دعا الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، إلى “الإسراع في وضع حد لمأساة سوريا”، التي قال إن “التاريخ الحديث لم يشهد مثيلاً لها”، معتبرا أنه “قد حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة من خلال تنفيذ مقررات جنيف ( 1 )”.
جاء هذا في كلمة بلاده، اليوم الأربعاء، أمام الدورة السنوية الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في مدينة نيويورك، والتي تناول فيها مواقف بلاده من قضايا شتى مثل الوضع في اليمن والأزمة السورية والقضية الفلسطينية، والعلاقات مع إيران ودور بلاده في مكافحة الإرهاب.
واحتلت جهود المملكة في مكافحة الإرهاب نصيب الأسد من كلمة ولي عهد السعودية ووزير داخليتها، منتقدا خلال السعي إلى إقرار قانون أمريكي يحمل اسم “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب”، والذي يفتح الباب أمام مقاضاة السعودية وطلب تعويضات منها على خليفة هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011، محذرا من تداعياته.
وفي هذا الصدد، أكد بن نايف أن “المملكة تولي أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب”، وأشار إلى أنها كانت من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب منذ أمد بعيد”؛ حيث “تعرضت منذ عام 1992 إلى أكثر من 100 عملية إرهابية؛ منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيمياً بدولة إقليمية (لم يحددها في خطابه)”.
وشدد على أن بلاده “لا تزال تخوض حرباً لا هوادة فيها على التنظيمات الإرهابية” .
وبين أن “أجهزة المملكة الأمنية تمكنت من الكشف عن 268 عملية إرهابية وإحباطها قبل وقوعها (خلال فترة لم يحددها) ، بما في ذلك عمليات كانت موجهة ضد الدول الصديقة (لم يحددها)”.
وقال إنه “قد أثار استغراب المملكة والمجتمع الدولي إصدار قانون في الولايات المتحدة يلغي أهم المبادئ التي قام عليها النظام الدولي وهو مبدأ الحصانة السيادية”.
وحذر من أنه “سيترتب عليه تبعات سلبية بالغة لن يقبل بها المجتمع الدولي” .
وشدد على أن المملكة” كانت من أوائل الدول التي أدانت وشجبت أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية، وعبرت عن تضامنها الكامل مع الولايات المتحدة، وسخرت كافة إمكاناتها للمساعدة في تعقب هذه الفئة الإجرامية لاجتثاثها وتخليص العالم من شرورها” .
وفي 9 سبتمبر/أيلول الجاري، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، بعد عدة أشهر من إقرار المشروع ذاته من قبل مجلس الشيوخ.
وفي أعقاب ذلك، جدد البيت الأبيض تأكيده على أن الرئيس باراك أوباما سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد هذا التشريع.
وكان 15 من بين 19 شخصا خطفوا الطائرات التي نفذت هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001 سعوديين.
واستكمالا لاستعراض جهود بلاده في مكافحة الإرهاب، نوه بن نايف بدور “التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب (الذي صدر بيان بتشكيله في ديسمبر/كانون الأول الماضي) والذي تم تأسيس مركزه في الرياض من قبل أربعين دولة إسلامية”.
وقال إن “المملكة قدمت له كافة التسهيلات والدعم اللازم ليقود التحرك الجماعي للدول الأعضاء لمحاربة الإرهاب”.
وفيما يتعلق بموقف بلاده من القضية الفلسطينية، شدد على أن “ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مآسي يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ كافة التدابير لوقف معاناة هذا الشعب الصامد”.
وأكد أن “المبادرة العربية للسلام هي الأساس لإحلال سلام شامل ودائم وعادل في المنطقة بما يمكّن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس”.
وفيما يتعلق بالوضع في اليمن، بين أن دول التحالف العربي، التي تقوده بلاده “وقفت إلى جانب الشعب اليمني حينما قررت فئة قليلة مدعومة من قوى خارجية اخضاع هذا الشعب العزيز بقوة السلاح”، في إشارة إلى الحوثيين والموالين للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وأكد أن “المملكة تؤيد بشكل تام مساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة (إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد) للوصول إلى حل سياسي، والذي قدم مقترحاً متوازناً وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2216 ) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني”.
وبين أنه “تم قبول هذا المقترح من الحكومة الشرعية ورفضه الانقلابيون الذين لا زالوا يقتلون ويحاصرون أبناء الشعب اليمني، ويهاجمون حدود المملكة ومدنها وقراها بالصواريخ الباليستية ويتسببون في قتل وجرح المدنيين”.
وشارك ولد الشيخ أحمد في 25 أغسطس/آب الماضي في وزاري خليجي أمريكي بريطاني عقد في مدينة جدة، غربي السعودية، وكشف في أعقابه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن مبادرة لحل الأزمة في اليمن، تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيين، مع انسحابهم من صنعاء، وتسليم الأسلحة الثقيلة في اليمن إلى طرف ثالث (لم يحدده).
ودعا ولي العهد السعودي إلى “الإسراع في وضع حد للمأساة الفظيعة في سوريا”، التي قال إن “التاريخ الحديث لم يشهد مثيلاً لها”.
وأشار إلى أنه “قد حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف ( 1 )”.
وبالنسبة للشأن الليبي، دعا بن نايف “الأشقاء في ليبيا إلى السعي لاستكمال بناء الدولة من جديد، والتصدي للجماعات الإرهابية”.
وبخصوص الوضع في العراق، أكد ولي العهد السعودي “على أهمية الحفاظ على وحدة العراق، وسلامة أراضيه، وتخليصه من جميع التنظيمات الإرهابية “، وأكد “شجب أي أعمال تؤدي إلى العنف الطائفي والفرقة”.
وحول علاقات بلاده مع إيران، قال بن نايف إن سفارة بلاده في طهران وقنصليتها في مشهد تعرضت في يناير/كانون الثاني الماضي للاقتحام والاعتداء تحت مرأى السلطات الإيرانية، متهما إياها بأنها “لم تقم بواجبها في توفير الحماية الكافية وفق الاتفاقيات الدولية الملزمة”.
ودعا السلطات الإيرانية إلى أن “تكون علاقتها مع دول المنطقة قائمة على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث”.
وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران، أزمة حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير/كانون ثان الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة، في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجاً على إعدام “نمر باقر النمر” رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مداناً بالانتماء لـ”التنظيمات الإرهابية”.
واكد ولي العهد السعودي “على ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وكافة أسلحة الدمار الشامل”.
وشدد “على أهمية تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الدولي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط”.
وأكد ان بلاده “لن تألو جهداً في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية، وسوف تستمر في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي، ودعمها للجهود المتواصلة لإدخال الإصلاحات اللازمة على أجهزة الأمم المتحدة” . –
+ There are no comments
Add yours