انتقاد تركي للتدخل الخارجي في ليبيا

1 min read

انتقد المبعوث التركي الخاص إلى ليبيا، أمر الله إيشلر، “ازدواجية” بعض الدول تجاه أزمة ليبيا، مما يظهر أن لها “أجندة خفية”، مشيرا إلى أن بلاده ترفض التدخل الخارجي بليبيا، وتقف على مسافة واحدة من الجميع، وترى أن الحل يكون عبر الحوار.

وردا على سؤال بخصوص ما تردد عن التدخل الفرنسي لدعم القوات التابعة لمجلس النواب المنعقد شرقي ليبيا، والتي يقودها اللواء خليفة حفتر، أوضح “إيشلر”: “نرفض تقديم دعم لطرف على حساب طرف آخر، هذا ليس شيئا إيجابيا”.

وأضاف في حوار مع الأناضول: “أصف هذه التصرفات بالازدواجية، وهو ما يعني أن تدعم اتفاق الصخيرات (لتسوية الأزمة الليبية)، وبعد ذلك تقدم مساعدات لطرف آخر، لكي يستمر في محاربة إخوان لهم في مدن ليبية أخرى، هذا ليس حلا”.

واعتبر أن “هذه التصرفات والدعم تعمق المشكلة”، مؤكدا: “نرفض التدخل الخارجي، وأوجه دعوة لكل الدول واللاعبيين السياسيين أن يكونوا مخلصين، إن كانوا يريدون الحل .. فالطريق واضح، ولكن من لا يرغب بذلك، وعنده أجندات خفية، يتجه إلى طرق أخرى، فهذه الطرق نهايتها مسدودة مع الأسف”.

وأول أمس الأربعاء، كشفت مصادر عسكرية وأمنية ليبية مطلعة لوكالة الأناضول، أن القوات الفرنسية الخاصة الداعمة للقوات التابعة لمجلس النواب المنعقد شرقي ليبيا، والتي يقودها اللواء خليفة حفتر، انسحبت من منطقة بنغازي (شرق) منذ قرابة 3 أيام، غير أنها لم تستبعد عودتها مرة أخرى بأي وقت، فيما أعلنت فرنسا الشهر الماضي مقتل ثلاثة من جنودها كانوا يقومون بعمليات استخباراتية في تحطّم مروحيتهم في بنغازي، في إعلان يُقر بوجود قوات فرنسية في ليبيا.

وأفاد “إيشلر”، بأن “الشعب الليبي متعطش للإنجازات والخدمات، فلا بد من دعم الحكومة (حكومة الوفاق)، عبر ترك الازدواجية من قبل بعض الدول”، موضحا أن “تركيا الدولة الوحيدة التي ليس لها أجندة”.

ولفت إلى أن “النظام العالمي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، لم يرضوا بالديمقراطية للعرب، ودول الربيع العربي أُدخلت عمدا في الفوضى، وهو ما يحدث حاليا في سوريا، وليبيا واليمن، ومصر، حيث المشاكل المستمرة، فننتظر منهم الحل لأنهم هم من صنعوا المشكلة”.

وتابع: “حتى نصل إلى حل لا بد أن يكون هناك تعاون حقيقي بين الدول في المنطقة، وتركيا مستعدة لذلك، ولكن بداية يجب ترك السياسة الازدواجية للوصول إلى حل، وتركيا تتوفر لديها إرادة سياسة وإخلاص، وهي صادقة ومستعدة لبذل جهدها بشكل كبير، للوصول بدول المنطقة إلى بر الأمان”.

وفي نفس الإطار، أوضح المبعوث التركي أنه “زار ليبيا والتقى الأطراف، وأن تركيا ترى المشكلة سياسية وتقتضي حلا عبر الحوار، وبناء على ذلك ومنذ البداية، رفضنا التدخل الخارجي في ليبيا، لأنه سبب مشاكل كثيرة في دول أخرى بالمنطقة”.

وتابع: “كنا ولا زلنا على مسافة واحدة من الجميع، ما زالت قنوات الاتصال بين تركيا والأطراف الليبية مفتوحة، وعندما وصلت محاولات الأمم المتحدة لنتيجة، ذهبنا لاجتماع روما في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكنت حاضرا مع وزير الخارجية (مولود جاويش اوغلو)، ورأينا أن كل الدول والمنظمات العالمية دعمت اتفاق الصخيرات”.

وأردف: “بعد ذلك حضرت تركيا حفل التوقيع في الصخيرات (17 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالمغرب)، ولكن بعد ذلك رأينا بعض الدول التي حضرت اجتماع روما، لم تحضر الصخيرات، فيما نحن لم نغير سياستنا، ومازلنا ندعم حكومة الوفاق الوطني، ونوجه الدعوة للجميع بدعم حكومة الوفاق”.

ورغم المساعي الأممية لإنهاء الانقسام عبر حوار ليبي جرى في مدينة الصخيرات وتمخض عنه توقيع اتفاق، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، إلا أن هذه الحكومة لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذان يعملان في شرق البلاد.

وحول مكافحة الإرهاب في ليبيا، أوضح إيشلر أن “مكافحة الإرهاب وداعش لا بد أن تقوم الحكومة بها (الوفاق) بدلا عن التدخل الخارجي، ومع الأسف رأينا بعض الدول التي حضرت لروما، ودعمت اتفاق الصخيرات، تتبع السياسية الازدواجية، وتكون لها مواقف متباينة.وأردف قائلا: “سياسة تركيا واضحة، ومنذ اليوم الأول قلنا أن المشكلة سياسية، وأن الحل سياسي، ورفضنا التدخل الخارجي، ودعمنا اتفاق الصخيرات، وحكومة الوفاق، ومستمرون بهذا المنوال”.

وأضاف: “ما دامت الأمم المتحدة قد أعلنت أن حكومة (الوفاق) شرعية، فلا بد من دعمها، وتفعيل آليات ومؤسسات الحكومة، ولو رغب العالم بالاستقرار والأمن في ليبيا، فلا بد أن يدعم هذه الحكومة، لأننا نرى أن لا بديل آخر”.

وتابع: “الأطراف في طرابلس ومصراته اعترضوا على بعض مواد الاتفاق (الصخيرات)، ومثل هذه الاعتراضات وصلت من طبرق، ولكن قلت بدل طلب التعديل على مواد الاتفاق، فإنه (الاتفاق) ينص على صياغة دستور جديد مدني، فشكلوا لجان من أجل ذلك، لأن هذه الفترة مؤقتة وقابلة للتمديد، ولا بد من تشكيل مؤسسات الدولة من الجيش والشرطة، والشعب متعطش للخدمات الصحية والبلدية والنظافة، وهناك نقص في الكهرباء”.

أما فيما يتعلق بالتدخل الأمريكي عسكريا في سرت ضد “داعش”، جدد إيشلر تأكيده على أن “تركيا ترفض التدخل الخارجي من أي طرف كان، ما دام هناك حكومة مدعومة من دول المنطقة والمنظمات الدولية، ولا بد من تقديم الدعم لها لمكافحة عناصر داعش، حكومة (الوفاق الوطني) بدأت بالفعل تكافح داعش، وهناك إنجازات كبيرة في سرت وأماكن أخرى”.

وأوضح: “لو يُقدم الدعم الحقيقي للحكومة، ستستطيع أن تتقدم وتكافح هذه العناصر، فلماذا التدخل الخارجي الذي ربما له جوانب إيجابية بسيطة، ولكن جوانبه السلبية أكثر بكثير، والشعب في المنطقة يرفض بشدة التدخل الخارجي، لأنه استنتج دروسا من التدخل الأمريكي والبريطاني في العراق، وتدخل روسيا في سوريا، وتدخل إيران في الدول التي تشهد مشاكل”.

المبعوث التركي إلى ليبيا شدد أيضا على أن “التدخل الخارجي ليس في صالح أي دولة، فلابد للحل أن يكون من الداخل، دعونا نساعد إخواننا في الداخل، وهناك حكومة (الوفاق)، ونشجع جميع الأطراف للانضمام إلى الحكومة، إذ أن ليبيا بحاجة لصياغة دستور جديد، ولا بد لهذه اللجنة أن تعمل، ونضع مدة زمنية 8-10 أشهر، ننجز دستورا، وبناء عليه بإمكان ليبيا أن تنتقل إلى دولة ديمقراطية”.

وفيما يتعلق بالمحاولة الانقلابية التي أقدمت عليها مجموعة من الجيش مرتبطة بمنظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، ليلة 15 تموز/يوليو الجاري، قال إيشلر إن “المحاولة دامية ومدمرة، وفي تاريخ تركيا هناك انقلابات عشناها لم تكن كهذه، ولكنهم خططوا هذه المرة أن تكون دامية، وكانت هناك تعليمات بقتل الأبرياء والمدنيين، ودهسهم بالدبابات، وقصفهم بالمروحيات، وعدد الشهداء بلغ نحو 240، مع سقوط أكثر من ألف جريح”.

وأضاف أنها “ليست محاولة انقلاب، بل محاولة انتحار، وهذه المجموعة انتحرت هذه الليلة، وبعدها انتصر الشعب، إذ أن مجموعة كبيرة من الجيش لم تشترك بالمحاولة، والأهم أن معظم (قوات) الشرطة كانت قوية وصامدة، ولعبت دورا في إفشال المحاولة بشكل إيجابي، والفضل الأساسي يرجع للشعب الذي نزل الشوارع بمجرد سماعه بالمحاولة بحدود العاشرة والنصف مساء، وقبل الحادية عشرة كانوا في ميادين تركيا”.

وانتقد مواقف الدول الغربية وأمريكا ليلة الانقلاب، مبينا أنه “مع الأسف لم نر دعما إيجابيا وديمقراطيا ومبدئيا من الدول الديمقراطية، وعندما حصل الانقلاب في مصر، الدول الديمقراطية الغربية كذلك لم يقدموا مواقف إيجابية، وحتى الآن لم يزر أي رئيس دولة، أو رئيس حكومة (من الدول الغربية) تركيا، وبهذه المواقف نستنتج بأن الدول الغربية لا تريد الديمقراطية في غير دولها، لا في تركيا، ولا في الدول العربية”.

ونفى أن “تكون هناك احتمالات لمحاولة انقلابية جديدة، ولكن قد تحدث بعض المحاولات الفردية في المستقبل، فالتوقيفات مستمرة، وإقصاء عناصر هذا التنظيم من الجيش والشرطة والقضاء مستمر، ووصلنا لمرحلة لا بأس بها من القضاء على التنظيم في مؤسسات الدولة”.

وشدد على أن “الشعب متفائل بالمستقبل، والمؤشرات الاقتصادية بعد الانقلاب لم تتغير، والذين حاولوا الانقلاب لا يريدون الخير لتركيا، التي تنمو منذ 15 عاما وتكبر”.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours