أصدرت آبل، في أوائل شهر نوفمبر، وقبل أسابيع من بدء موسم التسوق في العطلات، تحذيرا قالت بموجبه إنه سيتعين على العملاء الانتظار لفترة أطول للحصول على طراز iPhone 14 Pro الجديد.
وذلك لأن إحدى مرافق التجميع الرئيسية في مدينة تشنغتشو الصينية كانت “تعمل بقدرة منخفضة” بسبب قيود كورونا.
واعتمدت أبل، لسنوات عدة، على شبكة تصنيع واسعة في الصين لإنتاج أجهزة أيفون وأيباد وغيرها من سلع الشركة.
إلا أن اعتمادها الكبير على الصين كان موضع تقييم، بخاصة بعد إجراءات الإغلاق الصارمة التي اتخذتها الحكومة الصينية ضمن إطار سياسة صفر كوفيد.
لذلك تخطط آبل لتسريع خطط نقل الإنتاج من الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، إلا أن تقليل اعتمادها الكبير على الصين في عملية الإنتاج قد يستغرق سنوات، حسب من جاء في تقرير لـ”سي أن أن بزنيس”.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن خطة آبل لنقل خطوط إنتاجها من الصين قد تستغرق حتى العام 2025 أو 2026 على الأقل، وذلك لنقل غالبية إنتاجها من آيفون إلى أسواق مثل الهند وفيتنام.
إلا أن الأستاذ في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، جاد ألون، والذي تركز أبحاثه على إدارة سلسلة التوريد، لديه تقييم أكثر تحفظا بالنسبة للجدول الزمني للانتقال.
وللصين أهمية كبيرة بالنسبة لشركة آبل، فقبل تفشي كورونا خلال أكتوبر الماضي الذي أدى إلى إغلاق في مدينة تشنغتشو، كان هذا المصنع ينتج 85 في المئة من iPhone Pro، وفقا لتقدير من شركة أبحاث السوق كونتربوينت، قدّمته إلى سي أن أن.
وشرح الأستاذ بجامعة كورنيل، والتي تركز أبحاثها على العمالة والتنمية في الصين، إيلي فريدمان أن “شركة أبل لن تكون كما هي اليوم من دون الصين قاعدة تصنيع بالنسبة لها”.
وأوضح فريدمان أنه حتى بعد إشارة آبل إلى رغبتها في تحويل الإنتاج بعيدا عن الصين، “ستبقى منتجات الدولة تُصنّع بهذه الدولة لفترة طويلة”، وفق سي أن أن.
ورأى فريدمان أن “أبل تُعتبر شركة صينية بقدر ما هي أمريكية، رغم أن مقرها الرئيسي يقع في الولايات المتحدة”.
ولم ترد آبل على طلب سي أن أن للتعليق.
وأشار فريدمان إلى أن هناك مجموعة من العوامل الأساسية التي تدخل في تجميع أجهزة أيفون وإنتاجها “والتي لا يمكن إيجادها في بلدان أخرى. ومنها شراء المواد من الموردين القريبين، إضافة إلى بنية تحتية عالمية المستوى وموجودة على نطاق واسع في البلاد، والوصول إلى قوة عاملة كبيرة من المهندسين إضافة إلى تكاليف العمالة المنخفضة، وتوافر مساحات الأراضي اللازمة لبناء المصانع التي يمكن أن تستوعب مئات الآلاف من العمال، وغيرها من التسهيلات”.
وتدرس آبل، نقل الإنتاج إلى الهند، لكن في حين أن الهند لديها قوة عاملة كبيرة، وعمال يتمتعون بالمهارات التقنية اللازمة، إلا أن إنشاء مراكز تجميع الأجهزة في الهند دونه العديد من الإجراءات الروتينية مقارنة بالصين. وقال فريدمان إن “شراء الأراضي في الهند ليس سهلا”.
والفيتنام مرشحة كي تنقل آبل الإنتاج إليها، وفقا لفريدمان، الذي أشار إلى أنه “صحيح أن التسهيلات الحكومية موجودة، إلا أن المساحة المتوافرة أقل بكثير”، إضافة إلى أن عدد السكان في فيتنام أصغر بكثير، ويقدر بـ98 مليون نسمة مقارنة بكل من الصين (1,4 مليار نسمة) والهند (نحو 1,4 مليار نسمة، وفقا لبيانات البنك الدولي).
ويذكر أن رسالة من مؤسس أكبر مصانع آيفون بالعالم، أسهمت في إقناع الحزب الشيوعي الصيني بتخفيف القيود الصارمة بشأن كورونا، وفق ما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال.
ووجه تيري غو، مؤسس مجموعة “فوكسكون” للتكنولوجيا التي تدير مصنعا عملاقا بمدينة تشنغتشو في الصين لتصنيع أجهزة آيفون ومنتجات آبل الأخرى، رسالة إلى القادة الصينيين يطلب منهم تخفيف قواعد “صفر كوفيد”.
وحذر غو من أن الضوابط الصارمة لكوفيد ستهدد مكانة الصين المركزية في سلاسل التوريد، على حد قول مصادر تحدثوا للصحيفة الأمريكية.
وجاءت رسالة غو منذ أكثر من شهر، حيث تعرض مصنع “فوكسكون” في مدينة تشنغتشو للاضطراب بسبب قيود كوفيد مما جعل شركة آبل تسرع من خططها لنقل خطوط إنتاجها لدول آسيوية أخرى.
والأربعاء، أعلنت الصين تخفيف قيودها الصارمة المرتبطة بجائحة كوفيد على مستوى البلاد بعدما ألحقت ضررا بثاني أكبر اقتصاد في العالم وأشعلت تظاهرات منددة بالحزب الشيوعي الحاكم.
وبموجب الإرشادات الجديدة التي أعلنتها لجنة الصحة الوطنية، ستُخفض وتيرة ونطاق فحوص بي سي آر، والتي كثيرا ما اعتبرت شرطا مرهقا في تطبيق سياسة صفر-كوفيد.
وستقتصر إجراءات الإغلاق، وهي من الأسباب الرئيسية للغضب الشعبي، على نطاق صغير قدر الإمكان، ويُطلب من السلطات تحرير مناطق لا تسجل إصابات بعد خمسة أيام.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن مسؤولي الصحة والمستشارين الحكوميين الصينيين انتهزوا رسالة غو لتعزيز القضية بأن الحكومة بحاجة إلى تسريع جهودها لتخفيف ضوابط كورونا الصارمة.
وقال مصدران لـ وول ستريت جورنال إن اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بعد أسابيع من ذلك أعطى المستشارين السياسيين مزيدا من العوامل للضغط من أجل تخفيف الإجراءات.
وفي أواخر أكتوبر، منعت الحكومة الصينية العمال من مغادرة مصنع تشنغتشو التابع لشركة “فوكسكون”، مما دفع العديد من العمال إلى الفرار من المنشأة.
وفي أواخر نوفمبر، تعرض مصنع تشنغتشو لاضطرابات في بسبب الاحتجاجات العنيفة المرتبطة بكوفيد.
ويعمل في المصنع ما يصل إلى 300 ألف عامل.
+ There are no comments
Add yours