أبوبكر أبوالمجد
العاشر من يونيو 2014 .. أصدر آية الله العظمى علي السيستاني فتوى تجيز التعبئة الشعبية لأكبر عدد من المقاتلين ولأي مدة من الزمن تكون ضرورية لدرء خطر تنظيم داعش.
وبالتوازي مع الفتوى الشيعية تأسست لجنة لوحدات الحشد الشعبي، منبثقة عن مكتب رئيس الوزراء لإضفاء الطابع المؤسساتي على التعبئة الشعبية والطابع الرسمي داخل قوات الأمن العراقية.
وتأسست وحدات الحشد الشعبي، بقيادة أمين عام «منظمة بدر» هادي العامري وأبو مهدي المهندس.
وتسيطر منظمة بدر التي تضم أكثر من 20 ألف مقاتل تقريبا على وزارة الداخلية، ويقود أبو مهدي المهندس، المدرج في قوائم الإرهابيين بالولايات المتحدة مهمة تأمين الموارد اللازمة لتحويل “لجنة” رئيس الوزراء لـ«وحدات الحشد الشعبي» إلى وزارة دائمة، على نحو مشابه لقوات «الباسيج» أو «الحرس الثوري الإسلامي» في إيران.
كما يضم الحشد الطائفي الجماعات المدعومة من إيران مثل «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، والتي استخدمت التعبئة الشعبية في محاولة محو سمعتها السابقة كعميلة لإيران أو الميليشيات الطائفية والإجرامية.
وفي مارس 2015 شجّع عمار الحكيم، رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، العبادي على قطع رواتب 30 ألف من مقاتلي «وحدات الحشد الشعبي» التي بلغ عدد أفرادها 110 آلاف شخص، إلا أن هذا الانخفاض المؤقت في تجنيد أفراد «وحدات الحشد الشعبي» لم يدم طويلاً، فمع التفاوض على الميزانية العراقية لعام 2016 في أواخر العام الماضي، حصل أبو مهدي المهندس وهادي العامري، على موافقة رئيس الوزراء حيدر العبادي على ميزانية تبلغ 2 مليار دولار، وبالتالي ارتفعت رواتب أفراد «وحدات الحشد الشعبي» المقررة لعام 2016 لتشمل 120 ألف شخص.
الجرائم مباحة
كل الجرائم كانت مباحة لرجال الحشد الشعبي، وجميع عمليات خطف العراقيين والأجانب والسرقة والسطو المسلح التي قام بها أفراد مليشيا الحشد لم يكن بإمكان رجل أمن استصدار مذكرة اعتقال، أو محاولة احتجاز فرد من أفراد الحشد الشعبي التي تخضع لقيادة «منظمة بدر» والمهندس.
وإزاء تنامي الأعمال الإجرامية التي تقوم بها الميليشيات في بغداد والبصرة وديالى وطوز خورماتو وبيجي، ذهب رئيس الوزراء العبادي أبعد من ذلك في 15 فبراير عندما دعا إلى إجراء تدقيق في عدد أفراد «وحدات الحشد الشعبي» وشكك فيما إذا كان أكثر من 60 ألف مقاتل من هذه الوحدات يشاركون فعلياً في القتال مضيفاً: “لا بد لي من دعم المقاتلين الحقيقيين في «وحدات الحشد الشعبي»”.
وهم معركة العبادي
واهم من يتخيل أن العبادي كان صادق النية في تقليص عدد مقاتلي الحشد، فمعركة زيادة أفراد الحشد فازوا بها، وكذلك الميزانية وأخيرا القانون الخاص بهم.
فالغالبية السياسية، وبعيدا عن التوافق السياسي، قامت يوم الثلاثاء الماضي، بتشريع قانون “الحشد الشعبي”.
ومن غير الممكن، وفق متابعين للملف العراقي، لغالب فصائل “الحشد الشعبي”، التي يؤكد كثيرون ارتباطها بولاية الفقيه، أن تكون تحت سلطة القانون مهما أراد رئيس الوزراء العراقي ذلك، على افتراض أنه يريده فعلا.
نعرات طائفية
وكيف تخضع هذه المليشيا لسلطة رئيس الوزراء العراقي، وهناك قيس الخزعلي زعيم “عصائب الحق” والذي قال بعد إقرار قانون الحشد: “حشدنا دائم إلى أن يقوم القائم” ومن قبله شعار المالكي حين قال: “قادمون يا حلب ويا رقة ويا يمن”.
هذه الشعارات تؤكد أن مليشيا الحشد لها أجندات إيرانية تعبر حدود العراق، وبأمر القانون بات الاعتراف بهذه المليشيا رسميًا.
ففي الوقت الذي توعد فيه نائب قائد “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس بقطع يد كل من يمد يده إلى العراق، حذر رئيس “هيئة الحشد الشعبي” فالح الفياض السياسيين المعارضين لقانون الحشد من مغبة الاستمرار على نهجهم في توجيه الانتقادات إليه، لأنه أصبح ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية.
وهدد النائب عن “التحالف الوطني” موفق الربيعي أي شخص أو وسيلة إعلام تصف هيئة الحشد بـ«الميليشيات»، إذ إنها ستكون تحت طائلة القانون العراقي. وقال آخر إن “من يرفض قانون الحشد، فإنه يقف مع “داعش” نقطة رأس سطر”.
وبهذا القانون فإن قانون مكافحة الإرهاب الذي تم تشريعه في يناير2005، قد انتهى مفعوله لمصلحة قانون الحشد في نوفمبر 2016، ويعني ذلك أيضا أن الشرطة التي تأسست هي الأخرى من خلال دمج الميليشيات بعد 2003 لم تعد قادرة على مواجهة هذه التحديات، فكان لا بد من استعدادات استثنائية، فجاء قانون الحشد.
+ There are no comments
Add yours