"منتقد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب" و"رجل الثقافة والحوار".. صفتان التصقتا بوزير الخارجية الألماني السابق فرانك فالتر شتاينماير، الذي تم انتخابه اليوم الأحد رئيسا للبلاد، ويحددان إلى حد بعيد نهجه وسياسته خلال الفترة المقبلة.
فشتاينماير البالغ من العمر 61 عاما والحائز علي درجة الدكتوراه في القانون، يحمل حاليا مهمة قيادة الشعب الألماني معنويا، نتيجة للتقدير الشعبي الذي يلقاه المنصب الرفيع في ظل امتلاكه سلطات فخرية، فضلا عن الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها السياسي المنحدر من حزب الاشتراكيين الديمقراطيين (يسار وسط).
وأظهرت استطلاعات الرأي خلال الأسابيع الأخيرة، إن شتاينماير يتمتع بالشعبية الأكبر في ألمانيا بمعدل يفوق الـ60%، متخطيا انجيلا ميركل المستشارة الألمانية، ومارتن شولتز، مرشح الاشتراكيين الديمقراطيين للمستشارية في الانتخابات الفيدرالية المقررة سبتمبر/ أيلول المقبل، حسب وسائل إعلام محلية.
وخلال 20 عاما من العمل العام تولى فيها مناصب أبرزها رئاسة كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان، ووزارة الخارجية، رسخ شتاينماير صورته كسياسي برجماتي ودبلوماسي، يحظي باحترام أحزاب البلاد الرئيسية، رغم خسارته منصب المستشار لصالح ميركل في انتخابات 2009.
وفي 2010، حينما كان قائدا لكتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في "البوندستاج" (البرلمان)، حازت الحياة الشخصية لشتاينماير اهتماما كبيرا، حينما أخذ اجازة من العمل العام للتبرع بكليته لزوجته التي كانت تعاني مرضا خطيرا، ما اكسبه مزيدا من التقدير الشعبي والاحترام، حسب صحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار.
نهج معارض
حسب الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، فإن وزير الخارجية السابق شخص هادئ ومتعاون ويختار كلماته بعناية، ولم يخرج عن هذا النهج إلا حينما بدأ مهاجمة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، في أغسطس/ آب الماضي.
ووصف شتاينماير، ترامب خلال الحملة الانتخابية للأخير للرئاسة الأمريكية، بأنه "مبشر بالكراهية"، وتوقع أن تكون العلاقات بين البلدين "أكثر صعوبة" في ظل وجود الملياردير في البيت الأبيض، كما تحدث عن "الصعوبات التي يلقاها فريقه في استخلاص مواقف واضحة ومتماسكة لترامب حيال أوروبا والعالم".
وينتظر أن يسلك الرئيس الذي يتولي منصبه رسميا في 19 مارس/ آذار المقبل، نهجا معارضا ومنتقدا لترامب، واليمين الشعبوي في أوروبا، حسب مراقبين.
والأسبوع الماضي، قال شتاينماير نفسه خلال خطاب في ميونخ (جنوب): "أريد بصفتي رئيسا أن أكون الثقل الموازي (لليمين الشعبوي)"، حسب مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
ويري مراقبون أن شتاينماير، الذي عمل والده كـ"نجار" في ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب)، يملك كل المؤهلات ليكون رئيسا ناجحا، نظرا لشخصيته الدبلوماسية، والهدوء، والشعبية، والتقدير من الأحزاب السياسية المختلفة.
وحاز السياسي، الذي قضى 400 ألف كيلو متر سنويا في الرحلات الجوية خلال توليه حقيبة الخارجية في السبع سنوات الماضية، على دعم تحالف يمين الوسط بقيادة ميركل، بعد أن فشلت الأخيرة في إيجاد شخصية محافظة يمكن دعمها لمنافسته.
ويميل المحامي والبرلماني البارز إلى لغة الحوار وحل الصراعات سلميا عبر الوساطة والمفاوضات، وحظي بمكانة كبيرة خلال الأزمة الأوكرانية الأخيرة بين الغرب وموسكو، حيث اتبع دبلوماسية مكوكية بين طرفي النزاع، واستخدم لغة ساهمت في تخفيف حدة الأزمة، حسب الإذاعة الألمانية.
غير أن سياسيين في شرق أوروبا، يخشون من سياسة الرجل الذين يتهمونه بـ"استخدام لغة ضعيفة" حيال موسكو.
قارئ ومثقف
وينبع ميل الرجل للحوار والدبلوماسية، إلى كونه قارئا نهما، فضلا عن ترسيخه لـ"الثقافة" كأحد أسس السياسة الخارجية الألمانية، على حد ما ذكرته "دويتشه فيلا" في تقرير نشر الأحد.
وحرص شتاينماير الذي يؤمن أن التبادل الثقافي يقود إلى التعايش السلمي بين الأمم، على ترسيخ الحوار والتبادل الثقافي بين ألمانيا ودول العالم، بما فيها روسيا وأوكرانيا، خلال توليه منصبه.
وينتظر أن ينتهج الرئيس الجديد سياسة تحبذ حل الصراعات الدولية سلميا، والتقارب بين الدول، حسب مراقبين.
وعلى الصعيد الحزبي، يعتقد الاشتراكيون الديمقراطيون أن انتخاب شتاينماير رئيسا للبلاد يعد دفعة كبيرة للحزب الذي انتعشت حظوظه في انتزاع السلطة من يمين الوسط بقيادة ميركل وحقق قفزة كبيرة في استطلاعات رأي وضعته على بعد ما بين نقطتين من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بعد تسمية رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتن شولتز مرشحا للمستشارية في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وانتخب المجمع الاتحادي الذي يضم أعضاء "البوندستاج" (البرلمان) و"البوندسرات" (مجلس الولايات- هيئة تشريعية)، وممثلين للمجتمع المدني، شتاينماير رئيسا لألمانيا، اليوم، من الجولة الأولى للتصويت.
وحصل السياسي البارز على 931 صوتا من أصل 1253 أدلوا بأصواتهم، ليصبح الرئيس الـ12 لألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، خلفا ليواكيم غاوك الذي شغل المنصب منذ 2012.
+ There are no comments
Add yours