رواندا التي تعاني في السنوات الأخيرة من ويلات الملاريا المتفشية في العديد من مناطقها، تسعى إلى إستئصال هذا المرض القاتل من أراضيها، وتحقيق هدف “صفر من الوفيات في 2016″، بحسب وزيرة الصحة الرواندية، أنييس بيناغواهو.
هدف مرسوم قالت الوزيرة، في مقابلة مع الأناضول، إنّ تحقيقه يمرّ عبر وضع إستراتيجية شاملة للتصدّي لهذا المرض الإستوائي، قوامها وسائل وقائية وطبية وإنسانية وتقنية على مراحل، مضيفة أنّ بلوغ “صفر وفيات” سيتحقق وجوبا عبر التقليل من تأثير المرض، وأعتقد أننا نستطيع الوصول إلى ذلك من خلال جملة الإجراءات التي تتنزّل ضمن استراتيجية شاملة”، لمكافحة الملاريا.
هدف أعلنت عنه السلطات الرواندية منذ يناير/كانون الثاني الماضي، في أعقاب سنة حالكة عانت خلالها البلاد من ويلات الملاريا، والتي تضاعف عدد المصابين بها في البلاد 4 مرات من 2012 إلى 2015 لتبلغ الحصيلة عتبة المليوني شخص، بحسب الوزيرة، في حين لقي أكثر من 400 آخرين مصرعهم عام 2015.
أما اليوم، فترى الوزيرة الرواندية أن بلادها “انطلقت” في تحقيق هدفها، مستشهدة على ذلك بعدم تسجيل أي حالة وفاة ناجمة عن الإصابة بالملاريا في البلاد، وذلك منذ مطلع العام الجاري، مشدّدة على أنه “ينبغي التركيز على الأنشطة التي يمكننا إنجازها في محيطنا، فيما يخصّ جميع الأماكن الملائمة لتكاثر البعوض (أحد أهم عوامل انتشار الملاريا)، من ذلك حماية خزانات المياه وتنظيف المستنقعات واستخدام المبيدات الحشرية، لأن الفيروس بوسعه أن يقاوم”.
تدابير وإجراءات لفتت الوزيرة إلى أنها ينبغي أن ترتكز على عمل توعوي تقوده وزارة الصحة الرواندية، والتي عقدت، الاثنين الماضي، اجتماعا مع أهم قادة الرأي العام في البلاد، من بينهم عدد من الأئمة والقساوسة والرهبان، لدفعهم نحو الانخراط في جهود التوعية بهدف تحقيق “صفر وفيات”، بنهاية العام الجاري، مشيرة، في السياق نفسه، إلى أن السلطات ستقدّم 5 ملايين ناموسية معالجة بالمبيدات للعائلات الرواندية خلال العام الجاري، وذلك في إطار حملة انطلقت في فبراير/شباط الماضي وبلغت تكلفتها 22 مليون دولار.
جهود ومساعي تبلورت من خلال استراتيجية واضحة المعالم لمكافحة الملاريا، مكنت العام الماضي، من تخفيض نسبة الإصابة بهذا المرض القاتل إلى حدود 75 %، وقلّصت الوفيات الناجمة عنه بنسبة 60 %، بحسب الوزيرة. ففي عام 2015، وزّعت السلطات الصحية الرواندية 900 ألف ناموسية معالجة بالمبيدات على كامل مناطق البلاد وتم إجراء الفحوصات اللازمة ومعالجة 90 % من الأشخاص المسجلين بمختلف المراكز الصحية.
وبحسب السلطات الصحية، فإنه يمكن للبعوضة أن تنتقل في مجال معين من 4 إلى 22 كلمترا في اليوم، وهذا مايدفع البلاد نحو تكثيف الاجراءات نظرا للتغيرات المناخية والتي تسمح للبعوض بالتحليق عاليا وبعيدا. خطّة طارئة للتصدّي للوباء من المنتظر أن تشمل أيضا تدخّل حوالي 45 ألف ناشط في مجال الصحة من المتطوّعين في رواندا، لقيادة حملات توعية السكان، سيما في المناطق الحدودية للبلاد.
موسى دوريغو، ناشط في مجال الصحة بحي “بيريوغو” الشعبي في العاصمة الرواندية كيغالي، قال: “قررت، عقب رؤية الأطفال والأمهات يموتون بسبب الملاريا، الاسهام في المجال الصحي، حيث أقصد كل منزل من أجل توضيح السلوكيات التي يجب اتباعها لتفادي المرض”، مضيفا للأناضول أن “المهمة الميدانية تسير على ما يرام حتى الآن، نظرا للتفهّم الذي يبديه السكان لطبيعة عملنا”.
من جانبهم، أشاد موظفو الصحة في مستشفى كانومبي العسكري بكيغالي، بالدور الهام الذي تلعبه الحملات التوعوية الواسعة لمعاضدة جهود مكافحة الملاريا. جول كاهيبيزي، طبيب في مستشفى كانومبي أوضح للأناضول أنّ “عودة (الملاريا) باتت جلية في المستشفى بعد استقبالنا، منذ مطلع العام الحالي، نحو 50 حالة (إصابة)، وهذا معدّل قياسي، غير أننا نعوّل في المقابل على الحملات التوعوية الواسعة، المعتمدة على المحطات الإذاعية، علاوة على الاجتماعات والأنشطة المحلية، ضمانا لبلوغ رسائلنا إلى كافة الناس”.
وتفشّت الملاريا من جديد في شرق إفريقيا، وذلك منذ عام 2011. أما في رواندا، وبحسب إحصائيات نشرتها وزارة الصحّة الرواندية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإنّ نحو مليوني رواندي أصيبوا بالملاريا في عام 2015، مقابل 1.5 مليون في 2014 و500 ألف في 2012.
وقبل سنوات، برزت رواندا إلى جانب كلّ من إريتريا وإثيوبيا وزامبيا، ضمن لائحة البلدان التي نجحت في التصدّي للملاريا، هذا المرض الطفيلي الذي يعتبر من الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال في إفريقيا جنوب الصحراء، والمرض القاتل الثاني في القارّة السمراء بعد فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”، بحسب منظّمة الصحّة العالمية.
+ There are no comments
Add yours