ناقش زعماء أذربيجان وروسيا وإيران، مواضيع تتعلق بمشاريع الطاقة والنقل والعلاقات الاقتصادية وقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، وأصدروا بيانًا مشتركًا تناول أهم مجالات التعاون بين بلدانهم.
جاء ذلك في إطار أعمال القمة الثلاثية على مستوى رؤساء البلدان الثلاثة، التي عقدت اليوم الإثنين، في مركز حيدر علييف للمؤتمرات بالعاصمة الأذرية باكو، واستضافة الرئيس الأذري إلهام علييف، ومشاركة نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني.
ولفت مستضيف القمة علييف الانتباه، في كلمة له خلال الاجتماع، إلى التهديد المتنامي للإرهاب الدولي، وقال إن هزيمة الإرهاب تتم من خلال ترسيخ التعاون.
كما شكر علييف كلًا من بوتين وروحاني على تلبيتهما دعوته وقدومهما إلى باكو، وقال: “اليوم هو يوم تاريخي. بلداننا ملتزمة بإجراء تعاونٍ ناجح، كما أن اللقاءات المتبادلة التي سوف نجريها من شأنها المساهمة في التنمية الاقتصادية لبلداننا، وتنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة”.
ولم يغفل علييف التطرق إلى الأزمة بين بلاده وأرمينيا التي تواصل احتلال إقليم “قره باغ” منذ تسعينيات القرن الماضي، مشيرًا أن يريفان ظلت لسنوات عديدة تواصل انتهاكاتها لوحدة أراضي بلاده، وتتجاهل القرارات الأممية التي تحضها على إنهاء الاحتلال.
وذكَّر الرئيس الأذري بأن أكثر من مليون مواطن في بلاده اضطروا لمغادرة بيوتهم والعيش كلاجئين في مناطق متفرقة من أذربيجان نتيجة احتلال أراضيهم من قبل أرمينيا، وأن الوضع الحالي في قره باغ “غير مقبول”، ويجب حل المشكلة في إطار القانون الدولي ووحدة التراب الأذري.
وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20% من الأراضي الأذرية، التي تضم إقليم “قره باغ” (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي “آغدام”، و”فضولي”، متسببة بتهجير نحو مليون أذبيجاني من أراضيهم ومدنهم، فضلا عن مقتل نحو 30 ألف شخص جراء النزاع بين الجانبين.
ورغم استمرار التفاوض بين البلدين منذ وقف إطلاق النار عام 1994، إلا أن المناوشات المسلحة على الحدود بين الفينة والأخرى، والتهديدات باندلاع حرب أخرى، ما تزال مستمرة، في ظل عدم توقيع الطرفين معاهدة سلام دائم بينهما.
من جهته قال الرئيس الإيراني، إن تطوير علاقات بلاده مع دول الجوار تقع في مقدمة أولويات سياسته الخارجية، ولهذا السبب فإنه يؤكّدُ دومًا دعمه لجميع المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون مع الجوار، داعيًا إلى عقد القمّة الثلاثيّة المقبلة في إيران.
أما الرئيس الروسي، فقد أكد على أهمية القمة الثلاثية من جهة كونها فرصة لتنسيق مجموعة واسعة من القضايا.
وأضاف بوتين قائلًا: “بالتأكيد نحن اليوم نفتح صفحة جديدة في علاقاتنا. إننا بحاجة لمثل هذا التعاون، سيما وأن البلدان الثلاثة حريصة على تعزيز ضمان التنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية، وتمتين العلاقات التجارية الاقتصادية”.
التوقيع على بيان مشترك
وفي نهاية أعمال القمة، وقع بوتين وعلييف وروحاني على بيان مشترك، أكّدوا من خلاله على ضرورة النظر في تحديد الوضع القانوني النهائي لبحر قزوين وحقوق الدول المطلة على سواحله في أقرب وقت ممكن.
كما تضمن البيان تأكيدًا على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية وتجارة الأسلحة غير المشروعة وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر ومحاربة الجريمة الإلكترونية، وإدانة لكافة أنواع الإرهاب، وتشديدًا على ضرورة اتخاذ كافة التدابير وإجراء المشاورات الثلاثية أو الثنائية التي تضمن تعاملًا بشكل فعالٍ مع قضايا الإرهاب.
وذكر أن الصراعات التي لم تحل في المنطقة تشكل عقبة أمام التنمية، وأنه ينبغي حل تلك الصراعات في إطار المفاوضات والقانون الدولي، مشيرًا إلى أن روسيا وأذربيجان وإيران قررت تطوير صيغ التعاون الثلاثي ليشمل مجال الأعمال، ومجالي الثقافة والسياحة، وإلى أهمية استمرار تبسيط نظام التأشيرات لمواطني الدول الثلاثة.
كما تطرق البيان، إلى أهمية تعزيز التعاون بين الأطراف في جميع المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي، استنادًا إلى المصالح المتبادلة، كذلك تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والمواصلات والتنمية.
ونوه البيان إلى أهمية المساهمات التي توفرها الدول الثلاث على صعيد الحفاظ على استقرار سوق الغاز الطبيعي الإقليمي والدولي ودعم مجال استخدام التقنيات الجديدة والمتطورة في إنتاج ونقل الغاز الطبيعي.
وشدد على دعم الدول الثلاثة لمشاريع تكامل البنى التحتية الخاصة بالاتصالات والمواصلات على المستوى الإقليمي، وانعكاسات ذلك التكامل على الاقتصاد والبيئة، واتخاذ خطوات فاعلة من أجل تحسين إمكانيات وخدمات نقل الركاب والبضائع عبر خط الشمال والجنوب (للسكك الحديدية).
وأكّد البيان على أمل البلدان الثلاث بتنفيذ مشاريع جديدة تعنى بتوحيد السكك الحديدية، وذلك لزيادة كفاءة ممر النقل الدولي المسمى الشمال والجنوب.
يشار أن خط السكك الحديدية المسمى “الشمال والجنوب”، تم الاتفاق على تشييده عام 2000 بين روسيا والهند وإيران، ثم انضمت دول بيلاروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزيا وأرمينيا وأذربيجان إلى المشروع في مراحله اللاحقة. –
+ There are no comments
Add yours