أبوبكر أبوالمجد صحفي وباحص في شؤون آسيا السياسية والاقتصادية
فجأة صعد اسمه وعلا نجمه واختلف الجميع حوله.. حكومات وزعماء وساسة وشعوب ومنظمات وأحزاب وحركات واليوم جيوش تحتار في توصيفه، والوقوف على معالم طريقه.. إنه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".
في دراستنا هذه نحاول الوقوف على جميع جوانب التنظيم وعوالقه، وشرح كافة تفاصيل المشهد الذي خلفه هذا الظهور العسكري والإعلامي لأكثر التنظيمات العسكرية ازعاجا للغرب وحلفائه.
فقد بات "داعش" بمثابة صدمة للغرب، وأمل للإسلاميين التواقين إلى عودة الخلافة الإسلامية، أو على الأقل تمكنهم من استعادة حرياتهم في الاحتكام لشرائع الإسلام، وخلق سبيل ممهد لتأسيس وحدة إسلامية على أي مستوى من المستويات.
لكن هناك أيضا عامة المسلمين الذين اعتاد الملايين منهم على السكون، والقبول بأن يكون دوما مفعولا به في سبيل شعوره بشئ من الأمن أو الاستقرار.
وبالرغم أن هذه الأحلام التي طالما ناشدوها منذ عقود لم تتحقق؛ غير أن الملايين هذه ظلت صامتة راضية بما يفعل بها المحتل الغربي الصليبي، أو عملائه في الداخل.
طروف نشأة "داعش"
ذكر المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية، أن تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الشأن الداخلي العراقي، مهد الطريق لما يجري في العراق الآن.
وأوضح المركز الذي يتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقراً له، في تقرير نشره، أول أمس الجمعة، أن التدخلات الأمريكية والإيرانية في الشؤون الداخلية العراقية عقب العام 2003، تسببت في تشكّل "نظام طائفي صدامي إقصائي"، نتجت عنه التطورات الأخيرة.
ولفت المركز إلى رؤية المنظّرين السياسيين، المتمثلة في أن "النظام الديمقراطي التوافقي" هو الوصفة الأمثل بالنسبة لدول مقسمة وفقاً للهوية الطائفية والدينية، وأنه النظام الأنسب للعراق بعد سقوط نظام "صدام حسين" في 2003، مؤكدين أن النقطة الأهم في النظام الديمقراطي التوافقي هي ضرورة المشاركة الواسعة، وتطبيق الديمقراطية غير الغربية، وذلك على غرار ما حدث في ماليزيا، بحيث يتم تأسيس نظام مكون من ممثلين عن جميع الطوائف الدينية والعرقية.
اتفاق أمريكي إيراني
وكشف التقرير أن النظام في العراق "أقيم على عكس النظام الديمقراطي التوافقي"، وأن التدخلات الأمريكية والإيرانية "خلقت نظاماً طائفياً اقصائياً مبنيا على الصراعات".
كما قال التقرير إن اتفاقية الأسلحة التي وقعتها الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق والتي باعته بموجبها أسلحة بقيمة مليار دولار، شملت طائرات بدون طيار، ومقاتلات حديثة، وصواريخ جو-أرض، وعربات "هامفي" العسكرية، فيما ذكّر التقرير بتصريحات البنتاجون أن الاتفاقية من شأنها "منح القوات العراقية الثقة بالنفس، وتوفير الأمن للبلاد، وتسهم اسهاماً كبيراً في الحد من انتشار الاضطرابات إلى الدول المجاورة".
كما أشار التقرير إلى صفقة وقعتها واشنطن مع العراق أوخر العام الماضي، تضمنت بموجبها بيع العراق 36 طائرة F-16 من المعتزم تسليمها خريف العام الجاري.
ويخلص التقرير في النهاية إلى أن أولوية أمريكا في العراق هي "حماية مصالحها، ومكافحة الإرهاب الذي يتهدد حلفاءها في المنطقة"، إضافةً إلى مخاوف إدارة أوباما من انتشار "الجماعات الإرهابية" في دول أخرى بالمنطقة، فضلاً عن تمكين "نوري المالكي" من البقاء لولاية ثالثة من خلال حمايته أمام منافسيه.
ويشير التقرير إلى أن البعض حذر من أن المالكي وحكومته يخضعون لإيران، وأن حماية مركزه تعني حماية النفوذ الإيراني، ورغم الانتقادات الذاتية داخل أمريكا بهذا الخصوص، إلا أن أوباما استمر بدعم المالكي، إذ يبدو جلياً التقاء مصالح أمريكا وإيران في دعم المالكي.
من هو "داعش"
لم يظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مع بدايات الغزو الصهيوأمريكي للعراق في إبريل 2003؛ لكن تعدد حركات المقاومة الإسلامية المسلحة، خاصة السنية منها في العراق كان مخاضها.
فأصل "داعش" يعيده كثير من المحللين إلى العام 2004 ، وكانت نواته الأولى "جماعة التوحيد والجهاد في العراق" بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن تتحول إلى تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" بعد مبايعة الزرقاوي لأسامة بن لادن.
وعقب مقتل الزرقاوي عام 2006 جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما جديدا للتنظيم قبل أن يتم تشكيل "دولة العراق الإسلامية" بزعامة أبي عمر البغدادي نهاية العام نفسه.
وبعد مقتل المهاجر وأبي عمر البغدادي تسلم أبو بكر البغدادي زعامة التنظيم سنة 2010؛ لكن مقتل الزرقاوي أوجع التنظيم كثيرا، وأربك تحركاته، وانهك قواه، حتى ظهر في عام 2011 تنظيم "دولة العراق الإسلامية" والذي انضمت له "جبهة النصرة" المقاتلة في سوريا، فباتت امتداد له –تنظيم دولة العراق الإسلامية- واندمجا تحت مسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
الداعمون لداعش
احتار كثيرون حول من وراء "داعش" ودعمه ماديا واستخباراتيا، فالبعض قال تنظيم القاعدة، وآخرون قالوا السعودية، وغيرهم قال تركيا، وربما طال نسب دعم "داعش" لآخرين من بينهم دولة الكيان الصهيوني.
انتصارات التنظيم في سوريا، ثم العراق يشير لقوته وحسن تدريبه وتمويله وتنظيمه، وربما أحداث العراق الأخيرة جاءت لتكشف الكثير عن ملامح هذا التنظيم ومن يدعمه، رغم اعترافنا بأن كثيرا من المتابعين والمحللين سيبقون على احتمالاتهم الخاصة، والتي ربما لا تخضع لأدنى منطق.
فالهجوم الكبير الذي شنه "داعش" تطورا غير متوقع وضربة قوية للحكومة العراقية المدعومة من أمريكا وإيران. فقد اقتحم المسلحون الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، وعاصمة محافظة نينوى، وفرضوا سيطرتهم عليها في غضون ساعات دون مقاومة، بعد أن خلع أفراد قوات الأمن العراقية ملابسهم العسكرية وتركوا عرباتهم ومقراتهم بما فيها من معدات عسكرية، وفروا، ليستولي بعدها المسلحون على نينوى بالكامل ثم تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين.
وبوصولهم إلى مشارف سامراء لم يعد يفصل مسلحي تنظيم "داعش" عن العاصمة العراقية بغداد سوى 110 كيلومترات، كما استولى المسلحون أيضا على جزء من محافظة الأنبار، وتلعفر إلا قليلا منها.
وسبق هذه الانتصارات مثيلتها في سوريا، فقد تمكن التنظيم من تحقيق إنجازات مهمة على الأرض وفرض سيطرته على كل من محافظتي الرقة وجزء من ريف دير الزور المحاذية للحدود مع العراق.
وحسب تقديرات موقع صحيفة الحياة اللندنية فإن تنظيم "داعش" يضم ما بين خمسة وستة آلاف مقاتل في العراق وسبعة آلاف مقاتل في سوريا، ينحدرون من جنسيات مختلفة.
فماذا كشفت هذه التحركات، وتلك الانتصارات السريعة والكبيرة؟
هذه القدرة التنظيمية والتحركات الواعية والقدرة على نصب الأكمنة للجيش العراقي أو جيش المالكي يؤكد أن جهازا استخباراتيا كبيرا وراء "داعش"، يغطيه معلوماتيا وجيوسياسيا، ولوجوستيا أيضا.
فتحركات التنظيم تقول أن لديه خطة وحلفاء تم التنسيق معهم، وتحديد ساعة الصفر لبدء الهجوم، ورأينا أن الأكراد بقيادة "مسعود برزاني" هم الحلفاء والوسطاء بين التنظيم وجهاز المخابرات التركي "ميت".
فعدم مواجهة التنظيم للكرد في مناطق ما يعرف بالمتنازع عليها مع حكومة المالكي دليل على التنسيق، وفشل التعرف على مصدر تمويل وتسليح "داعش" يبرز دور تركيا، فلماذا تركيا وليس غيرها؟
لماذا تركيا؟
"العدالة والتنمية" بقيادة الثعلب "رجب طيب أردوغان" الذي يقود تركيا منذ العام 2002، لم ينس للأوروبيين ولا للأمريكان عمليات الابتزاز المستمرة له، واستدعاء القوات التركية في أفغانستان 2003 ولبنان 2006، والمشاركة في إرسال المساعدات وطائرات الشحن والدعم إلى المناطق المنكوبة جراء كوارث طبيعية مثلما هو الحال في "كاترينا" الأمريكية، عام 2005، وزلزال باكستان المدمر في نفس العام، وفي السودان لوقف العنف المسلح في دارفور.
ومع هذه المشاركات الإيجابية، وأهمية الجيش التركي بالنسبة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، فهو ثاني أكبر الجيوش في هذا الحلف بعد الولايات المتحدة؛ غير أن أوروبا ومن قبلها أمريكا لا يزالان يلعبان من وقت لآخر معها بورقة "مذابح الأرمن" تارة، ثم رفض عضويتها في الاتحاد الأوروبي تارة أخرى، كذلك رفض منح الأتراك العون في صناعة صواريخ الدفاع الأرضية، ورفض صفقة الدفاع الصاروخية التي عقدتها مع الصين مؤخرا، وأخيرا وليس آخرا عدم دعم الغرب لتركيا في قضية الاعتداء "الإسرائيلي" على "أسطول الحرية التركي" والسفينة "مرمرة" التي كانت متجهة لكسر الحصار المفروض على غزة، ثم تلكؤ "الناتو" في التعاطي مع الصواريخ التي أطلقها جيش بشار الأسد على الأراضي التركية، والتباطؤ في نشر بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود التركية السورية.
تلك المواقف فضلا عن اعتراض التوجهات الغربية للرؤى التركية فيما يخص الشأنين المصري والسوري، ودعم أجهزة استخباراتية لخصوم أردوغان السياسيين، والسعي لإضعافه عبر محاولات تفجير تمت في أنقرة، ومحافظات تركيا أخرى كانت دافعا قويا لتحركا استخباراتيا تركيا مفاجئا يكون كفيلا بتأديب كل الأطراف دفعة واحدة، وقالها أردوغان لخصومه جميعا في خطاب 30 مارس الماضي.. "ستدفعون الثمن".
استغلت الاستخبارات التركية العلاقات الحميمية بينها وبين أكراد العراق بقيادة "مسعود البرزاني" مؤخرا في الحد من خطورة تحركات حزب "البي كي كي"، وتم عقد هدنة معه، وكذلك استغلت الخلافات الكردية مع حكومة "نوري المالكي" رئيس الوزراء العراقي، لتتحول إلى نافذة الأكراد العراقيين على العالم، ومعبرها التجاري لتصدير نفط شمال العراق "كردستان".
وبخروج الأمريكان من العراق، وفشل الدولة العراقية تحت قيادة "المالكي"، سريعا حلت الاستخبارات التركية عن طريق أحد أهم حلفائها الجدد "البرزاني" وشرعت في دعم "داعش"، تماما كما صنع الأمريكان مع المعارضين للسوفييت في 1979.
فإذا تتبعنا خارطة تحرك "داعش" تكتشف أنها تمضي سريعا في مناطق أهل السنة، ثم المناطق الشيعية التي بها سنة، وتنال تعاطفا كبيرا من سنة العراق بالكامل تقريبا، ما يعطي دلالة هامة أنها لا تمت بصلة لإيران، ودلالات التنسيق واضحة مع الأكراد حيث لا يدخل التنظيم لما يعرف بالمناطق المتنازع عليها بين الكرد وحكومة بغداد، فمثلا موقع الموصل محاذيا للحدود مع سوريا وهو أحد أهداف "داعش" في تأسيس دولته الجديدة؛ لكن مدينة هامة كـ"كركوك" يتركها التنظيم للبشمركة الكردية دون محاولة مواجهتها.
أيضا مواجهاته مع الجيش العراقي دللت على تحركات واعية تنطوي على معلومات استخباراتية مفصلة عن طبيعة الجيش وعتاده وخطة تحركه، ولذا سهل نصب الأكمنة واصطياد العشرات من أفراد هذا الجيش، إضافة لقتاله الكاشف عن تمرس وتدريب عال للغاية يقف من ورائه محترفون قتال وليس مجرد جهاديون هواة.
وعن التمويل الذي فشلت أجهزة استخبارات دولية حتى اليوم كشف وسائله دليل يتجدد على أن جهازا استخباراتيا كبيرا يرعى هذا التنظيم رعاية كاملة.
ماذا ستجني تركيا؟
"داعش" هو أهم تنظيم يمكنه اليوم معاقبة كل أعداء تركيا الذين أرادوا توريط جيشها في القتال بسوريا، والعراق في وقت من الأوقات، ثم هو الآداة التي يسهل عليها الآن تهديد سلم الدول الحاضنة للسياسة الغربية في منطقة الشرق الأوسط على رأسها الخليج، ومن الكويت سيبدأ نفاذ التنظيم.
"داعش" هو الذي بإمكانه إرهاق الأمريكان والأوروبيين وجعلهم في حالة احتياج كبيرة للدولة التركية ودعمها، وبالتالي سيتحول التنظيم شيئا فشيئا إلى أكبر ورقة لمساومة كل هؤلاء في وقت معين من أجل تحقيق "تركيا" لكل طموحاتها في أوروبا –عضوية الاتحاد الأوروبي الكاملة-، وفي أمريكا –إغلاق ملف الأرمن للأبد-.
"داعش" سيكون الشبح الذي ستطارده "تركيا" في كل مكان، وستجعل الغرب يصمت طويلا أمام ممارسات قاسة مستقبلا ضد حزب العمال الكردستاني "البي كي كي"، وأيضا تخفيف حدة انتقاد المسئولين الغربيين لسياسات أردوغان في تركيا.
"تركيا" أيضا يمكنها الآن وبسهولة معاقبة إيران على تدخلها في الشأن السوري ضد المصالح التركية، وابتزازها اقتصاديا لأجل السيطرة على "داعش" الذي يمكنه إرهاق النظام الملالي في مرحلة قاسية من تاريخه الاقتصادي.
فماذا عن خطف الأتراك؟
فماذا عن اختطاف 49 تركيا بينهم القنصل التركي وسائقين؟
ابتداء يجب عدم أخذ نفي أو اثبات المسئولين في أي دولة على محمل الحقيقة؛ بل إنه في دنيا السياسة يقول الساسة: "إذا صرح المسئول نافيا فنفيه اثبات"!
فنفي المسئولين الأتراك علاقتهم بـ"داعش" لا يعني أبدا صدق هذه التصريحات.
وأما عن عملية اختطاف الأتراك فهي مجرد تمويه تركي لإبعاد الأنظار عن دورها وعلاقتها بالتنظيم المسلح، وتصريحات المسئولين الأتراك تؤكد أنهم غير منزعجين، وأن الأمر في يدهم.
فها هو نائب رئيس الوزراء التركي "بولنت أرينج" يصرح قائلا: "إن موظفي القنصلية والسائقين الأتراك المختطفين في العراق، يمكثون في مكان آمن من حيث السلامة على أرواحهم".
بل إن أردوغان نفسه صرح قائلا: "تواصلت مع القنصل المختطف في الموصل".
إذا حقيقة ما جرى من عمليات خطف ما هو إلا تمويه لا أكثر، وحصاد الأتراك مستمرا حتى أن وزير الطاقة التركي قال: "أحداث العراق لن تؤثر على إمدادات البترول لتركيا"!
إذا فهو حصاد شامل.. سياسي واقتصادي واستخباراتي واستراتيجي.
"داعش" يروي سطور قصة قصيرة مفزعة تقول أنه لا خيار أمام الغرب سوى القبول بالإسلاميين الديمقراطيين في السلطة، وإلا فإن الفوضى المنشودة ستأتي أول ما تأتي على رأس عملائهم في المنطقة.
وماذا عن الآخرين؟
إيران ليست هي داعم "داعش" خاصة بعد تحركه حاليا تجاه المدن ذات الأغلبية الشيعية، وهذا الفزع الإيراني والشيعي الموالي لها يثبت أن التنظيم خارج سيطرتها، ويؤسفنا جميعا أن يكون الشيعة العرب هم وقود دعوة فارسية طائفية يسبح فيها العرب في دمائهم سنة وشيعة؛ بينما أصحاب الدم الفارسي الموجودين في "قوة القدس"، و "الحرس الثوري" في أمان تام، ويشاهدون الصراع ويصفقون ويضحكون على دماء المسلمين العرب.
أما السعودية وجيرانها فقد غيروا من استراتيجيتهم بالكلية، وخضعوا تماما للرؤية "الأوبامية" القاصرة للمنطقة والتحولات فيها، وكشفت تصريحات "هيلاري كلينتون" بالأمس ضيق أفق أوباما وخطئه الكبير في تقديراته السياسية، حين قالت بصورة واضحة "أن الجيش المصري هو من دبر أحدث 30 يونيو وقام بعمل انقلاب ليتخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين".
ولمن يسأل وما علاقة هذا بابتعاد السعودية عن دعم "داعش"، أقول أن السعودية ومعها البحرين والإمارات والكويت انشغلوا تماما بدعم الجيش المصري بقيادة "عبدالفتاح السيسي" من أجل التخلص من الإخوان، وانغمسوا في هذه الحرب ضد الإخوان بشكل رأوا فيه أن سوريا أفضل مع بشار الأسد، وأن الإخوان في قلب الثورة السورية أيضا، فرفعوا أيديهم عن دعم ثوار سوريا، وتوجهوا لحرب الإخوان، وما كان لدول الخليج عدا قطر أن تتحرك بكل هذه القوة الداعمة للسيسي لولا الرضا الأمريكي التام؛ بل وصدور التوجيهات الأمريكية الداعمة لهذا التوجه، تماما كما هو الحال في وضع العلاقات الخليجية مع إيران، والذي تحول من الخوف والقلق إلى الترحيب بزيارات المسئولين الإيرانيين لدول الخليج على رأسها السعودية.
وتبقى "داعش" ويبقى حراكها حاملا الصدمة للبعض والحيرة للبعض والأمل للكثيرين، فالشعوب المكسورة والمحطمة والساكنة دائما ما كانت رافضة لحالها في أحضان الأنظمة الأسرية والعسكرية العميلة أو المتخاذلة والتابعة أبدا للقرار الصليبي في الغرب، وبصمتها تغلف ابتسامة النصر الذي ترجوه لأي فصيل قوي يخرج من رحمها وإن قالوا عليها متشددا أو متطرفا ليزيح الستار للأبد عن هذه الوجوه القبيحة التي طالما ملأتهم فزعا وحزنا.
+ There are no comments
Add yours