كتب- أبوبكر أبوالمجد
هل تخطى إرهاب حزب الله لبنان وسوريا والعراق واليمن ليصل إلى أوروبا؟ وهل وصل من الجرأة على تخزين مواد متفجرة في دول أوروبية؟
كانت العاصمة اللبنانية بيروت تعرضت لانفجار دموي ضخم حصد أرواح المئات وأدى لإصابة الآلاف، ودمار هائل في المنطقة، حيث حصل ذلك في مرفأ العاصمة، وأكدت تقارير إنه ناتج عن انفجار نيترات الأمونيوم، وسط تحميل مسؤولية الأمر لحزب الله.
وذكرت التقارير حينها، أن الانفجار ناتج عن 2750 طنًا من مادة “نيترات الأمونيوم” ذاتها محفوظة في “العنبر 12″؛ لكن الحزب المدعوم من إيران، نفى علاقته بتفجير المرفأ، رغم النظر على نطاق واسع للحزب على أنه يسيطر على العمليات في ميناء بيروت.
وزير ألماني
قبل أيام كشف وزير الداخلية الألماني، توماس ستروبل، عن أن ميليشيا حزب الله اللبناني خزنت مئات الكيلوجرامات من مادة “نيترات الأمونيوم” في ألمانيا لصنع القنابل وتنفيذ هجمات إرهابية حول العالم”.
وقال الوزير الألماني في حديث لصحيفة “جيروزاليم بوست”، إن حزب الله أدخل المادة المتفجرة إلى ألمانيا في عام 2016، حيث جاء هذا التأكيد بعد أشهر من تقديم الموساد معلومات حول مستودعات، خبأ فيها حزب الله مادة نترات الأمونيوم.
وسبق أن ذكرت صحيفة “دي فيلت” الألمانية الشهر الماضي، أن الموساد الإسرائيلي حذر السلطات الألمانية من أن أنصار حزب الله، وهو المنصف إرهابيًا من قبل الولايات المتحدة أيضًا، قاموا بتخزين مئات الكيلوجرامات من الأمونيوم في مستودعات جنوب ألمانيا، وأشارت إلى أن عناصر الحزب “استعملوا هذه المادة الكيميائية بشكل متكرر لتنفيذ هجمات بالقنابل في فرنسا وبريطانيا وقبرص وبلغاريا”.
ويكيليكس
وفي تقرير إعلامي كشف عدة مواقع عن تخزين “حزب الله” لهذه المادة منذ منتصف كانون الأول العام 2010، وذلك الاستناد على وثائق ويكيليس المسربة بذلك التاريخ.
وبالعودة إلى وثائق ويكيلس المسربة في ذلك التاريخ، فلقد صدر عن وكالة ستراتفور، إحدى المؤسسات الخاصة بجمع المعلومات الاستخباراتية، المتعاونة مع وكالات الأمن الأمريكية الرسمية، رسالة إلكترونية (إيميل) عنوانها “نظرة على مصادر حزب الله للحصول على المواد المتفجرة”.
وكان مضمونها يشير إلى تخزين حزب الله لمادة نيترات الأمونيوم كبديل عن المواد المتفجرة الاعتيادية المستخدمة في الأعمال العسكرية مثل “سي فور” و”آر دي إكس”.
وأنه نتيجة تضييق اليونيفيل للخناق على السواحل اللبنانية، وضغوط السلطة السورية قبل انطلاق الثورة السورية، لجأ الحزب إلى تخزين هذه المواد من باب الأسمدة الزراعة، لذا تمسّك بحقيبة الزراعة في الحكومات المتعاقبة.
جاء في الرسالة الصادرة عن ستراتفور، والتي كشفها ويكيليكس في هذا الشأن نقلها موقع المدن، وأفاد مصدر لستراتفور في لبنان أنّ حزب الله يعاني من صعوبات في الحصول على متفجرات عسكرية مثل سي 4 وآر دي إكس، لذا بدأ الاعتماد على شحنات من مادة الأمونيوم (الموجودة في السماد الزراعي) بهدف المحافظة على مخزون المتفجرات.
ويقول المصدر نفسه إنّ الحزب أيضا يعاني صعوبة في استلام المتفجرات نتيجة إغلاق قوات اليونيفيل الساحل اللبناني مانعة دخول الشحنات، كما أنّ النظام السوري قام بمضاعفة تقييد إمدادات الحزب على هذا الصعيد في محاولة لضبط المنظمة ونشاطها.
ويزعم أنّ حزب الله يدفع ضعف القيمة السوقية لشراء منتجات السماد السوري، وقد حصل على 15 ألف طن من الأسمدة من المنشأة البتروكيماوية الرئيسية في مدينة حمص.
ويتكل النظام السوري بعدها على جني الأرباح ويستورد الأسمدة بأسعار أرخص من دول أوروبا الشرقية لتلبية حاجة السوق المحلية.
ويشير المصدر إلى أنّ هذه الوقائع تفسّر إصرار حزب الله على تمثّله بوزارة الزراعة خلال تشكيل رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لمجلس الوزراء عام 2009.
تطوّر أداء حزب الله بشكل جيّد وأثبت قدرته على استغلال الانقسامات السياسية المحلية لتعزيز أوضاعه.
وتوضح قدرته وعمله على تعويض توّقف إمداداته العسكرية واستبدالها بالأسمدة من أكثر من عام، يوضح مدى تطوّره وحذاقته التنظيمية.
إلا أنّ هذا الأمر يشير أيضًا إلى قدرة الحزب على التكيّف والتحوّل، إذ أنه أظهر صرامة في ضبط النفس خلال السنوات الماضية وعدم لجوئه إلى تنفيذ الهجمات الإرهابية التي اشتهر بها في الثمانينات.
تجاوز الحدود
ويبدو أن إرهاب “حزب الله” تجاوز كل الحدود الجغرافية، ولم يعد مهددًا للبنان والمنطقة فحسب، بل تعداه ليهدد دولًا أخرى، إذ كشف منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية نايثان سيلز، عن معلومات تشير إلى قيام “حزب الله” منذ 2012 بتخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم في أوروبا، شبيهة لتلك التي كانت موجودة في مرفأ بيروت.
وأكد سيلز، أن الحزب الإرهابي نقل مثل هذه المواد عبر بلجيكا إلى فرنسا واليونان وإيطاليا وأسبانيا وسويسرا، إضافةً إلى أنه عُثر على كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم في فرنسا واليونان وإيطاليا وبريطانيا وأتلفت.
وأضاف “لدينا أسبابنا التي تؤكد أن هذه النشاطات لا تزال متواصلة، لذلك لا زلنا ننظر إلى حزب الله كتهديد لنا ولحلفائنا الأوروبيين”.
ولفت منسق شؤون مكافحة الإرهاب الأمريكي، إلى أن القوة التدميرية لنيترات الأمونيوم قادرة على إلحاق دمار شامل عندما تستخدم كمتفجرة، ولذلك دعت الولايات المتحدة إلى تحقيق شامل وشفاف ومفتوح بالانفجار الذي وقع في بيروت، موضحًا أن الولايات المتحدة صنفت حزب الله بكامله منذ 1997 كمنظمة إرهابية، مشجعًا كل الدول حول العالم للقيام بنفس الخطوة، رافضًا الفكرة بأن هناك فرقًا بين ما يسمى بالجناح السياسي لحزب الله والفروع الأخرى للحزب، داعيًا الدول الأوروبية والعالم أجمع إلى تصنيف حزب الله بكامله كمنظمة إرهابية.
قص الأجنحة
واعتبر سيلز، أن الحزب سبب المشاكل في لبنان، حيث ساعد في احتضان ثقافة الفساد وأغنى نفسه على حساب الشعب اللبناني، مشيرًا إلى أن الحل بالنسبة لأمريكا هو الاعتراف بالواقع بأن “حزب الله” ليس منظمة سياسية وليس ممثلًا شرعيًا للشعب اللبناني، وما هو إلا منظمة إرهابية موجودة لسفك الدماء حول العالم، وتعمل لصالح أسيادها في إيران.
ولقص أجنحة “حزب الله”، وإيقاف إرهابه المتواصل منذ سنوات، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، في وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على شركتين يملكهما ويديرهما حزب الله، وعلى سلطان خليفة أسعد، وهو مسؤول في “حزب الله”، ويشغل منصبًا رسميًا في المجلس التنفيذي وعلى علاقة وثيقة بالشركتين.
وطبقاً لبيان وزارة الخزانة الأمريكية، يستغل حزب الله الاقتصاد اللبناني ويتلاعب بموظفين عموميين فاسدين، ويقوم من خلال هاتين الشركتين، بالتزام مشاريع من الحكومة اللبنانية، كما قال وزير الخزانة، ستيفن منوشين.
ويعتمد الحزب على شركتي “آرش” و”معمار” كرافعة لإخفاء تحويل الأموال لحساباته.
خطر النترات
صناعة العبوات الناسفة من أسمدة النترات تشكل تحديات إضافية، إذ تتطلب هذه المواد، أولًا، مزيجًا متناسبًا من الوقود (كالمازوت) ليصبح عبوة ناسفة ناجحة وقاتلة.
لذا لا يمكن استخدام الأسمدة بشكل مباشر، ويكون على الخبراء العسكريين بعناية مطلقة، إيجاد التوازن بين المادتين، النترات والوقود.
كما أنّ هذا النوع من العبوات، يستوجب شحنة أولية تطلق عملية التفجير، أي صواعق.
وعادة يتم استخدام رباعي نترات خماسي ايريثريتول للتسبب بالاشتعال والتفجير الأولى.
كما أنه يمكن اللجوء إلى لصواعق العسكرية، ولو أنّ هذا يعيدنا إلى السؤال الأساسي حول قدرة حزب الله على استقدام التعزيزات العسكرية.
يوضح كل ما سبق أنّ الأسمدة ليست بديلًا قائمًا بحدّ ذاته عن المتفجرات؛ لكن كما أشرنا، لحزب الله تنظيم وإدارة وقيادة أثبتوا قدرتهم في التغلب على التحديات.
وعدا المقاتلين الذين اكتسبوا الخبرة في العراق، ثمة في الشرق الأوسط أعداد من المقاتلين الذين أتقنوا مهارة صناعة القنابل من نترات الأسمدة.
وللحزب معرفة جيدة بهذه الأمور في صفوفه، ولن يحتاج إلى خبرات قاتلت في العراق، إذ أنّ مقاتليه تعاملوا مع المتفجرات من قبل.
كما أنه بحوزة الحزب قذائف مدفعية، وصواريخ مضادة للمدرعات والدبابات، وأخرى متوسطة المدى تعزّز ترسانته.
+ There are no comments
Add yours