ليبيا تعود إلى انقسام 2014.. فهل يظل نزاعًا سلميًا على السلطة أم تعود الحرب الأهلية؟

1 min read

آسيا اليوم ووكالات

ليبيا.. ذلك البلد البترولي الغني، والمؤهل أن يكون شعبه من أغنى الشعوب الإفريقية، والقادر على استيعاب عمالة بالملايين من كل دول العالم، يعود الانقسام إليه مجددًا!

ومع استعار الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع سعر برميل النفط إلى أقصى معدلاته، متجاوزًا الـ120 دولارًا، يصبح توقع تحول النزاع على السلطة بين حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا، والحكومة الجديدة التي منحها برلمان طبرق الثقة بالسلاح جائزًا جدًا، ما يعيد للذاكرة الحرب الأهلية في البلاد التي استمرت من 2014 إلى 2021، قبل توصل المتخاصمان في ليبيا إلى اتفاق برعاية الأمم المتحدة.

توتر

توتر متصاعد تشهده ليبيا على خلفية الصراع الذي نشب عقب تصويت برلمان طبرق (شرق ليبيا) بمنح الثقة لحكومة جديدة بقيادة وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، فيما ترفض حكومة طرابلس (غرب ليبيا) برئاسة عبد الحميد الدبيبة – والمعترف بها دولياً – الإقرار بما توصل إليه برلمان طبرق.

وأدى رئيس الوزراء فتحي باشاغا اليمين أمام البرلمان قبل أسبوع، وقال إنه سيصل إلى طرابلس في غضون يومين متعهداً بأداء مهامه كرئيس للحكومة هناك سلمياً، فيما شدد الدبيبة على عدم شفافية دور مجلس النواب في تعيين باشاغا في منصب “رئيس الوزراء الموازي”.

ولم تتمكن الحكومة الجديدة حتى الآن من دخول العاصمة طرابلس واستلام مهامها بسبب رفض الدبيبة التسليم بقرار البرلمان، وعدم اعتراف المجلس الأعلى للدولة في طرابلس بها، وتشكيك الطرفين في صحة إجراءات منح الحكومة الثقة، مطالبين بإعادة فتح الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا من أجل فض الخلاف. وأكد الدبيبة أنه باقٍ في منصبه حتى يتم انتخاب مجلس تشريعي جديد ويمكنه اختيار هيئة تنفيذية جديدة.

رؤية مزدوجة للانتخابات

فماذا عن الانتخابات البرلمانية، ولما لم تجر؟
ومنذ تأجلت الانتخابات التي كانت مقررة بتاريخ 24 ديسمبر 2021، طرحت الأطراف السياسية الرئيسية في ليبيا أفكارًا متضاربة لحل المأزق.

إذ قالت مجموعة الشرق التي تتخذ من طبرق مقراً لها، والتي تضم رئيسة مجلس النواب عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر، والفصائل المتمركزة في طرابلس بوعانة فتحي باشاغا والتي تريد الإطاحة بالدبيبة، إنه ينبغي على السياسيين تشكيل حكومة جديدة وتعديل مسودة الدستور قبل إجراء انتخابات جديدة.

أما الجانب الآخر، الذي يضم كتلا سياسية رئيسية في غرب ليبيا، فيريد أن يبقى الدبيبة في السلطة حتى يتم انتخاب مجلس تشريعي جديد يمكنه اختيار هيئة تنفيذية جديدة.

وحتى المرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، والذي كان على خلاف تاريخي مع المعسكر الثاني، كرر الحاجة إلى إبقاء حكومة الدبيبة في مكانها والمضي قدمًا في الاقتراع التشريعي.

لكن منذ انهارت عملية الانتخابات في ديسمبر قبل موعد التصويت بقليل، اختلف الفريقان المتنافسان على الطريق الصحيح الذي يتعين اتخاذه لعقد الانتخابات.

وفي البداية، حصل الاتفاق على موافقة خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، المجلس المنافس لبرلمان طبرق.

لكن المشري سحب دعمه في أواخر فبراير، تحت ضغط على ما يبدو من عدد من أعضاء المجلس الذي يرأسه، و الذين عارضوا خطوة تشكيل حكومة جديدة بحسب محللين.

وقال المعسكر المؤيد للدبيبة إن البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقراً له ليس له الحق في تعيين مسؤول تنفيذي جديد وأن الدبيبة لن يسلم السلطة إلا لمن يخلفه مدعوماً بتصويت شعبي.

 

تحركات عسكرية مثيرة للقلق

 

وما زاد من حدة التوتر قيام قافلة مسلحة – تردد أنها تابعة لرئيس الوزراء الجديد – بالتحرك صوب طرابلس يوم الخميس قبل أن تعاود أدراجها.

ولم تعرف تبعية هذه القوات أو المجموعات المسلحة على وجه الدقة، لكن تقارير لم يتسنّ التأكد من صحتها أفادت أن هذه القوات مؤيدة للحكومة الجديدة التي يرأسها فتحي باشاغا، وتدعم دخول حكومته إلى العاصمة لاستلام مهامها رسمياً.

 

ويحظى كل من الحكومتين المتنافستين بدعم من فصائل مسلحة تتمركز في طرابلس.
ويرى خبراء ومتابعون للشأن الليبي أن أي محاولة لإدخال باشاغا إلى العاصمة قد تفجر القتال بين الفصائل المسلحة الداعمة له وفصائل أخرى تدعم رئيس الحكومة “المنتهية ولايته” عبد الحميد الدبيبة.

 

وفي ورقة تقييمة للوضع، قالت مجموعة الأزمات الدولية (مقرها بروكسيل) إن ليبيا تقف مرة أخرى على مفترق طرق خطير خاصة مع تصلب موقف المعسكرين، ما يجعل نُذُر تجدد القتال واضحة للمرة الأولى منذ أنهى وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 ست سنوات من النزاعات السياسية والصراعات المتقطعة.

 

وبحسب مجموعة الأزمات الدولية فإن الصراع على السلطة في ليبيا يخاطر بتقويض جهود إعادة الإعمار والاقتصاد بشكل عام، كما أن الخصوم السياسيين باتوا أكثر اعتماداً على الولاءات المسلحة. إذ يُذكر أن المسلحين المتحالفين مع حكومة طرابلس احتجزوا وزيرين، ومنعوهما من القيام بواجباتهما.

 

ويرى خبراء مجموعة الأزمات، أنه من غير الواضح كيف سترد القوات التي يقودها حفتر، والتي تسيطر على شرق البلاد والمتحالفة مع حكومة باشاغا. فخطر الحرب يعتمد على الإجابة عن هذا السؤال وعلى ما يقرر الداعمون الخارجيون للطرفين فعله.

وحتى الآن، يبدو من غير المرجح أن يحمل الخصوم في الحرب الأهلية السلاح من جديد بسبب الإعياء العام من الحرب. ولا يبدو أن القوى الخارجية راغبة بتجدد الصراع المسلح. رغم ذلك، فإن العداء المتزايد بين الحكومتين يمكن أن يغير هذه الحسابات، بحسب تقدير مجموعة الأزمات الدولية.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours