دور “المسيرات” في تغيير مجريات الحرب الروسية الأوكرانية لصالح كييف

1 min read

آسيا اليوم ووكالات

تدور على الأراضي الأوكرانية حرب نرى منها القليل، ويخفى علينا عنها الكثير، فإذا كان من السهل رصد اطلاق المدفعية لداناتها، فليس من السهل أبدًا رصد تحركات الطائرات المسيرة، والدور العسكري المحوري الذي تقوم به، فضلًا عن تلك الحروب السيبرانية التي تدور رحاها عبر الدول المتحالفة ضد روسيا.

أوكرانيا ليست أول حرب تندلع على الأرض وويصل صداها وسائل التواصل الاجتماعي، أو أول صراع تلعب فيه طائرات بدون طيار صغيرة ورخيصة دورا كبيرا، إلا أنها أول صراع يتم توثيقه بشكل شامل من السماء بواسطة هذه الطائرات التي “يقودها الجميع من الجنود على كلا الجانبين إلى المراسلين والمدنيين الفضوليين”، بحسب تقرير لمجلة Foreign Policy.

الطائرات المسيرة

تم استخدام الطائرات بدون طيار أو المركبات المسيرة عن بعد على نطاق واسع في حروب أخرى؛ ولكن ليس على هذا النطاق.

إنها أسلحة رئيسية لكل من روسيا وأوكرانيا. يمتلك كلا الجانبين ترسانة كبيرة من هذه الطائرات، مثل Orlan-10 الروسية أو Bayraktar الأوكرانية الشهيرة، وهي طائرة بدون طيار تركية الصنع. غالبا ما تكون أكثر تكلفة وتعقيدا ولكن يمكن أن يكون استهدافها وإسقاطها أسهل.

خلال الفترة الماضية، تبرع العشرات بطائراتهم المسيرة غير الاحترافية والتجارية لأوكرانيا بعد أن ناشدت كييف كل من يستطيع أن يمدها بالطائرات المسيرة لتشكل “جيشا من المسيرات”.

كما ناشدت البلاد الجميع التبرع بالأموال لصالح شراء 200 طائرة استطلاع عسكرية مسيرة.

لكن جاستن برونك، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز بريطاني للدراسات والأبحاث العسكرية، يرى أنه على الرغم من أن الطائرات المسيرة قد تكون مفيدة في أحيان كثيرة، إلا أن هناك أساليب طُورت لمقاومتها.

وقال برونك إن الطائرات المسيرة التجارية الصغيرة يمكنها إرسال بث فيديو حي يساعد على رؤية الموقف خلف خطوط العدو.

وأضاف أن “كلا الجانبين في أوكرانيا لديهما القدرة على استغلال الصورة التي ينقلها البث الحي بسرعة لإسقاط قذائف المدفعية وتصحيح مسارها بسرعة حتى تكون على أكبر قدر ممكن من الدقة، حتى مع استخدام مدفعية المدرسة القديمة غير الموجهة أثناء إطلاقها في اتجاه العدو”.

لكنه حذر من أن كفاءة الإجراءات الإلكترونية المستخدمة لإسقاط تلك الطائرات تزداد كفاءة.

جيش الطائرات

جيش الطائرات المسيرة برنامج معقد يتطلب مشتريات، وصيانة، واستبدال علاوة على تدريب مشغلي هذا النوع من الطائرات، وفقا للجانب الأوكراني.

قال العقيد أوليكسي نوسكوف، مساعد رئيس أركان القوات الأوكرانية، إن “جيش الطائرات المسيرة سوف يسمح بمراقبة مستمرة لخط الجبهة الذي يمتد لمسافة تقدر بـ 2470 كيلو متر علاوة على توفير إمكانية الرد الفعال على هجمات العدو باستخدام التكنولوجيا الحديثة”.

وقال ميكايلو فيدروف، وزير التحول الرقمي الأوكراني، لبي بي سي عبر البريد الإلكتروني إن الهدف من الحملة الحالية هو شراء طائرات مسيرة تكتيكية بمدى تحليق يصل إلى مئة ميل ومجهزة بكاميرا تعمل بتكنولوجيا معقدة، وجهاز تحديد المواقع العالمي وأدوات لمسح الخرائط.

رغم ذلك، قال فيدروف إنه بعد دراسة القضية: “يرى فريقنا أن الجيش لا يزال يحتاج إلى مروحيات رباعية وأن البلاد تطلب من الناس التبرع بطائراتهم المسيرة”.

وتأمل أوكرانيا الحصول على الآلاف من الطائرات المسيرة التجارية متعددة الاستخدامات من خلال التبرعات.

ويتم التبرع بالطائرات التي تلبي الحد الأدنى من المعايير لصالح أوكرانيا في مخزنين رئيسيين في بولندا والولايات المتحدة.

وطالب فيدروف الشركات أيضا بالانضمام إلى الحملة الأوكرانية، قائلا: “المشروع يُعد فرصة كبيرة لمصنعي الطائرات المسيرة لاختبار معداتهم في ظروف صعبة”.

وجمعت الحملة، التي أُطلقت الجمعة الماضية، حتى الآن حوالي 5.7 مليون إسترليني يمكن لأوكرانيا أن تشتري بها اثنتين من الطائرات المسيرة العسكرية. كما تسلمت الحملة العشرات من الطائرات المسيرة، وفقا لتغريدة دونها فيدروف على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

وقال برونك إن طائرات “وورمايت” المسيرة هي نوع من الذخيرة المحمولة جوا التي تصنع في بولندا، والتي يمكن استخدامها كبديل “للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات”، وفقا للموقع الإلكتروني للشركة.

وبعد أن غزت روسيا شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس في عام 2014، بدأ خبراء الطائرات بدون طيار الأوكرانيون (الذين بدأ الكثير منهم كبناة نماذج هواة) في العمل عن كثب مع القوات المسلحة في البلاد – وبناء طائراتهم بدون طيار الخاصة بهم وتجربة الطائرات بدون طيار العسكرية والمنزلية وغير المكلفة في المناوشات الحدودية.

وفي حين اجتذبت أنظمة بيرقدار المسلحة التركية الصنع قدرا كبيرا من اهتمام العالم يبدو أن الكثير من اللقطات الجوية عالية الدقة القادمة من أوكرانيا يتم تصويرها بواسطة طائرات بدون طيار رخيصة الثمن نسبيا وأصغر بكثير من فئة المستهلكين، ومعظمها من صنع شركة DJI الصينية.

ولكن هناك أيضا استخدامات هجومية مباشرة.

وقد تبنت وحدة Aerorozvidka مؤخرا استخدام طائرات بدون طيار صغيرة لإيقاف تقدم الرتل الآلي الروسي الكبير الذي يبلغ طوله 40 ميلا خارج كييف.

وحلق هؤلاء بطائرات بدون طيار مجهزة بأجهزة استشعار حرارية في الليل وألقوا قنابل خفيفة الوزن على القافلة.

وينشر الجنود الأوكرانيون بانتظام مقاطع فيديو بطائرات بدون طيار على الصفحات العسكرية الرسمية بشكل يوضح للعالم كيف يستخدمون الطائرات لتحديد ضرباتهم المدفعية بشكل أفضل.

الصين تمنع بيعها لروسيا

قال فيدروف إن الطائرات المسيرة غير الاحترافية والتجارية أظهرت كفاءة في ميدان القتال.

وتستخدم روسيا أيضا الطائرات المسيرة غير الاحترافية والتجارية لأغراض عسكرية.

وناشد وزير التحول الرقمي الأوكراني شركة “دي جيه آي”، رائدة تصنيع الطائرات المسيرة، في وقت سابق هذا العام أن تتوقف عن بيع هذه المركبات في روسيا. وبالفعل، كان للشركة الصينية تدخلا هاما عندما أوقفت مبيعاتها في روسيا وأوكرانيا.

وقال الوزير الأوكراني: “روسيا تستخدم الطائرات المسيرة غير الاحترافية والتجارية في مهام استطلاعية في حربها غير المبررة الجائرة”.

وأضاف: “كان من الضروري أن توقف أكبر شركة مصنعة للطائرات المسيرة التجارية حول العالم مبيعاتها في روسيا”.

وقال فاليري ياكوفينكو، الشريك المؤسس في شركة “درون أيه يو”، لبي بي سي نيوز إن “دي جيه آي” الصينية قررت رفع تكلفة تصنيع الطائرات المسيرة في أوكرانيا بينما لا تزال روسيا قادرة على الحصول على طائرات مسيرة عبر بيلاروسيا.

وكانت شركة ياكوفينكو تورد الطائرات المسيرة ومعدات الروبوت للحكومة الأوكرانية حتى بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأًصبح هذا النوع من المركبات، جنبا إلى جنب مع نظام الإنترنت عبر القمر الصناعي الذي تطوره شركة ستارلينك المملوكة للملياردير إيلون ماسك، من أكثر منتجات التكنولوجيا طلبا على مستوى العالم، وفقا لياكوفينكو.

وحتى الطائرات الصغيرة من هذا النوع يمكن استخدامها في جمع معلومات ميدانية، وتحديد موقع قوات العدو، وتصحيح مسار قذائف المدفعية.

وقال الشريك المؤسس في “درون أيه يو” إن “العدد الهائل من المتطوعين بتشغيل الطائرات المسيرة الذين انضموا إلى القوات الأوكرانية أحدثوا فارقا”.
وأضاف: “ينفذ مشغلو الطائرات المسيرة عمليات مخابراتية جوية على طول خط الجبهة”.

وأشار إلى أن أهمية استخدام تلك التكنولوجيا تكمن في سرعة انتقال المعلومات من أرض المعركة إلى رئاسة الأركان “لاتخاذ القرارات بالسرعة المطلوبة”.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours