كتب- أبوبكر أبوالمجد
في 20 أغسطس الماضي، كشف هشام داود مستشار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في لقاء تليفزيوني إن “إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من العراق خلال مدته أقصاها 3 سنوات، جاء نتيجة مباحثات مطولة بين بغداد وواشنطن لتحديد نوع وعدد وطبيعة العلاقة العسكرية بين البلدين”.
وأشار مستشار الكاظمي، إلى أن “التفاهمات السياسية التي تحققت في واشنطن تحتاج إلى المزيد من الوقت لإنضاجها وهو مؤشر على نجاح تلك الزيارة”.
ومؤخرًا.. أعلن الجيش الأمريكي أنه سيخفض عدد أفراده في العراق من “5200” إلى “3000”، معطيًا صفة رسمية لخطوة كانت متوقعة منذ فترة طويلة.
وقال الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية أثناء زيارة للعراق، أمس الأربعاء: “نواصل توسعة برامج دعم قدرات شريكنا، لتمكين القوات العراقية بما يسمح لنا بتقليص وجودنا في العراق”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
لماذا الآن؟
تقترب الولايات المتحدة من الاستحقاق الرئاسي، وتقريبًا جرت العادة أن يكون للرئيس الأمريكي تصريح مماثل في نفس الموعد.
لكن في حالة الرئيس دونالد ترامب، فالرجل يريد الوفاء بوعوده الانتخابية وإخراج الولايات المتحدة من “الحروب التي لا تنتهي”.
وسبق أن طالب البرلمان العراقي العام الماضي بخروج القوات الأمريكية من العراق بشكل كامل، لكن كان ذلك في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الموالي لإيران، الأمر الذي جعل الأمريكان يتدخلون لإشعال الشارع العراقي والإطاحة بهذه الحكومة التي تجرأت على المطالبة بطرد القوات الأمريكية، ليكتمل المشهد مع بداية العام “2020” واغتيال الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ليعود هذا الأمر للطفو على السطح مجددًاً.
وعلى الرغم من حساسية الوجود الأمريكي عقب تنفيذها عملية الاغتيال، وبعد الرد الإيراني على قاعدة عين الأسد وعشرات الاستهدافات لقاعدة التاجي ومحيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء؛ لكن واشنطن لم تقرر بعد الانسحاب.
واليوم يقول المسؤولون الأمريكيون أن الانسحاب سيتم في شهر سبتمبر الجاري، ليتم استثمار هذا الانسحاب في الداخل الأمريكي، وليس إذعانًا لمطالب العراقيين، فيجب الانتباه جيدًا، لهذا الأمر.
خطة بديلة
قبل بضعة أشهر عاد تنظيم داعش للظهور مجددًا، وبحسب معلومات استخباراتية روسية، الانطلاق كان من قاعدة التنف الأمريكية في سوريا، والتي هي على مقربة من المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني، وبالفعل تصدت حينها القوات العراقية لعددٍ من المتسللين من عناصر التنظيم، كانت وجهتهم مدينة صلاح الدين للقيام بتفجيرات.
القيادات العسكرية العراقية تعاملت مع الوضع وأمنت الحدود العراقية – السورية، ومحيط محافظة الأنبار، ما يعني أن إحياء داعش وإنجاح الخطة في تغلغله مجددًا في العراق، سيلغي طلب الانسحاب برغبة عراقية.
يضاف إلى ذلك، ومنذ حوالي الثلاثة أشهر والعصيان الذي قام به سجناء داعش سواء في سجن الكسرة في دير الزور أو الصناعة في الحسكة أو غويران، وهروب العشرات من الإرهابيين من هذه السجون الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية – قسد المدعومة من قبل القوات الأمريكية، فضلاً عن عدة إنزالات قام بها التحالف الدولي ونقل قياديين من داعش إلى جهات مجهولة، والتي لا تحتاج إلى ذكاء لمعرفة أنهم أصبحوا في العراق.
هذا السيناريو الذي حاولت واشنطن استثماره؛ لكن العملية التي أطلقتها روسيا في سوريا، أي عملية الصحراء البيضاء، قضت على كل فلول داعش ولا تزال مستمرة، والحشد الشعبي تصيد كل المتسللين على الحدود، ما يعني فشل المخطط الأمريكي، وبالتالي إعادة 1200 جندي إلى البلاد هو جزء يسير من عدد القوات الإجمالي، لكن حتى تنفيذ هذا الأمر لواشنطن حتماً غايات أخرى من خلاله.
الخلاصة
دلالة ذلك أن تخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق، يعني سيناريو جديد يجهز للعراق، وبالتالي لا يمكن للولايات المتحدة الخروج بخسارة من أي موقع، فالانسحاب مجرد عملية شكلية لا تقدم ولا تؤخر، فقواتها موجودة بأشكال أخرى عبر شركات واستثمارات وأمن ودبلوماسيين وغير ذلك الكثير.
إذا الولايات المتحدة حاضرة بمنتهى القوة لكن السؤال، ماذا ستفعل واشنطن بالعراق أكثر مما فعلت، حيث لم تنفذ شيئًا مما وعدت به عندما شرعت في احتلال البلد العربي في 2003.
+ There are no comments
Add yours