سعيد دوستي: خامنئي أقرب للموت والنظام سيتشرذم بعده وابراهيم رئيسي أمله الأخير

1 min read

المدير التنفيذي لمنظمة حقوق أهل السنة في إيران: الملالي سيخضع للمطالب الغربية في النهاية

الغرب محيط بجرائم إيران حول العالم لكنها لا تزال تحقق له التوازن في منطقة الشرق الأوسط وتبرر وجوده

أهل السنة بانتظار الأسوأ في ظل حكم الرئيس الإيراني الجديد

الحكومات الإسلامية المناوئة لإيران يجب أن تقاوم ممارساتها على أساس المذهب لا القومية

إيران أدنى من أن تكون سببًا في حرب بين الغرب من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى

حوار: أبوبكر أبوالمجد

إيران كتاب مفتوح؛ لكن كل يأخذ من كتاب إيران فصلًا ويترك منه فصولًا لو أخذها جملة لرأى إيران الحقيقية.. دولة طائفية عنصرية، وليست براجماتية عرقية.

إيران ليست كما يظن البعض أنها الدولة المجوسية، أو الفارسية، فحتى من المجوس والفرس من يبغض النظام الحاكم بها، ولا يرى فيه ممثلًا شرعيًا عنه.

هذا ما ساقه لنا الناشط الحقوقي سعيد بن محمد قاسم دروستي، وهو من أهل السنة والجماعة بجنوب إيران، وهو المدير التنفيذي لمنظمة حقوق أهل السنة في إيران.

إيران رواية طويلة، يجب أن نتدبرها من البداية للنهاية، وهذا ما يمكن أن نعدكم به في هذا الحوار المختلف، مع شخصية مختلفة، ندر ظهورها الإعلامي؛ غير أنها إذا تحدثت أضافت، فإلى الحوار:

*** في ظل حكم الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي كيف ترون سياسة إيران الخارجية والداخلية تشددًا ومرونةّ؟

لا شك أن المتحكم الوحيد في رسم أطر السياسات الداخلية والخارجية للنظام الإيراني هو، علي خامنئي، والذي رأى أن سياسات حكومة الملالي في عهد حسن روحاني، بها بعض التناقضات، حيث اهتم روحاني بمغازلة الغرب، ما جعل ثمة تساهلات وتسهيلات بان فيها مزيدًا من الحريات، الأمر الذي رفضه خامنئي تمامًا، ولذا ارتأى ضرورة استبدال روحاني، بإبراهيم رئيسي، الذي يرى أنه سينصاع تمامًا لأوامره، وينفذها على النحو الذي يرضيه.

وبالفعل جاء بإبراهيم رئيسي، في عرض مسرحي هزلي، حيث كان العالم كله يعرف أنه الرئيس القادم لإيران، لرضى خامنئي عنه.

وعن كيف سيبدأ رئيسي حكمه؟ أتوقع أنه سيبدأ بسياسة ملؤها التسامح مع دول الجوار، خاصة السعودية والإمارات، واللتان سيحاول جاهدًا التقرب منهما جدًا، لما لهما من ثقل في الملف النووي، نظرًا لكونهما أكبر حلفاء واشنطن في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.

لكن لن يحدث هذا التقارب في رأيي لكون النظام الإيراني نظامًا طائفيًا، وأعضاء حكومته جميعهم من الشيعة من كل الأطياف التركية والعربية والفارسية، وكل الأعراق الأخرى، ومحور سياسة الحكومات الإيرانية المتعاقبة هو تصدير الثورة الشيعية لكل الدول، خاصة العربية منها، وانتزاع السنة من مذهبهم وفكرهم.

إذا ستكون البداية لرئيسي قائمة على التسامح، ثم ما إن يحصل على مراده من الغرب في ملف الاتفاق النووي، وخفض العقوبات، سيعود إلى دينه الأول ومخططه تصدير الثورة الشيعية للدول العربية والإسلامية.

*** ثمة احتجاجات قامت وربما ستقوم في إيران.. فإلى ما ترجعها؟ وهل نتوقع تفككًا للدولة الإيرانية على إثر هذه الاحتجاجات؟


إيران تتشكل من الفرس والأتراك والأذريين والعرب، والبلوش والأكراد، واللور والتركمان، والطوالش، وهذه القوميات المختلفة هي التي تشكل الهيكل الاجتماعي الإيراني، والظلم الممارس على الأعراق المختلفة لم يبدأ مع نظام الملالي وثورة الخوميني في واقع الأمر، وإنما منذ العهد الصفوي الشيعي، فهم من أدخلوا هذا المذهب لإيران، عبر علماء أتراك جاءوا من الأحساء والبحرين وجبل عائل بلبنان، وبعض العلماء الجزائريين، ومن العراق، وهؤلاء هم نواة المذهب الشيعي في إيران، والتي كان جل سكانها وبنسبة 95% على المذهب السني، ثم بدأت رحلة التعذيب والقمع والظلم لأهل السنة في الحقبة الصفوية ثم البهلوية، ثم الثورة الخومينية، وإلى الآن.

والنظام الإيراني يجب أن يفطن الجميع أنه نظام شيعي طائفي، ليس شيعي فارسي، أو شيعي بلوشستي، أو عرقي، كما يظن الغالب الأعم من المسلمين وللأسف، فغالبية الفرس لا يرون في نظام الملالي نظامًا مقبولًا بالنسبة لهم، أو أنه خير ما يمثلهم ويتحدث عن رؤيتهم للعالم.

الاحتجاجات في إيران تعددت أسبابها، فمثلًا في 2009، كانت الاحتجاجات رافضة لفوز أحمدي نجاد، على حساب، مير حسين موسوي، وكانت ثمة كثير من الشواهد تؤكد أن الانتخابات تم تزويرها، وفي هذه الاحتجاجات قتل وسجن الآلاف، ومنهم من لا يزال مفقودًا إلى الآن، وثمة احتجاجات لأسباب عرقية واقتصادية، مثل قضية الأحواز؛ فبالرغم من كون الغالبية من الأحواز شيعة، والتي يسمون إقليمها الآن خوزستان، إلا أنه منذ عهد الرئيس رافسنجاني، وثمة قرار سيادي بمنع تعيين العرب في شركات النفط.

وتمارس إيران سياسة القمع والبطش والتهجير لأي احتجاج من أي نوع، وحال استمرت هذه الممارسات في السنوات المقبلة، فإن النظام سيخسر أكثر وأكثر الشارع الإيراني، وبان هذا جليًا في الانتخابات الأخيرة التي جاءت برئيسي، حيث امتنع الكثيرون عن المشاركة، وتخطت الأصوات الباطلة أصوات المؤيدين لرئيسي!

ولذا فنظام الملالي بات مدركًا أكثر من أي وقت مضى ضرورة توافقها مع القوى الغربية، لرفع العقوبات الاقتصادية، ولتحقيق انتعاشة داخلية تصنع بها شيئًا من الموائمة مع المواطنين الإيرانين تعيد بها التوازن والقبول لأدائها داخليًا، وإلا فإنه مع تصاعد النزعات القومية في منطقة الأحواز والبلوش، فإيران تنتظرها مهلكة عظيمة، وانقسام وتفتت، ومواجهات دموية خاصة وأن خوزستان وبلوشستان هما خزينة إيران الإستراتيجية من البترول والذهب.

*** لا يخفى على أحد مرض علي خامنئي.. فكيف سيكون شكل إيران بدونه؟


مرض خامنئي، معلوم، وتوقع موته قريبًا واقعي جدًا وفق الحالة الصحية للرجل، ولإدراكه لهذا فقد حرص بالتنسيق مع مجلس الخبراء بإيران إلى أن يأتي بإبراهيم رئيسي، المغضوب عليه غربيًا، والمفروض عليه عقوبات أمريكية لسجله السيء في حقوق الإنسان، وفي نفس الوقت القريب من فكره، حيث أنه لا يفكر من الأصل، وهو خادم مطيع جدًا، حتى يتوحد الصف في صدر النظام الحاكم، من الحرس الثوري والمقربين من خامنئي فكريًا، وإيقاف أي تشرذم متوقع بعد موته، ومن ثم الحفاظ على بقاء النظام.

لكن لا أعتقد أن بين الرجال من يستطيع أن يملأ مكان خامنئي، ولذا أتوقع أن يكون موته بداية لزوال نظام الملالي بالكلية.

*** في ظل التجاذبات الغربية الإيرانية.. ما هو توقعكم لمستقبل المفاوضات حول الملف النووي الإيراني؟


أما عن الملف النووي، فنظرًا للأوضاع الداخلية التي سبق أن أشرنا إليها، فإن إيران في النهاية مجبرة على التوافق مع الدول العظمى؛ ولكني أتوقع أن يطول زمن هذه المفاوضات بعض الشيء، حيث تطلب أمريكا والغرب الكثير من المطالب، فهم يريدون تخلي إيران عن مشروع الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، وكذلك توقفها عن التدخل في شؤون دول الجوار ومنها اليمن والسعودية والإمارات وربما أفغانستان أيضًا.

وقد يسأل سائل، إذا كانت إيران ستتوافق في النهاية وتخضع للمطالب الغربية، لما لم تعجل بهذا في عهد روحاني؟

وهنا أجيب قائلًا: إن روحاني كان على خلاف مع خامنئي في العديد من الملفات، ولذا لم يرغب خامنئي، في زيادة قبوله الشعبي داخليًا، والغربي خارجيًا، ومن ثم انتظر إلى موعد الانتخابات حتى يحدث هذا الاتفاق في عهد القوميين الأصوليين المحافظين الموالين له وللحرس الثوري، وليس في عهد الإصلاحيين.

*** إيران دولة مارقة مارست القتل والتفجير لدبلوماسيين سعوديين وغربيين وحاولت تفجير تجمع للمقاومة الإيرانية في باريس وتعبث في العراق وتفجر في سوريا وتقتل في لبنان والسودان ومع ذلك ثمة صمت حكومي وإعلامي غربي شبه كامل فما السبب؟


إيران متهمة في العديد من قضايا القتل والخطف وبسط يدها الطولى الشيعية في دول عديدة، كالعراق، ولبنان، وسوريا واليمن، وفي السعودية وخاصة منطقة الأحساء، ودعمها للشيعة هناك، وفي البحرين كذلك، ومع كل هذا يمتنع الغرب عن تسليط الضوء على هذه الممارسات، لأنه بحاجة إلى إيران.

فالغرب يريد دولة شيعية قوية لإحداث توازن مع الدول السنية، وكذلك هي فزاعة جيدة لتخويف الدول الخليجية، وتبرير وجوده العسكري ودعمه اللوجيستي لدول المنطقة، ومن ثم يتمكن من عقد صفقات السلاح، واستخراج الثروات من هذه المنطقة الغنية خاصة بالنفط.

ولا ننسى أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، هم من جاءوا بخوميني، ودعموه بالعدة والعتاد، ودعموه إعلاميًا ولوجوستيًا، والغرب لا يزال يرى أن النظام الملالي لا يزال نافعًا له ولمصالحه، فقط خرج عن السيطرة بعض الشيء، ولذا يجري حاليًا إعادته ليكون تحت السيطرة، وسيعود تحت السيطرة لحاجة الحكومة الإيرانية الماسة للدعم الغربي خلال الفترة المقبلة لأجل بقاء النظام، والذي يرى أن وجوده إلهي حتمي حتى يسلمه إلى المهدي المنتظر!

ولذا فالنظام الملالي بحاجة إلى الدعم الغربي حتى إذا ما حدثت أي انشقاقات أو احتجاجات يمكن أن تطيح به تدخل الغرب الحليف لحمايته.

*** هل ما تقوم به إيران من تهديد لأمن الخليج ومنطقة الشرق الأوسط تأتي في ظل مشاغبات إيرانية لن تسفر عن شيء؟ أم هناك تمهيد للمسرح لقيام حرب عالمية ثالثة بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى؟


وهنا أؤكد على أن إيران أصغر من أن تشتعل حربًا بسببها بين الغرب بقيادة أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي من جهة، والصين وروسيا وكوريا الشمالية مثلًا من جهة أخرى.

أما ما نسمعه حول اختطاف سفينة في بحر الخليج، أو تفجير أخرى فهي تأتي في إطار المشاغبات الإيرانية التي تساوم بها الغرب لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة.

*** كيف سيكون حال السنة في عهد إبراهيم رئيسي؟

حال السنة سيكون هو الأسوأ؛ لأن دول العالم لا تلتفت لحقوق أهل السنة، والدول السنية هي الأخرى لا يهمها شأن السنة في إيران، وتدور في فلك الدول الغربية، وحتى الدول العربية تهم بإقامة مشروع قومي عروبي، وهذا ما تتمناه إيران، حتى تؤكد على أن دعم العرب لنظرائهم في الداخل الإيراني إن حدث فهو للقضاء على الدولة الإيرانية، ومن ثم يسهل على النظام الإيراني توحيد الصف الداخلي من المعارضين له والمؤيدين، لأنه لن يوجد فارسي مثلُا يقبل بانفصال قومية من القوميات بأرضها عن الدولة الإيرانية.

وهذا خطأ يقع فيه خاصة الإعلاميون العرب عندما قرروا دعم احتجاجات الأحوازيين، فهم يدعمونهم من منطلق قومي، وليس سياسي، ما جعل كثير من الحقوقيين الإيرانيين، والمعارضين للملالي رفع أيديهم عن هذه القضية، وعدم تناولها، ما سهل وسيسهل على النظام في كل مرة قمع هذه الاحتجاجات.

ويظل التساؤل لما لا يكون الدعم على أساس المذهب كما تفعل إيران؟

حيث يتوحد شيعتها من فرس وترك وبلوش وطاجيك وغيرهم على المذهب الشيعي، ويخشى النظام انتشار المذهب السني، حيث شاع مؤخرًا بقوة بين الفرس، وهذا يجب أن يكون المنطلق الأول للدول السنية لدعم حقوق أهل السنة في إيران، كما تتولى إيران دعم الشيعة في الدول السنية.

فنصرة الحكومات في الدول السنية لأهل السنة أمر تخشاه إيران تمامًا، وهو الآن صار ضرورة نظرًا لاستنفار رئيسي حكومته في وقف نشر المذهب السني، والتضييق على أتباعه، ومن ثم هم ينتظرون الأسوأ خلال الأيام والشهور المقبلة.

فالسنة منتشرون في إيران، فهم الأغلبية في بلوشستان وخراسان الجنوبية، والفرس والعرب هناك سنة، وهناك طوالش سنة وترك سنة وبعض المدن في أذربيجان الشرقية سنية، وبعض القرى في أردبيل من الأتراك الأذريين من السنة، وفي كردستان وبوشهر، وهرمز جان، وجنوب فارس، والأحواز أصولها من العرب الشيعة وما جرى فيها من إعدامات كان معظمها لتسنن الشباب وانتشار المذهب السني.

ولذا فإني أتوقع أن يواجه الشعب السني في عهد رئيسي الكثير من التعذيب والتهجير والقتل والتضييق.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours