أظهر التقرير السنوي للمركز الدولي لدراسات السلام بستوكهولم، أنّ أمريكا لا تزال أكبر مصدر للسلاح في العالم، حيث مثلت صادراتها من الأسلحة بين 2011 و2015 قرابة ثلث مبيعات السلاح في العالم.
وكان مكتب التعاون الأمني التابع لوزارة الدفاع الأمريكية قد نشر بيانات في نهاية 2015، أظهرت بلوغ قيمة المبيعات الأمريكية من الأسلحة إلى الخارج 47.08 مليار دولار سنة 2015، حيث حلت أمريكا في المركز الأول عالميًا، وباعت أسلحتها إلى 171 دولة، وحقق هذا الرقم زيادة بـ 36% عن سنة 2014.
وكان البيت الأبيض قد صرح في نهاية 2011 عن إمضاء إتفاقية لبيع الأسلحة مع السعودية، قدرت قيمتها بـ 29.4 مليار دولار.
وصرحت وزارة الدفاع الأمريكية وقتها، بأنّ هذه الاتفاقية تعد جزءًا من صفقة الأسلحة الأمريكية إلى السعودية في 2010 والتي بلغت قيمتها 60 مليار دولار، ومن المتوقع أن تحقق هذه الصفقة أكثر من 50 ألف وظيفة في أمريكا، كما ستعود على أمريكا بـ 3.5 مليارات دولار من الأرباح سنويا.
في هذا السياق، ترى الباحثة المساعدة بمركز الدراسات الأمريكية التابع للمعهد الصيني للقضايا الدولية، شن يامي، أنه بالنظر من الزاوية الداخلية، فإن صادرات السلاح أصبحت وسيلة هامة لإنعاش الإقتصاد وتحسين ميزان المدفوعات وخلق فرص العمل، في ظل تراجع ميزانية الدفاع.
أما من الجانب الدبلوماسي، فإنّ صفقات السلاح تعد صفات طويلة وتشمل خدمات مابعد البيع والإصلاح والتطوير وتوفير القطع الصيانة والحامية والتدريب، كما تفرض أمريكا عدة شروط على الدول المستوردة، وتقايض الأمن بالوفاء، ومن ثم فإن صفقات الأسلحة، تعد وسيلة من بين الوسائل التي تستعملها أمريكا للتحكم في العالم.
الشرق الأسط يتألم
أشارت تقارير إعلامية أمريكية إلى أنّ شراءات دول الشرق الأوسط من الأسلحة الأمريكية سنويًا تتجاوز 17 مليار دولا. وتضمنت قائمة الدول الـ 10 الأولى في شراء الأسلحة الأمريكية بين 2011 و2015 عدة دول شرق أوسطية، بينها السعودية والإمارات والعراق ومصر وغيرها.
ووفقًا للميزانية الأمريكية لعام 2017، فإنّ إسرائيل، مصر، الأردن، العراق تعد من بين الدول الأكثر حصولا على المساعدات العسكرية الأمريكية.
شراء دول الشرق الأوسط لكميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية، يمكن تفسيره من خلال عاملين: أولا، تعزيز علاقات التحالف مع أمريكا:
فنتيجة للمخاوف التي أثارها الصراع الإيراني السعودي خلال السنوات الأخيرة، واصلت عدة دول طلب الحماية الأمنية من أمريكا، والأخير يحتاج إلى دعم دول المنطقة في قضايا مقاومة الإرهاب، وإعادة إعمار العراق، والمحادثات الفلسطينية الإسرائيلية وغيرها من شؤون المنطقة.
ثانيا، تعزيز القدرات الدفاعية، وصناعة هيبة عسكرية إقليمية، حيث تسعى الدول الرئيسية في الشرق الأوسط إلى رفع قدراتها العسكرية، وخاصة في مواجهة داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وتشعر هذه الدول بحاجة ملحة إلى رفع إمكاناتها العسكرية.
لكن دول الشرق الأوسط بدأت تشعر بأن الأسحلة الأمريكية لا تعد تعد ضمانًا آمنًا ومستقرًا، فقد “أعطت أمريكا عربات عسكرية إلى مصر مجانًا، فردت مصر بصفعة”، هكذا قالت صحيفة “الواشنطن بوست”.
وحسب ما نقلت الواشنطن بوست عن وسائل الإعلام المصرية، فقد وفرت أمريكا أسلحة لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار خلال العام الحالي، لكن رغم ذلك، مازال الجيش المصري لا يثق في أمريكا، حيث يعبر المصريون أكثر فأكثر عن خشيتهم من “مخطط الغرب لتفتيت الشرق الأوسط”.
يطلق مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة روتغرز الأمريكية، توبي جونس على دول الخليج، إسم “دول الذهب”، حيث لا يرى الغربيون أنّ دول الخليج تمتلك ثروات كبيرة فحسب، بل إنّها تدفع بسخاء من أجل شراء الأسلحة الثمينة.
لكن” تراجع أسعار النفط قد سبب مخاوف كبيرة بالنسبة لدول الشرق الأوسط، زد إلى ذلك المخاطر التي تمثلها داعش، وهو زاد من مستوى الصعوبات التي تواجهها هذه الدول”، يقول مدير المجموعة البحثية للصناعة الدفاعية بالمركز الأمريكي الدولي للدراسات الإستراتيجية، أندرو هانتر، ويضيف بأن هذا ما يدفع دول الشرق الأوسط للتفكير في النفقات الدفاعية أولا عند وضع الميزانية.
من جهة أخرى، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، في تصريح لصحيفة الشعب اليومية، إلى أن إتجاه الدول الرئيسية في التسلح سيستمر، وإضافة إلى عوامل الصراعات الإقليمية والإرهاب، ستستمر أمريكا في لعب دور هام في التسلح.
“أمريكا بصدد إستغلال الصراعات في المنطقة من أجل ملء خزيتها المالية من عائدات الأسلحة، لكن عملية “هضم” هذه الأسلحة ستسبب آلامًا كبيرة لشعوب منطقة الشرق الأوسط. “
المصدر: صحيفة الشعب اليومية أونلاين
+ There are no comments
Add yours