شباب أوزبكستان.. القوة والقدرات الجديدة

1 min read

كتب- أبوبكر أبوالمجد 

في سياق التغيرات السريعة الجارية على مدى السنوات الخمس الماضية، تنتهج الدولة في أوزبكستان سياسة جديدة تماما، ترمى إلى دعم الشباب، وتشكيله، باعتباره القوة الصاعدة الجديدة، وتحويله إلى المصدر الرئيسي للإصلاحات، والأهم من ذلك، أن هذه السياسة قد أثمرت نتائجها بالفعل.

بفضل اهتمام ورعاية الرئيس شوكت ميرضائيف، فقد صار شباب اليوم يشكل القوة الخاصة الصلبة فى البلاد، وفي الوقت نفسه، يكشف الشباب عن أنفسهم وقدراتهم باعتبارهم المبدعين الحقيقيين والمصدر المُلهم، والمشاركين المهمين، وبناة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والسياسية والروحية لأوزبكستان. وفي بؤرة الاهتمام نحو للشباب، تهدف هذه السياسة الرشيدة إلى التجسيد على أرض الواقع لأحلامهم وعزتهم وكرامتهم، وتحقيق المستقبل الجدير بهم، وضمان توفير جميع الفرص لهم كى يكونوا سادة مستقبلنا، وذلك انطلاقا من عامل الثقة في الشباب. وكما نرى فإن زعيم البلاد يؤمن بهم إيمانا راسخا.

عند الأخذ فى الاعتبار بأن السنوات الخمس هي فترة تاريخية قصيرة، ينبغى التأكيد بصورة خاصة على أن المصلح النشط شوكت ميرضائيف هو المؤسس للإنجازات المتسارعة والفعالة التى تم تحقيقها اليوم، وكذلك الإصلاحات المعترف بها على الساحة الدولية. وليس سرا على أحد منا، أنه منذ الأيام الأولى لتوليه منصب الرئاسة كان نصيرا للشباب، مؤمنا به، وعمل على إلحاق الشباب بجميع العمليات فى الدولة، من الإدارات الحكومية والمجتمعية، إلى مجالات الثقافة والفن والاقتصاد والإنتاج.

وبما أن الرئيس يرى فى الشباب القوة الدافعة الرئيسة التي تكسب الفكر والمحتوى الجديدين للإصلاحات واسعة النطاق على المستوى القومى، فقد أعطى توصياته بإلحاق عدد كبير من الشباب بالمناصب الحكومية الحيوية، وتعيينهم في المناصب الرئيسة، مؤكدا بذلك إنتهاجه في هذا الصدد لسياسة نابعة من قاعدة فكرية جديدة تماما. وإدراكا منه للحاجة إلى انتهاج السياسة الاجتماعية الموجهة في أوزبكستان، حيث يمثل الشباب أكثر من 70 ٪ من السكان، بدأ رئيس الدولة في تحديث وإصلاح هذا المجال بشكل فعال.

وقد تم تصنيف أنشطة حركة الشباب العامة “كامولوت” بغير المرضية، وإنشاء اتحاد الشباب بدلاً منها. وفى سبيل دعم عمل هذه المنظمة، صدر مرسوم رئيس جمهورية أوزبكستان رقم “و.ب 5106” بتاريخ 5 يوليو 2017، والذى يتناول “التدابير الخاصة للنهوض بكفاءة سياسة الدولة للشباب ودعم أنشطة اتحاد الشباب في أوزبكستان”، وكذلك مرسوم رئيس جمهورية أوزبكستان رقم “ب.ب 3138″ بتاريخ 18 يوليو 2017 حول مجموعة التدابير الخاصة بتحسين عمل اتحاد الشباب في أوزبكستان”. ويمثل اعتماد هذا القرار علي أرض الواقع بداية التغييرات الفعالة والإصلاحات الجذرية لسياسة الشباب بالبلاد.

لقد ارتقى تحديد المشاكل الحقيقية للشباب وإيجاد الحلول المناسبة لها، إلى مستوى السياسة العامة في عدد من المهام الاستراتيجية. وضمن أهم الأحداث فى هذا الصدد، ينبغى الإشارة إلى اعتماد قانون جمهورية أوزبكستان حول “سياسة الدولة نحو الشباب” الصادر فى 14 سبتمبر 2016، وإلى المرسوم الصادر عن رئيس جمهورية أوزبكستان بتاريخ 30 يونيو 2020، حول “التدابير الخاصة بالإصلاح الجذري والنهوض بسياسة الدولة نحو الشباب في جمهورية أوزبكستان إلى مستوى جديد”، والتي حددت تلك المهام الناشئة عن هذا القانون، وكذلك إعلان 30 يونيو “يوم الشباب”. وتجدر الإشارة إلى أن جائزة الدولة “ماردوجلوني” وميدالية “كيلاجاك بونيودكوري”، قد جرى إصدارهما بهدف تشجيع شبابنا الطموح الذين حققوا النتائج والإنجازات العالية في شتى المجالات. وكما هو معروف، فإن أوزبكستان هو بلد الشباب. وفي هذا الصدد، وقع رئيس الجمهورية في 27 يونيو لعام 2018 مرسوما حول “برنامج الدولة – الشباب هو مستقبلنا”. وقد صار هذا المرسوم بمثابة الوثيقة الهامة الهادفة إلى النهوض بكفاءة العمل في هذا المجال، والتي على أساسها تم إنشاء صندوق “الشباب هو مستقبلنا”. وقد تم تخصيص موارده الرئيسة لتنفيذ الأفكار والمبادرات المتطورة في مجال الأعمال وريادة الأعمال، والشركات الناشئة والمشاريع الجديدة، وذلك من خلال تقديم البنوك التجارية للقروض الميسرة وتأجير المعدات على المدى الطويل، بفائدة سنوية 7٪. وطبقا للمرسوم الصادر، فقد تم تحديد المهام الخاصة بالتنمية المتكاملة للمهارات فى مجال ريادة الأعمال والمبادرات الشبابية.

وبالتالى، يجرى القيام بالإصلاحات الجوهرية في نظام التربية والتعليم، الذي يمثل الأساس لجميع التغييرات في أوزبكستان. ففي الوقت الحاضر، تشكل النفقات على التعليم، بما في ذلك على المجال الاجتماعي، أكثر من نصف إجمالي النفقات العامة لميزانية الدولة. وبالطبع، فلا يمكن لأى من الدول أن تتحمل مثل هذه النفقات الهائلة، ولكن مهما كانت صعوبة تحقيق ذلك الأمر، فهو ضرورة ملحة.

ويجري تنفيذ خمس مبادرات هامة، تشمل مهام إشراك الشباب على نطاق واسع في مجالات الثقافة والفن والتربية البدنية والرياضة، والنهوض بإتقانهم استخدام تكنولوجيا المعلومات، وتشجيع القراءة بين أوساط الشباب، وضمان توفير فرص العمالة للمرأة.

في الوقت نفسه، فما زال هناك عدد من الصعوبات في مجال تشغيل الشباب، والتى يجرى مواجهتها، وذلك من خلال تكوين المهارات المتقدمة الحديثة، وخلق الوظائف الجديدة، والتنظيم الفعال لمنع انتهاك القانون والجريمة بين الأحداث، والتوعية لتجنب الطلاق الأسري، وتنشئة الشباب على المشاعر الوطنية والموقف المدني القوي.

فى سبيل الارتقاء بسياسة الدولة الخاصة بالشباب في أوزبكستان إلى مستوى جديد، من الضروري وضع الحلول الفعالة لمشاكل الشباب، والتنظيم والتنسيق لعمل الأجهزة المختصة، وكذلك تنفيذ المهام التي حددها رئيس جمهورية أوزبكستان، في لقائه مع ممثلي الشباب في 27 ديسمبر لعام 2019.

خلال الفترة القصيرة الماضية، تمثل أحد الاتجاهات الرئيسة والاستراتيجية لسياسة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، فى توفير فرص العمل للشباب، والاهتمام بالتنظيم المثمر لأوقات الفراغ، وتوظيف الشباب العاطل عن العمل.

على وجه الخصوص، فإن إعلان عام 2021 باعتباره “عاما لدعم الشباب وتعزيز الصحة بين السكان”، قد حدد لنا المهام الحيوية للنهوض بفاعلية العمل في مجال سياسة الدولة للشباب والعمل مع الشباب.

وقد تم اتخاذ التدابير الخاصة بدعم الشباب على مستوى سياسة الدولة، لإتاحة الدراسة للشباب، وحصولهم على التعليم، وكى يحتلوا المواقع الهامة في الحياة العامة للبلاد، ويتبوأو المكانة الجديرة بهم في الحياة، ويتقنوا أسرار المهن. كما تم تطبيق نظام التدريب في مراكز تقييم المهارات، ومنح الشهادات اللازمة للشباب العاطل عن العمل، من غير الحاصلين على دبلوم في أي مهنة، ولكنهم يتمتعون بالخبرات العملية أو المهارات المهنية المعينة.

والأمر الأهم فى هذا السياق، أن هذه الإصلاحات قد بدأت تؤتي ثمارها. واليوم، فإن تخصص الشباب في المهن المعينة، يمثل أحد الاتجاهات الرئيسة لعمالة الشباب. في هذا الإطار، حتى يومنا هذا، يجرى النظر بصورة شاملة إلى شرائح العاطلين عن العمل من السكان، وخاصة الشباب، وإلى فرص العمل الشاغرة.
على سبيل المثال، يجرى طرح مسألة حصر الشباب العاطل عن العمل، وكذلك الشرائح غير المحمية اجتماعيا من السكان بجميع أقاليم البلاد، وضمهم إلى “كراسة الشباب”، التي تم تنظيمها بمبادرة شخصية من رئيس الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن “كراسة الشباب” هى- قاعدة بيانات للتعرف على مشاكل الشباب العاطل عن العمل الذى يحتاج للدعم الاجتماعي والاقتصادي والقانوني والنفسي، وإلى اكتساب المعرفة والتدريب المهنى، والنظر فى هذه المشاكل والقضاء عليها. لقد أصبح هذا العامل هو الأهم في السياسة الاجتماعية لأوزبكستان، الذي يقدم اليوم حلولاً لتلك القضايا في هذا المجال. وتضم هذه الكراسة الشباب الذين تتراوح أعمارهم من سن 18 عاما، ولا تزيد عن 30 عاما.
كما اكتسبت بدورها أهمية خاصة، تلك اللقاءات التى يقوم بها رئيس الدولة مع الشباب، والنقاش حول مهام دراسة وتحليل مشاكلهم، والتطوير المستمر لسياسة الدولة نحو ضمان المستقبل المشرق للشباب. وفي تلك الاجتماعات، تم تحديد عدد من المهام الاستراتيجية، بالإضافة إلى التوجيهات الهامة لتخصيص الإعانات المطلوبة لشراء الأجهزة التكنولوجية الصغيرة والمعدات للشباب الذين أعربوا عن رغبتهم في القيام بالأعمال التجارية، وللمساعدة في سداد التأمين عند الحصول على القروض.

وتشمل القضايا الهامة الأخرى التي تجدر الإشارة إليها مجال التعليم والتربية، الذي يمثل أساسا لكل التحولات في البلاد. وهنا يجرى تنفيذ الإصلاحات الجذرية، حيث يتم تخصيص مليارات “السوم” من ميزانية الدولة. وفي الوقت الحاضر، يشكل حجم الإنفاق على التعليم، بما في ذلك المجال الاجتماعي، أكثر من نصف إجمالي نفقات ميزانية الدولة، والتى تعد حجم هائل من الأموال.

وقد أكد رئيس أوزبكستان على أن أكبر الاستثمارات في المستقبل هي الاستثمارات في مجالى المعرفة والتعليم. ويشير هذا الأمر إلى نظرة الرئيس للشباب باعتبارهم العامل الذى يحدد مصير البلاد، ويضمن مستقبل الوطن، تلك النظرة التي يمكن اعتبارها السياسة الحكيمة والمدروسة بعمق.

كما أن الوزارات والمنظمات والإدارات والهيئات الرقابية والمراكز التي تم إقامتها لهذا الغرض في البلاد، تشير إلى حقيقة قيام الدولة بانتهاج السياسة الحكومية الهامة والفعالة للغاية في هذا الاتجاه. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن جميع مناطق أوزبكستان نشهد فيها إنشاء المؤسسات الجديدة للتعليم العالي والمراكز العلمية والإبداعية، والتي تعمل من أجل أن يصبح جيل شباب الغد أبناء وبنات جديرين بهذا الوطن.
وكما يؤكد رئيس الدولة دائما، فإن الشباب هم السند والداعم الرئيسي للشعب. وقد أصبح الشباب هو القوة الحاسمة في التنفيذ الفعال للإصلاحات واسعة النطاق التي تجرى في بلدنا. واليوم، تظل إحدى المهام الرئيسة متمثلة فى تعليم الشباب التفكير بطريقة جديدة، وخلق الظروف المواتية كى يتمكنوا من تقديم واقتراح الأفكار الجديدة بجرأة، ووضعها موضع التنفيذ، وتعليمهم كيفية حل القضايا على أساس المناهج الإبداعية وغير التقليدية، والتفكير “خارج الصندوق”.

وبهدف تدريب وإعداد الكوادر ذوي المعرفة والأفكار العميقة، والإلمام بالإنجازات العلمية الحديثة، فقد تجاوز عدد الجامعات والمعاهد العليا في أوزبكستان 140. وتضم ما يقرب من 30 فرعا لمؤسسات التعليم العالي المرموقة.

في عام 2016، شكل هذا المؤشر على المستوى القومى نصف الرقم المذكور أعلاه فقط، وهذا هو سبب لجوء الشباب الراغبين في الحصول على التعليم للسفر إلى البلدان الأخرى من العالم، للدراسة في مؤسسات التعليم العالي بتلك الدول. وهذا الأمر ليس سرا على أحد.

تمثل النجاحات المتحققة اليوم خطوة هامة نحو النهوض بالقدرات الذهنية للشباب، واكتساب المعارف والمهن الحديثة. في الوقت نفسه، وخلال السنوات الخمس الماضية، تضاعفت بمقدار 3 مرات حصة القبول في المؤسسات التعليمية العليا.
في عام 2021، حصل 182 ألف شاب على فرصة أن يصبحوا طلابا. وبذلك بلغت نسبة التغطية الإجمالية 28٪.

على هذا النحو، يستمر في أوزبكستان بصورة متلاحقة، وعلى أساس التدابير الشاملة، تنفيذ سياسة الدولة نحو الشباب، والتي تسعى من خلالها إلى تحقيق أهداف بعينها، مما يثبت فعاليتها وكفاءتها.

وتجدر الإشارة إلى أن المبادرات الخمس الهامة التى طرحها رئيس الدولة شوكت ميرضائيف، لتنظيم الجهود المبذولة فى المجالات الاجتماعية والروحية والتعليمية على أساس منهجى، قد خلقت في تاريخ أوزبكستان الاستراتيجية الجديدة لتنشئة وتعليم الشباب.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours