أبوبكر أبوالمجد
يبدو إن إسرائيل ماضية في خطتها الاستعمارية التوسعية التي أعلنتها مسبقًا ليس قبل أيام حين التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير الماضي، وإنما المعلنة منذ عقود بتأسيس دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، آخذة في طريقها ربما الخليج كله!
واستعدادًا للانتخابات الإسرائيلية المقرر لها الثاني من مارس المقبل، والتي يأمل نتنياهو الذي يواجه اتهامات جنائية بالفساد في الفوز بها لحصد فترة خامسة في منصبه كرئيس للوزراء، فقد أعلن أمس السبت، أن إسرائيل بدأت في رسم خرائط بأراضي الضفة الغربية المحتلة، التي سيجري ضمها وفقًا لخطة السلام التي اقترحها الرئيس ترامب.
وأوضح نتنياهو، في تجمع انتخابي بمستوطنة معاليه أدوميم، “نحن بالفعل في ذروة عملية رسم خرائط المنطقة التي ستصبح، وفقًا لخطة ترامب، جزءًا من دولة إسرائيل. لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا”.
وكشف نتنياهو أن المنطقة ستشمل كل المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن، وهي منطقة أبقتها إسرائيل تحت الاحتلال العسكري منذ السيطرة عليها في حرب عام 1967 لكن الفلسطينيين يطالبون بها كجزء من دولتهم في المستقبل.
وبحسب قناة “روسيا اليوم”، أكد نتنياهو أنه سواء امتثل الفلسطينيون أو لم يمتثلوا للخطة، فإن إسرائيل سوف تتلقى الدعم الأمريكي لتطبيق القانون الإسرائيلي في غور الأردن والبحر الميت الشمالي وجميع المستوطنات في الضفة الغربية بدون استثناء.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرنوت”، قال نتنياهو: “نحن في خضم عملية رسم خريطة للأراضي التي ستكون جزءًا من إسرائيل وفقًا لخطة ترامب”، مضيفًا أن “هذا الأمر لن يستغرق وقتًا طويلًا.. سننتهي من ذلك في غضون أسابيع قليلة”.
رد السفير الأمريكي
ومن جانبه قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، اليوم الأحد، إن اتخاذ اسرائيل لخطوات أحادية لضم أراض بالضفة الغربية المحتلة سيخاطر بخسارتها دعم الولايات المتحدة لتلك الخطط.
وكتب فريدمان على تويتر “رؤية الرئيس ترامب للسلام هي نتاج أكثر من ثلاث سنوات من المشاورات الوثيقة بين الرئيس ورئيس الوزراء نتانياهو وكبار المسؤولين في البلدين”.
وأضاف “على إسرائيل أن تستكمل عملية رسم الخرائط في إطار لجنة إسرائيلية أمريكية مشتركة، أي إجراء من جانب واحد قبل استكمال العملية من خلال اللجنة سيهدد الخطة والاعتراف الأمريكي”.
وفي المقابل، قال نتانياهو في افتتاح جلسة الحكومة الأسبوعية اليوم، “الاعتراف (الأمريكي) هو أهم شيء ولا نريد أن نجازف بذلك”، فيما بدا أنه تراجع عن تصريح السبت.
الردود العربية الأولية
كما أسلفنا في 28 يناير الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي بواشنطن عما سماه “خطة السلام الجديدة”، وعرفت إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، وفي حضور بنيامين نتنياهو.
ولاقت الخطة رفضًا فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا، حيث جعلت إقامة دولة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل.
فأجمع رؤساء البرلمانات والمجالس العربية في ختام المؤتمر الثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي في عمّان، أمس السبت، على دعم القضية الفلسطينية واعتبارها في صدارة القضايا العربية بوصفها «جوهر الصراع» العربي الإسرائيلي، معلنين رفضهم المطلق لخطة السلام التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، والمعروفة بـ”صفقة القرن”، وكذلك رفضهم “كل أشكال التطبيع” مع إسرائيل.
جاء ذلك في مضامين البيان الختامي للاجتماع الطارئ للاتحاد الذي دعا له رئيسه، عاطف الطراونة، رئيس البرلمان الأردني، متضمناً 11 توصية توافق عليها الاجتماع، بحضور 20 ممثلاً عن برلمانات ومجالس شورى عربية، لبلورة موقف من خطة السلام الأمريكية.
وبعد أكثر من 3 ساعات من المداخلات المؤيدة للموقف الفلسطيني، صدر بيان ختامي رفض الخطة الأمريكية جملة وتفصيلاً، وعدّها تمثل فصلاً جديدًاً من فصول انتهاكات الحقوق للفلسطينيين، داعيًا إلى رص الصفوف وتحشيد المواقف لنصرة القضية الفلسطينية كأولوية عربية تتقدمُ أجندة العمل العربي المشترك.
ورأى البيان أن الإعلان الأمريكي عن خطة السلام شكّل مساسًا بالثوابت العربية، ومثّل “انحيازًا أمريكيًا مطلقًا لدولة الاحتلال”.
وأضاف البيان أن “العبث بمدينة القدس جاء على شكل وعد أمريكي تمثل بالاعتراف بها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، الأمر الذي ننظر إليه على أنه نسف لفرص السلام، وانحياز للظالم على حساب المظلوم”، معرباً عن الخشية من افتعال “حرب دينية”.
ورأى البيان الختامي أن الخطة شكّلت أيضًا انتهاكًا صارخًا للحقوق الفلسطينية، مشيرًا إلى أن قضية اللاجئين من أساسات القضية الفلسطينية، ومن دون حلها ستستمر أسباب الصراع.
وشدد البيان على أن الخطة تمثلت بوعود وتقسيمات “أشد فتكًا بالجسم العربي من وعد بلفور وخرائط سايكس بيكو، لتعيد ترسيم حدود دولة فلسطين التاريخية، مانحة السيادة للاحتلال بضم أراضي غور الأردن وشمال البحر الميت، ما يلغي الاتصال الجغرافي لدولة فلسطين مع جوارها، وذلك يعظم رقعة الاحتلال بعد اعتراف أمريكا بضم الجولان والقدس، مما يضرب كل أسس العملية السلمية”.
كما أكد البيان أيضًا رفض أي تسوية للقضية الفلسطينية لا يقبل بها الفلسطينيون، ورفض أي مصادرة لحق العودة وتعويض اللاجئين، مشددًا على التمسك بمرجعيات القرارات الأممية، والمبادرة العربية للسلام والتي مثلت توافقًا عربيًا، كأساسٍ لاستئناف أي مفاوضات سياسية وعلى أساس المحافظة على حقوق الفلسطينيين كاملةً غير منقوصة.
ومن جانبه أكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي في دورته الحالية عاطف الطراونة، أن القضية الفلسطينية “تمر في أصعب مراحلها، أمام احتماء الاحتلال بالنفوذ الأمريكي ليعلن تسوية ظالمة لقضية عادلة، ما يتطلب البحث في اتخاذ مواقف أبعد من تلك التي تكتفي بالخطابات والشعارات”. ورفض أي حل لا يقبله الفلسطينيون، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية منحازة في دعمها لإسرائيل. وشدد على أن “صفقة القرن نسفت الأسس التي استندت إليها قرارات الشرعة الدولية، وصادرت حقوق الفلسطينيين”.
ومن جهته، أوصى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في كلمته بالتمسك بثابتين اثنين لا ثالث لهما في خصوص فلسطين، وهما ثابت الوحدة وثابت المقاومة.
ووصف “صفقة القرن” بأنها تتحدث عن فلسطين جديدة، عاصمتها أبو ديس أو شعفاط بمساحة لا تتجاوز 4 كيلومترات مربعة، أي فلسطين من دون قدس.
ووصف خطة ترمب بأنها “الصفقة الصفعة” التي تمنح الفلسطينيين “دولة مقطعة الأوصال منزوعة السلاح والسيادة في البر والبحر والجو، ملزمة فيها السلطة الفلسطينية الجديدة بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح فصائل المقاومة فيها، بمعنى دولة من دون أظافر ودعوة صريحة للاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني”.
كما حذر بري من إسقاط حق العودة تحت عنوان حل قضية اللاجئين المقيمين في أماكن وجودهم.
كذلك أكد رئيس مجلس النواب الكويتي مرزوق الغانم، أن على من يريد أن يسوّق لتسوية سلمية أن يعمل حثيثًا من أجل خلق شروط صحية ومتكافئة وعادلة للتفاوض، سعيًا إلى سلام حقيقي ينتهي بدولة فلسطينية كاملة الحقوق على كل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس.
وقال الغانم في كلمته إن “صفقة القرن وُلدت ميتة وأي خطاب غير ذلك مرفوض”.
وأضاف، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية: “نيابة عن كل الشعوب العربية والإسلامية وكل شرفاء وأحرار العالم أقول إن هذه وثائق ومستندات ما تسمى بصفقة القرن ومكانها الحقيقي هو مزبلة التاريخ”، ثم رمى الوثائق التي كان يحملها في يده في سلة المهملات تحت قدمه وسط تصفيق الحاضرين.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصادر رسمية أردنية أن الاجتماع عُقد بطلب من الأردن وبمشاركة ممثلي عشرين برلماناً عربياً بينهم 16 رئيس برلمان منهم رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ.
أما رئيس مجلس النواب المصري الدكتور على عبدالعال، فأكد في كلمته امام المؤتمر، أن “موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية وفقًا للمرجعيات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها قرارات الأمم المتحدة وقواعد وأحكام القانون الدولي”، مضيفًا أن الدولة المصرية تؤمن بأن السلام القائم على أسس عادلة وشاملة يضمن إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة.
وشدد “عبدالعال”، بأن مصر ستبقى عونًا للأشقاء الفلسطينيين في كل محفل حتى يستعيد الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة.
أما رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، فقال إن “صفقة القرن” شكّلت “عدوانًا على الحقوق الفلسطينية”، إذ تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وتقسيم المسجد الأقصى مكانيًا وزمانيًا، وضم 30% من مساحة الضفة الغربية، ودولة فلسطينية مجزأة بلا سيادة أو حدود، وإلغاء حق العودة لأكثر من ستة ملايين لاجئ، والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.
ومن جانبه، قال اليوم الأحد، نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “الخارطة الوحيدة التي يمكن القبول بها هي خارطة الدولة الفلسطينية على حدود عام ٦٧ والقدس الشرقية عاصمة لها”.
وفي بيان رسمي لها صدر اليوم، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “بدء التحضير لخرائط ضم المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت” أنه امتداد للعدوان “الأمريكي الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقال فوزي برهوم، المتحدث باسم الحركة، في تصريح صحفي، إنه ” على أمريكا وإسرائيل تحمل نتائج وتداعيات استمرار هذا العدوان، فشعبنا لن يتردد في خوض المعارك لحماية حقوقه التاريخية”.
وطالب برهوم “الكل الفلسطيني بالتحرك العاجل لتوحيد الجهود الكفاحية والنضالية، استعدادا لمواجهة الخطر الداهم”.
ومن جانبه، قال اليوم الأحد، نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “الخارطة الوحيدة التي يمكن القبول بها هي خارطة الدولة الفلسطينية على حدود عام ٦٧ والقدس الشرقية عاصمة لها”.
وفي بيان رسمي لها صدر اليوم، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “بدء التحضير لخرائط ضم المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت” أنه امتداد للعدوان “الأمريكي الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقال فوزي برهوم، المتحدث باسم الحركة، في تصريح صحفي، إنه ” على أمريكا وإسرائيل تحمل نتائج وتداعيات استمرار هذا العدوان، فشعبنا لن يتردد في خوض المعارك لحماية حقوقه التاريخية”.
وطالب برهوم “الكل الفلسطيني بالتحرك العاجل لتوحيد الجهود الكفاحية والنضالية، استعدادا لمواجهة الخطر الداهم”.
+ There are no comments
Add yours