بقدوم اليوم الإثنين 16 مايو/آذار 2016، تحل ذكرى مرور 11 عامًا على نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية ترشحًا وانتخابًا، في وقت تغيب فيه الكويتية الآن عن مجلسي الأمة (البرلمان) والبلدي، وتشارك في الحكومة بتمثيل متواضع بوزيرة واحدة هي هند الصبيح، للشؤون الاجتماعية والعمل.
الأناضول التقت أول وزيرة وبرلمانية كويتية معصومة المبارك (69 عامًا) أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، لتحاورها بالتزامن مع ذكرى إقرار البرلمان الكويتي لحقوق المرأة، والتي تصادف اليوم، وتسألها إلى أي مدى نجحت المرأة أو أخفقت؟، وما الأسباب التي أدت إلى غيابها عن المشهد السياسي بشكل شبه تام الآن؟، وهل صحيح أن المرأة لا تثق في غيرها من النساء وتميل إلى دعم الرجل سياسيًا أكثر؟، وهل ما حققته المرأة الكويتية في معترك السياسة بعد 11 عامًا من الممارسة جيد وإيجابي ويمكن البناء عليه لتأسيس وجود قوي لها في الحياة السياسية مستقبلاً؟.
المبارك بدأت الحوار بالحديث عن تجربتها السياسية كنموذج للمرأة الكويتية، مبدية شعورها بالفخر والاعتزاز لتمثيلها المرأة في بلادها، وتحقيق حلمها الذي طال انتظاره منذ عام 1962، معتبرة أن تاريخ 12 يونيو/ حزيران 2006 حين تم اختيارها وزيرة للصحة، يمثل خطًا فاصلًا بين تاريخ من النضال الطويل للمرأة الكويتية، والتحول إلى إثبات جدارتها وتمكنها من النجاح.
وتستذكر المبارك لحظة دخولها إلى قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة (البرلمان) لأداء القسم (الوزير وفق الدستور الكويتي يصبح عضوًا بالبرلمان بحكم منصبه ويؤدي اليمين الدستورية وزيرًا أمام الأمير ونائبًا أمام مجلس الأمة) قائلة: “وجدت اعتراضًا من بعض النواب لأداء قسمي، وتدخل البعض لمنعي من أدائه، فهذه المرة الأولى التي تدخل فيها امرأة للقاعة لتصبح نائبة، وبالطبع كان هناك كثير من النواب الذين رفضوا قانون حقوق المرأة مازالوا نوابًا، وحاولوا منعي بذرائع مختلفة منها أنني لست مقيدة بسجل الناخبين، فلم تكن أي امرأة آنذاك مقيدة بسجل الناخبين”.
وأشادت الوزيرة السابقة بموقف أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح قائلة: “كان سموه رئيسًا للوزراء وتحدث في المجلس بالقول :”أنا ليس لدي قيد انتخابي، وهذا لم يمنع من كوني رئيسًا للوزراء وأداء القسم”.
مضيفة “كلام الأمير أعطاني دفعة معنوية قوية، وتعاون رئيس المجلس آنذاك المرحوم جاسم الخرافي معي، زاد من عزيمتي، فأديت القسم، وطلبت الكلمة لأتحدث في المجلس عن أهمية مشاركة المرأة وحقوقها السياسية التي حددها الدستور، وساوى فيها بين الجميع”.
المبارك لا تنسى مشاركتها مع زميلاتها النائبات الثلاث في برلمان 2009 (سلوى الجسار ورولا دشتي، وأسيل العوضي)، في إنجاز عدة قوانين تخص المرأة من بينها “قانون الرعاية السكنية لها، وتعديل قانون إقامة الأجانب الذي أنصف المرأة الكويتية في الحصول على إقامة لزوجها (أقل من 65 سنة)، وأبنائها (بعد سن 21) حتى لو كان الأبناء لا يدرسون أو كان الزوج لا يعمل، أما القانون الثالث فأسقط رسوم الرعاية التعليمية والصحية عنهم، وتعديل 15 مادة من قانون الخدمة المدنية، وكذلك أقرت تعديلات على قانون التأمينات الاجتماعية”.
لكن ذلك لا يعني انتهاء القوانين التي تميز بين الرجل و المرأة، فمن أبرز تلك القوانين برأي المبارك “قانون الجنسية الكويتية لسنة 1959، الذي لا يجيز للمواطنة الكويتية المتزوجة بغير كويتي أن تمنح أبناءها جنسيتها، بينما يجيز للمواطن المتزوج بغير كويتية ذلك، وكذلك منع توريث ما تمتلكه الكويتية المتزوجة من غير كويتي لأبنائها وغيرها من القوانين”.
بعد تجربة السنوات الـ11 ترى المبارك أنه “أصبح لصوت المرأة قيمة، وحدث تقدم بالنسبة لحقوقها، لكن على مستوى الممارسة على أرض الواقع الشارع الكويتي لم يتقبل المرأة السياسية، ومع الأسف المرأة لم تثق في غيرها من النساء، وتوجهت لدعم الرجل كسياسي أكثر من المرأة، وهذا تجلى في دعم عدد كبير من الناشطات النساء للمرشح الرجل في أكثر من انتخابات برلمانية”.
وعن أسباب ضعف تجربة المرأة الكويتية سياسيًا توضح المبارك “ذلك يكمن في عدة محاور، أولها الميراث الذكوري في المجتمع، إذ يصعب نسف ميراث ذكوري في التفكير وأسلوب الحياة ترسخ لقرون طويلة بقرار برلماني، فهو مترسخ في أذهان الرجال وكثير من النساء، لأنه ليس ثقافة مجردة بل هو نمط حياة متأصل أحقابًا طويلة، وكذلك المرأة تتحمل جزءًا من المسؤولية لعدم عدم فاعليتها في الجمعيات والروابط المهنية رغم وجودها فيها جميعًا”.
وتتابع “البيئة السياسية في الكويت ما زالت غير حيادية، والتنميط الاجتماعي بأن المرأة غير صالحة لممارسة العمل السياسي أثّر كثيرًا على دورها ومسيرتها”.
وتشير إلى وجود فجوة بين المرأة والرجل في تسلم المناصب القيادية، إذ أن “المرأة في مراكز القرار لا تزيد عن 11.9%، في حين أنها تشكل 64% من المقاعد الدراسية، و59% من قوة العمل الكويتية”.
وبعد أن كانت الأولى في انتخابات 2009، حلّت المبارك في المركز 11 في انتخابات 2013 وفشلت في دخول المجلس، مرجعة سبب إخفاق المرأة وعدم قدرتها على دخول المجلس في الانتخابات الأخيرة (2013)، إلى قانون الانتخابات الجديد “الذي قلص عدد الأصوات التي يحق للناخب الإدلاء بها من 4 أصوات إلى صوت واحد”.
ورأت أن نظام الصوت الواحد الانتخابي صعب الأمر، مستطردة في هذا الصدد بالقول: “الناخب كان يعطي المرأة في السابق صوتًا من الأربعة أصوات التي من حقه أن يمنحها للمرشحين، لكن في ظل وجود صوت واحد فسوف يمنحه الناخب للمرشح وفق حسابات الانتخابات المعقدة، والتي تصب غالبًا في مصلحة الرجل، فهناك معايير الفئوية والقبلية والطائفية وغيرها، والمرأة تدخل الانتخابات كمستقلة وحين يكون معيار الكفاءة والمهنة والقدرة على الأداء هي معايير الاختيار، فعندها ستكون في المقدمة”.
وفي 1 ديسمبر/ كانون أول 2012، كانت أول انتخابات برلمانية تجرى في الكويت بنظام الصوت الواحد لكل ناخب، بعد أن تم إصدار مرسوم أميري بتعديل قانون الانتخاب وتقليص عدد الأصوات من 4 أصوات لكل ناخب إلى صوت واحد.
وبسؤالها عن أسباب استقالتها من منصبها كوزيرة للصحة في 25 أغسطس/ آب 2009، قالت المبارك “أردت باستقالتي أن أنسجم مع مبادئي، فالمنصب مسؤولية وليس ميزة، فقد عملت خلال سنواتي الثلاث في الوزارة بإخلاص، وتوجتها بأن تحملت المسؤولية السياسية كوزير مسؤول عن صحة أهل الكويت والمقيمين على أرضها، فاحتراق جزء ولو كان صغيرًا من مستشفى، أشارت التقارير لاحقًا أنه بسبب ماس كهربائي، يبقى من مسؤولية الوزير السياسية”.
وفي 25 أغسطس/ آب 2007 أصدر نائب أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مرسومًا بقبول استقالة المبارك بعد أن لقي مريضان حتفهما وأصيب 19 آخرين، في حريق نشب بمستشفى في بلدة الجهراء الواقعة على بعد 30 كيلو مترًا غربي العاصمة الكويت.
في 12 يونيو/حزيران 2005 تم اختيار المبارك لتكون أول امرأة في تاريخ الحكومة الكويتية، تعين كوزيرة للتخطيط ووزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية، وتصبح لاحقًا وزيرة للمواصلات بالتشكيل الوزاري في يوليو/ تموز 2006، ومن ثم عينت وزيرة للصحة بالتشكيل الوزاري عام 2007.
وتعود جذور مجلس الأمة إلى انتخابات 1961 من أجل تأسيس مجلس دستوري، وتمخض عن تلك الانتخابات مسودة للدستور أعقبها انتخابات عام 1963 التي جاءت بمجلس الأمة الأول.
وفي مايو/ أيار 2005 منح البرلمان المرأة الكويتية حق التصويت والترشيح في الانتخابات البرلمانية لمجلس الأمة، وبعد 4 سنوات في مايو/ أيار 2009، نجحت 4 نساء في الحصول على مقاعد بالبرلمان.
ويتألف مجلس الأمة الكويتي من 50 عضوًا يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب العام السري المباشر، وفقًا للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب، ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاءً في المجلس بحكم وظائفهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعًا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة.
+ There are no comments
Add yours