آسيا اليوم ووكالات
كلما استمرت الحرب الروسية الأوكرانية، كلما تفاقمت أزماتها وتنوعت على كل المستويات. ويتدفق الملايين الفارين من جحيمها، وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن عدد اللاجئين من أوكرانيا إلى دول الجوار وبلدان الاتحاد الأوروبي قد قارب على الثلاثة ملايين.
وبحسب وتيرة توافد هؤلاء إلى ألمانيا يتوقع أن يصل إليها مع نهاية الأسبوع الحالي، قرابة 100 ألف شخص، بمعدل يتجاوز خمسة آلاف شخص يوميًا، وهو رقم يتوقع أن يرتفع في غضون الأيام المقبلة، إذا أخذنا بعين الاعتبار تكدس أعداد اللاجئين الأوكرانيين في كل من بولندا المجاورة ورومانيا.
وفتحت ألمانيا أبوابها للفارين من ويلات حرب أوكرانيا، وذلك استنادًا إلى قرار الاتحاد الأوروبي وإجراءات الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومات الولايات.
ويفد إلى ألمانيا آلاف الفارين من حرب أوكرانيا، ممن لا يحملون الجنسية الأوكرانية، وضمنهم مئات من الطلاب العرب والأفارقة الذين اضطروا لترك مقاعد الدراسة في الجامعات الأوكرانية.
بوصولهم إلى ألمانيا، يتنفس الطلاب العرب والأفارقة الصعداء، بعد رحلة فرار رهيبة على حافة الموت وتحت قصف الآلة الحربية الروسية.
ورغم أنه يتم استقبالهم في مراكز خاصة للوافدين من أوكرانيا ثم توجيههم إلى مناطق معينة للإقامة المؤقتة، إلا أنهم يجدون أنفسهم في دوامة بسبب الإجراءات المعقدة التي يتعين عليهم اتباعها دون أن يعرفوا مآلاتها في نهاية المطاف.
ولكن يطرح السؤال: ألا يتعين على ألمانيا التي تتميز سياسة اللجوء فيها بطابعها الإنساني، حسم الأمور باستقبالهم وتوجيههم للدراسة في الجامعات الألمانية؟
ظروف الاستقبال
فور وصول أولى قوافل اللاجئين الفارين من أوكرانيا، باشرت ألمانيا باستقبالهم حتى قبل صدور قرار أوروبي يحدد قواعد الحماية المؤقتة التي تسري لمدة تصل إلى ثلاثة سنوات، ويتم تطبيقها بشكل فوري ودون عراقيل بيروقراطية، كما شددت على ذلك الحكومة الإتحادية.
ولا يخضع دخول الرعايا الأوكرانيين إلى الدول الأوروبية أصلا لتأشيرات، وبموجب قواعد الحماية المؤقتة يستفيدون من سكن ومساعدات اجتماعية وحق العمل، وهو ما يوفر لهم ظروف استقبال أفضل مقارنة باللاجئين السوريين سنة 2015.
أما الوافدون من أوكرانيا من غير الحاملين للجنسية الأوكرانية، فلا يتمتعون فوريا بقواعد الحماية المؤقتة، ويتم التعامل معهم وفق آلية مختلفة، وهما صنفان:
صنف أول، يحظى بتسهيلات في الحصول على حماية مؤقتة، ويتعلق الأمر برعايا دول أفريقية أو عربية “غير آمنة” بسبب أوضاع حرب أو عدم استقرار، مثل سوريا.
ويخص الصنف الثاني مواطني دول “ثالثة” بها أوضاع عادية أو مصنفة في ألمانيا “كدول آمنة” وتربطها بها اتفاقيات تخص الهجرة. ويشمل هذا الصنف معظم الرعايا العرب بمن فيهم الطلاب، من مصر والمغرب والجزائر وتونس والأردن.
وهذا ما يجعل معاناة هذه الفئة مضاعفة كونهم واجهوا في رحلة الهروب من أوكرانيا عبر معابر حدودية مع دول الجوار وخصوصا بولندا، أحيانا معاملات تمييز بحقهم.
وقد أكدت منظمات حقوقية وإقليمية (الاتحاد الأفريقي) تسجيلها لإساءات عنصرية، رغم نفي الجانبين الأوكراني والبولندي.
وبخلاف مواطنيهم الذين تم إجلاؤهم إلى بلدانهم الأصلية انطلاقا من بولندا ورومانيا، عبَر مئات الطلاب العرب حدود بولندا إلى ألمانيا، ويوجدون حاليا في مراكز استقبال مخصصة للوافدين من أوكرانيا، ويتم توزيعهم انطلاقا من العاصمة الاتحادية برلين على ولايات ألمانية عديدة، أبدت استعدادها لاستقبالهم، منها: بادن فيتنبورغ وبايرن وراينلاد بفالتس وهامبورغ بالإضافة إلى فستفاليا شمال الراين كبرى الولايات الألمانية.
مُنح هؤلاء وثائق ترخيص ببقاء مؤقت في ألمانيا تدوم مدته بضعة أسابيع وقابلة للتمديد، ويتم تمكينهم من السكن والعلاج ويمكن أن يحصلوا على مساعدات اجتماعية والتنقل.
لكن هذه الإجراءات مؤقتة وغير مسبوقة، في انتظار أن تصدر قرارات أوضح سواء من الحكومة الاتحادية أو من الولايات التي تتمتع بصلاحيات في إطار النظام الفيدرالي.
تفيد تقارير وشهادات عديدة أن الطلاب العرب الوافدين من أوكرانيا، ويوجدون حاليا في ألمانيا، يعيشون تحت ضغوط نفسية كبيرة وتنتابهم الحيرة حول مصيرهم ومستقبلهم الدراسي.
فهم جاؤوا إلى ألمانيا فارين من ويلات حرب ما تزال تلاحقهم الأنباء عن فظاعاتها. بعض زملائهم (عدد محدود) قضوا في عمليات قصف صاروخي أو برصاص قناصة، وبعضهم لا يكاد يصدق أن قاعة الدراسة التي كان يجلس فيها قبل أسبوعين، دمرت بصاروخ روسي، كما يصف الطالب التونسي أشرف بعزاوي كليته (كلية الطب) بجامعة فاسيلي كارازين في خيركوف، التي تعد من أعرق الجامعات في البلاد.
ماذا بعد اجراءات الاستقبال المؤقتة؟
تتفاوت أوضاع الطلاب العرب الذين يوجدون حاليا في ألمانيا، وهم موزعون بين مراكز استقبال اللاجئين أو لدى بعض المتطوعين وهيئات من المجتمع المدني أو لدى أسر عربية احتضنتهم ووفرت لهم مأوىً مؤقتا.
وهم يتطلعون في أجواء انتظار صعبة إلى التدابير التي ستتخذها الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات أو حتى البوندستاغ، بشأنهم. ذلك أن تراخيص البقاء المؤقت في ألمانيا التي منحت لهم لا تفتح لهم آفاقا واضحة، سواء في تعلم اللغة أو في التوجه للبحث عن جامعات مناسبة لهم ولا حتى في ساعات عمل قانونية لتوفير دخل يعيشون به إضافة للمساعدات الاجتماعية التي تمنحها الدولة الألمانية.
+ There are no comments
Add yours