قنصل أذربيجان بالقاهرة: مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال بلادنا والاتحاد السوفيتي منع الشعائر الإسلامية(الجزء الأخير)

1 min read

حوار- أبوبكر أبوالمجد

 

يحدثنا قنصل أذربيجان في القاهرة في الجزء الرابع والأخير من حوارنا معه عن الإسلام في أذربيجان، وكيف أن الاتحاد السوفيتي كان يمنع الشعائر الإسلامية في هذا البلد الإسلامي الذي يصل نسبة المسلمين فيه إلى 96%!

كما يتحدث عن أبرز المعالم الإسلامية والأثرية في بلاده، وكذا العلاقات المصرية الأذربيجانية، وأبرز محطاتها.

حدثنا عن الإسلام في أذربيجان؟

 

إن 96% من المواطنين في أذربيجان يدينون بالإسلام والأربعة بالمائة الباقين هم للأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية أو غيرها من الطوائف.

 

ودخلت أذربيجان في الإسلام في العام الـ18 هجريًا أي نفس العام الذي دخلت مصر فيه بالإسلام؛ ولكن قد لا يعلم البعض تفاصيل حول مسألة دخول أذربيجان الإسلام لأنها كانت تابعة للاتحاد السوفيتي على مدار 70 سنة وهو معروف أنه نظام شيوعي أي بعيد عن الإسلام.

 

الاتحاد السوفيتي ومنع الشعائر الإسلامية في أذربيجان

 

واجهت أذربيجان العديد من الصعوبات خلال فترة وجودها تحت حكم الاتحاد السوفيتي، فيما يخص الحفاظ على الهوية الإسلامية، ولكنهم تمكنوا من الحفاظ على الصلاة والصوم على الرغم من إغلاق المساجد.

 

لم يكن يستطيع شخص الإعلان أو الكشف عن كونه مسلمًا؛ لأنه عكس النظام الشيوعي، ومن كان يتم رؤيته وهو يصلي أو يصوم إما أن يواجه الحبس أو الإقصاء عن العمل الحكومي.

وسمعت من أجدادي أنهم كانوا يصلون في الخفاء حتى بعيدًا عن أولادهم خشية أن يروهم الأطفال، وعندما يخرجون للعب في الشوارع مع أصدقائهم يروون ما رأوه في منازلهم، وبالتالي تصل الحكومة السوفيتية لهم.

 

كان بعض أفراد الحكومة السوفيتية يسألون المسؤولين هل تصلي؟ هل تصوم؟، بل كانوا يذهبون إلى الامتحان ويجربوا إعطاء الطلاب المياه أو الطعام ليتأكدوا من كونهم صائمين في رمضان أم لا؟ ولكن تمكن الشعب الأذربيجاني من الحفاظ على هويته ودينه بين الجميع.

 

أفضل المعالم الأثرية التي يحب الجميع زيارتها في أذربيجان؟

شوشا مدينة تحمل عبق التاريخ وأحداثه، حيث بُنيت عام 1752 بأمر من أمير قره باغ بناه علي خان، وهي من أبرز معالم البلاد، وتحتفل هذا العام بذكرى مرور 270 عامًا على إنشائها، وقد لعبت هذه المدينة دورا كبيرا في الحياة الثقافية والتاريخية والعلمية في أذربيجان خاصة وجنوب القوقاز عامة، يدلل على ذلك ما تحويه من آثار عديدة وكنوز متنوعة، والتي تعود إلى حقبة ألبان القوقاز “أران”، من القرن الرابع قبل الميلاد، حتى بداية القرن الثامن، وما تلاها من حقب أذرية ومغولية وتركية، حتى العصر الحديث، ولا تزال باقية في تلك المنطقة التي تُوصف بأنها كانت أشبه بمتحف مفتوح، يضم العديد من الأديرة والكنائس والأضرحة والمساجد والبيوت العريقة، فضلا عن أن المدينة كانت بمثابة رمزًا للتقاليد التاريخية للشعب الأذربيجاني، حيث نشأ فيها واحدة من أقدم المستوطنات في نطاق ثقافة خوجالي جاداباي القديمة في النصف الثاني من الألفية الثانية قبل الميلاد، وأصبحت واحدة من أقدم المستوطنات البشرية في أذربيجان القديمة.

بعد ما يزيد عن عام على الانتصار الذى حققه الجيش الأذربيجاني في معركة المصير نحو استعادة أراضيه المحتلة على مدار ما يقرب من ثلاثين عاما، أصدر الرئيس إلهام علييف في أوائل يناير المنصرم (2022) قرارا تاريخيا بشأن مدينة شوشا الأذربيجانية التي تعد درة التاج في معركة النصر، اذ أعلن أن عام 2022 هو عام شوشا في جمهورية أذربيجان، مسترشدا كما جاء في قراره بالفقرة 32 من المادة 109 من دستور أذربيجان، وبمراعاة الأهمية التاريخية والقيمة الثقافية والروحية العالية لشوشا لشعب أذربيجان، ومكلفا في الوقت ذاته مجلس الوزراء الأذربيجاني أن يطور وينفذ خطة العمل المتعلقة بـ “سنة شوشا”، مستكملا بذلك قراره السابق الصادر في السابع من مايو 2021، بإعلان مدينة شوشا عاصمة للثقافة الأذربيجانية.

 

وغنى عن القول إن استعادة شوشا كانت مرحلة فاصلة في معركة النصر كما أعلن ذلك صراحة الرئيس إلهام علييف حينما وجه خطابه في الثامن من نوفمبر 2020 إلى الشعب الأذربيجاني معلنا بكلمات واضحة وبفخر كبير تحرير شوشا، معبرا عن ذلك بقوله :”اعلان هذه البشرى للشعب الأذربيجاني في هذا اليوم التاريخي، ربما يكون أحد أسعد الأيام في حياتي”، مخاطبا مدينة شوشا التاريخية بخطاب الابن الذى عاد إلى حضن أمه بقوله:” عزيزتي يا شوشا، أنت حرة! عزيزتي يا شوشا، لقد عدنا! عزيزتي يا شوشا، سننعشك! شوشا لنا! قره باغ لنا! قره باغ هي أذربيجان!”، كما جاء في خطابه كذلك عبارات عكست حالة الفرح التي سادت بين جيشنا وشعبنا بهذا الانتصار، إذ أكد على أن :”الآذان سيرفع في مدينة شوشا مجددا بعد منعه 28 عاما”.

 

وهنا تبقى جملة من التساؤلات، لماذا شوشا؟ ولماذا كل هذا الابتهاج الرسمي والشعبى بعودتها إلى حضن الوطن؟ ما قيمة شوشا التاريخية والثقافية في حياة الشعب الأذربيجاني؟ لتأتى الإجابة جلية واضحة أن شوشا مدينة تحمل عبق التاريخ وأحداثه، حيث بُنيت المدينة عام 1752 بأمر من أمير قره باغ بناه علي خان، لتحتفل هذا العام بذكرى مرور 270 عاما على انشائها. وقد لعبت هذه المدينة دورا كبيرا في الحياة الثقافية والتاريخية والعلمية في أذربيجان خاصة وجنوب القوقاز عامة، يدلل على ذلك ما تحويه من آثار عديدة وكنوز متنوعة، والتي تعود إلى حقبة ألبان القوقاز (أران)، من القرن الرابع قبل الميلاد، حتى بداية القرن الثامن، وما تلاها من حقب أذرية ومغولية وتركية، حتى العصر الحديث، ولا تزال باقية في تلك المنطقة التي تُوصف بأنها كانت أشبه بمتحف مفتوح، يضم العديد من الأديرة والكنائس والأضرحة والمساجد والبيوت العريقة. فضلا عن أن المدينة كانت بمثابة رمز للتقاليد التاريخية للشعب الأذربيجاني، حيث نشأ فيها واحدة من أقدم المستوطنات في نطاق ثقافة خوجالي جاداباي القديمة في النصف الثاني من الألفية الثانية قبل الميلاد، وأصبحت واحدة من أقدم المستوطنات البشرية في أذربيجان القديمة.

 

ليس هذا فحسب، بل كانت شوشا كذلك موطنا للعديد من المفكرين والعلماء والموسيقيين، ولشخصيات ثقافية متميزة، وهو ما اكسبها قيمتها الثقافية والحضارية في تاريخ أذربيجان، وكان لهذه القيمة أثر في إطلاق عدة تسميات على هذه المدينة، من أبرزها “لؤلؤة القوقاز”، و”معبد فن القوقاز”، و”مهد الموسيقى الأذربيجانية”، و”معهد موسيقى القوقاز”.

 

كيف تري العلاقات المصرية الأذربيجانية؟

 

نشهد هذا العام مرور ثلاثة عقود تجمع أذربيجان ومصر في تقارب مستمر وتعاون دائم، تعززهما المشتركات التاريخية والروابط الشعبية، والتفاهمات السياسية حيال العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عما يربطهما من قيم ثقافية مشتركة وعادات وتقاليد متقاربة، تضرب بجذورها في أعماق الماضى.

 

ولذا، ليست مصادفة أن تكون مصر في مقدمة الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية اذربيجان فى ديسمبر 1991، لتكتمل تلك الخطوة بتبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما في أبريل 1992، وهو ما كان بمثابة الخطوة التمهيدية للزيارة التاريخية التي قام بها الزعيم حيدر علييف رئيس جمهورية أذربيجان، إلى مصر 1994، والتي مثلت نقطة الانطلاق في مسيرة العلاقات بين البلدين، عبر عنها حجم الاتفاقات الموقعة بينهما وتنوع مجالاتها، إذ شهدت علاقاتهما منذ ذلك الحين تطورا ملفتا اتخذ منحى تصاعديا في مستواها، توج بالزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الاذربيجانى إلهام علييف في مايو 2007، والتي استكملت خطوات المسيرة التعاونية بين البلدين، على النحو الذى تم خلالها عقد اجتماع لأعمال اللجنة المصرية الاذربيجانية المشتركة الأخرى في 27 ديسمبر من العام ذاته، وذلك بهدف البحث في سبل التعاون ودفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين‏، وقد تم خلالها الاتفاق على إقامة عدد من المشروعات الاستثمارية والصناعية‏ المشتركة، ومع العمل على تفعيل أعمال اللجنة بشكل دورى وصولا إلى عقد الدورة الخامسة متزامنا مع الاحتفال بالذكرى الثلاثين لقيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، خاصة بعد التوجيهات الرئاسية من قبل البلدين ، بقيادة الرئيسين إلهام علييف وعبدالفتاح السيسى، إذ شهدت العاصمة باكو فعاليات هذه الدورة برئاسة د. رانيا المشاط، وزير التعاون الدولي، عن الجانب المصري، ورشاد نبييف وزير النقل والتنمية الرقمية عن الجانب الأذربيجانى، كما تم في إطارها انطلاق عمل منتدى الأعمال المشترك (المصرى الآذربيجاني). ويذكر أنه خلال فعاليات هذه الدورة الخامسة تم التوقيع على خمس وثائق للتعاون في مجالات التنمية المختلفة، حتى وصلت عدد الوثائق إلى ما يزيد على خمسين اتفاقية خلال ثلاثين عاما.

ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تقارب واضح كان نتاجا للرؤية الثاقبة التي يحملها قادة البلدين بشأن أهمية العمل على تعزيز التفاهم والتعاون بين بلديهما؛ تلك الرؤية التي انعكست على ما اتخذته حكومتا البلدين من قرارات وما تبنته من سياسات وما انتهجته من خطوات، دفعت إلى توسيع مجالات التعاون، كان من أبرزها الموافقة من الجانبين على الاتفاق الحكومى بشأن إلغاء تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو الخاصة أو المهمة، تلك الخطوة التي كانت بمثابة إجراء من شأنه تسهيل حركة المسئولين من ناحية، وإعطاء المرونة في التعامل بين الدولتين من ناحية أخرى.

 

كما أنه تم استئناف الرحلات المباشرة والمنتظمة بين البلدين بواقع رحلة واحدة أسبوعية من منتصف مارس الماضى (2022) بعد توقف بسبب تفشى جائحة كوفيد 19، إذ تعد هذه الخطوة مهمة في سبيل دفع حركة السياحة الوافدة من أذربيجان إلى المدن السياحية المصرية.

 

كما أن الاحتفال بالثلاثين عاما على علاقات البلدين قد جاء متزامنا أيضا مع الاحتفال بالنصر المبين الذى حققته جمهورية أذربيجان ونجحت في استعادة أراضيها المحتلة من قبل جمهورية أرمينيا في معركة لم تتجاوز الأربعة والأربعين يوما، كانت معركة اذهلت العالم، كيف نجحت القوات الآذربيجانية في الوصول إلى تلك المناطق الجبلية الوعرة لتستعيد حقها في أرض الأجداد. إذ يمكن القول إن هذه المعركة سوف تضاف إلى سجل المعارك التي تدرسها الاكاديميات العسكرية والأمنية للاستفادة من خططها وتكتيكاتها.

 

جوهر القول إن العلاقات الأذربيجانية المصرية كما انها علاقات تاريخية تجمعها العديد من المشتركات، فإنها علاقات تعززها العديد من مجالات التعاون؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا ودينيا. إذ يكفى النظر إلى حجم الاتفاقات الموقعة بين البلدين، وحجم الزيارات المتبادلة على مستوى كبار المسئولين من جانب، ومستوى الباحثين والإعلاميين والخبراء والمتخصصين من جانب آخر.

 

وأجدد تأكيدي على أن قابل الأيام ستشهد مزيدًا من التعاون الأذربيجانى المصرى في ظل ما تحمله قيادات البلدين من رؤى دافعة للمستقبل، وما تحرص عليه حكومتا البلدين من توسيع مجالات التعاون وتنفيذ الاتفاقات الموقعة، وما يجمع الشعبين من تراث ثقافى مشترك.

ما هي الانجازات التي حققتها في حياتك وعملك الدبلوماسي؟

 

من فضل الله علي، اني بجانب عملي في السلك الدبلوماسي كنت أبحث وأكتب وأقوم بتأليف الكتب عن القضايا المصيرية لبلدي. ومن هذه الانجازات والتأليفات يمكن أن أذكر ما يلي: كتاب “مذبحة خوجالي والعدالة الغائبة” باللغة العربية، 2017م. كتاب “أذربيجان ومئوية التأسيس: الجمهورية الديمقراطية الأولى في الشرق الإسلامي” باللغة العربية، 2018م. كتاب “الدبلوماسية الأذربيجانية الحديثة فى عيدها المئوي” باللغة العربية، 2019م. كتاب “قاراباغ: الطريق إلى النصر” باللغة العربية، 2021م.

 

أذربيجان مرت بعديد من المراحل التاريخية على مدار مائة عام شهدت خلالها تحديات جمة وصعوبات عديدة، إلا انها نجحت فى ان تحتفظ لنفسها بمكانة متميزة فى عالم اليوم، بفضل حكمة زعيمها الراحل حيدر علييف، ورؤية قائدها الرئيس إلهام علييف، عاونهما شعب لديه الارادة الوطنية المخلصة.

 

ما هو موقف أذربيجان من الأحداث التي تجري في سوريا واليمن والعراق؟

 

نحن مع الحق والعدل، فمثلًا نحن ندعم قضية فلسطين، واستضفنا مؤتمر “إعمار غزة” في أذربيجان 2013، وخصصنا أموالا حقيقية وليس مجرد كلام، وبالنسبة لسوريا نفس الشيء، نحن ضد تدمير الحدود بالقوة، وضد الإرهاب، خاصة وأننا عانينا ولا نزال نعاني من الإرهاب الأرميني، وندعم وحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادتها على أراضيها، ونحترم أي نظام سوري يعكس إرادة الشعب، وندعم اللاجئين السوريين ونرسل لهم مساعدات إنسانية، ونرفض الانقلاب على الشرعية في اليمن، ونتمنى الاستقرار للدولة العراقية وأن تتمكن في القريب العاجل من طرد إرهابيي داعش إلى حيث لا رجعة.

 

الاقتصاد الوجه الآخر لعملة التعاون بين أي بلدين، ونظرًا لتباطؤ التكامل الاقتصادي بين البلدين فسنجد أن حجم التعاون الاقتصادي وإن كان جيدًا بعض الشئ غير أن البلدين يمكنهما مضاعفته في القريب العاجل.

 

وبشئ من التفصيل فإن مصر تعد من أهم الدول التي تتعاون معها أذربيجان في مجال البتروكيماويات، حيث تصدر إلى مصر النفط ومشتقاته، والسولار من خلال شركة “سوكار”، وخلال الخمس سنوات الماضية بلغت قيمة تصدير النفط إلى مصر 4 مليارات دولار، وهو رقم جيد للغاية.

 

وفي المقابل نحن نستورد من مصر الرخام والأدوية، فالأدوية المصرية معروفة بجودتها العالية وأسعارها الجيدة، وهي قادرة على المنافسة في سوقنا المفتوح مع أوروبا والهند وباكستان، وبلغت قيمة الأدوية المستوردة من مصر حوالي 25 مليون دولار؛ لكن الرقم قابل للزيادة.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours