وثائق بنما.. الكبار يسقطون في فخ هوليود القديم

1 min read

أبوبكر أبوالمجد

ليس شئ آمن.. الأمريكان يلاعبون العالم أو بمعنىً أدق، “الأيباك” (لجنة الشئون العامة الأمريكية “الإسرائيلية)، وهي المنظمة التي خرجت من رحم اللجنة الصهيونية الأمريكية للشئون العامة والتي تم تأسيسها في سنة 1953، ثم تم تغير اسمها إلى “الأيباك” بعد تدهور علاقة داعمي الكيان والرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، حيث وصلت الأمور إلى إجراء تحقيقات مع اللجنة الصهيونية الأمريكية للشئون العامة، وبناء على ذلك تم تغيير الاسم.

هذا الكيان الصهيوني هو الذي يمول كل الأحداث الكبرى في أمريكا والعالم، سواءً أكانت سياسية أو إعلامية أو سينمائية أو ثقافية ولكن بأوجه مختلفة، عن طريق أكثر من 100 ألف متطوع من مفكرين وسياسيين وفنانين وعلماء، في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة، بميزانية سنوية تقدر بـ 60 مليون دولار بالإضافة إلى 300 موظف وجيش من المتطوعين و 18 مكتب موزعة في أنحاء مختلفة من العالم.

فخ هوليود

أطماع الصهاينة في حكم العالم موجودة وقائمة، وربما ابلغ دليل على أنهم يحكمون العالم الآن ربما، هو حرص أي رئيس أمريكي على دعم الأيباك.

كيف سيحكم 15 مليون يهودي عالم به أكثر من 7 مليار إنسان، يعيشون في أكثر من 150 دولة حول العالم؟

تحويل العالم لقرية صغيرة عبر شبكات الاتصال، والفضائيات وتغيير أو طمس الهوية الثقافية للمجتمعات هو أسهل الطرق لتحقيق هذا الغرض، ومن المعروف أن الشعوب يتحركها نخبة، سواءً كانت سياسية أو علمية أو فنية أو رياضية أو اقتصادية، ولكي يتم التحكم في الشعوب، فلا بد من التحكم في هذه النخبة، ولن يتم التحكم في هذه النخبة إلا إذا تم شراء ولاءاتهم.

فكيف تشترى الولاءات؟

كيف يمكن أن يوالي ساسة معادين مثلا لدولة الاحتلال الصهيونية في فلسطين، هذا الكيان وساسته؟

يتم ذلك عن طريق غسل الأدمغة، واقناعهم بأن العدو هو الصديق والصديق هو العدو، فإن لم تنفع هذه السياسة، فيجب اخضاع الساسة عن طريق ايقاعهم في شرك الخطيئة السياسية أو المالية أو الأخلاقية.

وهذه هي أفخاخ هوليود الاستخباراتية التي بها أشعلت حروبًا وأطيح برؤساء، وسقط ساسة وعلماء وفنانين من أعلى قمم المجد، إلى قاع الاذدراء المجتمعي والجماهيري.

فخ بنما

تسريب ما عرف إعلاميا بـ”وثائق بنما” ليس إلا فخا هوليوديا من هذه الأفخاخ. فكم رأينا وتابعنا وشاهدنا الأفلام الأمريكية والهندية وهي تتحدث عن غسيل الأموال حول العالم، وكم تردد اسم سويسرا وبنما ومالطه في هذه العمليات القذرة التي عادة ما كان يقوم بها إرهابيون وتجار سلاح وساسة فسدة.

ومع ذلك سمع العالم عن بنما اليوم وكأنها المرة الأولي التي يسمع فيها أو يعرف ما يحدث في شركات وبنوك بنما من عمليات قذرة.

هوية بنما

يرجع تاريخ تأسيس شركة “موساك فونيسكا” للخدمات القانونية، إلى جهود مشتركة بين المحامي الألماني المولد جوردجان موساك والمحامي البنمي رامون فونيسكا، الذي أنهي عمله كمستشار لرئيس بنما خوان كارلوس فاريلا.

وقالت شبكة “إيه بي سي” الإخبارية الأمريكية إن “وثائق بنما” تشرح كيف تحولت شركة “موساك فونيسكا” – شركة رائدة على مستوى العالم في مجال الخدمات القانونية ومقرها -إلى أكبر مصدر للوثائق المسربة التي تمس العديد من الدول والشخصيات العامة حول العالم.

ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أن اختراق أنظمة الأمان في الشركة يشير إلى أن شركات الخدمات القانونية والبنوك الكبرى تبيع أسرار عملائها من السياسيين والمحتالين ومهربي المخدرات، إضافة إلى المليارديرات والمشاهير ونجوم الرياضة.

وأوضحت الشبكة أن حجم الوثائق المسربة من شركة “موساك فونيسكا” التي حصلت عليها صحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الاستقصائية الألمانية يشير إلى أن عدد تلك الوثائق يصل إلى 11 مليون وثيقة، مشيرة إلى أنها حصلت على تلك الوثائق من مصدر مجهول وتم مشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية.

وتحتوى الوثائق على رسائل بريدية وحسابات بنكية وسجلات عملاء يرجع تاريخها إلى 40 عامًا جميعها سرية خاصة بعملاء الشركة إضافة إلى 12 من قادة العالم بينهم الرئيس السوري بشار الأسد وأصدقاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والنخبة الحاكمة في الحزب الشيوعي الصيني.

زلزال

هزّ زلزال وثائق بنما كراسي العديد من الساسة حول العالم، وتحركت جهات تحقيق في أكثر من 80 دولة للوقوف على حقيقة ما جاء في هذه الوثائق المسربة

تحركت السلطات عبر العالم بعد نشر تسريبات تكشف عن التهرب الضريبي وإخفاء ثروات زعماء دول ومسؤولين.

وتبين هذه الوثائق كيف ساعدت الشركة بعض زبائنها في غسيل الأموال والتحايل على العقوبات والتهرب من الضرائب.

وقال الرئيس البنمي إن بلاده مستعدة للتعاون مع اي تحقيق في هذه القضية.

ومنذ نشر التسريبات الأولى، فتحت دول، من بينها النمسا وهولندا وأستراليا، وتونس، ونيوزيلاندا تحقيقات في القضية.

وتشتبه معطيات الوثائق في غسيل أموال، بقيمة مليار دولار، على يد شبكة تضم مقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وتبين الوثائق أيضا أن رئيس وزراء إيسلندا، سيغموندور غونلوغسون، له فوائد غير مصرح بها، متعلقة بثروة زوجته.

وقد وقع 16 ألف شخص في إيسلندا عريضة يطالبون فيها باستقالته، وبالفعل استقال.

ويقول جيرارد رايل، مدير المجمع الدولي للصحافة الاستقصائية، الذي نسق التحقيق، إن الوثائق غطت النشاط اليومي لشركة موساك فونسيكا، خلال الأربعين عاما الماضية.

وأضاف: “أعتقد أن هذه التسريبات هي أكبر ضربة تلقتها الشركات الخارجية، بالنظر إلى حجم الوثائق”.

ووردت في الوثائق أسماء صهر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والرئيس الأوكراني بيتور بوروشينكو، والرئيس الأرجنتيني، موريشيو ماكري، ووالد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون.

وقال حسين نواز شريف، ابن رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، الذي ورد اسمه وثلاثة من إخوته على أنهم يملكون عقارات عن طريق شركات في الخارج، إن “ذلك لا يخالف القانون”.

وقالت هيئة الدخل والجمارك في بريطانيا إنها تلقت معلومات كبيرة عن شركات في الخارج، وإنها ستحقق فيها، وطالبت من المجمع الدولي للصحافة الاستقصائية أن يشاركها جميع المعطيات التي لديه.

وقالت هيئة ضبط الأسواق في النمسا إنها تحقق ما إذا كان مصرفان خرقا القانون المتعلق بغسيل الأموال، بعد ورود اسميهما في التسريبات.

وقالت وزارة المالية الفرنسية إنها طلبت الوثائق الأصلية للتسريبات لإجراء تحقيقاتها.

أما مصلحة الضرائب في أستراليا فقالت إنها تحقق مع 800 شخص وردت أسماؤهم في الوثائق.

وقال متحدث باسم الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، الذي وردت أسماء أبنائه على أنهم مالكون شركات في الخارج، إن “هذه الممارسة ليست مخالفة لأي قانون”، مضيفا أنهم “مواطنون أذربيجانيون بالغون”.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن الأدلة “ملفقة”، وإن الرئيس بوتين ضحية “تضليل إعلامي”.

وتكشف التسريبات عن غسيل أموال بقيمة مليار دولار على يد شبكة يديرها مصرف روسي، وتضم مقربين من الرئيس بوتين.

ويتعلق الأمر بمصرف “بنك روسيا” الذي يخضع لعقوبات أمريكية ومن الاتحاد الأوروبي، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

كما تبين الوثائق كيف يعمل المصرف، إذ تمر الأموال عن طريق شركات خارجية، اثنين منهما ملك لاحد أصدقاء بوتين المقربين، واسمه سيرغي رالدوغين.

وتشير التسريبات إلى أن رالدوغين كسب مئات الملايين من الدولارات في شكل فوائد من صفقات مشبوهة.

أبرز الشخصيات العربية

في تونس، فإنّ وزير العدل عمر منصور أذن للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس بمتابعة الموضوع بدقة وإجراء التحقيقات اللازمة عند الاقتضاء”.

وكشف موقع “انكيفادا” الذي شارك في التحقيق في “وثائق بنما” أن الرئيس السابق للحملة الإنتخابية لرئيس الجمهورية وأحد مؤسسي حزب نداء تونس، محسن مرزوق، كان بين الشخصيات التي اتصلت بمكتب موساك فونسكا، من أجل تأسيس شركة “أوف شور”، ليتمكن من تحويل أموال واستثمارها في الخارج خلسة ودون تتبعات ضريبية. 

كما كشف التحقيق الصحفي الذي نشره “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” على موقعه الإلكتروني، عن عدد من شخصيات الزعماء والسياسيين العرب الذين هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية أو شاركوا في شركات عابرة للبحار، وأبرزهم.

إياد علاوي

كان عضوا بارزا في حزب البعث العراقي حتى العام 1971، غادر البلاد إلى بريطانيا في نفس العام وأقام روابط قوية مع المخابرات الأمريكية والبريطانية. 

عاد إلى العراق وعين رئيسا للوزراء في العام 2004, وكان شخصية بارزة على الساحة السياسية العراقية وتولى منصب نائب الرئيس في العام 2014. 

سجلت شركته البنمية العابرة للبحار في العام 1985 وحلت في العام 2013 ورحلت إلى إنجلترا، وبلغ رأسمالها مليون ونصف المليون دولار, امتلك علاوي شركة أخرى عابرة للبحار في بريطانيا وسجل مصدر رأس المال كمدخرات شخصية.

علي أبو الراغب

كان رئيسا لوزراء الأردن في العام 2000، تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وكان على رأس شركة هندسية لمدة تجاوزت العشرين عاما. استقال من رئاسة الوزراء وعاد لعالم الأعمال العام 2003 حيث يشارك في إدارة عدد من أكبر شركات التأمين والتمويل الأردنية.

حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني

كان رئيسا لوزراء قطر العام 2007 ووزيرا لخارجيتها ومديرا لهيئة الاستثمار القطرية ويعد واحدا من أغنى أفراد الأسر المالكة في العالم. اختارته مجلة “التايم” كواحد من أكثر مئة شخصية تأثيرا في العالم العام 2012.

حمد بن خليفة آل ثاني

أمير قطر السابق، حكم بلاده في الفترة ما بين عامي 1995 و2013 وتنازل عن الإمارة لولده تميم. تمدد نفوذ بلاده وتعزز في منطقة الشرق الأوسط خلال فتره حكمه التي دامت 18 عاما.

 سلمان بن عبد العزيز آل سعود

الملك الحالي للمملكة العربية السعودية، تولى الحكم في يناير 2015 بعد وفاة أخيه الملك عبد الله. 

كان وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء وحاكما للرياض من العام 1955 إلى العام 1960 ثم من العام 1963 إلى العام 2011، وعين وليا للعهد في العام 2012.

الحقيقة

إننا جميعا أسرى لخطة محكمة، ولا أحد بعيد عن هذا المخطط، فليس شئ آمن وإن أقنعوك بذلك. 

فلطالما حدثوك عن بنوك آمنة ووسائل اتصال كذلك، ولكن الحقيقة أن الجميع تحت المراقبة ومسجل عليه ما يقول ويفعل، وحين يأتي الوقت المناسب الذي تكون فيه الشعوب مهيئة لاستساغة الفضيحة، أو الأكذوبة، يتم نشرها على الملأ، وتحت مسمى اختراق إلكتروني، أو تسريب أو ما إلى ذلك.

والنتيجة.. تنعدم ثقة الشعوب في قادتهم، وفي بعضهم البعض، فيكون تفتيت المجتمعات أسهل، وطمس هويتهم أيسر، وثقتهم في عدوهم تكون أكبر من ثقتهم فيمن هم منه، وهو منهم.

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours