عبدالله موسى كاتب وأديب مصري
إن لم نصلح أخطاء الماضي فلا يصح لنا الحديث عن إصلاح أخطاء الحاضر.. فالذي يرضي بمقولة التاريخ يعيد نفسه، هو نفسه الذي لايريد أن يتعلم من أخطاء الماضي.
ولكي نكون علي حذر لابد أن نقرأ تجارب الآخرين قراءة واعيه ندرك من خلالها الحلول الصحيحة لما نقع فيه من أخطاء. إن هولاء الذين يفصلون الدين عن الحياة بحجة وجود أعمال دنيويه وأخري أخروية، نقول لهم لقد قلتم قولًا عظيمًا.. إذ جعلتم من الإنسان كائن بلا اتزان، فالحياة لاتستمر وتنهض إلا إذا رغب في الحياة الصالحة كما يرغب في الأخرى، فالجماعة الذين يشتركون في بناء مسجد لماذا لايكونون مثل من يشتركون في بناء مصنع أو بيت يأوي فقيرًا معدمًا من عوادي الأيام؟!
إننا عندما نجعل علوم الدين بمعزل عن علوم الدنيا نكون قد أخطأنا في فهم المعني الحقيقي للإسلام، فالإسلام ليس دينا فقط يهتم بأمور العقيدة والعبادات والمعاملات فقط إنما هو بمثابة جامعة تشمل علوم الدنيا أيضًا جنبًا إلي جنب مع علوم الشريعة.
إننا ننظر إلي الدين نظرة القرون الوسطي.. هؤلاء الذين جعلوا العلم عدوًا للدين في أوروبا، وهذه نظرة خاطئة؛ لأن الدين عندنا والعلم رفيقا طريق واحد، يأخذ العلم من أخلاقيات الدين مايجعله في قمة جودته، ويأخذ الدين من العلم مايقرب به الفهم الصحيح للناس.
إنها ليست قصة بل رؤية للذين يملأون فراغ حياتهم بوجودنا، مستغلين حاجتنا لما لديهم من أسباب الحياة؛ بل أقوي أحيانًا.. إنه المال عصب الحياة؛ ولكن ليس برأس ولا يد ولا رجل لها، دائمًا الشك والريبة في الآخرين قوام نظرتهم لنا لسببين:
الأول: ماذا يحتاجون منا عندما يظهرون الود لنا؟ هكذا يصور لهم خيالهم المريض..
الثاني: هل مازلوا قادرين علي جعل عالمهم طوع ايدينا؟
دائمًا نظرتهم للآخرين لسان حالها يقول الولاء لأعمي.. نسيان الهدف الخاص هما سبيل بقاء الآخرين والرضا عنهم.. بين الحين والآخر يظهرون قوتهم بإرادة غضبية.. يستغلون فيها نفوذًا أعمى ولأسباب غاية في التفاهة يسقط بسببها من قدر له السقوط كرسالة للآخرين من المعدومين حتى لايجترؤن على خدش عالمهم الطفيلي.. حتي ولو في أحلامهم.
ومن الغريب أنهم يتحدثون باسم الإله وكأنه ديكتاتورًا فظًا لايعبأ للفقراء المعوزين.. اصطنعوه ضمن ما اصطنعوا من عالم كله زيف وبهتان.. يتنافسون في حلبة الانتهازية غير عابئين بشعور من لا يفترضون أن لديهم شعورًا اللهم إلا شعور الاحتياج والعوز.
إنهم يغسلون أقدامهم بآمال وأحلام الآخرين ثم يرمون بماء تلك الآمال وهذه الأحلام إلي وادي التيه والألم بما يفرضون من قانون يخدم رؤيتهم الفاشية المتسلطة الغاربة في بحر الخداع والعيون الزجاجية التي لاتري إلا ماتعكسه المصلحة علي صفحاتها.. لايهمهم أن تنقض حياة الآخرين آخر مالديه من غزل ولا أن تغيب شمس الآخرين مادامت شمسهم الصفراء ترسل أشعتها الصفراء دون ملل.
ومن هنا صارت أحلام الشباب وطاقته الإيجابية في خطر بين.. فعندما يفقد الوطن طاقة الشباب الإيجابية يكون قد فقد الكثير. فقد النضارة والصفاء.. فقد الرؤية والأمل.. فقد وجوده شيئا فشيئا.
لسنا بحاجة إلي من يقلب كفيه ويمصمص شفتيه ويستند علي متكأ التخلف والرجعية ليقول: "لا جديد سنظل هكذا".. الأمل في التغيير كالأمل في العودة بعد الموت للحياة.. وإنما حاجتنا الماسة إلي من يدرك خطورة الضياع.. سفك دماء الطاقة الشبابية.. دهسها بعجلات اللامبالاة والانتهازية والاستغلالية.. حاجتنا إلي تغيير حقيقي.. فلسنا اسفنجة مبللة تمتص أمراض الآخرين ولاتنتج جديدًا.
لماذا يكون الأبرياء هم الورقه التي يستخدمها الوصوليون أيا كانت مرجعيتهم الإيمانية كورقه للوصول إلي مآرب شخصيه زفتها عقول فقدت بريق القدرة علي تبني قناعات حياتيه صالحة للبناء المادي والمعنوي من أجل الارتقاء بالوطن؟
هل الحياه أقصد حياة ذلك الكائن الحي وماهو بحي.. الذي له ظل المحسوب علي الحياه بأنه صاحب فكر ورؤية صراعات وحروب من أجل البقاء لمدة أطول علي ظهرها وفي سبيل هذه الصراعات يتحول الحمل الوديع إلي ذئب لاهم له سوي إرواء نفسه المعتلة بدماء الأرض التي كانت مهد نموه وطعامه وشرابه.. باسم ماذا يحارب الإنسان أخيه الإنسان؟!
باسم الدين والمال والانتماءات العرقيه والاثنية؟!
بل ماذا يعني الدين لدي الكثيرين كراهية أم حب للحياه؟
قيود أم مساحات أوسع من الفكر والتقدم للحياه؟
سلاح أم دواء لمريض؟
أبنيه فارغه من معانيها أم طاقات نور لشحن النفس بقوي التجدد والاستمرارية؟
يد حانيه أم قلب غاشم ظالم؟
نار أم نور؟
إن القضاء علي الإنسان المسالم.. على الأبرياء.. هو قضاء علي الحياة.
+ There are no comments
Add yours