مغامرة بوتين

بقلم: أبوبكر أبوالمجد

منذ الحرب العالمية الثانية والقوى الغربية فعلت كل شيء للابقاء على وحدتهم، أو على الأقل سياسة “اللامساس”، ونقلت الدول الكبرى معاركها إلى ميادين الدول المستضعفة حول العالم لنهب ثرواتها؛ لكن الله قرر الانتقام من كل الممارسات والمخططات الخبيثة لهذه الدول ضد فقراء ومساكين العالم ونقل المعركة إلى ميدانهم. 

تصريحات الروس تؤكد أن الجيل العسكري الحالي تحت قيادة بوتين يؤمن بأن الروس من حقهم استعادة امبراطوريتهم القيصرية، وأنهم وإن لم يصرحوا بذلك يؤمنون بهذه الفكرة. 

ولذا أرى أن انتصار الروس في معركة أوكرانيا يعني قوة لن تضاهى للتحالف الروسي الصيني في قابل الأيام، وسيكون العالم في حالة تعدد قطبية ناري، ولن تكون الدول المستضعفة في أفضل حال أبدًا؛ لأنهم سيتعرضون لأسوأ ضغوط في التاريخ بهدف الاستقطاب. 

روسيا تدرك أن التحالف الأوروبي الأوروبي والأوروبي الأمريكي في أسوأ حالاته؛ غير أني أرى بوتين اختار التوقيت السيء لهذه المغامرة. 

بوتين يظن أن الغرب ليس عنده رفاهية المغامرة مثله، وغره ما حدث في القرم ثم سوريا، ثم ليبيا، فأفريقيا، والحقيقة أن الغرب كانوا يكشفون عن النوايا الروسية، أما وأنها استبانت لهم، فمحال ترك الروس يعبثون بكل أوراق الطاولة. 

يؤسفني أن هذا التطور المرعب دفع فلاديمير بوتين إليه لتأمين منصبه كرئيس أبدي لروسيا، فالرجل تنتهي فترة رئاسته في 2024، وسعى لتغيير دستوري مكنه للترشح مجددا والبقاء حتى عام 2036.

 الرئيس الروسي عمره الآن 71 عاما، لاقى معارضة شديدة لبقائه في السلطة ولا يزال، وثمة نيرانا تحت الرماد ستتشظى عندما تقترب نهاية ولايته الحالية في مايو 2024، ويبدو أن الرجل بات منزعجا بشدة من العبث الغربي في داخل روسيا، والأنظمة الموالية له في دول الاتحاد السوفييتي السابق، ولذا قرر إشعال نيرانا أعظم يراه فيها أنصاره بطلا يريد تأمين روسيا وحمايتها من القوى الراغبة في حصارها، وتقليص دورها في العالم، وينشغل بها معارضيه أو إعطائه المبرر القوي لاعتقالهم، تحت مسميات الخيانة وغيرها من هذه الكلاشيهات المستخدمة في مثل هذه الأوضاع، والأهم استعراض قوته وإرسال رسالة للغرب أن كلفة انتزاعه من منصبه، أو الحد من طموحاته في استعادة أمجاد روسيا القيصرية سيكون باهظًا، ومن ثم تراجعهم عن مساعي ضم الدول التي يراها ضمن اتحاد روسيا غير المعلن، والمهيمن عليها ثقافيا واقتصاديا وسياسيا.