سمير عطالله كاتب صحفي
أنشأ ليبيريا الأميركيون الأفارقة الذين عادوا إلى القارة محررين. وكان أول ما فعلوه التصرف مع مواطنيهم مثل مستعبدين.
انتهى نظام «الأمريكيين» أوائل الثمانينات على يد الرقيب الأول الممتاز صامويل دو. أخذ الرئيس والحكومة إلى الشاطئ ورشهم بالرصاص، ثم أمر رجاله ببقر بطونهم.
وزيرة المال، ايلن جونسون سيرليف، نجت يومها لأنها كانت في زيارة لإحدى صديقاتها. أنهى تشارلز تايلور حكم صامويل دو في حرب أهلية سقط فيها نحو 250 ألف إنسان على الأقل، أي عشر السكان. وهو الآن يقضي في لاهاي حكمًا بالمؤبد، بعد إدانته بجرائم ضد الإنسانية.
انتخب الليبيريون ايلن جونسون سيرليف رئيسة للجمهورية منذ 11 عامًا، وعرفت البلاد نوعًا من «الازدهار» والاستقرار. بلاد تصدّر معظم الكاوتشوك إلى العالم، وليس فيها مصنع واحد لإنتاج العجلات.
تحدرت سيرليف من عائلة فقيرة. لكنها سافرت إلى الولايات المتحدة وعملت خادمة في المطاعم لكي تكمل دراستها. وما بين العمل في المطاعم وتربية أربعة أبناء، تخرجت من هارفارد في الإدارة العامة، ثم عملت موظفة في الأمم المتحدة. وبعدها عادت إلى بلادها لكي تخوض العمل السياسي. دخلت السجن مرتين، لكنها، في النهاية، أصبحت أول رئيسة جمهورية في أفريقيا عام 2005، بعدما هزمت جورج ويا، بطل ليبيريا في كرة القدم.
يومها، كانت البلاد بلا كهرباء وبلا طرقات، وكان عليها أن تبدأ عملية إعادة البناء «من تحت الصفر»، بعدما أقنعت الدائنين بإلغاء القروض المستحقة على الدولة.
لكن الدولة السيئة الطالع، ما لبثت أن فقدت خمسة آلاف شخص بمرض «إيبولا» القاتل، إضافة إلى أن اقتصادها يعتمد على الطقس وأسعار السلع في السوق الدولية. وقد تدهورت هذه في المصدرين الأساسيين للدخل القومي: المطاط والنحاس.
إضافة إلى كل ذلك، يضرب ليبيريا الوباء الأفريقي الأقسى: الفساد. وإذ تقول إن هذا المرض متمكن من النظام العالمي، تنسى أن ثلاثة من أبنائها الأربعة يحتلون مناصب أساسية في البلاد: حاكم البنك المركزي، ورئيس جهاز الأمن، ورئيس شركة النفط.
العام المقبل تنتهي ولايتها الثانية والأخيرة. وتقول لـ«الفاينانشيال تايمز» إنها لن تجدد: أولاً العمر (مواليد 1938)، وثانيًا شعبنا لا يقبل ذلك. لكن من يدري؟! من الآن وحتى ذلك الوقت، قد يتغير الدستور، والشعب أيضًا.
+ There are no comments
Add yours