نائب “سلفاكير” الجديد يهدد السلام في جنوب السودان

0 min read

ترشيح جزء من المعارضة المسلحة في جنوب السودان، الجنرال “تعبان دينق قاي” لخلافة زعيم المعارضة المسلحة “ريك مشار”، في منصب النائب الأول لرئيس البلاد، “سلفاكير ميارديت”، سيؤدي، لامحالة، إلى تجدد القتال في البلاد، بل قد تمتد نيران الحرب، هذه المرة، إلى صفوف المعارضة المسلحة نفسها، التي انقسمت بشأن القرار الجديد، خاصة بعد رفض أنصار مشار خلافة، “تعبان دينق قاي” له، ولو بصفة مؤقتة، بحسب مراقبين.

ووفق المصارد ذاتها، فإن سلفاكير، قد ينجح في تقسيم المعارضة المسلحة من خلال هذا التعيين، لكنه من الصعب عليه تحقيق السلام، خاصة وأن غالبية مسلحي المعارضة، موالين لغريمه مشار، الذي سبق أن تسببت إقالته من منصبه في اندلاع الحرب الأهلية في البلاد، والتي أخذت طابعا قبليا بسبب الصراع بين قبيلتي الدينكا التي ينحدر منها الرئيس، وقبيلة النوير التي تدعم مشار، المختفي عن الأنظار، منذ آخر لقاء له بسلفاكير، في العاصمة جوبا في 8 يوليو/ تموز الجاري.

فالخطوة التي اتخذها جزء من المعارضة المسلحة بجنوب السودان، السبت الماضي، بترشيح، وزير التعدين، قاي، في منصب النائب الأول للرئيس، بديلا عن “مشار”، أثارت العديد من المخاوف حول مدى صمود العملية السلمية الهشة في البلاد، خاصة وأن مراقبين ينظرون للخطوة باعتبارها محاولة من الحكومة لإقصاء “مشار”، الخصم الرئيسي لسلفاكير، من منصبه، حتى تخلو الساحة السياسية من وجود معارضة حقيقية، ليتسنى للحكومة تنفيذ ماتراه مناسبا من اتفاق السلام.

وفي أول ردة فعل لها، قالت المعارضة المسلحة بجنوب السودان (جناح مشار) إن “تعيين، الجنرال تعبان دينق، في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، يعتبر خرقا لاتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والمعارضة المسلحة في أغسطس/آب الماضي”، واصفة الخطوة “بالمؤامرة التي تهدف الي تخريب عملية السلام”.

وقال “جيمس قديت داك” المتحدث باسم مشار، في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه الثلاثاء، “الخطوة التي أقدم عليها سلفاكير بإقالة رئيس الحركة الشعبية في المعارضة، مشار والقائد الأعلى لقواتها، لا تعتبر فقط انتهاكا لاتفاقية السلام، ولكنها جاءت بمثابة المسمار الأخير في نعش عملية السلام برمتها”.

ورشحت مجموعة من أعضاء المعارضة المسلحة، السبت الماضي، في جوبا، “تعبان دينق قاي”، ليشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، “لحين عودة، مشار”.

ورغم توجيه أصابع الاتهام للحزب الحاكم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) بالوقوف خلف عملية إقصاء مشار وتعيين تعبان دينق في منصبه، لكن عضو المكتب السياسي ونائب وزير الإعلام “أكول فول” ينفي ذلك بشدة، وأكد في تصريح للاناضول، “أي حديث بشأن صلتنا بتلك الخلافات، ليس له أي أساس من الصحة، ولا معني له”، منوها إلى “احترام حزبه للقرارات التي تصدر من الحركة الشعبية في المعارضة، وهذا لا يعني تورط حزبه في خلافات المعارضة”.

ولا تمنح اتفاقية السلام أيا من الطرفين الحق في تعيين خليفة للرئيس سلفاكير أو نائبه مشار، زعيم المعارضة المسلحة، إلا في حالة: خلو المنصب بسبب الوفاة، أو تغيير الانتماء السياسي، أو عدم الأهلية.

هذا وينظر كثير من المراقبين إلى أن انقسام المعارضة المسلحة إلى جناحين، الأول تابع لنائب الرئيس المعين حديثا دينق قاي، والثاني موالي لمشار، الرئيس المؤسس للمعارضة المسلحة، وهو ما سيقود إلى تجدد المواجهات المسلحة بين الأخيرة والقوات الحكومية في ولاية أعالي النيل (شرق)، وولاية الاستوائية (جنوب).

ويطالب “إدموند ياكاني”، رئيس منظمة تمكين المجتمع (منظمة وطنية) بضروة أن تتوحد المعارضة المسلحة كي يسهل تنفيذ اتفاقية السلام، ويضيف في تصريح للأناضول “صراعات المعارضة المسلحة لم تكن شرعية، فالصراع بين مشار، وتعبان دينق، هو الذي قاد الي الوضع الحالي، لكننا في المجتمع المدني نطالب بمعارضة واحدة حتى يسهل تنفيذ اتفاق السلام”.

هذا وكان الصراع بين رئيس الحركة المقال من منصبه ريك مشار، وخليفته الحالي تعبان دينق قاي، بدأ بعد تشكيل الحكومة الانتقالية في ابريل/ نيسان الماضي حيث كاد ان يتقدم باستقالته بعد تعيينه في وزارة يرى أنها لا تساوي إسهاماته في المعارضة المسلحة. واستند سلفاكير على هذا الاختفاء لدفع المعارضة لاختيار نائب رئيس جديد.
ويري المحلل السياسي، الدكتور  “أن الصراعات التي نشبت داخل المعارضة المسلحة، لاتصب في مصلحة السلام، وستقود الي مزيد من التعقيد في الموقف السياسي بالبلاد”، وأضاف للاناضول “صراعات المعارضة انصبت حول المناصب فقط، وهذا سيعيق عملية تنفيذ اتفاقية السلام، وسيقود إلى حالة من عدم الاستقرار في البلاد مستقبلا”.

وفي ظل بروز تيارين داخل المعارضة المسلحة فان هناك توقعات بأن تحدث تعديلات جوهرية داخل الحكومة خلال الفترة المقبلة لصالح، تعبان دينق قاي، الذي يقول قرار تعيينه إنه “سيكون نائبا للرئيس بصورة مؤقتة الي حين ظهور الدكتور ريك مشار”، وهي مسالة يصعب التكهن بها علي المدي القريب .

ولا يزال مكان تواجد “مشار”، غير معلوم، منذ لحظة خروجه من الاجتماع الذي جمعه بالرئيس سلفاكير ميارديت، في 8 يوليو/ تموز الحالي، حيث اندلعت مواجهات عسكرية بين القوات التابعة للمعارضة، وقوات الحكومة في محيط القصر الرئاسي اثناء انعقاد الاجتماع.

تجدر الإشارة، أن حربًا اندلعت بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2013، قبل أن توقع أطراف النزاع اتفاق سلام في أغسطس/آب من العام الماضي، قضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما تحقق بالفعل في 28 أبريل/ نيسان الماضي.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours