أثارت واقعة اغتصاب رضيعة، لم تتجاوز العامين، على يد عامل، شمالي مصر، مطالبات بإعدام الجاني، وهو ما يبدد جهوداً حقوقية لإلغاء هذه العقوبة بالبلاد، وفق حقوقي مصري.
ويوم الجمعة الماضي، شهدت إحدى مدن محافظة الدقهلية، دلتا النيل/ شمال، واقعة اغتصاب عامل "35 عاما" لطفلة رضيعة ذات العام و8 أشهر، تدعى "جنى"، حيث تبين أن المتهم كان يراقبها أثناء لهوها وتعدى عليها جنسيا بطريقة وحشية، وفر هارباً بعدما تركها تنزف، وفق بيان أمني صادر وقتها.
ولم تمر ساعات على الواقعة، إلا وأطلق مغردون على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" هاشتاغ (وسم) #إعدام_مغتصب_الرضيعة، ولا يزال التفاعل مستمرا معه حتى الساعة 18: 20 .
ولقب المغردون الضحية بـ"طفلة البامبرز (حفاض الرضع)"، في إشارة لحداثة عمرها، مطالبين بإعدام المتهم ليكون عبرة لمن تسول له نفسه ذلك الفعل، الذي وصف بـ"البشع"، و"الإجرامي".
وألقت قوات الأمن القبض على المتهم، عقب ارتكاب الواقعة، ووجهت النيابة العامة له تهما بـ"الخطف وهتك العرض" وجددت حبسه 15 يوماً، قبل أن تحيله مساء اليوم الإثنين، لمحكمة الجنايات متهما بالخطف المقترن بالاغتصاب.
وأخذت واقعة اغتصاب الرضيعة، اهتماماً واسعاً لدى الرأي العام ووسائل الإعلام، وتدخلت دار الإفتاء المصرية (حكومية) عقب الواقعة بيوم، في تدوينتين عبر "فيسبوك"، قائلة إن "قانون العقوبات المصرى شدد عقوبة جريمة الاغتصاب، ووصل بعقوبتها إلى الإعدام فى كثير من الحالات".
وتصل عقوبة الخطف بالتحايل أو الإكراه إلى السجن المؤبد (25 عاماً)، بينما يعاقب الجاني بالإعدام شنقاً إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها، وفقا للمادة 290 من قانون العقوبات.
وأضافت دار الإفتاء، فى تدوينة ثانية وقتها،: "اغتصاب الأطفال جريمة عظيمة داخلة فى الإفساد فى الأرض، بل هى من أعظم الإفساد، ومما لا شك فيه أن المغتصب محارب لله وممن يسعى في الأرض بالفساد، وقد جاء الأمر بعقوبة المفسدين أعظم عقوبة".
وتشابهت واقعة اغتصاب الرضيعة بواقعة شهيرة لقتل طفلة تدعى زينة "8 سنوات" والتعدي عليها جنسياً، في نوفمبر/ تشرين ثان 2016، وكانت محكمة مصرية قضت آنذاك بحبس متهمين اثنين في القضية 15 عاماً، لأنهما لم يبلغا السن القانوني (أقل من18 عاماً).
ولا يزال الجدل مثاراً حول تطبيق عقوبة الإعدام –الموت شنقا- في مصر، حيث يطالب حقوقيون بإلغاء العقوبة على اعتبار أنها لم تؤثر على معدل الإجرام أو تقلل نسبة حدوثه بالمجتمع، وفق بيانات سابقة.
وتعقيبا على مطالبات تطبيق عقوبة الإعدام في واقعة الرضيعة، يقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان (غير حكومية) إن "مناقشة إلغاء العقوبة من عدمه يتعذر الآن بسبب وقوع المجتمع تحت وطأة بشاعة الحادث غير المعتاد"، مطالباً بالكشف الطبي على الجاني نفسياً وعصبياً.
ويضيف أبو سعدة في تصريح، أن معظم ممثلي الجماعات الحقوقية بمصر يطالبون بالتدرج في إلغاء عقوبة الإعدام، بحيث يتم إلغاء العقوبة من جميع الجرائم عدا القتل العمد، والقتل المقترن بالاغتصاب.
ويوضح رئيس المنظمة أن هناك 105 جريمة يعاقب عليها القانون المصري بالإعدام شنقاً، مؤكداً أن ذلك يتعارض مع فلسفة العقوبة والتي تستهدف "الردع العام وليس الانتقام".
في المقابل، يتمسك علماء دين بمصر، بعدم إلغاء عقوبة الإعدام، ومن بينهم مجدي عاشور، المستشار الأكاديمي لدار الإفتاء المصرية.
وقال عاشور، في تصريحات صحفية سابقة، إن "نظام العقوبات الإسلامي يقر عقوبة الإعدام باعتبارها مشروعة من عند الله تعالي، ومن ثم فهي صالحة لكل زمان ومكان، حيث تحقق هذه العقوبة الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية، وتردع المجرمين".
ولم تتوقف أصداء الحادث في مصر حتى الآن في ظل تصاعد حالة الاحتقان إزاء المتهم وذويه بلغت حد حرق وتدمير محل إقامتهم، مقابل التعاطف مع الضحية الرضيعة وذويها.
+ There are no comments
Add yours