نكشف سر توقيت إطلاق سراح العميل الإسرائيلي في لبنان

1 min read

أبوبكر أبوالمجد

الموت لأمريكا وإسرائيل.. أمريكا هي الشيطان الأكبر.. شعارات كم رددها الشيعة الفرس في إيران ومن والاهم في بلاد العرب، يثبت بعدها بعشرات بل مئات الأدلة أن الود موصول وإن علاه هتافات خادعة للمسلمين في كل مكان خاصىة العرب منهم.

قال مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون بقوله: “إسرائيل لن تكون بأمان، ولن تكون قوة إقليمية عظمى ما لم تكن محاطة بفسيفساء من الدويلات الطائفية والعرقية”، وهذا ما تتكفل به الأنظمة الفارسية في إيران.

ثم جاء من بعده آرييل شارون رئيس الحكومة الصهيونية الأسبق، وقائد جيشها المعتدي على لبنان في الثمانينات، ليقول في مذكراته: “اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها إسرائيل ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضًا مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل لم أرَ يومًا في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد”.

واليوم يرد رأس هذا الفريق الشيعي في لبنان المسمى بحزب الله الجميل للصهاينة والأمريكان على حد سواء، من خلال إطلاق سراح العميل الإسرائيلي و”جزار المعتقل” عامر إلياس الفاخوري.

من هو الفاخوري؟

أعلن الأمن العام اللبناني 13 يوليو 2019 توقيف آمر معتقل الخيام سابقًا عامر الفاخوري، واعترافه خلال التحقيق بتعامله مع “إسرائيل”.

الفاخوري اعترف أنه استحصل بعد فراره إلى فلسطين المحتلة على هوية إسرائيلية وعلى جواز سفر إسرائيلي غادر بموجبه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان القضاء اللبناني قد أصدر مذكرة توقيف بحق المدعو عامر إلياس الفاخوري المسؤول السابق عن معتقل الخيام في ميليشيا العميل الإسرائيلي أنطوان لحد.

الفاخوري انتقل قبل تحرير جنوب لبنان بنحو سنتين من قيادة العملاء في ثكنة الخيام ومعتقلها، حيث كان مسؤولًا عن حلقات التعذيب وكان يتفنن بأساليبها، إلى جهاز الأمن التابع مباشرة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، واستمرّ، حتى تحرير الجنوب عام 2000، وهو يعمل في جهاز الأمن الذي كان يتولى مراقبة الجنوبيين واعتقال من يشتبه العدو به، إضافة إلى تجنيد العملاء في المناطق المحررة.

صورة سيئة

لم تشف بعد جراح الأسرى المحررين من معتقل الخيام الجسدية والنفسية، ولا يمكن أن يشفيها كر الأيام أو السنين، ومع ذلك أسقطت المحكمة العسكرية جرائم جزار المعتقل العميل عامر الفاخوري بهذه الصفة، وقررت كفّ التعقبات بحقه وإطلاق سراحه، لتعيد نكأ جراح الأسرى المحررين الذين كانوا يتطلعون إلى أن يكون الفاخوري عبرة لكل أمثاله من العملاء، ولتشتعل سجون لبنان التي يطالب نزلاؤها منذ زمن بالعفو العام  ويصرون عليه اليوم خوفًا من وباء كورونا الذي قد يجتاح السجون ويؤدي إلى كارثة صحية.

اللافت أن المحكمة العسكرية تجاوزت كل مخاطر كورونا، وقفزت فوق إعلان الحكومة التعبئة العامة وتعطيل المؤسسات الرسمية والخاصة، وغضت الطرف عن قرار نقابتي محامي بيروت وطرابلس بعدم حضور المحاكمات، ورغم ذلك انعقدت وأصدرت قرارها بإطلاق سراحه، بما يشبه تهريب الحكم في زمن الكورونا لختم هذا الملف الذي جاء قبل 48 ساعة من وقف الملاحة الجوية بين لبنان ودول العالم، بما يسمح للفاخوري العميل أن يغادر الأراضي اللبنانية إلى الولايات المتحدة إلى غير رجعة، الأمر الذي رسم صورة سيئة للغاية للقضاء اللبناني وتبعيته السياسية، حيث أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان، برئاسة العميد حسين عبد الله، اليوم الاثنين، حكمًا قضى بـ”كف التعقبات عن الموقوف عامر الفاخوري، في قضية خطف مواطنين لبنانيين واعتقالهم وتعذيبهم داخل سجن الخيام جنوب لبنان، ما أدى إلى وفاة اثنين منهم”، حسبما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.

واعتبرت المحكمة في حكمها الذي حمل الرقم 515/2020، بحسب الوكالة، أنّ “الجرائم المسندة إلى المتهم عامر الفاخوري، والخاصة بتعذيب سجناء في عام 1998، سقطت بمرور الزمن العشري، وقررت إطلاق سراحه فورًا ما لم يكن موقوفًا بقضية أخرى”.

سر الاهتمام الأمريكي

عبر مطعمه في ولاية نيو هامشير الذي كان يتردد عليه السياسي والمحامي اللبناني الأصل بيل شاهين، تعرف عامر الفاخوري عليه.

وشاهين هو زوج السناتور الأمريكية الديمقراطية عن ولاية نيو هامشير سينثيا جين باورز المعروفة بجين شاهين نسبة لعائلة زوجها، كما أنها عضو في لجنة المساعدات الخارجية التي يقع ضمن صلاحياتها إقرار المعونات والهبات للدول والجيوش الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى كونها من أنشط السياسيين وأقدمهم.

سينثيا جين باورز، لطالما كانت من أشرس المدافعين عن استمرار تقديم المعونات والمساعدات السنوية للجيش اللبناني.

في ربيع 2018، امتحن عامر فاخوري النظام الأمني اللبناني، فأتت النتيجة إيجابية، بعد أن وجد اسمه على ​لوائح الشطب​، فانتخب في قلم ​بوسطن​ مرشحي ​القوات اللبنانية​ في دائرته الانتخابية، واطمأن بأنّ الأمور تسير على ما يرام، وأنه لا يواجه أية مشكلة قانونية، وإلاّ لما أدرجت ​وزارة الداخلية​ اسمه على لوائحها الانتخابية.

وتأتي هذه النتيجة الإيجابية للعميل الإسرائيلي السابق في ظل معلومات حول مساعي عليا لتنظيف ملفات 60 عميلًا اسرائيليًا من أصول لبنانية.

سعى الفاخوري للحصول على ​جواز سفر​ لبناني أكثر من مرة عبر القنصلية اللبنانية في ​نيويورك​، وردّ ​الأمن العام​ بمنحه جواز مرور مؤقت ما يعني أنه سيتعرّض للمساءلة فور دخوله الأراضي اللبنانية، فقرّر فاخوري السفر إلى لبنان بجواز سفره الأمريكي، وهو يعلم بأن عدم موافقة الأمن العام على منحه جوازا لبنانيًا، يعني بأن ملفه لم يُغلق بعد، وأن هناك مشاكل تنتظره في لبنان.

وفي الحادي عشر من يوليو الماضي، غادر العميل الاسرائيلي ​الولايات المتحدة​ ليصل لبنان في الثاني عشر وبعدها بيومين أوقفه ​الأمن العام اللبناني​.

في ولاية نيو هامشير، تحركت السناتور الديمقراطية جين شاهين التي تربط زوجها صداقة بالعميل فاخوري، وحولّت اعتقال فاخوري إلى قضية وطنية أمريكية عبر إثارة المسألة في الإعلام الأمريكي، وتوزعت بنات الفاخوري الأربعة على وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية يطلبن التدخل لإطلاق سراح والدهنّ وينفين في الوقت نفسه التهم الموجهة إليه.

لم تكتف شاهين بذلك، وإنما شرعت بالتهديد والوعيد، وأوصلت رسالتها إلى الجهات المعنية في ​واشنطن​ و​بيروت​ بأنّها ستعمل على حرمان ​الجيش اللبناني​ من المساعدات السنوية، وبأنها ستعمل على إقرار قانون عاجل مشترك (أي بالتعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بما يضمن إقراره بالأغلبية) يعاقب ​الحكومة اللبنانية​ وجهات قضائية وأمنية وشخصيات سياسية على علاقة بتوقيف فاخوري وسجنه.

وبالفعل اتصلت شاهين بخصمها اللدود السناتور الجمهوري عن ولاية ​تكساس​ تيد كروز وعرضت عليه التعاون لإقرار القانون بأسرع وقت ممكن والعمل على “تحرير” العميل فاخوري.

حتى ذلك الوقت، لم يكن الرئيس ترامب في صورة ما يحصل، فهو لا يعرف من هو عامر فاخوري والصورة التي التقطت لهما ليست إلاّ واحدة من ألاف الصور التي يلتقطها مواطنون أمريكيون في المهرجانات الانتخابية.

في نوفمبر الماضي أطّلت السناتور شاهين على قناة “​فوكس نيوز​”، وتحدثت بشكل عاطفي ودرامي عن وجود “رهينة” أمريكية في لبنان، “هذا البلد الذي نساعده وندعم جيشه وقدمنا له منذ عام 2005 مليارين وثلاثمائة مليون ​دولار​ من أموالنا.. وإذا لم يُطلق لبنان سراحه فيجب علينا أن نعاقبه ونوقف عنه المساعدات”.

وصودِف أن ترامب (المولع بالفوكس نيوز ) كان يشاهد البرنامج الذي استضاف شاهين، وما أن أنهت السناتور الديمقراطية كلامها حتى أصبح عامر فاخوري محط اهتمام من قبل ترامب شخصيًا، الذي وجد فيه عراضة انتخابية في موسم حافل بالمواجهات، ولسحب المبادرة من السناتور الديمقراطي التي ستصوت (لاحقًا) لعزله في مجلس الشيوخ، أوعز إلى وزير خارجيته ​مايك بومبيو​ بالعمل على إطلاق سراحه بأي ثمن.

وتحرك مستشاره للأمن القومي روبرت أوبراين في هذا الاتجاه مستخدماً خبراته في قضية يعلم تفاصيلها من قبل.

الخلفيات

بالأمس تم تهريبه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، و صباح اليوم الجمعة، استقال بطل قرار الإفراج عن الجزار، رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبدالله من منصبه.

عبدالله، الذي يحال إلى التقاعد في 21 أكتوبر من العام المقبل، قد رضخ للضغط الكبير أولاً في قضية إنهاء الفاخوري، وثانياً في قضية استقالته من رئاسة “العسكرية” التي أصرّ “حزب الله” على تحققها خلال اليومين الماضيين.

وبذلك، يكون عبدالله، وبحسب الاتفاق، قد أنهى المسرحية قبل خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء اليوم الجمعة، الذي كان سيطالب بما أقدم عليه عبدالله.

وعليه، فان خطوة الأخير الاستباقية ستكون بمثابة “جرعة النصر” لـ”حزب الله”، أقلّه أمام جمهوره، بعد تخبط كبير بسبب الفضيحة الكبرى. وربما كان وراء إخلاء سبيل فاخوري بهذا الشكل تهديدات أمريكية له أو لأسرته بوضعه على إحدى قوائم العقوبات والتتبعات الأمريكية، مثلما حدث مع رجالات من حزب الله الموالي للملالي الإيراني، إضافة إلى إمكانية زيادة تضييق الخناق على الاقتصاد اللبناني، وفرض عقوبات على مصارف، إدراج شخصيات لبنانية على قائمة العقوبات، وتشديد الضغط بشأن الديون الخارجية”.

كل هذه الضغوطات ربما تكفلت بفك قيود جزار المعتقل، وفي المقابل رضا وتسهيلات اقتصادية وعسكرية أمريكية ربما ستحظى بها لبنان في ظل حكومة شيعية التوجه بامتياز موالية بالكامل وبرئيس الجمهورية للسلطة الإيرانية.

هذه الحكومة فاوضت على فاخوري متذرعة بالقانون لجهة “سقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن العشري”، وضحّت بـ”مأساة الأسرى المحررين والجنوبيين”.

لكن من يدري، ربما صفقة أخرى تتبلور في الأفق يكون طرفها الآخر إيران، فضلًا عن الحصول على ضمانات، أقلها إسكات الدائنين، بضغط أمريكي.

في 24 من مارس الجاري، ستنعقد لجنة المساعدات الخارجية لإقرار المعونات التي ستقدمها الولايات المتحدة للدول الخارجية، ومن ضمنها سيتم التصويت على تحديد الميزانية المخصصة للجيش اللبناني (حوالي 200 مليون دولار)، ربما  هذا يفسر لنا أيضًا توقيت إطلاق سراح العميل فاخوري.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours