ردود أفعال المسلمين على خطاب الرئيس الفرنسي

0 min read

منذ أشهر، لا يكاد يمر يوم في فرنسا دون تصريح لسياسي بارز، أو مقال بمجلة أو صحيفة يتحدث فيه عن الإسلام والمسلمين في البلاد.

وكان خطاب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، مساء أمس، في هذا الاتجاه.. غير أن خبراء سياسيين رأوا أن هذا الخطاب يحمل “نوابا حسنة” فقط ولا تتلوه أفعال خاصة انه على الأرض هناك سياسات تبدو متشددة من مسؤولين آخرين تجاه المسلمين.

محللون استطلعت آراءهم لفتوا أيضا أن الحديث المتكرر عن الإسلام والإسلاموفوبيا هدفه إلهاء الرأي العام الفرنسي بمشاكل غير موجودة، لحساب مشاكل عميقة في البلاد​، مثل البطالة وتراجع النمو الاقتصادي، وتراجع مستوى الخدمات العامة، وهي الأزمات التي فشل هؤلاء الساسة الذين يطلقون التصريحات المعادية للمسلمين في حلهابنبرة محملة بالإسلاموفوبيا، وهي التصريحات التي اعتبرها مراقبون تهدف إلى تحقيق مآرب وأغراض سياسية معينة، وليس الغرض منها الإسلاموفوبيا في حد ذاتها.

وخصص الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، للإسلام والمسلمين في بلاده الجزء الأكبر من خطاب ألقاه أمس الخميس، في العاصمة باريس خلال مؤتمر حمل عنوان مؤتمر حول “الديمقراطية في مواجهة الإرهاب”.

أولاند، عبر في خطابه بشكل واضح عن قناعته بأن “الإسلام يمكن أن يتأقلم مع العلمانية كما فعلت قبله الديانة الكاثوليكية وكذلك اليهودية”، مضيفا أن “السؤال يطرح كذلك على الجمهورية (الفرنسية)، هل هي فعلا مستعدة لاستيعاب واستقبال ديانة لم تكن تتصور أنها ستكون بهذا الحجم قبل قرن من الآن؟”.

وسعيا لخطب ود المسلمين، أعلن الرئيس الفرنسي عن تأسيس جمعية وطنية معنية بجمع التبرعات لبناء المساجد وتكوين الأئمة، بالإضافة إلى مؤسسة وطنية فرنسية للإسلام ستكون معنية بدعم المبادرات الثقافية والتربوية والاجتماعية.

الرئيس الفرنسي، أكد أيضا خلال ذات الخطاب أنه ليس هناك في العلمانية ما يتعارض مع ممارسة الإسلام في فرنسا، مشيرا إلى أن “الأغلبية العظمى من مواطنينا المسلمين في فرنسا يثبتون لنا كل يوم أنه يمكن لقيم العلمانية التي وضعت منذ أكثر من قرن أن تتعايش مع الإسلام”.

في ذات الخطاب، قال هولاند إنه ضد أي مشروع قانون أو تشريع في البرلمان يمكن أن يكون منافي للدستور، في إشارة إلى تصريحات عدد من السياسين ونواب اليمين الفرنسي الداعين إلى سن قانون يمنع ارتداء “البوركيني” (ما يعرف بالمايوه الشرعي)، على الشواطئ الفرنسية، ويمنع ارتداء الحجاب في كل الأماكن العامة.

“جولي اسكوا”، الناشطة في شبكة مقاومة العنصرية بفرنسا، ربطت بين محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا وخطاب الرئيس الفرنسي اليوم، وقالت للأناضول، إن “هناك عدد من النقاط الإيجابية في خطاب أولاند، لكنها أقرب إلى النوايا الحسنة التي لا تكفي وحدها”.

واستدركت بالقول: “ما لم يتم تفعيل ما جاء في خطاب أولاند عمليا فلن يكون له مفعول”، قبل أن تضيف: “أقل ما هو مطلوب أن يكون هناك انسجام من قبل أعضاء الحكومة والبرلمانيين المشكلين للأغلبية الحكومية مع هذا الخطاب وأن تتوقف التصريحات والسياسات المعادية للإسلام والمسلمين بما في ذلك من قبل رئيس الوزراء مانويل فالس المعروف بعدائه للمسلمين وتصريحاته المعادية لهم بشكل متكرر وواضح”.

“هناك أساب مباشرة وأخرى غير مباشرة لصعود الإسلاموفوبيا في فرنسا”، هكذا قال الخبير الفرنسي وأستاذ علم الاجتماع “لوارن بنفو”، قبل أن يوضح في حديثه للأناضول أن “الأسباب المباشرة مثل الهجمات الإرهابية المتكررة التي عرفتها فرنسا في الفترة الأخيرة مثل هجوم نيس الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 86 شخصا في 14 يوليو/تموز وهو عيد الجمهورية الفرنسية”.

وأضاف أن “هجوم نيس حمل دلالات كبيرة من حيث اختيار التاريخ، وسبق هذا الهجوم هجمات إرهابية دموية كبيرة في باريس، أهمها كان هجوم ١٣ نوفمبر/تشرين ثاني الماضي الذي أسفر عن مقتل 130 فرنسيا في العاصمة باريس في هجمات إرهابية متزامنة”.

الخبير في علم الاجتماع ذهب إلى أن “تكرار هذه العمليات الإرهابية في فرنسا والتي تبناها داعش، وأخرى في دول أوروبية مجاورة مثل بلجيكيا، خلق مناخ كبير من الخوف من المسلمين بشكل عام، خاصة أن الذين قاموا بهذه العمليات (في فرنسا) هم مسلمون فرنسيون أبناء هذا البلد، ومن الخطأ القول إنهم أجانب”.

“بنفو” رأى أيضا أن هناك كذلك معطى ثاني وهو أن المناخ العالمي العام يشهد تصاعد غير مسبوق للعميات الإرهابية في أكثر من بلد، “هذه الموجة الإرهابية العمياء تقريبا لم نعرفها من قبل، لا أحد يمكنه أن يتنبأ أين ستكون العملية الارهابية القادمة ومن ستستهدف، وهو ما خلق مناخ خوف مستمر غير مسبوق”.

وأشار إلى أن “هذا الخوف استثمره اليمين العنصري المتطرف ووظفه لصالحه، حيث أن عدد من السياسيين من اليمين كما اليسار وظفوا هذا الأمر كذلك و استغلوه على حساب المواطنين المسلمين”.

وتعليقا على الاستغلال السياسي للإسلاموفوبيا، قال الإعلامي الفرنسي البارز “قيؤوم بلي”، في حديثه لإذاعة “فرنسا لدولية” مؤخرا، إن كل الزوبعات التي تثار بين الحين والآخر ضد المسلمين، سواء المتعلقة بالحجاب أو البوركيني، أو اللحم الحلال هي “أزمات وزوبعات إعلامية مفتعلة”.

وأضاف “بلي” أن إثارة هذه المواضيع والاستهداف المتكرر للمسلمين المراد به هو إلهاء الرأي العام الفرنسي بمشاكل غير موجودة لحساب مشاكل عميقة في فرنسا، مثل البطالة وتفكك الاتحاد الأوروبي، وتراجع النمو الاقتصادي وتراجع الخدمات العمومية وتراجع القدرة الشرائية”.

وأوضح أن بعض الساسة أصبحوا يغطون على فشلهم في معالجة هذه المشاكل بالهروب للحديث عن الإسلام والمسلمين. من جهته رأى الباحث الفرنسي في العلوم السياسية “فرنسوا بورقا” أن العنصرية ضد الإسلام والمسلمين تصاعدت بسرعة في الفترة الأخيرة ولكنها في الحقيقة عميقة وقديمة في فرنسا.وأضاف للأناضول أن “العلاقة بالإسلام هنا قديمة، وهناك من السياسيين الفرنسيين من يرى في المسلمين الفرنسيين اليوم أبناء المسلمين الذين استعمرتهم فرنسا في القرن الماضي، ومن هنا مازال البعض يراهم كعدو أو كمواطنين من درجة ثانية كما كان الحال مع الشعوب التي استعمرت وبالتالي لا يتقبلون فكرة أن يكونوا مواطنين فرنسيين بكل حقوق المواطنة”.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours