كتب- أبوبكر أبوالمجد
تحتفل جمهورية كازاخستان هذا العام، بمرور 150 عامًا على بطلها الفذ في المصارعة الرومانية، وبطل العالم لسنوات عديدة، قاجي موقان مونايتباسوف.
ووسط هذه الأجواء الاحتفالية، كرمت كازاخستان بطل مصر في دفع المطرقة، أو رمي الجلة، مصطفى الجمل.
وما يربط بين مونايتباسوف، والجمل، رغم مرور قرن ونصف، هي تلك الروح البطولية، وذلك الانتماء الشديد للوطن، وحب التضحية ورفع اسم البلاد عاليًا في كل مكان ومحفل رياضي.
البطل الكازاخي، استحق اليوم، أن نركب إليه عجلة الزمن، عائدين 150 عامًا إلى الوراء، كي نقص قصته على أعين القاريء العربي، ليعرف أحد أبرز رموز هذه الدولة الإسلامية الكبيرة العريقة، صاحبة التاريخ والأمجاد والأبطال.
مونايتباسوف، كان أول بطل عالم كازاخستاني في المصارعة الرومانية. فقد حصد العشرات من الألقاب العالمية، وحصل على العديد من الميداليات الذهبية.
فخلال مسيرته الرياضية حصد 48 ميدالية، وحصل على لقب فريد وهو فخري بطل السهوب الكازاخستانية.
ولد البطل الكازاخي، عام 1871، بقرية قارا أوتكيل، التابعة لمقاطعة أقمولا، في زمن الامبراطورية الروسية التي احتلت أراضي كازاخستان، كما احتلت العديد من البلاد.
طوله كان 194 سم، ووزنه، 139كجم، صارع في 54 دولة، وحصد كما ذكرنا 48 ميدالية، وكان العام 1910، إحدى نقاط التحول في حياته، حيث حصل على الميدالية الذهبية في بوينس آيرس، ثم توّج بطلًا للعالم في جوتنبرج بالسويد لأول مرة.
كانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يفوز فيها كازاخستاني ببطولة العالم.
ونظرًا لكراهية الروس وعنصريتهم ضد الكازاخ، والترك بشكل عام، فقد تم حرمانه من المشاركة أكثر من مرة في البطولات، حتى بدأ يشارك باسم ياباني مستعار «ياماغاطو موخانورا» عن مناطق “منشوريا”، وهي شمال شرق الصين.
فبطلنا كان عنده انتماء شديد لبلده كازاخستان، وكان يعتز بثقافته وهويته الكازاخية، ويفخر بذلك، فقال مدير معهد تشوقان فاليخانوف للتاريخ والأثنولوجيا، البروفيسور زيابيك قابولدينوف: “كان قاجي موقان مونايتباسوف وطنيًا حقيقيًا.. كان يرى دائمًا أنه ابن للشعب الكازاخستاني، وكدليل على احترامه لشعبه، كان يرتدي دائمًا قبعة شرقية (معطف يتم ارتداؤه فوق الملابس) وقبعة قازاقستانية تسمى التكية “.
وهذا يفسر لنا لماذا بعد مضي كل هذه العشرات من السنوات، لا يزال الشعب الكازاخي بطله الفذ، فليس هذا الحب، وهذه الشعبية الجارفة للبطل وليد مصادفة، أو دون مبرر، وليس حتى لبطولاته، وإنما لوطنيته وانتمائه الشديد لبلاده.
استطاع مونايتباسوف، أن يكون صداقات جيدة مع أعضاء بحزل كان لديه صلات جيدة بأشخاص من حزب ألاش، الذي كان مهتمًا بتعزيز الهوية الكازاخستانية، والتقى بهم في عام 1918 في أومسك.
بعد الحرب الأهلية، أسس أول مسرح كازاخستاني في كيزيلوردا في عام 1925. إلى جانب أنه أنهى مسيرته كمصارع في عام 1940، وجمع أكثر من 100.000 روبل لصندوق دفاع الاتحاد السوفيتي من خلال إظهار قوته وحيله في خيمة سيرك صغيرة للجمهور خلال الحرب العالمية الثانية.
تم استخدام هذه الأموال في شراء طائرة من طراز Po-2 للجيش السوفيتي. وكتب مونيتباسوف برقية إلى ستالين مفادها أنه سيتم تسمية الطائرة على اسم المقاتل الكازاخستاني السوفيتي الأسطوري أمانجيلدي إيمانوف، وتحقق له مطلبه.
حجّ بيت الله في سنة 1912 وبعد ذلك سمي «حاجي موقان»، وتوفي في 12 أغسطس 1948 في لينينسكوي زناميا كولخوز (مقاطعة جنوب كازاخستان).
خلدت كازاخستان حكومة وشعبًا اسم بطلها بتسمية العديد من الشوارع في ألماتي ونورسلطان، وسيمي، باسمه، كما يوجد تمثالًا له أمام ملعب كرة القدم المسمى باسمه أيضًا في شيمكنت – موطن نادي أورداباسي –.
كما افتتح متحفًا له عام 1980 في قرية تيمرلانوفكا Temirlanovkaعلى بعد حوالي 20 كيلومترا شمال شيمكنت.
البطل المصري
فإذا كان هذا حال البطل الكازاخي العظيم، قاجي موقان مونايتباسوف، فإن تكريمًا كازاخستانيًا فريدًا أيضًا وسط هذه الأجواء الاحتفائية بمونايتباسوف، كانت من نصيب البطل المصري مصطفى الجمل، صاحب الرقم المصرى والعربى والإفريفى، وصاحب الرقم القياسى في ٦ بطولات متتالية إفريقيًا.
ولد البطل المصري المتخصص في رمي المطرقة، أو دفع الجلة، أو رمي القرص، في الأول من أكتوبر عام 1988 بالجيزة، ويبلغ طوله 1.91 سـم، واعتاد على التتويج بالميداليات الإفريقية والعربية منذ مرحلة الشباب، كما سبق له المشاركة في بطولة العالم لرمي المطرقة، وكذلك دورة الألعاب الأولمبية 2012 بلندن.
بداية مصطفى الجمل مع لعبة رمي المطرقة جاءت وهو في الـ14 من عمره، عام 2002، وكان ظهوره الأول خلال البطولة العربية للشباب عام 2006 التي أقيمت في مصر، وهي البطولة التي نجح البطل المصري في الفوز خلالها بالميدالية الذهبية.
بعدها توج مصطفى الجمل بالميدالية الذهبية للبطولة الأفريقية للشباب عام 2007 التي أقيمت بوركينا فاسو، محققاً رقم قدره 66.36 متراً، ليشارك في العام التالي مباشرة في بطولة أفريقيا لألعاب القوى للكبار رغم أن عمره لم يتعد الـ19 عاماً.
واستطاع البطل المصري أن يضرب رقمه خلال عام واحد فقط، حيث حقق رقم قدره 69.70 متراً، ليحقق الميدالية الفضية لمصر خلال البطولة التي أقيمت في أثيوبيا معقل ألعاب القوى في القارة السمراء، ثم في عام 2010 بكينيا ليفوز بالميدالية البرونزية برقم وصل إلى 71.40 متراً.
في الوقت نفسه بدأ مصطفى الجمل رحلته مع العالمية بعدما احتل المركز الـ30 في بطولة العالم للكبار عام 2011 بكوريا الجنوبية، ليعود للمشاركة الأفريقية من جديد محققاً الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأفريقية في نفس العام نفسه بموزمبيق، ثم فاز بالمركز الثاني والميدالية الفضية بالبطولة العربية في قطر برقم قدره 70.23 متراً.
ومع بداية عام 2012، شارك مصطفى الجمل في البطولة الأفريقية لألعاب القوى في بنين لكنه اكتفى بالمركز الثالث برقم قدره 73.81 متراً، ليتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية لنفس العام بلندن، ليحقق رقم قدره 71.36 متراً حصل به على المركز الـ 29 بين لاعبي الفئة “A ” بالمسابقة.
وافتتح الجمل عام 2013 بالفوز بالميدالية الذهبية لبطولة دورة ألعاب البحر المتوسط التي أقيمت في تركيا، محققاً رقماً قدره 76.68 متراً، ليتجه بعدها للمشاركة في دورة التضامن الإسلامي بإندونيسيا، وهي المسابقة التي توج اللاعب بطلاً لها برقم قدره 77.73 متراً.
وفي عام 2014 شارك الجمل في البطولة الأفريقية لألعاب القوى بالمغرب، ليتوج بطلاً لها بكل سهولة محققاً الميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في المسابقة، بعدما حقق رقماً قدره 79.09 متراً، أمام البطل الجنوب أفريقي كريس هارميس الذي حقق رقم قدره 73.90 متراً، والمغربي باريد دريس الذي سجل رقم قدره 60.17 متراً فقط.
وفي نفس العام توج البطل المصري مصطفى الجمل بالمركز الثاني والميدالية الفضية في بطولة العالم للقارات التي أقيمت بمدينة مراكش المغربية، وحقق رقماً قدره 78.89 متراً خلال البطولة العالمية، ليحقق المركز الثاني خلف المجري بارس كريستيان – بطل دورة الألعاب الأولمبية 2012 وثاني بطولة العالم 2013 وبطل أوروبا لنفس العام – بفارق 10 سـم فقط، ومتفوقاً على البولندي بول في ايديك – بطل العالم 2013 ووصيف أوروبا 2014 – بفارق 84 سـم.
ونجح مصطفى الجمل في تحقيق رقم قدره 81.29 متراً خلال تجارب المنتخب المصري باستاد القاهرة قبل عدة شهور، وهو الرقم الذي اعترف به الاتحاد الدولي لألعاب القوى، حيث نشر حينها بياناً رسمياً عبر موقعه أكد فيه أن البطل المصري تمكن من كسر الرقم الأفريقي المسجل بأسم لاعب جنوب أفريقيا كريس هارميس بـ80.63 متراً.
ويعد الرقم الذي حققه مصطفى الجمل مؤخراً، يفوق أيضاً الرقم الأفضل عالمياً حاليا والمسجل بأسم المجري بارس كريسزتان بـ81.02 متراً، لكنه لم يصل إلى الرقم القياسي العالمي المسجل بإسم السوفيتي يوري سيدك والذي حققه عام 1986 ولم يتمكن أي لاعب طيلة الـ29 عاماً الماضية من كسره، حيث بلغ 86.74 متراً.
ثم فاز بذهبية دورة الألعاب الأفريقية 2015 بمسافة 74.92 التي أقيمت بالعاصمة الكونغولية “برازافيل” رغم أن اللاعب كان يعاني من اصابة في الركبة.
وحرمت الإصابة مصطفى الجمل من المشاركة في أوليمبياد ريو دي جانيرو عام 2016 لتضيع على مصر فرصة المنافسة على ميدالية أوليمبية في ألعاب القوى .
ثم عاد الجمل وفاز بذهبية بطولة إفريقيا للكبار في أغسطس 2018 قبل أن يتوج بفضية كأس القارات المقامة في التشيك.
وفي كازاخستان وقبل أيام قلائل، كان البطل المصري على موعد مع لقب جديد، في دولة شقيقه في حصد الألقاب والانتماء الوطني، البطل العالمي، قاجي موقان مونايتباسوف.
فالجمل، كان من بين 7 أبطال شاركوا في بطولة ألعاب القوى التي نظمتها كازاخستان، وكان المصرى الوحيد المشارك وتمكن من حصد الذهب، والحصول على المركز الأول في لعبة الإطاحة بالمطرقة. كما تمكن من تحقيق رقم عالمي جديد وهو(٣٣’٢٣) مترًا.
+ There are no comments
Add yours