كتب- أبوبكر أبوالمجد
يبدو أن أشهر السلام قد ولت لتحل الحرب سواء الكلامية أو العسكرية بين الدولتين اللتين يشكلان شبه الجزيرة الكورية.
فقبل ثلاثة أيام فجرت كوريا الشمالية مكتب الاتصال المشترك مع الجنوب الواقع في أراضيها قرب بلدة كيسونغ الحدودية، بحسب ما ذكره مسؤولون من كوريا الجنوبية.
وجاءت تلك الخطوة بعد ساعات فقط من تجديد كوريا الشمالية تهديدها باتخاذ عمل عسكري ضد الجنوب.
وكان الموقع، الذي يوجد في أراضي كوريا الشمالية، قد افتتح في 2018 لمساعدة الكوريتين على التواصل.
وظل مكتب الاتصال فارغا منذ شهر يناير بسبب القيود التي فرضها مرض كوفيد-19.
وقد تصاعد التوتر بين كوريا الشمالية والجنوبية منذ أسابيع، وكان السبب هو مجموعة منشقين تعيش في الجنوب واعتادت على إرسال دعايات إلى الشمال.
وهددت شقيقة زعيم كوريا الشمالية، كيم يو-جونغ بتدمير المكتب في بيان صدر خلال نهاية الأسبوع، في “مشهد مأساوي”.
وأنشأت الدولتان المكتب في أعقاب المحادثات التي جرت بين زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ-أون، ونظيره الجنوبي، الرئيس مون-جي-إن.
وأكدت وزارة الوحدة في سيول بكوريا الجنوبية وقوع انفجار في مكتب الاتصال في الساعة 02:49 بحسب التوقيت المحلي.
وقال ليف-إريك إيزلي، الأستاذ في جامعة إيوها في سيول: “تدمير كوريا الشمالية لمكتب الاتصال ضربة رمزية للتصالح والتعاون بين الكوريتين”.
وأضاف: “من الصعب فهم كيف يمكن أن يساعد مثل هذا العمل نظام كيم في تحقيق ما يريده من العالم، ولكن هذه الصور ستستغل في الدعاية داخليا”.
ويقول محللون إن بيونغيانغ ربما تسعى إلى افتعال أزمة لزيادة نفوذها مع تجمد المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة.
رفض شمالي
ومن جانبه عرض رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه-إن، الاثنين، في 17 يونيو الجاري، أي بعد يوم من ضرب كوريا الشمالية لمكتب الاتصال، إرسال مستشاره للأمن القومي، تشونغ إيوي يونغ، ورئيس جهاز المخابرات، سو هونك، مبعوثين خاصين.
لكن وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية قالت إن كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والمسؤولة البارزة في الحزب الحاكم “رفضت على نحو قاطع الاقتراح البغيض والشرير”.
وقالت الوكالة إن مون “يفضل بشدة إرسال مبعوثين خاصين للتغلب على الأزمات ويطرح مقترحات غير معقولة بشكل متكرر، ولكن عليه أن يفهم بوضوح أن مثل هذه الخدعة لن تنطلي علينا”.
وأضافت “حل الأزمة الحالية بين الشمال والجنوب والناجمة عن عدم كفاءة السلطات الكورية الجنوبية وعدم مسؤوليتها شيء مستحيل ولا يمكن إنهاؤه إلا عند دفع الثمن المناسب”.
الجيش الشمالي
وفي تطور منفصل، قال متحدث باسم هيئة الأركان العامة للجيش الشعبي الكوري الشمالي إنه سيرسل قوات إلى ماونت كومجانغ وكايسونغ بالقرب من الحدود، حيث نفذت الكوريتان مشاريع اقتصادية مشتركة في الماضي.
وأضاف المتحدث أنه سيتم إعادة نقاط الشرطة التي تم سحبها من المنطقة منزوعة السلاح المحصنة بشدة، كما سيتم تعزيز وحدات المدفعية بالقرب من الحدود البحرية الغربية، والتي يرسل منها المنشقون بشكل متكرر منشورات مع رفع درجة التأهب إلى مستوى “القتال من الدرجة الأولى”.
تعليق ترامب
اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون، بالتسبب بتدهور العلاقات مع كوريا الشمالية، ولفت إلى أنه تأخر في طرده من منصبه.
وكتب ترامب على تويتر: “عندما أدلى جون بولتون المجنون بتصريح غبي في برنامج Deface the Nation، ذكر فيه أنه بفكر بنموذج ليبي لكوريا الشمالية، بدأت الضجة”.
وأضاف: انفعل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بشكل مبرر و”انفجر مثل الصاروخ ولم يكن يريد رؤية بولتون في أي مكان”.
وشدد ترامب على أن “تصريح بولتون الغبي هذا، دفعنا إلى الوراء في العلاقات مع كوريا الشمالية”.
ولفت ترامب إلى أنه على الرغم من اعتذار بولتون لاحقًا إلا أنه لم يتمكن من تفسير دوافعه في ذلك التصريح، وقال: “كان علي أن أطرده من منصبه آنذاك”.
البنتاغون
قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، اليوم الخميس، إن أنشطة كوريا الشمالية في الأيام القليلة الماضية تظهر أن بيونغ يانغ لا تزال تمثل تهديدا “غير عادي” لمنطقة آسيا والمحيط الهادي.
وأضاف ديفيد هيلفي القائم بأعمال مساعد وزير الدفاع لشؤون أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي في تصريحات للصحافيين: “كما جرى تذكيرنا بشكل صارخ في الأيام القليلة الماضية، لا تزال كوريا الشمالية تمثل تهديدا غير عادي للمنطقة يتطلب حذرنا المستمر”.
رد الجنوبية
أما كوريا الجنوبية فاجتمع فيها، اليوم الخميس، كبار القادة العسكريين في جيشها لبحث كيفية الاستعداد لردع جارتهم الشمالية في حال حدوث أية طوارئ.
وبحسب وكالة “يونهاب”، دعا كبار ضباط الجيش والبحرية في كوريا الجنوبية اليوم، القوات المسلحة إلى الحفاظ على وضع عسكري صلب، للتعامل مع الحالة الأمنية الخطيرة التي تواجه البلاد.
وترأس رئيس أركان الجيش الجنرال سوه ووك ونظيره البحري الأدميرال بو سوك-جونغ اجتماعا لكبار القادة خلال اليوم، حيث أمرا الوحدات المرابطة على الجبهة الأمامية بالاستعداد الكامل لأية تطورات قد تطرأ.
وقال كبار القادة العسكريين إن “الجنود يجب أن يكونوا مستعدين ذهنيًا ونفسيًا للدفاع، بقناعة راسخة أنهم قادرون على الفوز في أية مواجهة”.
وخلال الاجتماع الذي عقد جزئيًا عبر الفيديو، أشاد القادة بالضباط والجنود والقوات على الجهد المبذول في السيطرة على تفشي فيروس كورونا الجديد، وقالوا إن نفس السرعة والتصميم مطلوبان لتجهيز القوات لمواجهة أي استفزاز يقوم به الشمال.
كما يُجري كبير المفاوضين النوويين في كوريا الجنوبية محادثات مع مسؤولين في واشنطن، اليوم الخميس.
ولا تزال كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية فعليا في حرب، إذ لم تتوصل الدولتان إلى أي اتفاق سلام بينهما، عند توقف الحرب في 1953.
وقد تصاعد التوتر بين كوريا الشمالية والجنوبية منذ أسابيع، وكان السبب هو مجموعة منشقين تعيش في الجنوب واعتادت على إرسال دعايات مناوئة للنظام إلى الشمال.
+ There are no comments
Add yours