يدخل عمال مصر عيدهم السادس منذ ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011، متّشحين بالسواد على ما آلت إليه أحوالهم المعيشية، بسبب “التجاهل الحكومي لظروفهم الاقتصادية القاسية ومطالبهم، واستغلالاهم من أصحاب رؤوس الأموال، والقطاع الخاص”.
وعام 1964 أقرَّ الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، الأول من شهر مايو/أيار من كل عام، عيدًا لعمال مصر، حيث بات هذا اليوم عطلة سنوية رسمية، لكنّ المناسبة المخصصة للاحتفال تتحول إلى احتجاج كل عام على تردي أوضاع العمال.
وكانت الاحتجاجات العمالية شرارة الغضب الشعبي طوال السنوات التي سبقت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث ارتفعت حدة أصوات العمال المطالبة بما يرونه حقا لهم، وكان أبرز تلك الاحتجاجات ما شهدته مدينة “المحلة” (شمالي القاهرة) في أبريل/نيسان 2008، والتي تعتبر من أهم الخطوات على الطريق إلى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
لكن الشهور التي تلت الثورة، قبل وعقب انتخاب محمد مرسي (أول رئيس مدني) لم تهدأ حدة الاحتجاجات، وامتدت إلى إضرابات واعتصامات قادتها الفئات العمالية، التي ترفع مطالب اقتصادية، واجتماعية، وأخرى خاصة بتحسين بيئة العمل.
وركزت مطالب العمال على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق حد أدنى وأقصى للأجور، وإقرار قانون الحريات النقابية، للسماح لهم بتنظيمات أكثر قوة تعزز من قدرتهم على التفاوض مع أصحاب الأعمال والدولة.
ويتعزم عمال مصر تحويل اليوم الأحد 1 مايو/أيار، من عيد سنوي إلى “يوم حداد”، تعبيرًا عن أوضاعهم خلال هذا العام، وتنديدًا بـ”الهجوم المستمر ضدهم من الحكومة وأصحاب الأعمال”، وفقًا لـ”علي البدري” رئيس “اتحاد عمال مصر الحر”.
وقال “البدري”، في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، إن “عددًا من النقابات العمالية، والاتحادات العمالية شكّلت لجنة تنسيقية، وسينظمون مؤتمرًا، ووقفة احتجاجية غدًا الأحد، بمقر نقابة الصحفيين (وسط القاهرة)، بحضور عدد من أعضاء البرلمان والشخصيات العامة، مرتدين (أوشحة سوداء)؛ حدادًا على حقوق العمال”.
وأشار، إلى أن من أهم مطالب العمال حاليًا تتمثل في “قانون الحريات النقابية، والحدين الأدني والأقصى للأجور، وقانون العمل، وعودة المفصولين لشركاتهم، ووقف الخصخصة”.
وأضاف أن “أجور العمال في مصر أدنى أجور على مستوى العالم في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ويوجد حاليًا آلاف العمال المفصولين، والمشردين، والمحاكم مليئة بالقضايا العمالية”.
وتساءل “هل الرئيس وأجهزته لا يستطيع التواصل مع الاتحادات والنقابات العمالية للاستماع لمطالبهم، أم السياسة أصبحت تعتمد على الكيان الواحد والهرم الواحد ؟”.
وحذر “البدري”، من موجة غضب محتملة، قائلا: “صوت الغلابة مرعب والغضب العمالي شديد، وسيتحول إلى ثورة جياع”، داعيًا الحكومة إلى ضرورة “تشكيل لجنة للتشاور مع العمال حتى تخرج بورقة جيدة”.
من جانبه، قال مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، إن “الأزمات العمالية تفاقمت خلال الفترات السابقة، لعدة أسباب من بينها عدم تشغيل المصانع بطاقة إنتاجية عالية، فمعظم الشركات كانت تعمل بطقة تقدر بـ 40% فقط، فضلاً عن خروج كثير من المستثمرين من السوق المصرية، في أعقاب ثورة يناير/كانون ثاني 2011”.
وذكر “البدوي”، في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، أن “الحل الحقيقي لأزمات العمال في مصر، يتمثل في إيجاد منظومة صناعية مصريَّة تحمل شعار صنع في مصر، وتطوير شركات قطاع الأعمال العام وتشغيل الشركات المتوقفة، وتشغيل مصانع جديدة، وتشجيع القطاع الخاص لتطوير خدماته المقدمة للعمال”.
وفي السياق، قال جمال عبد الناصر عقبى، وكيل “لجنة القوى العاملة”، في مجلس النواب المصري، في تصريح لـ”الأناضول”، إن “مجلس النواب بدأ مناقشة العديد من مطالب العمال، ويعكف حاليًا على وضع خطة عمل تتضمن الانتهاء من قانون الخدمة المدنية، بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحافظ على حقوق العاملين”.
وكشف “عقبى”، أن لجنة “القوى العاملة”، أنهت قانون العمل الجديد، وأرسلته إلى مجلس النواب، لافتا إلى أن البرلمان قدّم عريضة بمطالب العمال إلى رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، مؤخرًا، تضمنت إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، وعودة العمال المفصولين إلى شركاتهم، وتسوية الأزمات بين القطاع الخاص والعمال.
وأشار، إلى أن الرئيس “السيسي” وافق على تخصيص 100 مليون جنيه من صندوق “تحيا مصر” (حكومي)، من أجل دعم صندوق “إعانات الطوارئ للمنشآت المتعثرة”؛ لمساعدة الشركات المتعثرة وصرف أجور عمالها.
وأظهر تقرير أصدره “مؤشر الديمقراطية”، التابع للمركز التنموي الدولي بمصر (غير حكومي) اليوم السبت، أن الاحتجاجات التي وقعت بالأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2016، بلغت 493، بمتوسط 4 احتجاجات يوميًا، واحتجاج كل 6 ساعات.
وأشار التقرير، الذي اطلعت “الأناضول” على نسخة منه، إلى أن شهر فبراير/شباط تصدر المشهد الاحتجاجي بـ164 احتجاجًا، لافتا إلى أن الأحداث السياسية خلقت تأثيرًا عكسيًا، حيث انخفضت الاحتجاجات العمالية، خلال الأشهر التي شهدت أحداثًا سياسية.
وبينما رصد التقرير 54 حالة وفاة لعاملين داخل أماكن العمل بسبب “انعدام تدابير الأمن و السلامة المهنية”، فإنه ذكر، أن المطالبة بالمستحقات المالية للقوى العاملة تصدرت المشهد الاحتجاجي. ونوه إلى وزارة “القوى العاملة”، عجزت عن حل أكثر من 75% من المشكلات الاجتماعية للعمال.
+ There are no comments
Add yours