كان يعيش في الموصل نحو مليون نسمة قبل العملية العسكرية لكن المعارك الجارية شرّدت حوالي 300 ألف شخص.
يغص شارع بغداد غرب الموصل خلال الفترة الراهنة، بآلاف العراقيين الفارين من آخر أكبر معاقل المتشددين شمال العراق حاملين معهم القليل من حاجياتهم على ظهورهم، في حين يقطع آخرون الطريق نفسه عائدين رغم المعارك.
ويعتبر شارع بغداد الممر الرئيس الذي يسلكه المدنيون الهاربون من القتال بين تنظيم داعش والقوات العراقية، وهو أيضًا نقطة الدخول الرئيسة للنازحين الذين يختارون العودة إلى منازلهم التي غادروها خلال الأيام الأولى من العملية العسكرية التي بدأت الشهر الماضي ثاني أكبر مدن البلاد.
وتتقاطع طريق النازحين والعائدين في صمت تخرقه بين الفينة والأخرى أصوات صفارات سيارات الإسعاف التي تنقل مدنيين أو مقاتلين جرحى إلى المستشفيات.
ويقول غانم أحمد وهو أحد العائدين إلى الموصل مع عائلته، إن “الذين يرحلون يفرون من المناطق التي لم يتم تحريرها بعد، نحن سكان حي الرسالة نشعر بالأمان الآن”.
ويقف غيث لافي، الطالب البالغ من العمر 21 عامًا، منذ أسابيع على طريق النزوح كما يسميه، بجانب عربته التي يبيع عليها الشوكولاتة والبسكويت، ويعلق قائلاً: “الطريق دائمًا مزدحم لأنه الأكثر أمانًا ويعبره معظم الهاربين، أقف هنا، والنازحون الذين فقدوا كل شيء يأتون أحياناً إليّ.. أعطيهم بضاعتي أحيانًا بشكل مجاني”.
وشنت القوات العراقية في 17 تشرين الأول/أكتوبر هجومًا لاستعادة مدينة الموصل التي سيطر عليها تنظيم داعش في 2014، واستعادت الجزء الشرقي منها في كانون الثاني/يناير.
وخلافًا لغيرها من المدن التي تمت استعادتها من أيدي المتشددين، لم تخل الموصل في أي وقت من سكانها بالكامل، كما يحاول أولئك الذين أجبروا على الفرار العودة في أقرب وقت ممكن.
وتؤمّن “وحدات النخبة” في قوات “مكافحة الإرهاب” التابعة للجيش العراقي وقوات أخرى حماية ممر العبور والخروج، لكن قذائف الهاون تسقط رغم ذلك فوق المدنيين وطائرات الهليكوبتر تقصف أهدافًا لداعش في مكان قريب من تجمعات المدنيين.
وتقول شتات محمد، وهي امرأة في الخمسين من عمرها، وهي تشير بإصبعها نحو السماء، بينما تسير مع عائلتها باتجاه المدينة رغم سحب الدخان المتصاعدة منها: “لماذا نخاف؟ بفضل الله نحن العراقيين لا نخاف طالما أن الله معنا”.
وكان يعيش في الموصل نحو مليون نسمة قبل العملية العسكرية، لكن المعارك الجارية شردت حوالي 300 ألف شخص، لكن لم يلجأ جميعهم إلى المخيمات التي أقامتها الأمم المتحدة وسواها من المنظمات.
وانتقل كثيرون منهم ببساطة من حي إلى آخر مع تحرك خط الجبهة، محاولين -قدر الإمكان- البقاء في أقرب نقطة إلى منازلهم المهجورة.
ويسير فيصل حامد بين المدنيين الفارين من المدينة، ولم يحمل معه شيئًا من منزله عدا شهادتيْ تدريب مهني.
ويقول: “سأعود إن شاء الله خلال يومين أو ثلاثة أيام، أبلغتنا قوات الأمن أن بإمكاننا العودة عندما تصبح المنطقة آمنة”.
وغير بعيد عنه، كان عزيز علي (47 عامًا) يسير في شارع بغداد للمرة الثالثة في غضون 10 أيام، بعد أن غادر منزله مع أطفاله، وحاول العودة إلى دياره في الأسبوع الماضي، لكنه وجد أن المياه لا تزال مقطوعة عن الحي، فقرر اللجوء هذه المرة إلى شرق الموصل.
ويعلق على الوضع الراهن قائلاً: “عمي يعيش هناك، آمل أن يتمكن أطفالي من الذهاب إلى المدرسة”.
+ There are no comments
Add yours