كتب- أبوبكر أبوالمجد
لا تزال حادثة تفجير الطائرة لوكيربي التي انطلقت من لندن إلى نيويورك في 21 ديسمبر عام 1988، تمثّل أكثر الحوادث دموية في بريطانيا، وثاني أعنف الهجمات في تاريخ الولايات المتحدة.
لكن وفق اتفاق أمريكي ليبي تم توقيعه في 14 أغسطس 2008 كان يفترض أن يتم بموجبه إغلاق ملف هذه القضية للأبد؛ لكن منذ متى في قانون الدول الكبرى والقانون أو الاتفاقات تكون هي الفاصلة؟!
إنها القوة أو قانون القوة هو الذي يحكم العالم خاصة إذا كان أحد طرفي الصراع من الدول النامية والفقيرة.
عودة غير جائزة
وبعد كل هذه السنوات، تعيد الولايات المتحدة القضية للواجهة مرة أخرى، وسط تساؤل مشروع عن جواز هذا التصرف قانونيًا، وغير مشروع عقلًا، حيث أنه لا قانون أعلى من قانون القوة الذي يحكم العالم.
فقبل أيام وجّهت الولايات المتحدة لائحة اتهامات ضدّ الليبي أبو عقيلة محمد مسعود، المشتبه بصنعه القنبلة التي أدّت إلى تفجير طائرة “بان أم الرحلة رقم 103″، فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988.
وقال وزير العدل الأمريكي ويليام بار، إن أبو عقيلة يواجه تهماً تتعلق بارتكاب جرائم إرهابية بعد مرور 32 عاماً على الكارثة.
صحفي ليبي
أشار الصحفي الليبي الطبرقي، عبد العزيز الرواف، وفق وثائق، نشرتها صحيفة المرصد الليبية، تعود لفترة تسوية قضية لوكيربي، إن عودة القضية للواجهة تزامن مع حكم قضائي بريطاني، يرفع التجميد عن مليارات ليبية في المملكة المتحدة مجمدة بحسابات المؤسسة الليبية للاستثمارات، مما يراه البعض ربط بين هذا الحكم والاتهام الأمريكي، وربما يعرض تلك الأموال للحجز، على اعتبار أن الحادثة، وقعت على أرض بريطانية.
وأضاف، الرواف، أنه بالعودة إلى نص اتفاق تسوية المطالبات الليبي الأمريكي، المبرم والموقع بين الجانبين، في طرابلس يوم 14 أغسطس 2008، فقد تم التأكيد على إغلاق كل هذه القضايا، حتى لو كانت قابلة للاستئناف أمام المحاكم.
وأوضح أنه بالعودة إلى تفاصيل ما بعد حادثة لوكيربي، فإن عائلات أمريكية رفعت دعاوى قضائية في نيويورك سنة 2006، وتحصلت على حكم بالتعويض قدره 6 مليارات دولار، غير أن الاتفاق النهائي بين الدولتين، ألزم ليبيا على دفع تعويض قدره 1.5 مليار دولار، ونص أيضًا أن تدفع أمريكا في المقابل تعويضًا لليبيا وقدره 300 مليون دولار.
ولفت، أن الاتفاقية حملت بين ليبيا وأمريكا والمكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، توقيع كل من (ديفيد ويلش)، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، وأحمد الفيتوري، وكيل شؤون الأمريكيتين، في وزارة الخارجية الليبية آنذاك، وجاء في الاتفاقية على أن يؤسس صندوق يودع فيه الطرفين، أو من ينوب عنهما الأموال التي يطلبها كل منهما من الآخر كتعويض.
وأردف الصحفي الليبي، أنه جاء في بنود المادة “3” أن يقبل الطرفين تسوية مادية مقابل تلك القضايا، ولا يجوز بعدها فتح أي مطالبات جديدة، عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 يونيو 2006، وهذا يعني أن أمريكا لا يحق لها الآن المطالبة، أو حجز أي أموال أو أصول ليبية، بعد هذه التسوية الحاسمة، كما لا يحق لليبيا أي مطالبة، في مقابل أن تدفع الولايات المتحدة تعويضات ضحايا الغارة الأمريكية على ليبيا، والتي حدثت يوم 15 أبريل 1986.
وأوضح عبد العزيز الرواف، أن ليبيا طالبت في المادة “ب / 3” من الاتفاق، وفي الملحق التابع له على التزام الولايات المتحدة بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا، وبأن لا يستلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض، إلا بعد توفيرها، وهو ما تم بالفعل عبر مراسيم رئاسية وتشريعية أمريكية.
وتنفيذا لطلب ليبيا أصدر الكونغرس الأمريكي القانون رقم 110/301 بشأن اعتماد هذه الإتفاقية، ونصت المادة 4 من هذا القانون، على أن تكون الممتلكات الليبية، والأفراد الليبيين المعنيين، في مأمن من الحجز أو إجراء قضائي آخر، وبالمناسبة فإن النائب بالكونغرس “جو بايدن” وقتها، الرئيس المنتخب حاليًا، هو من تقدم بذلك التشريع.
كما وقع الرئيس الأمريكي بوش الابن في 31 أكتوبر 2008 مرسومًا رئاسيًا، حمل رقم 13477 نص على التزام الولايات المتحدة بتسوية النقاط المطلوبة منها، والتي ارتكبها مواطنيها، على أن تلتزم ليبيا بنفس المبدأ، مع الإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية، وإقفال أي قضايا مفتوحة، من قبل عائلات الضحايا سواء أمام المحاكم المحلية والأجنبية، وذلك بعد قيام بعض العائلات، برفع قضايا ضد ليبيا بشكل منفرد، وحصولها على أحكام بتعويضات مالية ضخمة، إلا أنها أصبحت هي والعدم سواء بعد هذا الاتفاق.
وأكد الرواف، أنه بذلك يكون كل ما يقال عن حق وقدرة الولايات المتحدة على حجز الأموال الليبية، أو المطالبة بحجز، أو معاقبة الدولة الليبية وأصولها، هو أمر غير واقعي، ولم يعد له أساس قانوني وفقًا للاتفاقية سالفة الذكر الموقعة بين البلدين، وللقانون الصادر بشأن تحصينها من الكونغرس، و للمرسوم الرئاسي الصادر والموقع من الرئيس (جورج دبليو بوش).
فهل يكون للقانون السيادة هذه المرة أم تنتصر القوة كما جرت العادة في مثل هذه المواجهات غير المتكافئة؟!
+ There are no comments
Add yours