أمجد عامر صحفي مصري
استيقظت في الصباح الباكر.. يوم جديد ضمن أيام شهر كريم من أطهر شهور السنة، وهو شهر رمضان.. انتويت صلاة الفجر حاضرا في المسجد.. رن هاتفي.. كان الاتصال من أحد أصدقائي المقربين علي غير عادته.. القلق أصابني بسبب توقيت المكالمة.. أخبرني أن جارًا لنا في المنزل المجاور توفاه الله غرقًا في ترعة الإسماعيلية بمنطقة مسطرد (مدخل حي شرق شبرا الخيمة من ناحية مدينة المطرية وأيضا من ناحية الأميرية التابعتين لمحافظة القاهرة).. ذرفت دموعي في الحال حزنا واهتز قلبي كأن زلزالا أصابه.. ورحت أستعيد شريط ذكرياتي مع صديق الطفولة الذي فرق بيننا الموت.
سألت الله له الرحمة والغفران.. ومن حينها فارق النوم عيني كما فارقني.. قابلت أخوه الأكبر "عمرو" فحكى لي بصوت ملأه الحشرجة ووجه عبوس.. أن أخيه (إسلام نبيل) ابن العشرينيات توفي مشنوقًا ومكبل اليدين وملقى في المياه وليس غرقا!
ازدادت فاجعتي وتضاعف وجعي.. بادرته بسؤال هل له أعداء؟ فأجابني.. (طبعا لا.. ده كان في حاله من البيت للمحل "دكانة").. فسألته ثانية.. هل له نصيب من الأصدقاء الأشقياء؟ فأجابني أخوه.. (عمري ما شفته مع حد وحش.. وملوش خصومة مع حد.. ومحبوب من الجميع).
تم دفن "إسلام" وذهب إلي أفضل مكان، وبدأت التحريات.. وإني لأرجو مع بدء مسيرة التحقيق في مقتله الوصول سريعًا لمرتكب هذه الجريمة حتى يستريح أهل "إسلام" ومحبيه ولو بعض الشئ، وأنا على يقين أن الأجهزة الأمنية المصرية لن تفرط في حقه.. وأثق أن الجاني سيكون عبرة لنظرائه المجرمين.
بات "إسلام" تحت التراب ولكن بقيت الجريمة رقمًا يأخذنا للفزع، واعتادت صفحات الحوادث المصرية يوميًا على الترحال بين حوارى وشوارع المحروسة للبحث عن كشف غموض مختلف أنواع الجرائم، واتضح أن جرائم القتل هى الأكثر والأصعب تعقيدًا فى كشف غموضها إلى أن تتفكك جميع الخيوط المتشابكة ويسدل الستار فتتساقط التفاصيل.
فيما مضى كانت النسبة الأكبر لجرائم القتل محصورة بين فئات البلطجية والمجرمين وكان وقوعها بهدف السرقة وتجارة المخدرات؛ لكن مع الانفلات الأخلاقى والأمنى في السنوات الأخيرة أصبحت الجريمة في حد ذاتها هدفًا للراغبين في إثبات ذاتهم كما يظنون بحسب إدراكهم المتخلف الناجم من جهلهم الشديد.
وإذا كنت أطالب الأمن بالقيام بدوره في حفظ أمن المواطنين وضرب الجريمة استباقيًا، فإني أوصي أيضا بضرورة تثقيف المواطنين وتعليمهم أن الجريمة لن تفيد أبدًا.
الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن ارتفاع معدلات الجريمة مرتبطة بعدة أسباب أبرزها الانفلات الأخلاقى والأمنى والإدمان والظروف الاقتصادية.
وأشارت، إلى أن انتشار الجريمة له نتائج سلبية جاءت ما بين تهديد الأمن النفسى للمواطن وفرض حالة من الخوف طوال الوقت على الأطفال، فضلا عن تفشى حالة من الاضطراب بين الأفراد وصولًا لظهور فكرة التفنن لتنفيذ الجريمة بطريقة أكثر شراسة وبشاعة.
وأكدت أستاذ علم النفس، أن توفير فرص عمل للشباب ومكافحة الإدمان والتنشئة الصحيحة ستعمل على خفض معدلات الجريمة.
إن الأجيال السابقة في مصر والعالم العربي توفر لديها حالة من الاستقرار بعيدًا عن الصرعات السياسية والاقتصادية دفعت رب الأسرة لتربية أولاده تربية جيدة، مضيفة أن الأجيال الحالية شكلتها وسائل الإعلام المختلفة خاصة الوسائل الترفيهية وهو ماينذر بكوارث.
أما الوضع الحالى فى مصر والعالم العربي، فهو نموذج محاكاة لما هو أسوأ بالنسبة للخارج، وجاء نتيجة البعد عن القيم والعادات الشرقية، وهنا يأتي دور وزارات التربية والتعليم في عالمنا العربي فى إعادة بناء ما تم إهداره.
+ There are no comments
Add yours