11 قانونا اعتمدتها فرنسا خلال العام 2016، منها قوانين مرّرتها "قسرياً" دون الحصول على أغلبية برلمانية، وذلك استنادا إلى مادة دستورية تتيح للحكومة تبني مشروع القانون على مسؤوليتها دون تصويت النواب عليه، ومنها قوانين استوفت مسارها الطبيعي قبل إقرارها.
بعض تلك القوانين أثار جدلا واسعا في البلاد، ومنح المعارضة اليمينية فرصة الانقضاض على الحكومة الاشتراكية، وتصعيد وتيرة الاحتجاجات ضدها، مثل "قانون العمل الجديد".
أما البعض الآخر، فلاقى استحسانا واسعا من قبل الطبقة السياسية وغالبية الرأي العام الفرنسي، مثل قانون حظر الإعلانات أو الإشهار في البرامج المخصصة للأطفال، أو "قانون سابين" (نسبة إلى وزير المالية الحالي ميشيل سابين) لمكافحة الفساد.
لكن، ومهما اختلفت سياقات اعتماد هذه القوانين، إلا أنها تتقاطع جميعها في الحيّز الزمني الذي يشكّل آخر سنوات الرئيس الإشتراكي فرانسوا أولاند، في الحكم، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل (2017).
1)- قانون العمل الجديد
بعد أشهر من النقاشات الصاخبة، قررت الحكومة الفرنسية، في 21 يوليو/ تموز الماضي، تبنّي إصلاح قانون العمل المثير للجدل، دون التصويت عليه في البرلمان، وسط انتقادات حادة واحتجاجات عارمة.
ففي ظل فشله في الحصول على الأغلبية، أعلنت باريس أنها ستلجأ إلى المادة 49 – 3، والتي تتيح لها تمرير القانون دون موافقة البرلمان.
القانون الجديد تضمّن عدّة إصلاحات محورية "زلزلت الأرض تحت أقدام" الاشتراكيين، وأدّت لإندلاع احتجاجات عاصفة، ما زاد من "هشاشة الحزب الإشتراكي" الحاكم، في وقت تستعدّ فيه البلاد لاحتضان المعركة الأزلية بين اليمين واليسار للصعود إلى الحكم.
وتعتبر المعارضة والنقابات العمالية، القانون الجديد منحازا للشركات وأرباب العمل، خصوصا في ما يتعلّق ببند "الطرد التعسّفي"، أي إجازة تسريح العامل ودفع تعويضات الخدمة له.
كما أقر إمكانية طرد العمال لـ "أسباب اقتصادية"، عند الأزمات وتراجع إيرادات وأنشطة الشركات، وهو ما لاقى رفضا قاطعا من السواد الأعظم من الفرنسيين، وأجّج الحراك الاجتماعي في البلاد.
غير أن المادة 2 من القانون الجديد استأثرت بالنصيب الأكبر من الجدل، حيث نصّت على عدم تحديد ساعات العمل في الشركات الصغيرة، ما اعتبرته النقابات وسيلة لرفع ساعات العمل دون مقابل مادي مجزي.
2)- قانون التنوّع البيولوجي
بعد 4 سنوات من التحضيرات، تبنّى البرلمان الفرنسي، في 20 يوليو/ تموز الماضي "قانون التنوع البيولوجي"، والذي يقضي على وجه الخصوص بحظر استخدام المبيدات المضرة بالنحل، وذلك انطلاقا من 2018 (مع استثناءات حتى عام 2020).
كما نصّ القانون على الاعتراف بالأضرار البيئية، وإنشاء وكالة للتنوّع البيولوجي، برئاسة عالم الفيزياء الفلكية هيوبرت ريفز.
في المقابل، رفض أعضاء البرلمان الفرنسي التصويت على بند يقضي بفرض ضرائب على زيت النخيل، وحظر استخدام سفن الصيد التي تستخدم الشباك القمعية في أعماق البحر، واعتبار الحيوانات البرية "كائنات حسّاسة".
3)- قانون "سابين 2" لمكافحة الفساد:
يعتبر من أبرز النصوص القانونية المعتمدة خلال ولاية أولاند (2012-2015)، وينص على تدابير جديدة لمعاقبة مرتكبي الفساد المالي، إضافة إلى إنشاء وكالة لمكافحة الفساد، وتمكين كل من يقوم بالإبلاغ عن مخالفات بهذا الشأن من الحماية.
وعلاوة على ذلك، فرض القانون إجراء جديدا يقضي بضرورة مصادقة المساهمين في رأس مال الشركة على مرتّب رئيسها التنفيذي.
وجاء الإجراء الأخير على خلفية الجدل الواسع المتفجّر في أبريل/ نيسان الماضي، حول تحديد مرتّب المدير التنفيذي لشركة "رينولت" الفرنسية لصناعة السيارات، كارلوس غصن، بـ 7.2 مليون يورو (ما يعادل حوالي 7.5 مليون دولار)، رغم معارضة المساهمين في الشركة للقرار.
4)- قانون "تحديث القضاء في القرن الحادي والعشرين"
في أكتوبر/ تشرين أوّل 2016، تبنّى البرلمان الفرنسي قانونا يهدف إلى تحديث القضاء الفرنسي، تضمّن العديد من النقاط، بينها إلغاء المحاكم الإصلاحية للأحداث التي استحدثها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي (2007- 2012).
كما تضمّن أيضا بنودا تجيز الطلاق بالتراضي بدون قاض، وتسجيل الشراكات المدنية في البلدية، إلى جانب إقرار غرامات مالية بحق مرتكبي المخالفات المرورية (القيادة بدون تأمين أو رخصة سياقة…)، دون المرور بالمحكمة، إضافة إلى إمكانية تغيير الإسم والجنس في الحالة المدنية بشكل سريع.
5)- التسجيل في القوائم الانتخابية
قانون اعتمد في أغسطس/ آب 2016، ومن المنتظر أن يسهّل، انطلاقا من 2020، تسجيل الفرنسيين على القوائم الانتخابية، حيث سيمنحهم إمكانية التسجيل حتى بشكل متأخّر، أي إلى حدود شهر ونصف قبل إجراء الاقتراع.
6)- قواعد حملة الانتخابات الرئاسية
قانون تبنّته فرنسا في 5 أبريل/ نيسان 2016، وتضمّن بعض التعديلات على قواعد الحملة الرئاسية، بينها نشر أسماء جميع الموقّعين على الكفالة البرلمانية الضامنة للترشح للاقتراع.
كما ينصّ القانون على إغلاق مكاتب الإقتراع في السابعة مساء بدل السادسة، أو في الثامنة في كبرى المدن الفرنسية، فيما سيكون على المرشحين الإعلان عن ممتلكاتهم قبل الجولة الأولى للانتخابات.
أما التغيير الذي وصفه مختصون فرنسيون بـ "المهمّ"، فيشمل إضفاء بعض المرونة على قاعدة المساواة الصارمة للخطاب في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، حيث اقترح النص الجديد تفضيل مبدأ الإنصاف، حزبا بحزب، باعتبار درجة تمثيلية كل واحد في المشهد السياسي الفرنسي، إلى حدود أسبوعين قبل الدور الأول للإقتراع.
7)- قانون "المساواة والمواطنة":
اعتمد في 22 ديسمبر/ كانون ثان الجاري، وتضمن العديد من التدابير أبرزها تشكيل "احتياطي المواطنة"، وأطلق عليه اسم "الاحتياطي المدني"، ويتكوّن من الأجهزة الموجودة في الدفاع والشرطة والتعليم الفرنسي.
كما تضمن القانون أيضا استحداث "إجازة التزام" مدّتها 6 أيام في السنة مخصصة للموظفين أو المسؤولين بالجمعيات، علاوة على تعزيز قانون المساكن الاجتماعية، وتشديد العقوبات على الأعمال العنصرية والتمييزية وغيرها.
8)- الاختيار لمرحلة الماجستير
ينصّ القانون الذي تبناه البرلمان الفرنسي في ديسمبر/ كانون أول الجاري، على أن يقع اختيار لائحة المرشحين للماجستير في السنة الأولى لهذه المرحلة التي تتلو الحصول على شهادة الأستاذية.
ويمنح هذا الاختيار الحق لأي طالب حاصل على الأستاذية، متابعة دراسته الجامعية، من خلال الحصول على 3 مقترحات للتسجيل بالماجستير في حال طلب ذلك من عميد الجامعة المعنية.
9)- القانون الرقمي
نصّ قانون اعتمد في نوفمبر/ تشرين أول 2016، وينص بالأساس على زيادة الانفتاح على البيانات العامة، وحقّ النسيان بالنسبة للقاصرين، علاوة على سلطة حماية المعطيات الشخصية.
ويكرّس القانون مبدأ "حيادية النت" القاضي بعدم التمييز، ما يعني ضمنيا ضرورة التعامل على قدم المساواة من الناحية الفنية، مع جميع المحتويات الرقمية.
10)- الإشهار (الإعلانات) في برامج الأطفال
قرر البرلمان الفرنسي إلغاء الإعلانات في البرامج المخصصة للأطفال دون الـ 12، في شبكة "تلفزيون فرنسا".
وشبكة "تلفزيون فرنسا" هي شركة فرنسية تعنى بإدارة الأنشطة التلفزيونية العامة في البلاد.
ومن المنتظر أن يدخل هذا الإجراء حيّز التنفيذ إنطلاقا من 2018.
11)- قانون مكافحة التبذير الغذائي
أقرّ القانون المعتمد في الثالث من فبراير/ شباط 2016، سلسلة من التدابير للتصدي للتبذير الغذائي، حيث أضفى صبغة إلزامية على مسألة اللجوء إلى توقيع اتفاقية بين موزّع المواد الغذائية وجمعية خيرية.
كما فرض عقوبات لتجنّب إلقاء فضلات الطعام القابلة للاستهلاك من قبل تجّار التجزئة في مكبّات النفايات، وعدّل النظام القانوني لمسؤولية المنتجين عن المنتجات المهملة، بهدف رفع القفل المفروض على التبرع بالمواد الغذائية تحت العلامة التجارية للموزع من قبل الشركة المصنّعة.
والأهم مما تقدم، هو أن القانون أدمج مكافحة التبذير الغذائي في التعليم وفي مجال مسؤولية الشركات. –
+ There are no comments
Add yours