كتبت –شيماء عمرو:
باحث في الشؤون الإسرائيلية
“أطفال فلسطينيون عُزَّل يلقون الحجارة على دبابات إسرائيلية” لا تزال تلك الصورة الرمزية” للانتفاضة الأولى تلقى الروع في صدور العدو الصهيوني الذي لا يتوانى عن ممارسة إرهابة ضد الأطفال؛ بل الأجنة. ففي ذكري يوم الطفل الفلسطيني نتذكر معاناة أطفال فلسطين فمنذ بدء الهبَّة الجماهيرية الحالية في 5 من أكتوبر 2015، أصيب الكيان الصهيوني بحالة هيستيريا على كافة المستويات السياسية والعسكرية والقضائية الإسرائيلية، إذ شهدت الساحة الإسرائيلية تصعيدًا وتحريضًا حكوميًا على قتل الأطفال الفلسطينيين.
فحتى اليوم، ارتقى 45 طفلًا شهيدًا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية وقطاع غزة، منهم 5 طفلات، فضلًاعن آلاف المصابين، بينما ما تزال قوات الاحتلال تحتجز جثماني الطفلين “حسن مناصرة” و”معتز عويسات”، منذ استشهادهما قبل حوالي 5 أشهر.
كما كان عام 2014 دمويًا وصعبًا بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث قتلت إسرائيل في حربها على قطاع غزة 550 طفلاً، وتسببت بإعاقات لدى كثير من الأطفال المصابين، في ما كانت حادثة إحراق الطفل محمد أبو خضير العام الماضي، بداية الاستهداف القديم الجديد للأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبخاصة في القدس.
وكعادة المعتدى الصهيوني في كل زمان ومكان استغل الهبَّة الشعبية لسن القوانين واتخاذ إجراءات تزيد من تغولها بحق أصحاب الأرض المغتصبة، تمثل ذلك بحملة تحريضية على القتل، كانت الترجمة الفعلية لها بتطبيق سياسة الإعدامات الميدانية بحق الأطفال، إضافة لإجراء تغييرات على التشريعات الإسرائيلية، خاصة قانون الأحداث الإسرائيلي، لتشديد العقوبات بحق الأطفال الفلسطينيين، وصعدت إسرائيل بحق الأطفال الفلسطينيين وحولت أربعة منهم للاعتقال الإداري (بلا تهمة)، وهي أول مرة تستخدم فيها سياسة الاعتقال بحق الأطفال في القدس منذ الاحتلال عام 1967. أضف إلى ذلك مماطلة سلطات الاحتلال بالتحقيق في ظروف الانتهاكات التي تحصل بحق الأطفال من قبل جنودها، وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب لديهم، فساهم كل ذلك بإلحاق أكبر الضرر بهم.
ولا تأتي تلك الممارسات الوحشية من فراغ؛ بل هى نتاج العقيدة الصهيونية التي يهرع الكيان الصهيوني لغرسها نفوس اليهود الصهيونيين منذ نعومة أظافرهم.
“إذ يتم تدريس سفر”يشُوع”الذي يتناول احتلال أرض فلسطين على يد “يشُوع بن نون” وإبادة شعبها باعتبارهما فريضة دينية، لتلاميذ الصف الرابع بالمرحلة الإبتدائية، فهذا السفر يربط الماضي بالحاضر فيذكر سفر يشوع 6/21 كل ما تمت إبادته (تحريمه) في مدينة أريحا بما يلى:”وحرِّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة ، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف”
ويستخدم مصطلح الحيرم في العهد القديم – بصوره اللغوية المختلفة – للدلالة على معان عديدة منها النذر والتخصيص ومصادرة الشىء من أيدى أصحابه؛ لكن الاستخدام الأكثر شيوعًا لهذا المصطلح في أسفار العهد القديم قد ارتبط بالإحراق والتدمير والقتل والتخريب، والإماته والإبادة التامة والاستئصال وهذا الاستخدام الذائع للحيرم يتفق والمعاني التي يشير إليها مصطلح “الهلوكوست”
“بطلقة واحدة تقتل اثنين”
ففي عام 2009 م خلال عملية الرصاص المصبوب التي شهدها قطاع غزة انتشرت بصورةٍ كبيرة داخل وحدات الجيش “الإسرائيلي“، وخاصة في وحدة “القناصة” موضة ارتداء قمصانًا مرسومًا عليها امرأة فلسطينية حامل تحمل في يدها بندقية، وهى في مرمى هدف القناص “الإسرائيلي”، ومكتوبًا تحت الصورة “بطلقة واحدة تقتل اثنين”
كما قتل جنود الاحتلال في فجر العاشر من مايو 2010 جنينًا في بطن أمه في مخيم “عين بيت الماء” ويروي رأفت القاطوني حكاية قتل طفله قائلًا،”كانت رصاصة واحدة أطلقها جنود الاحتلال، واخترقت جسد زوجتي الحامل في شهرها السابع، واخترقت كذلك رأس طفلي الجنين لتقسمه نصفين، وتخرجه ميتا من بطن أمه قبل أن يرى نور الحياة”
من جانبها أكدت المصادر الطبية في مستشفى “رفيديا” أن والدة الجنين لم تعد قادرة على الإنجاب في المستقبل، “لأن رحمها تفتتت إلى أجزاء”.
الجدير بالذكر أنَّه خلال عملية “الرصاص المصبوب” التي استمرت لثلاثة أسابيع استُشهد وأصيب عدد “غير مسبوق” من الأطفال وفقًا لـلمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي رصد 313 حالة. كما وردت تقارير تفيد استشهاد 30 طفلاً أثناءالاشتباكات بين إسرائيل وقطاع غزة التي جرت في نوفمبر عام 2012.
تلك الفتاوى الإرهابية أكد عليها الحاخامات خلال عملية الرصاص المصبوب في 2008-2009 إذ خرجوا علينا بكتاب “شريعة الملك ” والذي يعد المسوغ الشرعي للمذابح الذي ترتكب بين الحين والأخر ويخبرنا الرابي دافيد بن يوسف قمحي (وكذلك الرابي شلو بن يتسحاق): “فليقتلونهم وهذا ذنب آبائهم، ومن حقكم أن تخشوا أن يصير الأبناء مثل آبائهم أشرارا ، وبحسب ذلك ، عليكم بقتلهم حتى لا ينهضوا فيرثوا الأرض.” ويسهب الرابي بحاييه في تفسيره للتوراة (تثنية 20 : 10-18 ) ، في تفسير هذه الاحتمالية كسبب لقتل الطفل في حرب الشعوب الأممية السبعة :
“ليس ثمة خطأ في قتل الأطفال الرضع، لأنهم سيحذون حذو آبائهم عندما يكبرون ، وسيفعلون جميع الفظائع ، وسيتعلم منهم بنو إسرائيل ذلك ، وكذلك ورد حول هذه القضية ” حتى لا تتعلموا منهم فعل الفظائع ” وحتى لا تقول : عندما يكبرون سيتوبون إلى الله – انظر من قال إنهم لن يتوبوا، إنه الله العالم بما فى النفوس …وكذلك قال أشعياء عليه السلام :”أعدوا لأبنائهم مذبحة بذنوب آبائهم حتى لا يكبروا فيرثوا الأرض وما عليها ” وفي هذه الحالة – ألا نعد قد سلبناهم حياتهم ؟ نقول إنَّه يجوز ارتكاب ذنب صغير لمنع ضرر كبير؛لأن الشخص العاقل يلقى بنفسه من السطح لينقذ حياته من الموت، أو يقطع يده أو قدمه أو أحد أعضاء جسده لينقذ بقية جسده، أو يشرب شرابًا مرًا للتداوي به وهو في كل هذه الحالات لا يعد سارقًا ، بل هو يصنع معروفًا لنفسه ويبقي على حياته، ولأن الإنسان يفعل هذا لنفسه ويبقي علي حياته ، ولأن الإنسان يفعل هذا لنفسه فيستحيل اتهامه بالسرقة ومحاكمته ، ما دام أنه لا يفعل هذا مع غيره ، ومن أجل هذا فالتوراة أباحت قتل الأطفال الرضع ، وارتكاب ذنب بسيط لمنع ضرر أكبر كان سيلحق بالعالم ، وهو أمر منطقي ، تمامًا لمن يتأمله.”
شدة البرودة تقتل الأطفال:
وسقط آلاف الشهداء والجرحى، من بينهم 547 طفلا، وتدمير عشرات آلاف المنازل إما بشكل جزئي أو كلي؛ نتيجة للحصار الذي فرضه الكيان الصهيوني على قطاع غزة في 2014 م، واستمر 51 يومًا؛ إذ اتخذت العائلات المتضررة من المدارس،أو البيوت المتنقلة “الكرفانات” التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء مأوى لها، فعلى سبيل المثال لا الحصر ارتقى رضيع يبلغ من العمر شهرين، وأصيبت شقيقته التوأم بصورة خطيرة، جراء معاناتهما من البرد الشديد، حيث تقيم عائلتهما في كرفان بخان يونس.
احصاءات بعدد الضحايا
تعود أول حادثة موثقة قام فيها جيش الدفاع الإسرائيلي بقتل أطفال فلسطينيين إلى نوفمبر عام 1950 حينما تم إطلاق النارعلى ثلاثة أطفال فلسطينيين تبلغ أعمارهم 8 و10 و12 عامًا من قرية يالو وقد وقعت الحادثة بالقرب من دير أيوب في منطقة اللطرون. ووفقًا لشهود عيان بالغين، فإن “رجلاً واحدًا فقط هو الذي أطلق النار عليهم من مدفع رشاش “ستن” إلا أن أحدًا من أفراد كتيبته لم يحاول التدخل.”
وتشير تقديرات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إلى إصابة 4816 طفلاً فلسطينيًا على الأقل في الفترة من 1 يناير 2001 إلى 1 مايو 2003، وكانت معظم الإصابات ناجمة عن تحركات الجيش الإسرائيلي أثناء ممارسة الأطفال لأنشطتهم اليومية الطبيعية.وفي ديسمبر 2008م، استشهدت فتاتان فلسطينيتان في غزة حينما سقط صاروخ قسام أطلقته الجماعات العسكرية المسلحة قبل وصوله إلى هدفه الإسرائيلي ليصيب منزلاً.
المحاكمات العسكرية للأطفال:
وذكر تقرير لمنظمة اليونيسف “أن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين في نظام الاعتقال العسكري الإسرائيلي يبدو منتشرًا ومنظمًا وممنهجًا” وأنه “لا يُحاكم الأطفال بشكل منهجي أمام محاكم عسكرية للقاصرين في أي بلد آخر.
ووفقًا لقانون الشباب الإسرائيلي، تقع المسؤولية الجنائية منذ عمر الثانية عشرة فما أكثر.وينص هذا القانون على أنَّه لا يجوز توقيف الأطفال دون هذا العمر، وكذلك يجب ألا يتم استجواب الأطفال الأكبر من هذا العمر إلاَّ بحضور والديهم أو محاميهم. وأوضحت منظمة “بتسيلم” أن هذا القانون لا يُطبق رسميًا على الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث إنَّهم يخضعون للقانون العسكري الإسرائيلي، إلا أن المحكمة العسكرية أوصت بمراعاة أحكام هذا القانون.
اعتقال الأطفال :
من جانبها، أفادت جمعية “نادي الأسير الفلسطيني” أن قوات الاحتلال تعتقل في سجونها أكثر من 400 طفل وقاصر، تتراوح أعمارهم بين (12- 17 عامًا)، بينهم 16 فتاة أصغرهن ديما الواوي (12 عامًا).وبيّنت أن من بين المعتقلين من يقضون أحكامًا بالسجن الفعلي، وآخرون رهن التوقيف، مشيرة إلى صدور أوامر اعتقال إداري بحق آخرين.
مضيفة أن الاحتلال يحتجز حوالي 270 طفلًا في سجن “عوفر”، و100 في سجن “مجدو”، ويقبع آخرون في مراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية بعد اعتقالهم مؤخرًا.ولفتت النظر إلى أن قوات الاحتلال تقوم “بشكل دوري” باعتقال الأطفال والإفراج عنهم، إلى جانب فرض إقامات جبرية على آخرين.
وقالت المصادر المختصة بشؤون الأسرى، إنه منذ بداية الانتفاضة الحالية (انتفاضة القدس) (أكتوبر) 2015.تم رصد اعتقال 20 طفلًا جريحًا مشيرة إلى أن الاحتلال “لا يقدم العلاج المناسب” لهم.
سوء معاملة الأطفال في السجون:
واتهمت جمعية “نادي الأسير” قوات الاحتلال بـ “ممارسة” أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بحق الأسرى الأطفال “لا سيما في مركز تحقيق وتوقيف عتصيون (جنوب بيت لحم)”. فغالبًا ما يؤخذ الأطفال من منازلهم ليلاً. ويتم تعصيب أعينهم وتقييدهم بصورة مؤلمة ويتعرضون لإساءة المعاملة الجسدية واللفظية أثناء إحالتهم للاستجواب حيث يتم إكراههم على الاعتراف دون التواصل المباشر مع محاميهم أو أسرهم. وفي العادة تكون الاعترافات الموقعة مكتوبة باللغة العبرية التي لا يجيد قراءتها سوى عدد قليل من الأطفال القُصر الفلسطينيين. علاوة على ذلك، يتم تكبيل الأطفال أثناء المثول أمام المحكمة ويفرض عليهم تنفيذ الأحكام في إسرائيل.
تهجير الأطفال
وأشار “مركز الإحصاء الفلسطيني” إلى أعداد الأطفال الفلسطينيين (أقل من 18 سنة) للعام 2015 حوالي 2 مليون و165 ألفًا و288 طفلًا، أن ما يزيد عن الـأف و109 أطفال “هُجّروا” قسرًا عقب هدم سلطات الاحتلال لـ 645 مسكنًا ومنشأة، وإخطار 780 أخرى، في مختلف محافظات الضفة الغربية والقدس المحتلتيْن.
الحرمان من التعليم:
فبسبب ادعاء السلطات الإسرائيلية بمشاركة الأطفال في مقاومة الاحتلال واستغلال التجمعات المدرسية لهذا الغرض، ولحرمان الأطفال من التعليم وتجهيل الأطفال، فقد أقدمت سلطات الاحتلال على الإغلاق الجزئي للمؤسسات التعليمية وبعد ذلك الإغلاق الكلي والتام وحرمان الأطفال من فرص التعلم واكتساب المعرفة، وبالتالي تدني مستوى الطلاب وأصبح مستوى الطفل ذو العشر سنوات خلال الانتفاضة يساوي مستوى طفل ستة سنوات قبل الانتفاضة، وأصبح الشارع ومواجهة الجيش والمخاطر التي تواجه الطفل في الشارع هي السلوك اليومي ومجال الاكتساب والتعلم للطفل، فتعلم الكثير من الأطفال عادات وسلوك المقاومة والعادات السلوكية السيئة. وسنتطرق في دراستنا هذه للآثار النفسية التي يسببها كل موقف من مواقف العنف والإرهاب هذه على الأطفال الفلسطينيين.
اتفاقية حقوق الطفل
وبذريعة حماية أمنها وتفصيل استراتيجيات الردع لديها لكبح التطلعات الفلسطينية في العودة والتحرير تقتل إسرائيل” وتعذب الأطفال الفلسطينيين وتقدمهم للمحاكم العسكرية وتزج بهم في غياهب السجون الإسرائيلية لسنوات طوال مخالف للمادة (37-أ ) من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني 1989 م والتي جاء فيها:- “تكفل الدول الأطراف ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشر سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم”.
لقد مرت ذكرى يوم الطفل الفلسطيني دون أن يعلو صوت دولي وحقوقي يطالب الكيان الصهيوني بالإفراج عن كافة أطفال فلسطين ووقفه جرائمه العنصرية بحقهم .
من هنا يتبين لنا أن َّ تعريف مصطلح التطرف والإرهاب أصبح متروكًا للأهواء فاليهودي والمؤيدون للحقوق العربية الرافضون للصهيونية تُطلق عليهم المؤسسة الصهيونية لقب إرهابيون، أما التابعين لتيار الصهيونية الدينية المؤيد للدولة؛ فعلى الرغم من توجههم للعنف والإرهاب وارتكابهم المجازر بحق العرب والأطفال نجد ذات المؤسسة تطلق عليهم متدينين ويتساهل القضاء الإسرائيلي في معاقبتهم .
إذن لابد من العمل على تشكيل موقف عربي وإسلامي حاسم وشجاع في مواجهة الوحشية الإسرائيلية بحق إخواننا الفلسطينين وضرورة إحياء الوعي العربي بالقضية الفلسطينية وجعلها محورا للعمل السياسي والإسلامي على المستويات الرسمية والشعبية وتقديم العون المادي الكافي والدعم المعنوي لأصحاب الأرض المغتصبة في مواجهة عمليات الإبادة الطرد من بلادهم .
+ There are no comments
Add yours