لا يزال مسلمو ولاية أراكان (راخينة)، غربي ميانمار، الواقعة جنوبي آسيا، يعيشون في مخيمات في ظل ظروف بائسة، بعد مرور 4 أعوام على نزوحهم من منازلهم، نتيجة أعمال عنف استهدفتهم من قبل بوذيين متطرفين.
ورغم الآمال التي عُقدت على الحكومة الجديدة، بعد تشكيلها في ميانمار، والتي تتولى فيها المعارضة السابقة الحائزة على جائزة نوبل، أونغ سان سو تشي، وزارة الخارجية، ورغم أن حالة الطورائ التي فرضت بعد أعمال العنف، رفعت في مارس/ آذار الماضي، فإنه لم يسمح لمسلمي أراكان لغاية اليوم، بالعودة إلى منازلهم.
استطلعت الأناضول أوضاع المسلمين في تلك المخيمات، وتعرفت على أرائهم بخصوص الحكومة الجديدة، وتوقعاتهم بالمستقبل.
وتحدثت الأناضول مع عدد من المقيمين في تلك المخيمات، بينهم محمد هورلي، وهو مسن يقيم في مخيم “ثات كاي بين”، حيث قال إن المسلمين محبوسون في المخيمات مثل الأسرى، و”يعاملون كالحيوانات”، وطالب الحكومة الجديدة، بمنحهم الفرصة للعيش مثل البشر.
وأشار هورلي، إلى حدوث حريق الأسبوع الماضي، في مخيم “باو دو فا”، الذي يقطن فيه حوالي 10 آلاف شخص معظمهم من المسلمين، ويقع بالقرب من مدينة “سيتوي” عاصمة الولاية، أسفر عن خسائر في 56 من المساكن، التي هي بالأساس في وضع مزرٍ.
وحذر هورلي من اقتراب موعد الأمطار الموسمية، التي تزيد من معاناة المخيمات، بسبب عدم قدرة المساكن البدائية على حماية الناس من الأمطار، في حين لا يلقي المسؤولون بالا لمعاناة القاطنين في المخيمات.
وبالرغم من الأوضاع الصعبة حاليا في المخيمات، فإن هورلي لا يزال يأمل في أن تتحسن ظروف العيش في المخيمات في المستقبل.
وشهد عام 2012 هجمات شنها متمردون بوذيون على القرى المجاورة لعاصمة أراكان سيتوي، حرقوا خلالها المئات من منازل المسلمين، وتبع ذلك قيام السلطات بوضع حوالي 140 ألف من أهالي أراكان، بينهم أعداد من مسلمي كامان، في مخيمات، لا يسمح لهم بالخروج منها دون إذن.
وأصبح مسلمو أراكان، المحرومون من الجنسية، معتمدين بشكل كبير على المساعدات، بسبب القيود المفروضة على حركتهم، كما أنهم محرومون من خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
ويرد مسؤولو ولاية أراكان على انتقادات هيئات حقوق الإنسان بالقول، إن خطر نشوب اشتباكات لا يزال قائما، وإن المسلمين آمنون في المخيمات التي يقيمون فيها.
ويعقد الكثير من سكان تلك المخيمات، آمالا كبيرة على الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد فوز حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، الذي تتزعمه أونغ سان سو تشي، في انتخابات 8 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.
ورغم أن أونغ سان سو تشي، تبدو مترددة، فإن مسلمي أراكان يأملون في أن تؤدي الضغوط الدولية على الحكومة، إلى إيجاد حل لوضعهم.
ولا يسمح لمسلمي أراكان بالخروج من المخيمات لتلقي العلاج، إلا في حالة المرض الشديد، ويضطرون في هذه الحالة إلى دفع أجرة رجال الشرطة الذين يرافقونهم.
وأدت القواعد والقيود الجديدة التي وضعها مسؤولو الولاية، على علاج المسلمين في مدينة يانغون التي تتمتع بأفضل خدمات صحية في البلاد، إلى زيادة صعوبة حصول المسلمين على الرعاية الطبية.
وأوضح الناشط الحقوقي المسلم، أونغ وين، الذي يقيم في مخيم تاي تشونغ، للأناضول أن على المريض المسلم أن يذهب أولا إلى المستشفى الحكومي في سيتوي، وفي حال حاجته إلى علاج إضافي، يقدم طلبا للذهاب إلى مدينة يانغون للعلاج، وفي معظم الأحوال لا يتلقى المرضى المسلمون ردا على تلك الطلبات، وهو ما يؤدي إلى عودة حوالي 80% منهم إلى المخيمات، دون الحصول على الخدمات الصحية اللازمة.
ظروف المخيم مأساوية:
وشبّه رولات مارتولار (35 عاماً) العيش في مخيم باو دو فا، بالعيش في جهنم، معرباً عن أمله في العودة السريعة إلى قريته التي أُجبر على تركها، ومبيناً أنه لا يود البقاء في المخيم، ولا الذهاب إلى مكان آخرن لكنه لا يمتلك خياراً آخراً.
وتابع مارتولار قائلاً: “الحكومة الجديدة تتحدث عن حقوق الإنسان، لكن أوضاع المسلمين في المخيمات لم تتغير، ولا أعتقد أنّ هذه الحكومة ستقدم على خطوات من شأنها تحسين ظروف القاطنين في المخيمات”.
وتعدّ ولاية أراكان من أكثر الولايات فقراً في ميانمار، ولهذا فإنّ القاطنين فيها يعانون من انعدام التطور في كافة المجالات.
وفي تصريح لمراسل الأناضول، قال الزعيم السياسي لولاية أراكان، أو ني بو، إنه يدرك معاناة القاطنين في المخيمات، وإن توطينهم ربما يستغرق 5 سنوات.
وأفاد أو ني بو أنّه حتّى لو رُفعت حالة الطوارئ فإنه من الواجب الحد من حركة المسلمين في المخيمات، أثناء إجراء عملية التطوير الاقتصادي في الولاية، مشيراً أنّه كان بإمكان المجتمعات التنقل بحرية، لو كانت الولاية متطورة.
وأكّد الزعيم السياسي للولاية أنّ بحوزتهم خطة لاستبدال المساكن التي حُرقت، بمساكن جديدة قبل بدء موسم هطول الأمطار الموسمية، كي يتمكن القاطنون في المخيمات من التغلب على المصاعب الناجمة عن هطول الأمطار.
ومع اندلاع أعمال العنف، ضد مسلمي الروهينغيا في حزيران/يونيو 2012، بدأ عشرات الآلاف منهم بالهجرة إلى دول مجاورة، على أمل الحصول على فرص عمل، ما أوقعهم في قبضة تجار البشر.
واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في أيار/ مايو عام 2013، سلطات ميانمار بممارسة التطهير العرقي ضدّ مسلمي ولاية أراكان، حيث أوضح، فيل روبرتسون، مساعد مدير المنظمة في آسيا، أنّ الحكومة الميانمارية تساهم في حملة التطهير العرقي ضدّ مسلمي أركان، من خلال عرقلة إيصال المساعدات إليهم، والحد من حرية تنقلهم، مشيراً أنّ الحكومة ستُعدّ مسؤولة عن أعمال العنف في البلاد، إذا لم تضع حداً للاعتداءات على المسلمين، وتسلم منفذي هذه الاعتداءات إلى المحاكمة.
يذكر أن نحو مليون من المسلمين يعيشون في مخيمات “أراكان”، بعد أن حُرموا من حق المواطنة بموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982، إذ تعتبرهم الحكومة مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة بأنهم “أقلية دينية مضطهدة”.
وكانت اللجنة الثالثة لحقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت في وقت سابق، حكومة ميانمار لمنح الأقلية المسلمة في أراكان حق المواطنة الكاملة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة البنغالية قامت بترحيل فرق “أطباء بلا حدود” المشرفين على الأمور الصحية لمسلمي أراكان، من البلاد في شباط/ فبراير الماضي.
+ There are no comments
Add yours