في ظل معاناة الاقتصاد المصري، وبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات بحسب تصريح لوزير المالية المصري، وافق صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، مبدئياً، على منح مصر قرضًا ماليًا بقيمة 12 مليار دولار أمريكي، على ثلاث سنوات بانتظار موافقة المجلس التنفيذي النهائية خلال وقت لاحق.
وتعاني الدولة المصرية حاليًا أزمة تراجع حقيقية في أرقام مؤشراتها الاقتصادية، منذ ثورة 25 يناير/كانون ثاني وارتفعت حدتها في العامين الماضي والجاري.
ويأتي حصول مصر على القرض، تزامناً مع تراجع احتياطات البلاد الأجنبية، وخفص قيمة العملة المحلية، وارتفاع نسب التضخم إلى مستويات قياسية، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وبلوغ الدين الخارجي للبلاد مستويات غير مسبوقة.
وأدت ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011 إلى تراجع متواصل في النقد الأجنبي المصري، وارتفعت وتيرته نهاية العام الماضي والعام الجاري، بسبب تراجع إيرادات السياحة وقناة السويس وتباطؤ نمو الاستثمار الأجنبي.
وتراجع الاحتياطي الأجنبي لدى مصر إلى 15.536 مليار في نهاية يوليو/تموز الماضي، مقابل 36 مليار دولار في 2011، وتواصل البلاد منذ 4 سنوات، توفير العملة الأجنبية للتجار بشكل رئيس من خلال عطاءات يومية قبل أن تصبح أسبوعية بقيمة 120 مليون دولار لتوفير قيمة الواردات.
ودفع شح العملة الأحنبية، الحكومة المصرية خلال وقت سابق من العام الجاري لإطلاق شهادات شبيهة بالسندات تحت اسم “شهادة بلادي الادخارية” للمغتربين، بشراء هذه الشهادات وعوائد مالية بنسب تبدأ من 3.5٪، وبرنامج آخر لشراء المصريين المغتربين الأراضي بعملة الدولار الأمريكي.
وقالت مؤسسة موديز لخدمات المستثمرين، في مارس/آذار الماضي، إن شهادة “بلادي” الادخارية التي أطلقتها 3 بنوك للمصريين بالخارج، ستدعم الحصيلة الدولارية في تلك البنوك وتصنيفها الإيجابي، إلا أنها “غير كافية للحد من الضغط على السيولة الأجنبية في السوق المصرية”.
وأدى نقص العملة الأجنبية إلى الضغط على الجنيه المصري، خلال العام الجاري، ليخفض البنك المركزي المصري (المؤسسة المعنية بوضع السياسة النقدية) منتصف مارس/آذار الماضي، سعر صرف الجنيه 112 قرشاً أمام الدولار، بنسبة 14.5% إلى 8.85 جنيهات.
وتعاني مصر من وجود السوق السوداء، التي تضغط هي الأخرى على العملة المحلية، وتبيع الدولار بأسعار مرتفعة، لتلبية حاجة السوق، لتسجل السوق السوداء أعلى سعر للدولار في تاريخ البلاد إلى 13 جنيهاً.
وتأثرت أسعار المستهلك بنقص العملة الأجنبية وتراجع قيمة الجنيه، ليبلغ معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك في مصر عند 14.8% في يوليو/تموز الماضي.
وقال الإحصاء المصري الشهر الماضي، أن معدل التضخم في مصر بلغ 10.7% في نهاية السنة المالية 2015/2016، التي انتهت في 30 يونيو/حزيران 2016.
ويتضمن مشروع الموازنة العامة المصرية للعام الجاري 2016/2017، التحول إلى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة (ينتظر موافقة البرلمان) لتحقيق ايرادات إضافية للخزانة العامة بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي بما يعادل نحو 35 مليار جنيه (3.9 مليارات دولار) وفق وزارة المالية، ما سيدفع أسعار المستهلك للصعود.
فيما أعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي عن رفع تعرفة الكهرباء بنسب تتراوح بين 17٪ و46٪، نافية أن يكون للرفع أية علاقة بزيارة الصندوق للقاهرة.
في سياق متصل، قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي كريس جارفيس، الخميس، إن القرض لمصر سيقود إلى توفير فرص عمل خاصة للنساء والشباب، إلى جانب خفض الدين العام والتضخم، ورفع من نسب النمو.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، أن معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الجاري بلغ 12.7٪ من إجمالي قوة العمل بعدد عاطلين عن العمل بلغ 3.6 ملايين شخص، بزيادة قدرها ثلاثة آلاف متعطل عن الربع الأخير 2015.
وبيّن تقرير رسمي نهاية الأسبوع الماضي، أن معدل البطالة في صفوف الشباب المصري للفئة العمرية بين (18- 29 سنة)، بلغ 26.7% بواقع، فيما بلغت نسبة البطالة بين الشباب في الفئة العمرية (18 – 29 سنة) الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى 41.5%.
وأبدت وسائل إعلام مصرية، تخوفاتها من قيام الحكومة بتسريح مئات آلاف الموظفين لخفض فاتورة الرواتب الحكومية، قبل أن تنفي وزارة المالية الأسبوع الماضي أنباء اشتراط “الصندوق” تسريح مليوني موظف حكومي لمنح القاهرة القرض.
ونوه جارفيس، أن القرض سيعمل على تعزيز السياسة المالية للحكومة، “لوضع الدين العام على مسار تنازلي.. ومن المتوقع أن ينخفض الدين الحكومي (الداخلي والخارجي) من 98٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2015/2016 إلى 88٪ في العام المالي 2018/2019”.
ومؤخراً، أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 53.4 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2016، بما يعادل 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 39.8 مليار دولار في نفس الشهر من 2015، بزيادة قدرها 13.6 مليار دولار خلال عام.
+ There are no comments
Add yours