معركة الموصل القادمة: التحالفات والمفاجآت

1 min read

تتصاعد وتيرة الأحداث وتتأزم الأوضاع الداخلية في مدينة الموصل، بعد سنتين من تواجد مقاتلي تنظيم الدولة وسيطرتهم على المدينة بعد أحداث التاسع من يونيو/حزيران عام 2014 التي اتخذت أوجه عديدة كان لها وقعها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وشهدت المناطق المحيطة بالمدينة العديد من الأحداث والوقائع والتحالفات السياسية والتدخلات الإقليمية والدولية، وارتسمت خارطة جديدة في تحديد مسارات المستقبل لهذه المدينة والمناطق المحيطة بها.

ويمكن لنا أن نقرأ المشهد الواقعي لمدينة الموصل العريقة ضمن الوقائع التالية:
الواقع الميداني: اتسم هذا الواقع بتطورات وأحداث انعكست سلبيًا على حياة المواطن وديمومة بقائه واستمرار وجوده على الأرض بسبب السياسات التي اتبعتها قيادات التنظيم والتي اتسمت بالآتي:

1.سيطرة تامة وإحكام شديد على جميع مرافق الحياة وأصبح الناس يعانون من التدخلات والتجاوزات على حياتهم ضمن برنامج ممنهج ومنظم لإيقاع الأذى بهم.
2.هدم وتحطيم الآثار التاريخية والعمرانية التي كانت شاهدة لعمق وانتماء المدينة للحضارة العالمية في مناطق ومدن ( الحضر والنمرود وخور سيباد ) ومتحف الموصل الحضاري.
3.السيطرة على المعامل الأهلية التابعة للمواطنيين من أصحاب القطاع الخاص والمملوكة لليزيديين والمسيحيين وتفكيكها ونقلها مباشرة إلى مدينة الرقة السورية.
4.عدم السماح للمواطنيين بمغادرة المدينة إلا بموافقات خاصة وتقديم كفالات ضامنة كرهن عقار أو أرض سكنية وزراعية ضامنة لعودنهم للمدينة بعد اكمال أعمالهم أو مصادرة ما تم تقديمه من ضمانات في حالة عدم العودة.
5.العمل على جباية الأموال من المواطنيين من أصحاب المحلات التجارية والمكاتب العقارية والأسواق المحلية رغم حالة الكساد الاقتصادي الذي تعيشه المدينة.

الواقع العسكري: استمرار المواجهات والتعرضات ذات الطابع والنزاع المسلح مع استمرار القصف الجوي لطائرات التحالف الدولي والذي تميز بالآتي:

1.تهديم البنية التحتية لمدينة الموصل بسبب أهداف القصف الجوي للتحالف واستهدافه للمباني والمؤسسات الحكومية وجامعتي الموصل ونينوى ومحطات التعبئة الرئيسية والبدالات الأرضية والعديد من الأماكن المهمة داخل المدينة.
2.ادامة الحصار الاقتصادي الواسع الذي تنفذه طائرات التحالف باستمرار قصفها للشريط الحدودي السوري-العراقي والمناطق التي توصل بين مدينة الرقة السورية مرورًا بالحدود ووصولًا لمدينة الموصل، والذي ساهم في انقطاع المواد الغذائية وشحتها داخل أسواق المدينة وافتقارها لأبسط مستلزمات العيش الكريم مع فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها المواطنيين وكبار السن.
3.فتح عدة جبهات وإيجاد مقرات عسكرية محيطة بالمدينة من قبل القوات الأمنية والعسكرية والقوات الكردية لانهاك مقاتلي التنظيم واشغاله بمواجهات مستمرة وبمساعدة طائرات التحالف الدولي.
4.ارسال المقاتلين الانغماسيين وبعجلاتهم مستهدفين القيادات العسكرية من الجيش والأمن والقوات الكردية في مناطق ( مخمور وشمال تلعفر وسهل نينوى ) غايتها إثبات وجود التنظيم وسيطرته على أكثر من جبهة وفي جميع المناطق التي يمكن له الوصول إليها.
5.تواجد القوات التركية في معسكر (بعشيقة) الكائن في منطقة جبل بعشيقة المطل على مركز الناحية وفيه اكثرمن(200) عسكري تركي بمختلف الرتب وبمعداتهم وأجهزتهم العسكرية والميدانية من العجلات والمصفحات والدبابات والسيارات المصفحة والصهاريج الآلية.
6.تطوير معسكر (زليكان ) التابع للحشد الوطني ضمن قضاء الشيخان وبإشراف أثيل عبد العزيز النجيفي، محافظ نينوى السابق الذي استعان بعدد من القادة والضباط الأتراك للتدريب والإشراف على إعداد المتطوعيين وتهيئة المقاتلين وإبداء المساعدة الميدانية الكفيلة بانجاح مهمة المعسكر.

الواقع السياسي:

استجدت أحداث ووقائع وتحالفات سياسية وعسكرية تمكن مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية من الوصول اليها بعد متابعات ميدانية وقراءة للمشهد السياسي للمدينة وما يحيطها من مناكفات سياسية وأراء وانطباعات رسمت صورة المستقبل القريب للمدينة، يمكن لنا أن نوضحها لقرائنا الأحبة بالآتي:

1.التحالفات السياسية التي أسس دعائمها رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي، مع قيادات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والتي تمثلت باستمرار إرساله للعديد من شحنات الأسلحة لمطار السليمانية بغية تسليمها لعناصر حزب العمال التركي وعبر التشكيلات العسكرية للاتحاد الوطني وبتنسيق مباشر من قبل قاسم سليماني المشرف على الحرس الثوري الإيراني، الذي انتدب (أبو مهدي المهندس ) ليكون مسؤلًا عن هذا الملف وتدعيم الاتصال بين حكومة بغداد وقيادات حزب العمال في شمال العراق.
2.علمت الحكومة التركية وأجهزتها الأمنية والاستخبارية بهذه العلاقة واعترضت عليها لدى قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك علمت قيادة التحالف الدولي بهذا التنسيق السياسي والعسكري بين بغداد وحزب العمال والذي استمر خلال رئاسة العبادي للوزارة العراقية.
3.شعرت قيادة إقليم كردستان العراق بهذه العلاقة ودرست أسبابها وأهدافها وقامت بإشعار الولايات المتحدة الأمريكية بها موضحة انعكاساتها على الوضع الأمني والعسكري داخل الإقليم والمناطق المحيطة به واعتبرت أنّ هذه العلاقة تشكل حساسية كبيرة.
4.اتضحت معالم هذه العلاقة وثمارها عند البدء بعملية تحرير منطقة (ربيعة) شمال محافظة نينوى والتعاون الذي بدأ واضحًا من قبل بعض الشخصيات العشائرية والسياسية ضمن هذه المنطقة مع مقاتلي حزب العمال التركي الذي شارك يالقتال ضد تنظيم الدولة وساهم بتحرير المنطقة.
5.تسعى هذه العلاقة للتأثير على زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئاسته للإقليم وإيجاد قوة مواجهة ميدانية تؤثر سلبًا على طبيعة الأوضاع السائدة فيه.
6.تقديم الإسناد العسكري لقيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير في مدينة السليمانية وبدعم من إيران التي ترى في هذه القيادات حليفًا استراتيجيًا لها، عكس رأيها بقيادة الحزب الديمقراطي التي تراها حليفًا رئيسيًا للأتراك.
7.تسعى الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإيرانية لإيجاد موطئ قدم لها قريبًا من المناطق التي تحيط بمدينة الموصل لتشكل قوة ميدانية بالتنسيق والتعاون مع حزب العمال التركي يكون لها دورها المستقبلي في رسم مستقبل الأوضاع بمدينة الموصل بزج عناصرها ميدانيًا أو إرسال تشكيلات من الحشد الشعبي بصورة سرية للعمل والقتال مع مقاتلي حزب العمال التركي القريبة من المناطق المحيطة بقضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى، والذي يشكل هدفًا استراتيجيًا للإيرانيين والمليشيات المرتبطة بالحشد الشعبي لتواجد (التركمان الشيعة ) فية قبل أن يتم هروبهم بسبب دخول مقاتلي التنظيم وسيطرتهم على القضاء ولكونه قريب من مركز مدينة الموصل بمسافة (60)كيلو متر مربع.
8.المؤشرات الأولية لتحركات القطعات العسكرية لقوات الجيش باتجاه قاطع مخمور تشير إلى بدء طلائع العمليات العسكرية باتجاه مدينة الموصل ولكنها تسير بمحاور وأوقات متسلسلة، ونرى أنها ستبدأ من محور (بيجي -الشرقاط) والمحور الثاني (مخمور -القيارة) وسيستغرق هذا التحرك وقتًا طويلًا ويحتاج إلى إمكانيات من عديد للقوات العسكرية العراقية ولدعم متواصل من طائرات التحالف الدولي.

فهل سنرى في قابل الأيام تحالفات عسكرية وسياسية جديدة ودور رئيسي للقوات التركية في العمليات الساعية لتطهير مدينة الموصل بالتعاون مع القوات الكردية العراقية ومقاتلي الحشد الوطني أم ستكون هناك محاولات أستخبارية وعمليات خاصة للإيرانيين والحشد الشعبي بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني تجاه الموصل والمناطق المحيطة بها ؟هذا ما سنتابعه بدقة.

وحدة الدراسات العراقية مركز الروابط للابحاث والدراسات الاستراتيجة

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours