أبوبكر أبوالمجد صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية
الشعوب لا تفني، ورحم الأمة لا يعقم أبدًا؛ لكن أبناءً قلائل من تخلد ذكراهم في ذاكرة الشعوب وتسطر مواقفهم في سجل حياة الأمم.
وما من أمة إلا وفي تاريخها ذكريات تعتز بها، وتخلدها وتبقى حريصة على إحيائها وريها كزهرة برية نقية مزركشة، يفوح عطرها لينعش ويحتضن ويسعد شعبًا بأكمله.
أذربيجان.. هي إحدى هذه الأمم، ويأخذ مسئولوها وأبناؤها وضع السقاة، ليرووا في الـ28 من كل شهر مايو/آيار زهرتهم البرية المزركشة، متمثلة في عيدها الوطني، وما من ذكر للزهرة إلا ويأتي ذكر برعمها (حيدر علييف).
يحتفل الشعب الأذربيجاني يوم 28 من مايو بيوم إعلان أول جمهورية ديمقراطية في الشرق عام 1918.. جمهورية أذربيجان الديمقراطية، والتي لم تحيا أكثر من 23 شهراً فقط، وذلك خلال الفترة الواقعة بين 28 مايو عام 1918 و28 أبريل عام 1920. وبغض النظر عن سقوط الدولة، إلا أن الفكرة القومية، والتطلع إلى نظام الدولة القومى قد ظل قائمًا، والخطوات المؤسسة لإعادة قيامها ظل حيًا باقيًا.
فترسيخ أذربيجان على الخريطة السياسية للعالم، وإقامة تلك الدولة القائمة على أسس الديمقراطية ضمن العالم الإسلامى، وإسباغ المضمون السياسى على اسمها ظل هدفا طوال هذه السنوات.
وحتى فى إطار تلك الحدود المرسومة الضيقة في ظل الاحتلال السوفيتي، إلا أنها مثلت قاعدة قام عليها نظام الدولة الأذربيجانية التى واصلت البقاء حتى ولو فى صورة منقوصة.
ولا يجب أن يتجاهل القارئ الكريم الظروف العالمية القاسية في تلك الحقبة التاريخية التي انتشرت فيها الحروب والاضطرابات والصراعات العرقية والانقلابات الشيوعية والحروب الأهلية. وكل تلك الأحداث التي سبق ذكرها أدت إلي نشوء الفوضى والاضطراب في منطقة القوقاز الأمر الذي سهل بدوره احتلال الجيش السوفيتي للمنطقة بأسرها.
وبالرغم من ذلك، أصبحت جمهورية أذربيجان أول جمهورية برلمانية في الشرق، وبها تم الاعتراف بحقوق المرأة في التصويت، ووجود أول مؤسسة تعليمية حكومية.
ومن رحم هذه الجمهورية خرج الحلم الأذري بالحرية والاستقلال، والذي جاء بعد 71 عاما تقريبًا، حيث كانت أذربيجان من أوائل الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي.
من هنا.. أي بعد الاستقلال الثاني تمكن الشعب الأذري من استعادة احتفالاته بإحدى أهم ذكرياته وبصماته على صفحات الحياة، ليعيد الاحتفال بيوم استقلاله الأول واعتباره عيدًا وطنيًا.
وما كان للشعب الأذري أن يحتفل بزهرته البرية، وإعادة ريها إلا بعد أن ظهر القائد، الذي وضع الأسس والأعمدة لكيان دولة مؤهلة للنهوض.. هنا ظهرت بصمات برعم هذه الزهرة وموطن أريجها ورحيقها العذب.. حيدر علييف.
استطاعت الدولة الناشئة من خلال القيادة الحكيمة الواعية، وفي فترة وجيزة، من تحقيق العديد من الانجازات، على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فتم إقامة النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية، وتطبيق مبادئ اقتصاد السوق الحر، ووضع دستور البلاد القائم على مبدأ الحرية والمساواة، وتغذية التعددية السياسية حتى بات في أذربيجان اليوم ما يقرب من 30 حزبًا سياسيًا.
وتتمتع أذربيجان اليوم بجميع مقومات وخصائص الدولة المستقلة، ونموذج يحتذى في التسامح الديني، والتطور العلمي والثقافي والاقتصادي.
وتمد أذربيجان يدها اليوم بالصداقة لكل جيرانها من جمهوريات الاتحاد السوفيتي القديم، ولدول منظمة التعاون الإسلامي وأوروبا والغرب، وعضو يتمتع بالعضوية الكاملة في العديد من المنظمات والمنتديات الدولية.
أذربيجان في عيدها الوطني ترسم طريقا مميزًا للسلام والحوار الهادئ في حل المشكلات، وتبني تحالفات حقيقية مع من يدعمون حقوقها التاريخية في أراضيها، وتعلن دون مواربة مبادئها، وحقها في استرداد أراضيها المحتلة (قره باغ) من المحتل الأرميني، وتحمل راية لا تسقط للعدل الدولي، والشموخ الشعبي الذي لا ينسى حقه في أراضيه، ويدعم بقوة حقوق الآخرين العادلة حول العالم.
+ There are no comments
Add yours