آسيا اليوم
ألقى رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، كلمة بلاده في قمة العلوم والتكنولوجيا الأولى لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي عُقدت في كازاخستان قبل عدة أيام ، وشارك فيها ممثلون عن 56 دولة.
وقدم الرئيس الأوزبكي مقترحات بلاده من خلال كلمته التي بدأها بدعوة العالم الإسلامي للفخر بتراثه العلمي، والدور الذي أسهمت به دول آسيا الوسطى في المجالات العلمية والتكنولوجية خلال الفترة الزاهية للأمة الإسلامية.
فأكد ميرضيائيف، أن موضوع قمة منظمة التعاون الإسلامي "العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتحديث في العالم الإسلامي" هو الأكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى، داعيًا العالم الإسلامي للفخر بإسهاماته القيمة في العلوم والحضارة العالمية، وبخاصة أراضى آسيا الوسطى، والتي كانت معروفة في جميع أنحاء العالم باعتبارها المركز الأكبر للنهضة الشرقية.
وأشار الرئيس في بدء كلمته إلى العديد من العلماء الذين ساهموا في تأسيس هذه النهضة العلمية، وعلى رأسهم مؤسس الخوارزمية الخوارزمي، والعالم الموسوعي الفرغاني، وأبو ريحان البيروني الذي قدم اسهاما هائلا في تطوير العديد من العلوم، بما في ذلك الجيوديسيا (العلم الدقيق حول الأشكال والجاذبية ومؤشرات دوران الأرض وتغيرها بالنسبة للزمن) وعلم المعادن، وابن سينا، ميرضياء أولوغ بك – رجل الدولة والفلكى الكبير.
ولفت ميرضيائيف، إلى أهمية التراث العلمي والروحي القديم في هذا الوقت المضطرب الراهن، حيث يمثل تراثًا البشرية جمعاء، وقاعدة هامة في تحقيق التقدم والاستقرار لجميع دول العالم.
وحول هذه القيمة أشار الرئيس الأوزبكي إلى الطرح الذي قدمته أوزبكستان في الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية بلدان منظمة التعاون الإسلامي، والتي عقدت في طشقند العام الماضي، والذي تبلور حول فكرة إقامة مركز الإمام البخاري الدولي للبحث العلمى في سمرقند، والذي يجري اليوم العمل على نطاق واسع لتنفيذه.
وفي ذات السياق أعرب الرئيس عن امتنانه لرؤساء الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية بندر حجار على دعم مبادرة بلاده.
واليوم تحتفظ الصناديق العلمية المتخصصة في أوزبكستان، بأكثر من 100 ألف مخطوطة، يندرج معظمها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، بحسب ما أوضحه ميرضيائيف، حيث أردف أن العمل على إنشاء مركز الحضارة الإسلامية في طشقند عاصمة أوزبكستان يتم لأجل أن يكون شعاره "التنوير ضد الجهل" بداية لتحقيق أولويات متطلبات العصر بشكل كامل، داعيًا الدول الأعضاء في المنظمة إلى التعاون الفعال في هذه القضية النبيلة.
وأوضح الرئيس الأوزبكي، أنه ليس من قبيل الصدفة أن تطرح أوزبكستان شعار "التعليم والتنوير هما – طريق السلم والإبداع"، خلال فترة رئاستها لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث يعمل في أوزبكستان اليوم أكثر من 300 من المؤسسات البحثية والعلمية والشركات الإنتاجية العلمية ومراكز الابتكار، وفي الفترة الأخيرة، تم تشكيل عدد من الهياكل العلمية الجديدة للابتكار فيها، مثل: – مركز علم الجينوم (أحد أقسام علم الوراثة الجزيئي المخصص لدراسة جينات الكائنات الحية والمعلوماتية الحيوية- bioinformatics مجموعة من الأساليب والطرق، بما فيها الأساليب الرياضية لتحليل الكمبيوتر في علم الجينوم المقارن)، والمعهد الدولي للطاقة الشمسية، ومركز التكنولوجيا الفائقة، ومركز الابتكارات الأوزبكي الياباني للشباب.
وأردف الرئيس، أن بلاده تقدر عاليا عمل اللجنة الدائمة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في مجالات العلوم والتكنولوجيا ونعتزم المشاركة في عملها بنشاط، وتشهد على التقدم الذى تم احرازه في المجال المذكور نتائج تنفيذ برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي للسنوات العشر الماضية خلال فترة 2005-2015. لافتًا أنه في الوقت نفسه ينبغي الاعتراف بأن العديد من دول العالم الإسلامي قد تخلفت في الوقت الحاضر عن البلدان المتقدمة في مجال العلم والتكنولوجيا، كاشفًا أن تصنيف أفضل 500 جامعة في العالم لا يشمل سوى 11 جامعة فقط فى البلدان الأعضاء بالمنظمة، وفي عام 2015 بلغ نصيب طلبات الحصول على براءات الاختراع في العالم من دول منظمة التعاون الإسلامي 1.9 بالمائة فقط، وفي ظل هذا الأمر، ففي عام 2016 شكلت حوالى 80 بالمائة من المنشورات العلمية في بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي تلك الصادرة فى سبع دول فقط من الأعضاء فى المنظمة.
وأكد ميرضيائيف، أنه من الضروري ملاحظة أنه على الرغم من الموارد الطبيعية الغنية والقدرات المالية الكبيرة، فإن معظم البلدان الإسلامية لا تساهم بصورة ملموسة في تطبيق الأفكار والتقنيات المبتكرة في الاقتصاد، آملًا أن يؤدي ترسيخ التعاون الهادف إلى تطوير العلوم الأساسية، والبحث عن الحلول العلمية لأهم قضايا العصر الحالى، إلى خلق القاعدة الصلبة للنهوض بالإمكانات العلمية والتكنولوجية فى العالم الإسلامي.
وعبر الرئيس الأوزبكي، عن امتنانه بالعرض المقدم من قبل منظمة التعاون الإسلامي لتركيب التليسكوب الحديث في سمرقند، باعتباره اعترافا بالإسهام الهائل الذى قدمه ميرضياء أولوغ بك في تطوير علم الفلك، وأشار إلى تأييد بلاده التام لبرنامج عمل العشر سنوات لمنظمة التعاون الإسلامي لفترة الأعوام 2016-2025 في المجال المذكور والمجالات الأخرى ذات الأولوية، ونرى ضرورة أن يصب الاهتمام الخاص نحو تحقيق المهام التالية:
مقترحات
أولا، تلك القضايا التى تتعلق بتغير المناخ العالمي. ففي معظم مناطق العالم، أصبحت تمثل مشكلة خطيرة عمليات تدهور التربة، وتقلص مساحة الأراضي المزروعة، والتصحر، وزيادة معدلات الجفاف، وندرة المياه اللازمة للزراعة والسكان.
تكتسب هذه التحديات أهمية خاصة بالنسبة لمنطقتنا فيما يتعلق بالكارثة البيئية في منطقة بحر آرال. ونحن نقترح مد جسور التعاون في تطوير مفهوم "الزراعة المتخصصة". وينطوي جوهر هذا المفهوم على اختيار النمط الوراثي المحدد لمحصول بعينه، مع الأخذ في الاعتبار لاستجابته لبيئة معينة من التربة، والأسمدة، والمياه، والمحاكاة العضوية.
ثانيا، نرى ضرورة إقامة التعاون التكاملي بين العلم والتعليم والإنتاج.
وفي هذا الصدد، أعرب رئيس جمهورية أوزبكستان عن تأييد بلاده لمبادرة رئيس جمهورية كازاخستان، نور سلطان نظرباييف، حول التكامل للبنية الأساسية للبلدان الإسلامية من أجل ضمان النمو الاقتصادي المستدام والشامل، وتعزيز التعاون ذي المنفعة المتبادلة.
ثالثا، طبقا لتوصية اللجنة الدائمة المذكورة أعلاه لمنظمة التعاون الإسلامي حول إنشاء ستة مراكز للحاسب الألى عالية الأداء فى أراضي البلدان الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، نود التأكيد على استعدادنا لاستضافة أحد هذه المراكز في أوزبكستان.
واقترح إنشاء المركز الإسلامي الدولي لشباب العلماء، والذي سوف يصبح منصة لتبادل الخبرات والمعارف، وإجراء البحوث المشتركة.
رابعا، اقترح الرئيس الأوزبكي تنظيم أوزبكستان، بمساعدة اللجنة الدائمة لمنظمة التعاون الإسلامي، الأولمبياد الدولي لشباب الدارسين للرياضيات، المكرس لاسم الخوارزمى العظيم.
خامسا، سوف يكون من الملائم إنشاء جائزة خاصة تُقدم من منظمة التعاون الإسلامي للإنجازات العلمية المتحققة في بلدان العالم الإسلامي، والترويج لها على الساحة الدولية، بحسب مقترح ميرضيائيف.
سادسا، ما يمثل أهمية حيوية بالنسبة إلينا جميعا، الاستخدام واسع النطاق لمصادر الطاقة البديلة. وفي هذا الصدد، نعرب عن استعدادنا لتنفيذ البحوث العلمية ذات الصلة والمشاريع التجريبية والخلاقة، بما في ذلك تلك القائمة على أساس الاستثمارات المشتركة.
سابعا، مع الأخذ في الاعتبار بأهمية التقدم العلمي والتقني من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وضمان المستوى المعيشي اللائق لسكان بلداننا، فإنى أقترح عقد مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي الخاصة بالعلم والتكنولوجيا، مرة كل ثلاث سنوات، وفي حال تأييد هذا الاقتراح، فنحن على استعداد لاستضافة مؤتمر القمة المقبل عام 2020 في أوزبكستان.
وكانت هذه المقترحات السبع هي مقترحات أوزبكستان التي قدمها رئيسها للدورة، مؤكدًا في نهاية كلمته على أن هذا المنتدى سوف يسهم في تجسيد الحديث الشريف لرسول الله "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" المنقوش على بوابة المدرسة في مدينة بخارى، تلك المدرسة التي شيدها العالم الكبير ميرضياء أولغ بك، شاكرًا للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين ورئيس اللجنة الدائمة للتعاون في مجالى العلوم والتكنولوجيا، ورئيس جمهورية باكستان الإسلامية ممنون حسين، على الجهود العملية المبذولة لتوسيع العمل المشترك بين بلدان العالم الإسلامي في قضايا تطوير العلوم.
خاتمًا بتهنئة رئيس جمهورية كازاخستان، نور سلطان نظرباييف، على النجاح في تنظيم المعرض الدولي "إكسبو-2017" في مدينة أستانا الرائعة، وحسن تنظيم قمة منظمة العالم الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا بهذا المستوى الراقى.
+ There are no comments
Add yours