مليون وجبة في رمضان”.. حلم نيجريين بالخارج يشق طريقه للداخل

0 min read

توزيع مليون وجبة طعام على الصائمين النيجريين خلال شهر رمضان الكريم؟ الفكرة تبدو غارقة في اللاواقعية، غير أنّ شحنة الطموح المستندة إليها منحتها تأشيرة العبور إلى أرض الواقع..

مبادرة أطلقتها مجموعة من النيجريين المقيمين في الخارج ممّن رأوا أنّ واجبهم الإنساني يحتّم عليهم مدّ يد المساعدة إلى فقراء بلادهم خلال الشهر الفضيل، ومساعدتهم على تأمين وجبة طعام عقب صيام يوم طويل.

ماهامان زبيرو دانسوسسو، نيجري مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية تحدّث للأناضول عن جذور المبادرة الإنسانية، بالقول إنّ “الفكرة ولدت بذهني بعد محادثة جمعتني مع صديقة لي تعيش في النيجر، طلبت مني خلالها تقديم المساعدة لعدد من جيرانها ممن يعيشون الفقر والخصاصة، فكان أن قلت لنفسي: لماذا نقتصر على مساعدة هؤلاء الفقراء؟ ولماذا لا نعمّم الفكرة لتشمل آخرين؟”.

من هناك كانت البداية، قبل أن تتوسّع الفكرة وتنال استحسان أفراد من الجالية النيجرية في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أوروبا أو في بلدان الخليج العربي.. تعدّدت السبل، بيد أنّ الهدف واحد وهو تأمين “مليون وجبة طعام للصائمين”.

ومليون هنا لا يعني الرقم في حدّ ذاته، وإنما وُضع هدفاً يسعى المساهمون في المبادرة إلى عدم النزول عنه، لتحقيق النفع لأكبر قدر من مسلمين يمثّلون 80 % من إجمالي سكاني يقدّر بنحو 20 مليون نسمة، بحسب بيانات رسمية.

“مليون وجبة هو الهدف المرسوم والمعلن”، يتابع دانسوسو العامل بمنظمة غير حكومية في أمريكا “ويمكن في حال توفّرت الإمكانات اللازمة تجاوزه، هو فقط سقف أدنى إن صحّ التعبير، وكلّ زيادة عنه تشكّل إضافة معنوية لنا وللصائمين، وما يهمّ في النهاية هو أنّ الفكرة تستهدف هذه الفترة بالذات من العام نظرا لتزايد الحاجة الغذائية للصائمين بشكل عام”.

أما عن كيفية تفعيل مبادرته، فأوضح أنه بدأ باقتراح الفكرة وطلب المساهمة من قبل أصدقائه ومعارفه، قبل أن يمرّ بدعوة المحسنين من الجالية النيجرية في الخارج عموما، لمساعدة أكبر عدد ممكن من فقراء مسلمي بلادهم، ومرافقته في تجسيد فكرة قال إنها تحمل أبعاداً إنسانية.

وبما أنّ جميع المساهمين في هذا العمل الخيري يعيشون في الخارج، أشار دانسوسو إلى أنّ هؤلاء لا يمكنهم بحكم إلتزاماتهم الشخصية والمهنية، توزيع المساعدات بأنفسهم، و”لذلك” يتابع “ناشدنا المساندة من المنظمات المحلية التي تعرف البلاد جيّدا، وسبق لها العمل في المجال الإنساني”.

وعلى هذا الأساس، جرت أولى عمليات توزيع وجبات الطعام السبت الماضي، تحت إشراف منظمة محلية تحمل اسم “جمعية أخوات عباد الرحمان”، إضافة إلى عدد من المتطوّعين.

أما يوم الأحد، فجرى توزيع كيس من الأرز و5 لترات من الزيت، إضافة إلى السكّر واللحم، على 38 عائلة في إحدى القرى الواقعة على بعد 60 كم غرب العاصمة نيامي

وعن سرّ اختيار هذه القرية بالذات، أوضحت خديجة ساليسو، إحدى أعضاء “جمعية أخوات عباد الرحمان” أنّ “البلدة تعتبر خياراً نموذجياً بالنسبة لنا في جميع برامج الدعم والمساعدة التي تشرف عليها المنظمة، فهي محرومة من الموارد التي تمكّن سكانها من الحصول على ما يكفي من الطعام، وخصوصاً خلال الشهر الكريم”.

وتتواصل حالياً عمليات توزيع الطعام في بقية مناطق البلاد. وبحسب عبد الله حميدو، وهو عضو في اللجنة التوجيهية لعملية “مليون وجبة في رمضان”، فإنّ سكان مناطق مثل “ديفا” (جنوب شرق) معنيون أيضاً بهذه المساعدات، سيّما في ظلّ استهدافها، منذ فبراير/ شباط 2015، بهجمات “بوكو حرام”.

حميدو أضاف في حديث للأناضول، أنه “ما من شكّ في أنّ جميع الأشخاص الذين يمكن التكفّل بهم، سيحصلون على نصيبهم المحدّد من المساعدات”.

وفيما يتعلّق بمعايير الاختيار، تستند اللجنة التوجيهية إلى عدد من التحقيقات الميدانية التي أُجريت في هذا الغرض، وإلى حالات العوز والحاجة المسجلتين عقب مواسم الحصاد من كلّ عام.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإنّ حوالي مليوني نيجري يعانون انعدام الأمن الغذائي، وذلك رغم تسجيل فائض يقدّر بنحو 900 ألف طن من الحبوب في الموسم الحالي.

دانسوسو عاد ليقول: “تلقينا حتى اليوم مساعدات مالية بآلاف الدولارات، دون اعتبار المساعدات العينية المتمثّلة في أطنان من الأرز والدخن، لكننا لا نزال مع ذلك بعيدين عن الهدف المرسوم”، لافتاً إلى أنّ الفجوة المسجّلة بين الهدف المنشود والمسار المنجز، تعود إلى تأخّر انطلاق عمليات التوزيع من جهة، وضعف التنسيق بين أنشطة الجالية والفاعلين على الأرض من جهة أخرى.

عقبات تبدو بديهية بالنسبة لنشاط خيري تطوّعي، غير أنها لم تفلح في وأد روح التضامن المخيّمة على هذه المبادرة الإنسانية، إذ “ولئن لم نتمكّن من تجسيد هدفنا بنسبة 100 %”، يقول دانسوسو في ختام حديثه، “إلاّ أننا سنواصل توزيع الطعام إلى حين بلوغ المليون، ويقيننا راسخ بأنّ الدورات القادمة للمبادرة ستحقّق نجاحا أكبر”.

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours