بأكثر من 3 مليار دولار.. السعودية تدخل سباق جمع المعادن

1 min read

آسيا اليوم ووكالات

تتسابق دول العالم في تحصيل المواد الأساسية للإنتاج لإنعاش سلاسل التوريد والتعامل مع انتقال مضطرب في قطاعات الطاقة، من بين تلك البلدان، السعودية، التي “لديها فرصة حقيقية، بالأخص مع تزايد المخاوف بشأن الاعتماد على الصين”، وفقا لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”.

 

وطرحت الصحيفة تساؤلات بشأن فرص المملكة في جذب المستثمرين الأجانب.

 

ويشرع صندوق المملكة السيادي، والمناجم التابعة للمملكة إلى الاستثمار بأكثر من 11.95 مليار ريال (3.2 مليار دولار) لإنشاء صندوق يركز على تحصيل المعادن، مثل النحاس والنيكل والليثيوم، وذلك من خلال المساهمة كشريك غير فاعل في شركات موزعة حول العالم.

 

“عصر جديد”

وكشفت المملكة إنشاء الصندوق، أو الشركة المساهمة، في منتدى معادن المستقبل الذي استضافته السعودية، الأسبوع الماضي، بحضور شركات بارزة مثل “BHP Group Ltd” و”Rio Tinto Plc” و”Ivanhoe Mines Ltd”، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين وبريطانيين.

 

وناقش مؤتمر التعدين الدولي إنشاء سلاسل توريد مرنة للمعادن بشكلٍ متكامل ومعالجة المتطلبات في المنطقة واستحداث أنماط جديدة من التجارة وإعادة تنظيم سلسلة الإمداد بالإضافة إلى خفض مستوى الكربون والعمل في الاقتصاد الدائر وخفض التكلفة والتحكم في شراء الإنتاج، وذلك بمشاركة 60 دولة ممثلة بـ 40 وزيراً و18 مسؤولاً رفيع المستوى، وبحضور 10 منظمات إقليمية ودولي، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”.

 

وأشارت الوكالة إلى أن الجلسات ناقشت “تأسيس عصر جديد من التنقيب في المنطقة والمسارات المختلفة للحصول على حقوق التنقيب واستخراج المعادن وتشغيل هذه الصناعة في المملكة، بالإضافة إلى تناول مزايا التقنية الحديثة وعيوبها وكيفية تعزيز الإنتاجية باستخدام الأتمتة والطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وأجهزة الاستشعار الذكية والتعلم الآلي وتدريب الجيل القادم من العمال”.

 

ويأتي هذا تزامنا مع تطلع المملكة إلى أن تصبح نقطة جذب للتنجيم العالمي وتأسيس قطاع قد يصبح أساسيا في اقتصادها.

 

ومن المتوقع أن يستثمر الصندوق بما يصل إلى 15 مليار دولار في الشركات والأصول حول العالم لضمان توفير المعادن الضرورية للاستخدام المحلي، في وقت تطمح فيه المملكة إلى التوسع في القطاعات غير النفطية، مثل التصنيع، علما بأن اقتصادها يعد واحدا من الأسرع نموا من بين مجموعة العشرين، فيما يخص القطاعات غير النفطية.

“التحدي الأكبر”

ذكرت الصحيفة الأميركية أن توقيت المملكة جيد فيما يتعلق بالتركيز على المعادن النادرة، بالأخص مع الاضطراب الذي تشهده سلاسل التوريد وضغوط التشريعات التي تفرض تقليل الانبعاثات الكربونية.

 

ونوهت إلى أن الدور الصيني في الاقتصاد العالمي دفع بشركات للبحث عن بدائل، في وقت يحاول فيه العالم معالجة النقص في المعادن النادرة بينما يعد الاستثمار بطيئا في التكنولوجيا اللازمة لزيادة إنتاجها.

 

وفي الوقت ذاته، يتجه العالم أيضا إلى إنعاش قطاعات الطاقة المتجددة، مثل منشآت الطاقة الشمسية ومصانع الوقود الهيدروجيني والبطاريات الكهربائية، التي تتطلب كلها كميات ضخمة من تلك المعادن.

 

وساهمت تشريعات، من ضمنها السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة مؤخرا لمعالجة التغير المناخي، ضمن خطة “US Inflation Reduction Act”، إلى نمو واضح في إنشاء المصانع لتنفيذها، لكن الاستثمار لم يتركز بعد على توفير المعادن الضرورية لتحقيق ذلك.

 

وأكدت الصحيفة أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، “يقف اليوم أمام أكبر احتياج وفرصة للعالم للعقود المقبلة”، إلا أنها ذكرت أن العملية لن تكون سهلة التنفيذ.

 

وشددت الصحيفة على أن التساؤلات لا تدور حول قدرة المملكة المالية على تنفيذ تلك الخطط، بل حاجتها إلى مستثمرين ورؤوس أموال أجنبية يمكنها أن تساعد على نقل التكنولوجيا واستراتيجيات الأعمال والإنتاجية.

 

وأكدت أن وقوف المملكة اليوم “كمتفرج” دون اللجوء إلى العمل على أرض الواقع وبجذب الاستثمارات الأجنبية “قد يكون التحدي الأكبر” للمملكة.

 

وتأمل رؤية ولي العهد السعودي لعام 2030 إلى تحصيل استثمارات أجنبية مباشرة “foreign direct investment” لتساهم في الإنتاج المحلي الإجمالي، أي ترتفع من 0.7 في المئة إلى 5.7 في المئة.

 

وشهد عام 2021 نموا ضخما في الاستثمارات الأجنبية بالمملكة، ونوهت الصحيفة إلى أن ذلك يعزى إلى صفقة “أرامكو” لإنشاء خط أنابيب بلغت قيمتها 12.4 مليار دولار.

 

لكن “واشنطن بوست” ذكرت أن المساهمات الضخمة، التي تتطلب نتائجها وأرباحها سنوات لتترجم على أرض الواقع، لا تزال غير معلنة بعد، في وقت “تحوم” فيه الشركات الدولية حول المملكة ووقعت مذكرات التفاهم وأجريت زيارات عدة، إلا أن الأموال لم “تتجسد واقعيا”، وفقا للبيانات التي نقلتها الصحيفة عن آخر بيانات الاستثمارات الأجنبية بالمملكة.

 

وأكدت أنه يتوجب على صناع السياسات والشركات الموازنة بين الاستثمار في منطقة مليئة بالثروات، لكنها تقع على صدع توترات اقتصادية وجيوسياسية.

 

وشددت على أنه، وبالأخص في الأسواق الناشئة ، فإن الاستثمارات الأجنبية الأساسية تأتي بعد سنوات من الالتزامات والاستقراض المالي، ما قد يضيف نوعا جديدا من التكاليف والتعقيدات.

 

وطرحت الصحيفة تساؤلات عدة: “هل يمكن أن تعوض الشركات بمخاطر الاستثمار في المملكة؟ وهل يمكن أن تتغير القواعد قبل أن يحصدوا الجانب الأفضل؟”، مشيرة إلى أن مشاريع التنجيم التي تدار بمليارات الدولارات تتطلب موافقة المساهمين الآخرين ويصعب الالتزام بها عادة.

 

وأوضحت أن المساهمين العامين في الشركات قد لا يهتمون في العادة بالاستثمار في مشاريع قد يطول أمد أرباحها، وفي الوقت ذاته هم غير معنيون بالإنفاق الضخم.

 

وأشارت إلى أن الإنفاق في القطاع، بلغ في ذروته العقد الماضي، حوالي 150 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينخفض بحوالي 11 مليار دولار عالميا هذا العام.

 

وذكرت أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تشكل دورات من “الرضا عن الذات”، موضحة أنه عندما تثبت دولة أو مقاطعة ما نجاحها فإنه سيكون من الأسهل جذب الاستثمارات الأخرى، وهذا قد يدفعه اعتناق سياسات محببة لدى المستثمرين، مثل الحوافز الضريبية وأسواق التجارة الحرة، للشركات المحلية والأجنبية، وبذلك يمكن أن تنطلق الاقتصادات بفاعلية وأن تزيد العوائد المستقاة من تلك الجهود.

 

وأشارت إلى أن الوصول إلى هذه المرحلة من الاستثمار يعد “أمرا أساسيا”، منوهة إلى أن العديد من الشركات توافدت على الرياض، لكن قلة منها أبدت رغبتها في تنفيذ المشاريع الضخمة التي يتطلبها التنجيم في العادة.

 

ووقعت شركة “Barrick Gold Corp” الكندية، اتفاقية مع شركة “معادن” السعودية للتنقيب عن النحاس. وستساهم “معادن” مبدئيا بـ 7.6 مليون دولار.

 

كما أعلنت “معادن” التابعة للمملكة، عن صفقة بـ 126 مليون دولار مع شركة “Ivanhoe Electric Inc”.

بينما بريطانيا، ممثلة بوزير الأعمال والطاقة، غرانت شابس، لم تتعد التزامات “فضفاضة”، وفق تعبير الصحيفة، إذ ذكر الوزير أن بلاده لا يمكنها الاتكال على دولة واحدة، مشيرا في الوقت ذاته إلى حاجة بلاده إلى شركاء مثل السعودية.

 

التجربة الصينية

وتشير التجربة الصينية إلى أن إمكانية جذب الاستثمارات الأجنبية لتركيزها محليا مدفوعة بحجم الاقتصاد ونموه، وفقا لـ “واشنطن بوست”.

 

وذكرت أن عوامل أساسية أخرى يمكنها التأثير في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، من بينها تكاليف العمالة والبنى التحتية.

 

وتعد الصين من أكبر المستفيدين من تلك الاستثمارات، على الرغم من التساؤلات المثارة بشأن إدارتها وتشريعات العمل، إلا أنها أثبتت مكانتها كـ “أرضية مصنع للعالم كما أنها وفرت ببراعة خبرتها التصنيعية”.

 

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: “بالنسبة للسعودية فإن فتح الباب يعد خطوة كبيرة وكذلك بترحيبها بالأعمال الأجنبية، لكن سيتوجب عليها أن أن تحدد إن كان بإمكانها توفير فرصة ضخمة للمستثمرين الأجانب، وهي حسابات تستحق إنجازها”.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours