم 31 من مارس يوم حداد وطني في البلاد. إلا ان رجال الدولة الأذربيجانية آنذاك نجحوا فى تحقيق الاستقلال ولم يمنعهم أي تحدّيات وحققوا نجاحات لا يزال التاريخ يزخَر بها، ووضعوا اللِبنة الأولى فى تاريخ بناء الجمهورية الاذربيجانية المستقلة.

 

وما هي أهم هذه الإنجازات؟

 

هناك العديد من الإنجازات أبرزها:

 

أولا: إعلان الاستقلال كان وثيقة مهمة بالنسبة لأذربيجان، فبموجب هذه الوثيقة نجحت الدولة في إعداد دستورها المبني على الحقوق المتساوية، وفي ضوء ذلك، أصدر القانون الخاص بتأسيس البرلمان الأذربيجاني البالغ عدد أعضائه 120 عضوًا، ممثلين عن الأحزاب المتعددة (حزب المساواة، الاتحاد، الأحرار، المستقلين، الاشتراكيين، الأرمن، الطاشناك…وغيرها)، حيث شملت جميع الكيانات السياسية والقوميات والأعراق الرئيسة، ويعد تمثيل جميع التيارات السياسية والقوميات والأعراق في البرلمان الوطني، شاهد حي علي التزام أذربيجان بالتعددية الحزبية والنظام البرلماني متعدد القوميات.

 

وبدأ عمل البرلمان في 7 ديسمبر 1918. (والجدير بالذكر أنه تم عقد 145 جلسة في البرلمان الأذربيجاني أثناء فترة نشاطه خلال 17 شهرًا، فكانت أول جلسة في 7 ديسمبر 1918، وآخر جلسة كانت في 27 إبريل 1920، حيث تم نقاش أكثر من 270 مشروع القانون، وتم التصديق علي نحو 230 منها. وكانت تعمل 11 لجنة في البرلمان. منها: اللجنة المالية-الميزانية؛ لجنة مبادرة القوانين؛ اللجنة المركزية؛ اللجنة العسكرية؛ اللجنة الزراعية؛ لجنة المراقبة وغيرها).

 

ثانيًا: في 26 يونيو1918، تم تأسيس جيش وطني أذربيجاني، حيث يعود الفضل في إنشائه إلى الوطنيين الأذربيجانيين أمثال: سمد بك مهمانداروف، علي آغا شيخلنسكي، حسين خان ناختشوانسكي، إبراهيم آغا أوسوبوف، كاظم قاجار، جواد بك شيخلنسكي، حبيب بك سليموف.. وغيرهم، حيث لعبوا دورًا كبيرًا في تشكيل قوات الدفاع الوطني، وإعداد الكوادر المتخصصة وتدريبهم، وإنشاء أسس عسكرية؛ فكان عدد الأفراد العسكريين يصل إلى 40 ألفًا، وبقيادة هؤلاء القادة تمكن الجيش الوطني من تطهير مدينة باكو والمدن الأخرى من احتلال العِصابات المسلحة للطاشناك الأرمن. حيث جاء في “بيان الاستقلال” أن أذربيجان ينبغي لها أن تنشئ قوات مسلحة خاصة بها من أجل الدفاع عن نفسها من تدخلات خارجية.

 

ثالثًا: في 27 يونيو عام 1918، أصدرت حكومة جمهورية أذربيجان الديمقراطية قرارًا باتخاذ اللغة الأذربيجانية لغة الدولة.

 

رابعًا: في الثاني من شهر يوليو عام 1918 أصدر رئيس مجلس وزراء أذربيجان الديمقراطية ووزير الداخلية السيد فتح علي خان خويسكي قرارا بإنشاء أول قسم شرطة في البلاد، وبهذا القرار تم وضع الأسس لأجهزة الشرطة الأذربيجانية.

 

خامسًا: في التاسع من شهر نوفمبر عام 1918، تبنت حكومة جمهورية أذربيجان الديمقراطية أول قرار لها باتخاذ علم ذي ثلاثة ألوان (الأزرق والأحمر والأخضر مع الهلال والنجمة الثمانية الأطراف)، حيث يرمز إلي الحداثة والديمقراطية، ومبادئ الهوية الوطنية، والإسلام، باعتباره علمًا لأذربيجان المستقلة.

 

سادسًا: في 30 يناير 1920، قرر مجلس وزراء جمهورية أذربيجان الديمقراطية إعداد النشيد الوطني للجمهورية، ووفقا للقانون تمت الموافقة على النشيد الأذربيجاني، الذي جمعه الـمُلحّن الكبير أوزيير هاجيبيوف والشاعر أحمد جواد في عام 1919، باعتباره النشيد الوطني لأذربيجان.

 

سابعًا: تم إنشاء العديد من المعاهد والجامعات بما فيها المعاهد الخاصة بالفتيات، فتأسست جامعة باكو الحكومية بقرار من البرلمان بتاريخ 1 سبتمبر لعام 1919.

 

ثامنًا: في عام 1919 وصل عدد الجرائد والمجلات الصادرة في أذربيجان إلى 80 جريدة ومجلة، منها 39 جريدة كانت تنشر باللغة الأذربيجانية.

 

وكذلك توسعت شبكة المكتبات في أذربيجان خلال عام 1920 حيث وصل عددها إلى إحدى عشرة مكتبة وكانت تشمل 95 ألف نسخة كتاب.

 

تاسعًا: تبنت الدولة سياسة خارجية ناجحة سمحت لها بالتواصل مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، حيث أقامت علاقات دبلوماسية مع كل من جورجيا وأرمينيا وتركيا وإيران وأوكرانيا وليتوانيا وبولندا وفنلندا والولايات المتحدة وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والسويد، وسويسرا، وبلجيكا، وهولندا، واليونان والدنمارك.

 

هل تضمن الكتاب المزيد؟

 

نعم.. في المبحث الثالث، والذي جاء بعنوان “أذربيجان: الجمهورية السوفيتية الاشتراكية (1920-1991)”، تحدثت كيف أن الاستقلال الأول لم يدم طويلا إذ وقعت اذربيجان تحت الاحتلال السوفيتى عام 1920، وتناولت بالتفصيل سياسة الاتحاد السوفيتى فى التعامل مع الجمهوريات التى وقعت تحت مظلته ومنها جمهورية اذربيجان، تلك السياسة التى وُسمت بسياسة “البُؤَر الصِّدامية”، فضلا عن محاولته المستمرة لمحو الهوية الأذرية مع الاستغلال الاقتصادى لثروات أذربيجان ومواردها.

 

وجدير بالذكر واسمح لي بالاسهاب فيها بعض الشيئ لأنها هامة جدا في تاريخ بلادي، أنه فى تلك الفترة وقع إقليم قراباغ الجبلى تحت الاحتلال الأرمينى بمعاونة القادة السوفييت.

 

ورغم سوداوية تلك المرحلة إلا أنها شهدت فترة، تولى فيها القيادة.. الزعيم “حيدر علييف” (1969-1982)، والتى مثلت مرتكزًا رئيسيًا فى إعادة بناء جمهوريتنا تمهيدًا لاستقلالها مع بداية انهيار الامبراطورية السوفيتية التى مارست كافة صور القمع والتعذيب بحق الشعب الأذرى، إذ أن الذاكرة الوطنية لا تزال تحتفظ بمأساة العشرين من يناير 1990 والتى مثلت نقطة الانتقال إلى مرحلة الاستقلال، وهو ما تناوله المبحث الرابع من هذا الكتاب وذلك تحت عنوان “أذربيجان: ما بعد الاستقلال (1991- 2003): التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية المؤثرة على أمن استقلال الدولة”.

 

ففي يوم الثامن عشر من أكتوبر 1991، تم اجتماع المجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان، وتم اعتماد (القانون الدستوري لاستقلال جمهورية أذربيجان)، وبمقتضى هذا القانون، أصبحت جمهورية أذربيجان الوريث الشرعي والمعنوي لجمهورية أذربيجان الديموقراطية التي تم تأسيسها في 28 مايو 1918.

 

ولكن واجه الاستقلال هذه المرة أيضًا كثيرًا من الصعوبات والتحديات والمعوقات، كان أبرزها ما جرى على المستوى الداخلي.

 

فمما زاد من وتيرة هذه الصعوبات وجعلها أكثر تعقيدًا ما ارتكبته أرمينيا بدعم الجيش السوفيتي، ففي الوقت الذي أراد فيه الجيش السوفيتي أن ينتقم من الشعب الأذربيجاني نظرًا لسعيه للحصول على الاستقلال والحرية، كانت ثمة مطامع أرمينية مستمرة في الأراضي الأذرية، بهدف بناء أرمينيا الكبرى.

 

ولذا، فقد استغل الطرفان ما تشهده الدولة الوليدة من اضطرابات سياسية واقتصادية، لتحقيق هدف كل منهما، إذ سارعت في ذلك الوقت أرمينيا بدعم الجيش السوفيتي باحتلال إقليم قراباغ الجبلي (شوشا، خانكندي، خوجالي، عسكران، خوجاواند، آغدارى، وهادروت) التابع لأذربيجان والمحافظات المجاورة له وهي (لاتشين، كالباجار، آغدام، جبرائيل، فضولي، قوبادلي، وزنقيلان) أي: ما يعادل (20%) من الأراضي الأذرية، وهو ما أدى إلى تشريد أكثر من مليون مواطن من مدنهم وأراضيهم الأصلية.

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل توالت الاعتداءات الأرمينية من عمليات القتل والإبادة الجماعية ضد المواطنين الأذربيجانيين الأبرياء، كما دمُرت وأحُرقت العديد من المقدسات الإسلامية والمدارس والمساجد والآثار التاريخية التي تشهد على أصالة وعراقة الشعب الأذربيجاني، ووقعت في هذه المرحلة العصيبة من التاريخ الأذري، عدة مذابح بحق الشعب الأذربيجاني على يد الأرمن مدعومًا من السوفييت.

 

وماذا عن الرئيس الحالي ومكانه في كتابكم؟

 

لقد تولى سيادة الرئيس إلهام علييف الحكم في عام 2003 ، وهذا ما تناوله الكتاب فى مبحثه الخامس والأخير والذى جاء بعنوان “أذربيجان فى قرنها الأول (2003-2018): نجاحات مستمرة وطموحات مستقبلية”، حيث استعرض الكتاب فى هذا المبحث ما حققته أذربيجان من نجاحات فى المسارات المختلفة عسكريا، اقتصاديا، وسياسيا، ومجتمعيا، وكذلك فى مجال السياسة الخارجية.

ويمكن رصد أهم هذه النجاحات التي حققها القائد إلهام علييف منذ توليه المسئولية في عديد من المسارات، وذلك على النحو التالي:

 

– المسار العسكري:

 

فقد ازداد مستوى المهنية وقدرة الجيش، مع اتخاذ أعمال كبيرة لتقوية قاعدته المادية التقنية، إذ بلغ حجم النفقات العسكرية عام 2018 إلى ما يقرب من مليار و700 مليون دولار.

 

ويعتبر ذلك ثلاث أضعاف النفقات العسكرية لجمهورية أرمينيا، حيث تصل ميزانيتها نحو 500 مليون دولار وخمس أضعاف النفقات العسكرية لجمهورية جورجيا، حيث تصل ميزانيتها أيضًا نحو 300 مليون دولار.

 

إضافة لذلك، أصبحت أذربيجان اليوم تصدر الأسلحة التي تنتجها في البلاد للخارج، وقد وصل حجم التجارة في إصدار الأسلحة الأذربيجانية إلى 106 مليون دولار عام 2016.

 

وتقيم دولة أذربيجان معرضًا للدفاع سنويًا في مدينة باكو لعرض أسلحتها الجديدة المنتجة في البلاد، ويشارك في هذا المعرض أكثر من 45 دولة.

 

وفي هذا الإطار، يجدر بنا الإشارة إلي ما ورد في دراسات “Global Firepower” للأمم المتحدة لعام 2017، أوضحت فيها أن القوات المسلحة لجمهورية أذربيجان تحتل المرتبة الـ 59 في العالم، والمرتبة الأولى والأقوى في جنوب القوقاز.

ولعل ما جرى مؤخرًا (فى 4 أبريل 2016) من تجدد الحرب ضد الاحتلال الأرميني ونجاح القوات المسلحة الأذربيجانية في استعادة جزء من أراضيها المحتلة، يؤكد على ما وصلت إليه قواتها المسلحة من قدرات عسكرية وخبرات تكتيكية متفوقة ومتقدمة.

 

-المسار الاقتصادي:

 

وقد ترجم النجاح الذي حققه الاقتصاد الأذربيجاني في عدة قطاعات، أهمها ما يلي:

 

قطاع الطاقة: تم توفير الاحتياجات الوطنية من الطاقة الكهربائية، حيث تم إنشاء (30) محطة توليد كهرباء خلال هذه الفترة، بلغت طاقتها 2500 ميغاوات من الكهرباء، في حين أن عددها كان حتى عام 2004 (9) محطات فقط.

 

كما شهد مستوى التغويز (تزويد المناطق بالغاز الطبيعي) ارتفاعا ملحوظا، إذ ارتفع من حوالي 51% عام 2005، ليصل إلى 93% عام 2017، ولم يتبق سوي 7% من المناطق التي تحتاج إلى عملية التغوير، وخاصة في المناطق الجبلية والقرى البعيدة.

 

وفي هذا الإطار، تم التطرق لاستكمال مشروع خط أنابيب (باكو-تيبلسي-جيهان) الذي تم تأسيسه من أجل توصيل النفط الذي تنتجه أذربيجان من منطقة بحر قزوين إلى الأسواق العالمية عن طريق تركيا عام 2005، ويبلغ طوله 1,776 كم ويمتد من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، ويمر الخط عبر الأراضي الجورجية.

 

وبلغت تكلفة بناء هذا الخط نحو 4,3 مليار دولار أمريكي. وبلغ عمر تصميمه 40 عاما، وتبلغ قدرته اليومية نقل 1 مليون برميل من النفط، حيث تعتبر القدرة القصوى للخط هي 10 مليون برميل نفط، ويوجد 8 محطات ضخ على امتداد مسار خط الأنابيب (2 في أذربيجان, 2 في جورجيا, 4 في تركيا).

 

واستمرارًا للنهج ذاته، تم في عام 2012 التوقيع على اتفاقية الطاقة مع الاتحاد الأوروبي، فتم إبرام اتفاق مع تركيا بشأن مشروع للغاز عبر الأناضول (TANAP)، وفي عام 2013 أنشئ طريق التصدير الرئيسي للمشروع عبر البحر الأدرياتيكي (TAP)، واعتمد قرار الاستثمار النهائي بشأن مشروع Shahdeniz-2. وفى 20 سبتمبر 2014 تم وضع حجر الأساس لمشروع ممر الغاز الجنوبي.

 

كما كان افتتاح خط سكة حديد (باكو – تبليسي – قارص) حدثا تاريخيا كبيرا، حيث يمتد على طول 846 كيلومترًا عبر أذربيجان وتركيا وجورجيا ويربط بين أوروبا والصين، ويعتبر هذا الخط جزءًا كبيرًا من المشروع العالمي لإعادة بناء طريق الحرير التاريخي، وبلغت تكلفة المشروع حوالي 4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ينقل هذا الطريق 17 مليون طن من البضائع.

 

جذب الاستثمار الأجنبي: ساهم وضع إطار قانوني للشركات المحلية والأجنبية من خلال )خدمة الشباك الواحد( التي توفر على الشركات الوقت والجهد في إنجاز المعاملات، في جذب مزيد من الاستثمارات. وهو ما أهل أذربيجان للحصول على ترتيب متقدم فى مجال ممارسة التجارة، إذ يذكر أنه فى إطار التقييم العالمي لسهولة ممارسة البزنس طبقا لتقرير البنك الدولي، تم انتقال أذربيجان من المرتبة 97 إلى المرتبة 33.

 

ونتيجة لكل هذه الجهود، فقد استثمرت أذربيجان خلال هذه الفترة (2003-2017) 231 بليون (مليار) دولار في اقتصاد البلاد، نصفها استثمارات أجنبية والباقي محلية. ولا شك أن وضع الاستثمارات الأجنبية في البلاد إن دل على شيء، فإنما يدل على أن أذربيجان دولة آمنة ولها مستقبل، حيث لا أحد يستثمر في بلد ليس له أي اعتبار أو مستقبل.

 

-التحرير

 

لكن يبقى تحرير الأراضي الأذربيجانية من قبضة المحتل الأرميني أهم إنجاز قومي ووطني في مسيرة الرئيس إلهام علييف، وحدث يستحيل تجاوزه إلى ما هو أعظم منه؛ لأنه محال أن يكون هناك ما هو أعظم من خطة التحرير ومعركة النصر على العدو الأرميني، وها هي أيضًا مسيرة التنمية في إقليم قاراباغ المحرر تسير بوتيرة سريعة، لإعادة المهجرين إلى أراضيهم وممتلكاتهم.

يتبع..

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours