أبوبكر أبوالمجد
قبل جمعة "الحراك" السادسة.. أعلن قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الثلاثاء، تخليه عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في خطاب ألقاه قبل ساعات.
ودعا قايد صالح في خطابه إلى ضرورة نزول الرئيس بوتفليقة على رغبة الشعب ورحيله فورًا؛ لكنه تمنى في الوقت ذاته حل هذه الأزمة دستوريًا من خلال تطبيق المادة 102 التي تنص على استقالة الرئيس أو تنحيته بسبب عجزه عن أداء مهامه.
إشكاليات الـ102
لكن تفعيل هذه المادة سيخلق العديد من الإشكاليات والخلافات في الداخل الجزائري على الصعيدين الشعبي والحزبي، حيث تتخطى المطالب الشعبية الآن تنحي أو تخلي أو حتى خلع بوتفليقة ووفق المادة نفسها، فإن تفعيلها يقتضي موافقة المجلس الدستوري وهو معين بالكامل من الرئيس بوتفليقة وولائه له.
كذلك فإن تفعيل المادة يلزم بوجود حكومة لتفعيلها وهذا يعني استمرار الحكومة المعينة من بوتفليقة والتي أقسمت اليمين أمامه، وهذا غير منطقي، إضافة إلى أن قرار قايد صالح يقضي بتعيين رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح خلفًا للرئيس الجزائري، وكل هذا غير مرغوب شعبيًا تمامًا، حيث مطالب بمحاسبة كل عناصر نظام الرئيس الجزائري وغدم تولي أي منهم مسؤولية في المستقبل القريب إضافة لمرحلة انتقالية حيث لا معنى لتفعيل المادة 102 قبل أيام من نهاية ولاية بوتفليقة الرابعة.
رأي ورؤى
وبينما يرى قائد أركان الجيش، حلًا توافقيًا فيما طرحه، حيث قال أن هذا الطرح "من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع، ويكون مقبولا من كافة الأطراف"، كما أنه "يستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة".
وتعد هذه المرة الأولى التي يطالب فيها قائد أركان الجيش، برحيل بوتفليقة، كحل للأزمة الراهنة منذ اندلاع شرارة المظاهرات قبل أكثر من شهر من الآن، وسط دعوات للجيش بدعم المطالب الشعبية.
وتطورت مواقف قيادة الجيش، الذي يعد أهم ركائز الدولة الجزائرية، بشكل مطرد، من التحذير من انحراف المظاهرات، إلى الإشادة بها، وفي النهاية إعلان واضح بالوقوف إلى جانب الشعب والاستعداد لحمايته، والمطالبة بحل عاجل للوضع القائم.
ويعد هذا القرار تحولا كبيرا في مواقف الفريق قايد صالح الذي وصل قيادة الأركان العام 2004، وكان يوصف بأنه أحد المقربين من بوتفليقة الذي رافقه طيلة جزء هام من مسيرته في الحكم (بوتفليقة بالحكم منذ 1999).
ومنذ تاريخ 2013، تعرض بوتفليقة لجلطة دماغية أفقدته القدرة على الكلام والحركة، ظل قايد صالح يرفض دعوات لمعارضين من أجل إزاحة الرئيس وتطبيق المادة 102، ويؤكد أن الجيش ملتزم بدوره الدستوري، ولن ينساق للتجاذبات السياسية.
الموالون والمعارضة
وبينما أعلنت أحزاب وحركات موالية للرئيس الجزائري، دعمها لقرار قائد الجيش؛ كان أول رد فعل من المعارضة هو اعتبار خطوة قيادة الجيش "بداية حل" لكنها غير كافية، كون المطالب الشعبية تجاوزت مسألة رحيل الرئيس إلى ضرورة رحيل رموز نظامه وتحقيق انتقال ديمقراطي.
فمن جانبه نفى عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أن يكون ما دعا إليه الجيش "انقلابا" وإنما "استجابة لمطالب الشعب".
وقال سعداني في مقابلة سابقة مع موقع "كل شيء عن الجزائر"، إن دعوة قائد الجيش "قرار دستوري وليس انقلابا وانما هو يدخل في صلب الدستور، والاجراءت القانونية ستنفذ بحذافيرها.
وأضاف أن ذلك "يجنب البلاد الدخول في مرحلة فراغ دستوري معع رحيل بوتفليقة" في 28 أبريل القادم.ومن جهته رحب حزب التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي" بزعامة أحمد أويحيى، بقرار تفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري الذي دعا إليها الفريق أحمد قايد صالح ودعمه.
وجاء ترحيب الأرندي على لسان الناطق باسم الحزب صديق شهاب، حيث قال: "نحن راضون عن هذه العودة إلى المسار الدستوري، الذي يجب ألا نغادره أبدًا".
وأضاف: "قد يكون صحيحًا أن الدستور اليوم لا يحظى بالإجماع لكنه يظل مرجعًا هامًا وجمهوريًا، لذلك، كانت هذه العودة إلى المسار الدستوري طريقة جيدة للجميع".
أما حزب التجمع من أجل الثفافة والديمقراطية فرأى أن تفعيل المادة 102 إنقاذ للنظام، وأما حركة مجتمع السلم فكانت من الأوائل الذين سارعوا لإبداء رأيهم في مطلب رئيس أركان الجيش، واعتبرت في بيان لها أن الاكتفاء بتطبيق المادة 102 من الدستور لا يتيح تحقيق الإصلاحات بعد الشروع في تطبيقها ولا يسمح بتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة.
وفيما أكدت الحركة على ضرورة اكتفاء المؤسسة العسكرية بمرافقة الوصول إلى الحل السياسي والتوافق الوطني والمحافظة على مدنية الدولة، طالبت بتعيين رئيس حكومة توافقي وطاقمه بالتوافق مع الطبقة السياسية وبما يرضى الحراك الشعبي، فضلا عن تأسيس اللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات.
وفي سياق متصل أكد رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، أن الاقتصار على تطبيق المادة 102 من الدستور وحدها ليس استجابة لمطالب الشعب، بل إرادة للالتفاف على مطالبه وتمديد من عمر النظام.
واعتبر جاب الله أن تفعيل المادة 102 يجب أن يكون مقرونا بالمادة 7 التي تنص على أن الشعب مصدر السيادة.من جانبه سجل رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس باهتمام نية الجيش الاضطلاع بمسؤولياته لحل الأزمة، بيد أنه اعتبر أن تطبيق المادة 102 لا يمكن أن يشكل لوحده حلا للأزمة.
بينما اعتبرت جبهة المستقبل أن دعوة نائب وزير الدفاع الوطني الفريق أحمد قايد صالح لتطبيق المادة 102 من الدستور تتقاطع مع نظرة الحزب للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد.
في المقابل صرح ياسين عيسوان، الأمين الوطني المكلف بالاتصال في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن قائد أركان الجيش، نائب وزير الدفاع قايد صالح يحاول الانقلاب على الإرادة الشعبية.
وضمن نفس السياق ذهب حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي اعتبر أن خيار تطبيق المادة 102 من الدستور ليس هو الحل المطلوب من الشعب الجزائري، مضيفا أن الجيش يريد خنق الحراك الشعبي والسماح للنظام بأن يتجدد.وجاء في بيان للحزب الثلاثاء تحت عنوان "مساس خطير بكرامة المواطن"، أن المؤسسة العسكرية لم تنسحب من الحياة السياسية، وهاهي تتدخل مرة أخرى في المسار الدستوري، ولا تستجيب لمطالب الشعب الجزائري الذي يطالب بتغيير النظام وليس بالتغيير داخل النظام.وتابع البيان "المادة 102 لا تستجيب لمطالب الشعب الجزائري الذي يريد تقرير مصيره".
خارطة طريق
وسبق أن وضغت مجموعة من الأحزاب المعارضة والنقابات في الجزائر يوم السبت الماضي "خارطة طريق" تتضمن مرحلة انتقالية من ستة أشهر، بهدف الخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد على خلفية قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الاستمرار في حكم البلاد.
وتتضمن خارطة الطريق للمعارضة بحسب وثيقتهم تشكيل "هيئة رئاسية" تدير شؤون البلاد وتتكون من "شخصيات وطنية مشهود لها بالمصداقية والكفاءة" على ألا يجوز لأعضاء الهيئة الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة أو أن يدعموا أي مرشح.
+ There are no comments
Add yours