كتب- أبوبكر أبوالمجد
في المعاملات السياسية فإن الصديق الدائم هو “المصلحة”.. والروس بارعون في ترجيح وتغليب مصالحهم ولو على حساب حلفائهم وليس أصدقائهم فقط.
ومصر دولة تمتلك ذكريات صداقة تاريخية مع الاتحاد السوفيتي المنحل في أوائل التسعينات من القرن الماضي، وسعت قبل سنوات منذ تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد إلى استعادة هذه الصداقة من وريث الاتحاد وهو روسيا؛ وكم من مشاورات ولقاءات أجريت بين كبار المسؤولين في البلدين من أجل مناقشة العديد من الملفات السياسية والاستراتيجية العسكرية منها والاقتصادية؛ غير أن شيئًا حقيقيًا ملموسًا أفاد الدولة المصرية لم يتحقق على أرض الواقع حتى الآن.
لكن ما جرى الآن، هو بيع الروس لسلاح دفاعي متطور إلى الجيش الإثيوبي في ظل خلافات عميقة بين الصديق المصري وإثيوبيا.
فبحسب صحيفة “السوداني” الصادرة اليوم الثلاثاء، فإن الجيش الإثيوبي نشر مؤخرًا منظومة دفاع جوي جديدة روسية الصنع بالقرب من موقع سد النهضة، وقالت المصادر للصحيفة، إن إثيوبيا بحثت مع الجانب الروسي منذ وقت مبكر الحصول على منظومة دفاع جوي مناسبة قادرة على حماية مشروع سد النهضة من أي تهديدات، وتعمل كرادع استباقي تجاه أي مخططات تستهدف المساس بجسم السد.
وتوقع المصدر ان تكون إثيوبيا قد أكملت نشر منظومة من طراز “بانتسير إس-1” ( Pantsir-S1) قبل حوالي الشهر من الآن.
يذكر أن نظام “بانتسير إس-1” الروسي يعتبر من أحدث المنظومات الروسية التي تم تطويرها خلال السنوات الماضية، ويقوم النظام بمهام الدفاع الجوي بفعالية كبيرة، فهو قادر على السيطرة القتالية المرنة، كما يقدم حماية لمراكز الجيش الحيوية الصغيرة ومرافقة الأصول والوحدات العسكرية.
ويعد هذا النظام قادرًا على الاشتباك مع أي نوع من التهديدات الجوية (صواريخ كروز والطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ المضادة للرادار والاستطلاع والطائرات المسيرة)، وكذلك مع الأهداف الأرضية.
وتأتي هذه التسليحات والتحركات العسكرية الإثيوبية في ظل إصرار إثيوبي على تعبئة السد دون الرجوع إلى أي من طرفي التفاوض مصر والسودان.
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير بسام راضي، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي اجتمع اليوم الثلاثاء بمجلس الأمن القومي لبحث تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي.
وفي أعقاب الاجتماع، صدر بيان تناول مفاوضات سد النهضة، قائلا “تلقت مصر الدعوة الصادرة من وزير الري السوداني باستئناف مفاوضات سد النهضة اليوم 9 يونيو، وإذ تؤكد مصر على موقفها المبدئي بالاستعداد الدائم للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح مصر وإثيوبيا والسودان، فإنها ترى أن هذه الدعوة قد جاءت متأخرة بعد 3 أسابيع منذ إطلاقها”.
وأضاف “وهو الأمر الذي يحتم تحديد إطار زمني محكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها، وذلك منعا لأن تصبح أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث سنة 2015”.
وتابع البيان “ومن جهة أخرى؛ فمن الأهمية التنويه إلى أن هذه الدعوة قد صدرت في ذات اليوم الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية التأكيد على اعتزامها السير قدما في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي وكذلك النتائج التي قد يتم التوصل إليها”.
وختم البيان بالقول “ورغم ما تقدم؛ فإن مصر سوف تشارك في هذا الاجتماع من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيدا لحسن النوايا المصرية المستمرة في هذا الصدد، وطبقاً لما ورد بالدعوة الواردة من وزير الري السوداني”.
+ There are no comments
Add yours