أبوبكر أبوالمجد
أعلن الصومال حالة الطوارئ الوطنية لمواجهة أسراب الجراد التي تجتاح البلاد المنهكة بالحرب والمجاعة؛ في محاولة للحد من أضرار أسوأ موجة جراد تشهدها شرق أفريقيا منذ 70 عامًا، مهددة أكثر من 10 ملايين شخص في المنطقة بأزمة جوع حادة.
وللوهلة الأولى يبدو الجراد المنتشر حاليًا في شمالي الصومال أقل خطرًا مقارنة بمناطق وبلاد أخرى؛ لكن ذلك سيتغير قريبًا، بحسب خبراء، فهذه الجرادات الصغيرة المتقافزة التي لم تنمو أجنحتها بعد هي الموجة التالية التي تهدد ما يزيد على عشرة ملايين نسمة في أنحاء المنطقة بأزمة جوع حادة.
والتوقعات تشير إلى أنه خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة ستصل أسراب الجراد إلى كينيا وإثيوبيا المجاورتين حينها ربما تخرج الأزمة عن السيطرة.
ويغزو الجراد الصومال، محمولاً على رياح تقطع به أحياز المسافة فيستبيح المحاصيل الصومالية، ولكن رياحًا أخرى تحمل جرادًا من نوع آخر، أشد فتكًا بالصومال والصوماليين، ينهب ما تبقى من موارد البلاد.
وهذا ما أكده ألبرتو تريللو باركا الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، والذي أوصى بضرورة أن يدرك العالم أنه خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة فإن “حوريات الجراد”، كما يطلق عليها، ستنمو لها أجنحة.
وأضاف: “بعد ذلك يتوقع أن تطير إلى كينيا وإثيوبيا المجاورتين، حيث ترش عدة طائرات مبيدات حشرية لا يمكنها فعل الكثير إذا تواصل تدفق هذه الأسراب”.
جدير بالذكر أن هذه الأسراب تنمو في واحدة من أكثر المناطق عزلة في العالم، ولاسيما في أجزاء واسعة في منطقة بونتلاند (بلاد بونت) التي تتمتع بحكم شبه ذاتي؛ لكنها تعاني بشكل مستمر من تهديدات حركة الشباب المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وبالتالي فإن فكرة رش مناطق ترعرع الجراد جوا – وهو أسلوب السيطرة الوحيد الذي اثبت فعاليته- يعد أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلا.
ومن جانبها أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، في ديسمبر الماضي، أن الجراد دمر قرابة 175 ألف فدان من المزارع في كلا من الصومال وإثيوبيا.
وأضافت أن الخراب الذي ألحقه “غزو الجراد”، قد يهدد إمدادات الغذاء في البلدين في ظل أسوأ غزو للجراد منذ 70 عامًا، بحسب وكالة “رويترز”.
وقالت “الفاو”، في بيان، إن سربًا متوسطًا من الجراد يمكنه تدمير محاصيل تكفي لإطعام 2500 شخص لمدة عام.
وأوضحت المنظمة أن الصراع وحالة الفوضى السائدة في الصومال تجعل رش الجراد بطائرات، وهو ما تصفه المنظمة بأنه “الإجراء الأمثل”، يعد أمرا مستحيلًا، مشيرة إلى أن الإجراءات قصيرة الأجل سيكون تأثيرها محدودًا للغاية.
وفي سياق متصل، حث المزارعون الصوماليون حكومة بلادهم والمجتمع الدولي، على مساعدتهم من أجل حماية محاصيلهم من غزو الجراد، الذي قد يمنعهم حتى من إطعام أسرهم.
وكانت الصومال قد أعلنت في وقت سابق حالة طوارئ وطنية، فيما أكد مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة إن الانتشار الحالي للجراد يمثل ” التفشي الأكثر تدميرًا للجراد في ذاكرتنا المعاصرة إذا لم نسع لتقليص المشكلة بوتيرة أسرع من الحالية”.
وقال المزارع الصومالي في دوسا مأرب، عاصمة إقليم غالغادود، جماد محمد، إن الجراد أتى بالفعل على منطقة الرعي لديهم، مضيفا “نكافح الآن لإنقاذ مزرعتنا على الأقل والتي زرعنا فيها البطيخ والفول. نحن غير قادرين على حمايتها وندعو الحكومة الصومالية والمجتمع الدولي لمساعدتنا”.
من جهته، قال المزارع جيرو قورهيري إن وقت مساعدته فات لأن الجراد أتى على جميع محاصيله، مضيفا “الجراد التهم المنطقة كلها ووصل الآن إلى مزرعتنا ليأكل نباتاتنا. هذه هي النهاية، ليس لدينا ما نطعم به أطفالنا ولسنا قادرين على الشراء من السوق”.
وتعتبر آفة الجراد في الصومال أسوأ بكثير مما توقعته منظمة “الفاو” في وقت سابق، حيث ساهمت في تفاقمها الأمطار الغزيرة التي هطلت في غير موسمها، وتسببت في فيضانات أسفرت عن مقتل المئات في الأشهر المنصرمة.
+ There are no comments
Add yours